تعرفنا في المقال السابق على مخدر خطير واليوم سنتعرف على مخدر ثأثيره في البداية تأثير إيجابي ولكن إدمانه يجعل تأثيره مميتًا ويُعتبر ثاني أكثر المخدرات قوة وشيوعًا رحبوا معنا اليوم بضيفنا الكريم الكوكايين.
الكوكايين مخدر منبه، مما يعني أنه يسرع في نقل الرسائل بين المخ وبقية الجسم. يأتي الكوكايين من أوراق شجيرة (الكوكا – Erythroxylum coca)، التي تنتمي إلى أمريكا الجنوبية. تتم معالجة مستخلص الورقي لإنتاج 3 أشكال مختلفة من الكوكايين وهي:
هيدروكلوريد الكوكايين
مسحوق أبيض بلوري مع طعم مرير وخشن. غالباً ما يتم خلط هيدروكلوريد الكوكايين، بمواد أخرى مثل اللاكتوز والجلوكوز، لتخفيفها قبل بيعها.
الكوكايين النقي
مسحوق أبيض هو أكثر نقاء من هيدروكلوريد الكوكايين.
الكراك أو حجر الكوكايين
بلورات تتراوح في اللون من الأبيض إلى شفاف مع لون وردي أو أصفر، قد تحتوي على شوائب.
وله اسماء أخرى: حلوى الأنف، الغبار الأبيض.
يتم استخدامه على أساس النوع، فغالباً ما يتم امتصاص هيدروكلوريد الكوكايين. ويمكن أيضا أن يتم حقنه، يفرك في اللثة، كما يمكن إضافتة إلى المشروبات أو الأطعمة وعادة ما يتم تدخين النوعين الآخرين من الكوكايين.
يعُتبر الكوكايين مخدر غير قانوني. ويبدو مثل مسحوق أبيض، ناعم، بلوري. وغالبا ما يخلطه تجار المخدرات بمواد أخرى مثل نشا الذرة أو مسحوق التلك أو الطحين لزيادة الأرباح. كما يمكنهم أيضًا مزجه مع أدوية أخرى مثل المنشطات المحتويه على الفيتامينات ة.
دعونا أولًا نتعرف على حكاية هذه المادة المثيرة للانتباه من نبات الكوكا في أمريكا الجنوبية إلى الهيئة التي يتم تعاطيه بيها اليوم.
تاريخ الكوكايين
نبات (الكوكا) هو واحد من أقدم النباتات المزروعة في أمريكا الجنوبية. يعتقد علماء النبات أن زراعته ربما تكون قد بدأت في غابات (الأمازون) المطيرة وانتشرت إلى جبال (الأنديز). ولأن المستخدمين شعروا بإحساس بالبهجة والحيوية، فإن سكان أمريكا الجنوبية الأصليين كانوا يمضغون أوراق (الكوكا) لعدة قرون. كما كانت أوراق (الكوكا) تُستخدَم في الاحتفالات الثقافية والدينية (للإنكا).
رأت الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا الجنوبية الاستعمارية استخدام ورقة (الكوكا) يعوق انتشار المسيحية. في 1551، حث الأساقفة الكاثوليك الحكومة البيروفية لحظر استخدام (الكوكا). في نهاية المطاف، لم يكن محظوراً، لكن تم وضع قيود على كمية الأراضي المستخدمة لزراعة الكوكا.
عزل الكيميائي الألماني (ألبرت نيمان) الكوكايين من أوراق (الكوكا) في عام 1860. ولاحظ أن المادة البيضاء الداكنة جعلت لسانه يشعر بالخدر، وفي نفس الوقت تقريباً طوّر الكيميائي الفرنسي (أنجيلو مارياني) منشطًا مصنوعًا من نبيذ (بوردو) وأوراق (الكوكا) سماها (فين مارياني)، وادعت الإعلانات أنَّ الشراب الشعبي يمكن أنْ «يعيد الصحة والحيوية».
بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن، قام عالم العيون النمساوي (كارل كولر) بتجريب الكوكايين كمخدر جراحي لإجراء جراحة الماء الأبيض (Cataract) التي تعتم عدسة العين، والتي كانت بدون تخدير في ذلك الوقت، وبديلًا عن استخدام (الأثيروالكلوروفورم) لأنه جعل المرضى يتقيأون، وهي مشكلة واضحة عند إجراء عملية جراحية دقيقة للعيون، ونتيجة لذلك عانى معظم مرضى (الكاتاراكت) من آلام مبرحة…بعد نقع العين في محلول الكوكايين؛ وجد كولر أنَّ المرضى لم يعودوا يغلقون عيونهم عندما يلامسها المشرط؛ فسرعان ما بدأت شركات الأدوية بتسويق الكوكايين، ومع ذلك سرعان ما تضاءل الحماس للتخدير به في المجتمع الطبي، حيث ارتفع عدد المرضى الذين يموتون بسبب الجرعات الزائدة أثناء الجراحة.
