بالتأكيد سمعت كثيرًا أن تربية القطط تُسبِّب العقم بالنسبةِ للإناث؟ ولكن هل هذا الادعاء صحيح؟ هيا بنا نبحث عن الحقيقة من خلال هذا المقال.
يعتقد بعض الناس أن سبب إصابة الإناث بالعُقم هو التعامل مع القطط، وهذا الاعتقاد جاء بسبب عدوى (المقوسات – Toxoplasmosis)، وهي الموجودة في فضلات القطط.
تاريخ عدوى المقوسات
كان الدكتور (شارل نيكول – Charles Nicolle) أوَّلَ من وصف هذه الخلايا عام (1908) بعدما اكتشف هذه الطفيليات في الدم، والطحال، والكبد لفأرٍ من شمال إفريقيا، تحديدًا في بعثةٍ له إلى تونس.(1) (4)
يحدث داء المقوسات بسبب العدوى من الطفيليات ذات الخلية الأولية «المقوسات الغوندية».
عادةً ما تحدث هذه العدوى من أكل اللحوم غير المطهية بعناية أو الملوثة، أو شرب الماء الملوث، أو عملية نقل دمٍ ملوث، أو استخدام أدوات ملوثة، أوالتعامل مع فضلات القطط.
فوفقًا لتقرير (مركز السيطرة على الأمراض – CDC) فإن هناك ما يقرب من (60) مليون شخصٍ في الولايات المتحدة الأمريكية يحملون هذه الطفيلية، لكن بالتأكيد عددٌ أقل منهم هم من يظهر عليهم أعراض حملها، وهم أصحاب المناعة الضعيفة، لأن المناعة القوية تمنع الطفيلية من إيذاء الجسم.(2)
ما هي أعراض عدوى المقوسات؟
على الرغم من أن المصابين بعدوى المقوسات لا يعرفون أنهم مصابون به، فإن أعراض هذا المرض تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ أعراض مرض الأنفلونزا، وزيادة على ذلك آلام المفاصل، وتورم العقد اللمفاوية، التي تستمر من ثلاثة أيام حتى عدة أسابيع. وإذا كان جهازك المناعي قويًّا، فلن تُصاب بالعدوى مرةً أخرى.
أما إذا كان جهازك المناعي ضعيفًا، فإن العدوى قد تتفاقم معك إلى حد ظهور هذه الأعراض: ( فقدان الوعى، إغماء، عدوى فى الرئتين، عدوى فى العينين).(2)
تأثير العدوى على المرأة الحامل
الجهاز المناعى للأطفال ليس مكتملًا حتى بعد الولادة، لهذا فإن إصابة الجنين يحدث عندما تُصاب الأم بالطفيلية قبل فترة الحمل أو خلالها.(3)
إن المرأة المُصابة بالعدوى سواء خلال فترة محاولة الحمل، أو الحمل ذاته تكون تحت خطرٍ أكبر لاحتمالية حدوث حالةٍ خطرة من العدوى، وتأثيرها على الأطفال. إن المرأة التى أُصِيبَت بالعدوى في بداية حملها، فإن نسبة إصابة طفلها بالعدوى قد تصل إلى (20%) وفقًا لتقرير منظمة خبراء التشوهات الخلقية.
أما المرأة التي أُصيبت بعد ثلاثة أشهر من الحمل، فإن نسبة إصابة طفلها تصل إلى (10% – 15%).
في الولايات المتحدة، يُولَد ما يقرب من (4000) طفلٍ وهم مُصابون بالعدوى. أما النساء اللاتي أُصِبْن بالعدوى قبل أكثر من ستة أشهر من الولادة، فلا خطر على أطفالهم.
معظم الأطفال حديثي الولادة لا يظهر عليهم أي شيء، لكن نسبةً قليلة يظهر عندهم تشوهٌ في العين أو الدماغ. لسوء الحظ، فإن أعراض العدوى لا تَظهر إلا بعد عدة أشهر. بعض الأعراض يمكن أن تظهر بعد الولادة، مثل: (الطفح الجلدي، اصفرار الجلد، وتورم العقد اللمفاوية).(2)
كيف تعرفين أنكِ مُصابةٌ بالعدوى؟
ستقوم كل عيادات العناية الطبية بالكشف الطبي عليكِ لمعرفة مدى قوة جهازك المناعي، ومدى تحمله قبل فترة الحمل أو أثنائه. ويمكن لتحليل الدم معرفة كل التفاصيل، سواء كنت سليمة، أم مصابة به من فترة قريبة أم بعيدة.
