في القرن الثامن عشر، حاول الجيولوجيون شرح الأسباب المؤدية للزلازل والبراكين وسلاسل الجبال، بينما كان الاعتقاد السائد أن الموقع الجغرافي للقارات لا يتغيّر. [1]

القارّة الأُم

افترض العالم الألماني (ألفريد فيجنر – Alfred Wegner) عام 1912م وجود قارة عظمى سمّاها (القارة الأم -Pangea) منذ 300 مليون سنة، بدأت هذه القارة في التفتت إلى قارات صغيرة أخذت في الانجراف إلى أن وصلت إلى مواقعها الحالية وعُرفت هذه الفرضية باسم «الانجراف القاري». [1،2]

أدلّة فيجنر على الانجراف القارّي

لعبة القارّات المتقابلة

لاحظ فيجنر أنه إذا قمت بقص القارات وقربتها من بعضها البعض كما في لعبة أحجية الصور المقطوعة لوجدت توافقًا كبيرًا وبالأخص إذا قمت بالقص عند حدود (الرف القاري – Continental Shelf) ذلك الجزء المُندثِر من حافة القارة تحت مياه المحيط، وهذا ما يمكنك ملاحظته جليًا بين شرق أمريكا الجنوبية وغرب أفريقيا. [1]

حفريات الكائنات المتحجِرة

لاحظ فيجنر وجود تشابه ملحوظ بين حفريات النباتات والحيوانات المتحجرة الموجودة في القارات التي تفصلها محيطات شاسعة، وهذا يشير إلى أن تلك القارات كانت مرتبطة عندما كانت تلك الأنواع المتحجرة حيّة. [1]

 تطابق أنواع الصخور وأعمارها

اكُتشِفت صخور قديمة متشابهة جدًا بين القارات الجنوبية، مما يدل على أن تلك المناطق المتباعدة حاليًا كانت كتلة واحدة في الماضي. [1]

 المناخ قديمًا

وُجدِت طبقات رسوبية دّالة على بيئة استوائية في مناطق باردة، وذلك يدل على أن هذه المنطقة كانت تقع في منطقة دافئة قديمًا ثم انجرفت فيما بعد باتجاه المناطق الباردة. [1]

كيف تتحرك القارّات؟

على الرغم من عقلانيّة أدلّة فيجنر إلا أنه توفي قبل أن يتمكن من تقديم تفسير مُرضٍ لأهم الانتقادات التي واجهت نظرية الانجراف القاري وهو فشلها في تفسير آلية هذا الانجراف. [1،2]

بدأ العلماء منذ أوائل القرن العشرين في دراسة الخصائص الجيولوجية في المحيطات «الجيولوجيا البحرية»؛ لعمل دراسات مستفيضة إلى أن تم اكتشاف ظواهر جيولوجية جديدة في قاع المحيط. [4]

الحرب العالمية الثانية والعلم

خلال الحرب العالمية الثانية، كان الجيش يحتاج إلى خرائط مفصلة لقاع البحر ليتم استخدام الغواصات، ونتيجة لذلك كشف تخطيط قاع البحر في المحيط الأطلسي عن وادي عميق  تحت البحر سُمّي باسم (حافة منتصف المحيط – Mid Oceanic Ridge).

أدّت هذه الدراسة إلى دراسات أخرى، بما في ذلك دراسة عمر الصخور تحت المحيط، والجدير بالذكر أن نتائج هذه الدراسة أثبتت أن هذه الصخور ما زالت حديثة. [4]

هل الأقطاب ثابتة على مر العصور؟

اُستُخدِمت (القطبية المغناطيسية للصخور – Paleomagnetism) لدعم حركة الصفائح كأحد الأدّلة الجيوفيزيائية وهي عبارة عن سجل لكيفية تغيير الأقطاب المغناطيسية للأرض بمرور الوقت عند تشكيل الصخور بمحاذاة 

 ^{المعادن مثل (المجانتيت-Magnetite) في الصخور نحو القطبين وبتسجيل تاريخ هذه التغييرات، وُجِد أن الصخور من مختلف الأعمار تظهر اتجاه مجال مغناطيسي متغير مما يدل على تبدل القطب المغناطيسي الشمالي والجنوبي عبر الزمن(5)، ويتم تسجيل هذه الأنماط من القطبية في معادن الصخور البازلتية التي تم إنشاؤها على طول حافة منتصف المحيط لقاع البحر، من خلال الجمع بين كل هذه البيانات، يمكن للعلماء إنشاء مقياس زمني مغناطيسي للأرض، كما حدد العلماء أنماطًا متوازية من الانعكاسات المغناطيسية على طول جانبي حافة منتصف المحيط، والتي تشير فيها تواريخ الصخور إلى أن الصخور التي تم جمعها من الحافة نفسها أصغر من الصخور الموجودة بعيدا عن الحافة(5)(2).}

 ميلاد نظرية الصفائح التكتونية

تم عمل هذه الدراسات بشكل متوسع شاملًا كل المحيطات، فتبيّن أن هذه السمات الجيولوجية متصلة ببعضها عالميًا مكونةً ألواح عملاقة، فتم تقسيم الغلاف الصخري للأرض بهذا الشكل إلى أجزاء منفصلة تسمى الصفائح⁽¹⁾⁽²⁾.