وكان للكوكايين شأن في صناعة المشروب الغازي (الكوكاكولا)، حيث حضره الصيدلاني الأمريكي (جون ستيث بيمبرتون) في عام 1886 كمزيج من الكوكايين وشراب سكري. أصبحت (كوكاكولا) -التي بيعت في البداية فقط في نوافير صودا منفصلة على أساس عنصري- شائعة بين طبقات البيض المتوسطة، وفي عام 1899 بدأت شركة (كوكاكولا) في بيع مشروبها في زجاجات، وأصبحت الطبقات الدنيا والأقليات قادرة على الوصول إلى منشط الكوكايين، وقد قامت الشركة بإزالته من منتجاتها في عام 1903، وهي خطوة كان من المحتمل أن تكون مدفوعة أكثر بالانحياز العنصري أكثر من الاعتبارات الصحية.
ظهر شكل آخر من الكوكايين وهو حجر الكوكايين (Crack cocaine) وهو عبارة عن بلورات من مخدر الكوكايين، ويتم تحضيره بواسطة تذويب بودرة الكوكايين في مزيج من الماء والنشادر وغليه إلى أن يصبح كتلة صلبة يمكن تكسيرها إلى أحجار يمكن تدخينها، وأصبح هذا النوع منتشرًا في الثمانينيات وحسب وكالة مكافحة المخدرات أصبح تجار المخدرات يتجهون إلى بيعه على هيئة (الكراك) بدلًا من البودرة التي انخفض ثمنها خلال السبعينيات إلى 80بالمائة…وأدى انتشاره إلي زيادة المدمنين وزيادة معدل الجريمة في الولايات المتحدة ودخولها فيما يسمى بـ (وباء الكراك – Crack epidemic).
عذرًا للإطالة، أعرف أنكم مللتم من حصة التاريخ هذه؛ ولذلك لنتنقل إلى السؤال الأهم في هذا المقال ألا وهو ما تأثير الكوكايين، وكيف يتفاعل معه مخ أو عقل المُتعاطي لتصبح هذه النتيجة؟
تأثير الكوكايين
يتمثل تأثير الكوكايين على عقل الإنسان بزيادة مستوى مركب كيميائي يُسمى الدوبامين في الدوائر العصبية المسؤولة عن المتعة والسعادة في الدماغ.
كما هو موضح في الفيديو، يُفرز الدماغ الدوبامين بشكل طبيعي في هذه الدوائر استجابة للمكافآت والأحداث السعيدة، مثل رائحة الطعام الجيد، ثم يعاد تدويره مرة أخرى في الخلية التي أفرزته؛ مما يؤدي إلى إغلاق الإشارة بين الخلايا العصبية، يمنع الكوكايين الدوبامين من إعادة التدوير؛ مما يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة بين الخلايا العصبية…هذا الفيضان من الدوبامين يؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة الاتصالات الدماغية الطبيعية ويسبب ارتفاع كمية الكوكايين في الدماغ، ومع الإستخدام المتكرر يتكيف المتعاطي مع كمية الدوبامين الزائدة ويتعاطى كمية أكبر كل مرة ليشعر بالراحة.
وتظهر آثار التعاطي على المدى القصير في أعراض كثيرة مثل البارانويا وسعادة وحيوية مبالغ فيها وفرط حساسية في حواس السمع والبصر واللمس، وعلى المدى الطويل تظهر أعراض مثل فقدان حاسة الشم ونزيف الأنف ومشاكل في البلع لمن يتعاطونه عن طريق الاستنشاق وزيادة في احتمال الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والأمراض الأخرى المنقولة بالدم لمن يتعاطونه عن طريق الإبر.
ولكن هل يمكن للمدمن الحصول على علاج إدمان الكوكايين؟
صراحة لا يوجد حتى الآن علاج دوائي مُعتَمَد لكن الباحثون يختبرون بعض الأدوية، مثل: (ديسفلفرام) -يستخدم لعلاج إدمان الكحول-، (مودانيفيل) -يستخدم لعلاج الخدار وهي اضطراب يتميز بنوبات لا يمكن السيطرة عليها من النوم العميق-، و(لوركاسيرين) -يستخدم لعلاج السمنة-.
لكن العلاج المُتَبع اليوم هو علاج سلوكي مثل إدارة الطوارئ أو الحوافز التحفيزية كتقديم مكافآت للمرضى الذين يظلون خاليين من المخدرات، ومجتمعات علاجية: مساكن خالية من المخدرات يقدم فيها الأشخاص الذين تعافوا من الإدمان المساعدة للمدمنين على فهم وتغيير سلوكياتهم.
المصادر
- ADF – Drug Facts – Cocaine [Internet]. ADF – Alcohol & Drug Foundation. [cited 2018 Jun 23]. Available from: http://sc.egyres.com/0rz5y
- Abuse NI on D. ocaine [Internet]. [cited 2018 Jun 23]. Available from: http://sc.egyres.com/fVEt0
- Cocaine – Facts & Summary [
Internet]. HISTORY.com. [cited 2018 Jun 24]. Available from: http://sc.egyres.com/MRGvE
إعداد: خالد رحومة.
تدقيق لغوي: محمود الدعوشي.
تحرير: زياد الشامي