على مدار السنين ظلت قضية نشوء اللغة هي محل تساؤل محير، وقامت العديد من النقاشات حول هذه القضية وقد انقسم العلماء إلى مجموعات لكل منها وجهة نظرها حول نشوء اللغة. بعضهم يدعم (النظريات الصوتية-Vocal Theories) والتي تقترح أن التواصل ذا المعنى نشأ من تطور المحاكاة الصوتية من الصياح اللاإرادي، استخدام الأصوات التي تنتج عن بكاء وصريخ البدائيات، أو التقليد الشفوي للإيماءات الخاصة بلغة ما موجودة مسبقًا.
وهناك مدرسة أخرى تعتقد في النظرية الإيمائية التي بدورها توضح نشوء اللغة، وحسب معتقدهم فإنهم يتبنون فكرة أن التغيرات البيئية والمناخية التي دفعت الأسلاف للمشي على القدمين من الممكن أن تكون أدت إلى تحرير الأذرع لاستخدامها في الإيماءات والإشارات.
قام ثلاثة باحثون من (جامعة ويسكونسين-University of Wisconsin) و(جامعة كاليفورنيا-University of California) بإجراء دراسة استنتجوا منها أن البشر لم يبدؤوا استخدام اللغة كنتيجة لاستخدامهم للإيماءات بالأيدي فقط كما صرح العلماء من قبل، بل وخرجوا بفرضية أخرى منشورة في ورقتهم البحثية بـ(Royal Society Open Science)، فمن وجهة نظرهم أن اللغة البشرية ما هي إلا نتيجة كل من الإيماءات والثرثرة بصوت عالي والجلبة.
وبرغم أن السؤال هنا كيف -نحن البشر- بدأنا بالتحدث مع الآخرين؟ مازال سؤالًا يحتاج إلى إجابة يقينية إلا أن العلماء يعتقدون أنها عملية تدريجية حدثت بشكل تلقائي في مختلف المجموعات والتكتلات البشرية. من المحتمل أن الأفراد استخدموا إشارات متنوعة للتواصل منها: لغة الجسد والتواصل بالأعين، إلا أن هذه الدراسة تضيف لذلك وسيلة جديدة وهي (الثرثرة بصوت عالي أو الجلبة) التي من الممكن أن تكون قد لعبت دورًا أيضًا في عملية تطور اللغة، أي أن الضوضاء قد تكون شاركت في نقل المعاني بدرجة ما.
تم إجراء الدراسة على مجموعة من المتطوعين الذين طلب منهم أن ينقلوا معاني بعض الكلمات لبعضهم من خلال الضوضاء (إحداث الجلبة) بدون استخدام تعابير الوجه أو لغة الجسد. تم تقسيم المتطوعين كأزواج وطُلِبَ منهم الاشتراك في لعبة حزورات صوتية (vocal charades)، وتم تسجيل النتائج بواسطة الباحثين ومقارنة نتائج كل زوج؛ ونستنتج من هذه التجربة هو أن هناك نمط قابل للتمييز ومثال ذلك أن المشتركين عندما أرادوا التعبير عن معني كلمة (أعلى-UP) استخدموا نغمة عالية، وحينما أرادوا التعبير عن معني كلمة (أسفل-Down) استخدموا نغمة منخفضة.
وتم تسجيل استخدام ثمانية عشر (18) كلمة مختلفة، كما أن كل زوج من المشتركين كانوا يظهرون تحسنًا في الأداء مع كل دورة وفي نهاية التجربة كان المشتركون قادرين على فهم الأفكار التي تم التعبير عنها بنسبة تصل إلى حوالي 82.2% في المرة.
ونخرج من هذه الدراسة باستنتاجٍ وهو أن الإيماءات واللغة هما وجهان لعملة واحدة ويتفاعلون سويًا لتحسين التواصل.
ترجمة: Sherif Radwan
مراجعة علمية: Mahmoud Ahmed
تدقيق: Israa Adel
تصميم:
مصدر الخبر :
الورقة البحثية علي دورية Royal Society Open Science