وإذا حدثت الإصابة أثناء الحمل، فإن المضادات الحيوية سوف تُعطَى للمرأة لمدة شهورٍ لمنع ظهورِ أيِّ أعراضٍ خطيرة على الطفل.
كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من العدوى؟
حسنًا، كما رأينا، فإن الإصابة بهذه الطفيلية لا يُعدُّ مزعجًا إذا كانت مناعتك قوية.
أما إذا كانت مناعتك ضعيفة أو تَمُرِّين بمرحلةِ الحمل، فعليكي اتباع هذه النصائح:
- تحديد النساء الحوامل شديدي العدوى من خلال تحليل مخبري لمصل الدم.
- معالجة المرأة الحامل خلال فترة الحمل، مما يساعد على خفض نسبة انتقال العدوى إلى الجنين بمقدار (60%).
- اكتشاف الأجنة المصابة بواسطة تحليل «السائل الأمنيوتيكي» الذي يسبح فيه الجنين، والصورة الصوتية للجنين على يد طبيب متخصص في هذا العلم، وتحليل دم الجنين.
- إمكانية معالجة الجنين داخل الرحم، لمنع أو محاولة التخفيف من خطورة المرض.
- الانتباه إلى نظافة اللحوم، والبيض، والحليب من خلال طهي اللحم جيدًا، وعدم تناول اللحوم النيئة، وعدم لمس أغشية الجسم (العين، الأنف، الفم… إلخ) خلال تحضير طعام يتكون من اللحم قبل طهيه، وغسل اليدين بعد أكل اللحوم، وغسل وشطف أقسام المطبخ التي وُضعت عليها اللحوم النيئة، وعدم تناول البيض النيء والحليب غير المُعقم.
- الانتباه إلى عدم الإصابة بالعدوى في المختبرات (نقل دم، زرع أعضاء… إلخ)، وعدم نقل دم من مريض مصل إيجابي (حامل العدوى) إلى مريض مصل سلبي.
- اتقاء العدوى بالبويضات المفروزة في براز القطط من خلال: غسل الخضار والفاكهة جيدًا قبل استهلاكها في تحضير الطعام، ومنع وصول الحشرات الطائرة والصراصير إلى الطعام، واتقاء اللمس أو التعاطي مع الأدوات الخاصة بالقطط، والعمل على تطهير الأمكنة، والأدوات التي ترتادها وتستعملها القطط لمنع انتقال العدوى.(5)
علاج عدوى المقوسات
إذا قمت بالتحاليل، وعلمت أنك مصاب بالعدوى، فيجب عليك مناقشة ذلك مع طبيبك المختص عن ما إذا كان الدواء ضروريًّا.
أو بمعنى آخر، إذا كانت مناعتك قوية، واكتشفت إصابتك بالعدوى، فإن جهازك المناعي سيقوم بالتعامل مع الطفيلية، ولن يكون هناك ضرر.
أما إذا كانت مناعتك ضعيفة أو تَمُرِّين بمرحلةِ الحمل، فإن الأدوية والمضادات الحيوية هي الحل، وبالتأكيد هذا بعد مراجعة الطبيب المختص، لأن كُلَّ شخصٍ له استعداده الوراثي الخاص به، وله طريقة علاج تناسبه، ولا تناسب الشخص الآخر.
والسؤال الآن هو، هل تعتقد أن تربية القطط هي السبب الرئيسي في العقم عند الإناث أم أن للأمر أبعاد أخرى؟
ترجمة وإعداد: أحمد سمير الطوخي
مراجعة: محمد جاد الله / نسمة المحمدي
#الباحثون_المصريون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1.
Toxoplasmosis: Background, Etiology and Pathophysiology, Epidemiology. 2017 Jul 11–40; Available from: http://emedicine.medscape.com/article/229969-overview#a4
2.
Prevention C-C for DC and. CDC – Toxoplasmosis – Biology [Internet]. [cited 2017 Aug 26]. Available from: http://www.cdc.gov/parasites/toxoplasmosis/biology.html
3.
Toxoplasmosis: Symptoms, Effects and Prevention [Internet]. American Pregnancy Association. 2012 [cited 2017 Aug 26]. Available from: http://americanpregnancy.org/pregnancy-complications/toxoplasmosis/
4.
Ferguson DJP. Toxoplasma gondii: 1908-2008, homage to Nicolle, Manceaux and Splendore. Mem Inst Oswaldo Cruz. 2009 Mar;104(2):133–48.
5.
Toxoplasmosis: Learn About Symptoms and Treatment [Internet]. MedicineNet. [cited 2017 Aug 26]. Available from: http://www.medicinenet.com/toxoplasmosis/article.htm