تطفو الصفائح فوق الوشاح متحركة نحو بعضها البعض أو بعيدًا عن بعضها أو منزلقة بطول بعضهما، حيث تنشط الحركات الجيولوجية كالزلازل والبراكين على الحواف وتخمد كلما اتجهت إلى داخل الصفيحة. ⁽³⁾

الحركات التكتونية الأبدية

قُسِمت القشرة الأرضية إلى 9 صفائح تكتونية رئيسية تحمل فوقها القارات والمحيطات، والجدير بالذكر أن هذه الصفائح الأساسية الكبرى تنقسم إلى صفائح أصغر في الحجم ⁽²⁾.

تبقى هذه الألواح في حركة مستمرة بفعل (تيارات الحمل-Convection Currents) في الوشاح سواء كانت التيارات صاعدة أم هابطة، معتمدة على أن المواد الساخنة في الوشاح تصعد إلى أعلى والمواد الباردة تغوص إلى أسفل فالأمر أشبه بقدر الحساء الذي يغلي ⁽²⁾.

أنواع حركة الصفائح التكتونية

• الحدود المتباعدة البنّاءة
  هي حدود الصفائح التي تتباعد عن بعضها باستمرار؛ بسبب نشاط تيارات الحمل الصاعدة وانسياب الصهارة بينها لتدفعهما بعيدًا عن بعضهما كما يحدث حول حواف منتصف المحيطات (3).
• الحدود المتباعدة الهدّامة
  هي حدود الصفائح التي تندفع نحو بعضها بسبب نشاط تيارات الحمل الهابطة كما يحدث عند مناطق الأخاديد المحيطية والتي ينزلق طرف الصفيحة التكتونية الأعلى كثافة تحت الأخرى الأقل كثافة (3).
• الحدود الصدعية
  هي الحواف التي تتحرك بطولها الكُتل عكس بعضها وعادةً ما يصاحب هذه الحركة زلازل (3).

لم تتوقف القارّات بعد

تتحرك الصفائح بمعدلات مختلفة حول القشرة الأرضية سنويًا، إلا أنه بحساب متوسط حركتها بشكل عام، وُجد أنها تتحرك من 5 إلى 10 سنتيمتر  في السنة، وبتتبع هذا المعدل بعد 50 مليون سنة من الآن، ونتيجة لذلك ستتصادم أستراليا مع جنوب شرق آسيا، وستندفع أفريقيا نحو جنوب أوروبا، بينما سيكون المحيط الأطلنطي محيطًا أوسع بكثير مما هو عليه اليوم (6).
في الختام، كشفت نظرية الصفائح التكتونية عن سر حركة القارات تحت أقدامنا ودحضت الاعتقاد بثبات الأرض، وبإدراة الشريط للأمام أو للخلف يمكننا أن نعرف أين كانت في الماضي، وأين قد تذهب في المستقبل.

---

إعداد: محمد خميس بركي
مراجعة علمية: الحسين إبراهيم
تدقيق لغوي: مريم سمير

المصادر:

1.Ghose T, February 22 AE|, ET 2018 07:30pm. Facts About Pangaea, Ancient Supercontinent [Internet]. Live Science. [cited 2018 Oct 8]. Available from: https://www.livescience.com/38218-facts-about-pangaea.html

2. Oskin B, December 19 CW|, ET 2017 01:03am. What Is Plate Tectonics? [Internet]. Live Science. [cited 2018 Oct 8]. Available from: https://www.livescience.com/37706-what-is-plate-tectonics.html

3. US Department of Commerce NO and AA. What are the different types of plate tectonic boundaries? [Internet]. [cited 2018 Oct 8]. Available from: https://oceanexplorer.noaa.gov/facts/plate-boundaries.html

4. Plate Tectonics – A Scientific Revolution [Internet]. [cited 2018 Oct 8]. Available from: http://academic.brooklyn.cuny.edu/geology/grocha/plates/platetec7.htm

5. Paleomagnetism – Paleomagnetism And Plate Tectonic Theory [Internet]. [cited 2018 Oct 8]. Available from: http://science.jrank.org/pages/4990/Paleomagnetism-Paleomagnetism-plate-tectonic-theory.html

6. Plate Tectonics – A Scientific Revolution [Internet]. [cited 2018 Oct 8]. Available from: http://academic.brooklyn.cuny.edu/geology/grocha/plates/platetec21.htm