مشروب الشيطان | 8 حقائق عن تاريخ القهوة

coffee-3392168_960_720

coffee|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة|مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة

تُعد القهوة بمثابة ثاني أكثر السلع تداولًا في العالم بعد النفط، كما أنها أصبحت أيضًا أحد الدعامات الأساسية للنظام الغذائي الحديث، ويُعتقد أن القهوة قد تم اكتشافها في إثيوبيا ثم انتشرت بتوسع في الشرق الأوسط خلال القرن السادس عشر للمساعدة على التركيز، لكن هل تعلم أنها أثارت أيضًا ثورة اجتماعية في بريطانيا في القرن السابع عشر؟

إليك ثمانِ حقائق عن تاريخ القهوة

Men enjoying a drink and a chat in a coffee house, 1674. Coffee houses became known as ‘schools of the wise’, where people would gossip, argue and discuss the breaking news of the day. (Photo by Hulton Archive/Getty Images)

كان للقهوة دائمًا العديد من الاستخدامات عبر التاريخ، من المسكن الروحي إلى المنشطات المثيرة، وكثيرًا ما دوّن كاتب اليوميات البريطاني صموئيل بيبس (Samuel Pepys) عن المقاهي في لندن في القرن السابع عشر، كما أن الشراب قد ألهم أيضًا «نسبة نسائية كبيرة» لوصف القهوة بأنها نوع من المياه القذرة الغبية والكريهة، وهنا؛ يشارك بول شيرستال (Paul Chrystal) مؤلف كتاب (Coffee: A Drink For the Devil) ثماني حقائق حول اكتشاف القهوة، ويبحث في علاقة حب بريطانيا بالمشروبات الآثمة.

1- ربما تم اكتشاف القهوة بواسطة «الماعز متحمس»

تقول الأسطورة أن كالدي، وهو راعي غنم وحيد بإثيوبيا خلال القرن التاسع، قد اكتشف التأثيرات المنشطة والمنعشة للبُنّ حينما لاحظ أعراض النشاط المفرط على الماعز بعد تناول بعض الحبات من الشجرة، فأخبر كالدي رئيس الدير المحلي عن هذا، والذي جاء بدوره بفكرة تجفيف وغلي هذه الحبوب لصنعِ مشروبٍ منها، فألقى بالحبوب في النار، لتنداح رائحة البن جلية -كما نعرفها اليوم كلما قُمنا بتحميصه عبر نسمات المساء- ثم تم جمع الحبوب المحمصة من الجمر، وتقشيرها وإذابتها في الماء الساخن، وهكذا تم صنع أول فنجان من القهوة في التاريخ.

وجد رئيس الدير والرهبان أن هذا المشروب قد أبقاهم مستيقظين لساعات في كل مرة -وهو الوقت الذي خصصه الرجال لقضاء ساعات طويلة من الصلاة- وانتشرت أخبار هذا المشروب الساخن في أماكن بعيدة مثل شبه الجزيرة العربية.

كما كان هناك صوفي يمني يدعى غوثول أكبر نورالدين أبو الحسن الشاذلي قد أدعى اكتشاف القهوة، يقال بأنه رصد الطيور التي تتغذى على حبوب البن وهي تحلق فوق قريته بنشاط غير معتاد، وبتذوق بعض تلك الحبوب التي تناولتها الطيور وجد نفسه أيضًا على غير العادة في حالة تأهب.

2– لقد تم تخمير القهوة بواسطة أحد الأولياء بموكا

هناك قصة أخرى بديلة، قد تحملنا على الإعتقاد بأن القهوة تم اكتشافها بواسطة شيخ يدعى عمر، وهو أحد التلاميذ لغوثول أكبر نور الدين أبو الحسن الشاذلي الذي تم ذكره سلفًا، وذلك بينما كان في المنفى بمنطقة موكا «إحدى المدن اليمنية القديمة» وكان عمر هذا مشهورًا بقدرته على علاج المرضى من خلال الصلاة والدعاء، عاش بتلك الفترة في كهف جبلي في الصحراء، جائع بعض الشيء، مما دفعه يومًا ما إلى محاولة تناول بعض الحبوب من البن لكنه وجدها شديدة المرارة، ثم حاول تحميصها أيضًا لكن ذلك  جعلها أكثر صلابة، وفي النهاية، قرر غليها مما أدى إلى ظهور سائل بني اللون ذو رائحة قوية  منحه فورًا قدرًا استثنائيًّا وغير اعتياديٍّ من الطاقة سمح له بالبقاء مستيقظًا لأيام عدة في النهاية. وقد أثار ذلك الاكتشاف المعجز الكثير من الخشية والحذر تجاهه حتى أنه سمح له بالعودة إلى موكا ورُفع لمنزلة الأولياء بينما كانت القهوة تتسرب إلى جميع أنحاء العالم العربي.

وبحلول القرن السادس عشر؛ كانت القهوة هي المشروب المفضل في كل من بلاد فارس ومصر وسوريا وتركيا، وكان صيتها كنبيذٍ عربي يتردد بلا نهاية بين الآلاف من الحجاج الذين يزورون مكة المكرمة في كل عام من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأخذ التجار اليمنيون على عاتقهم جلب القهوة من أثيوبيا وزراعتها بأنفسهم، كما قصده الصوفيون في اليمن كمشروب يساعد نوعًا ما على التركيز وكمسكن روحي، ولإسعافهم على البقاء متيقظين أثناء الصلوات الليلية.

ومن الشرق الأوسط سرعان ما زحفت شعبية القهوة إلى البلقان، وإيطاليا، وبقية أوروبا، وشرق إندونيسيا، ومن الغرب إلى الأمريكتين، بشكل كبير عبر الهولنديين.

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
المقاهي على فرعٍ من نهر برادى (الفرفار القديم)، دمشق، سوريا، 1841. من كتاب «سوريا، الأرض المقدسة وآسيا الصغرى»، المجلد الأول، بقلم جون كارني، نشره فيشر، سون وشركاه، لندن، 1841.

3- كانت القهوة بمثابة ثورة اجتماعية

كان للقهوة أثر ضخم على الجميع آنذاك لدرجة أنها صاغت تقريبًا ما يمكن اعتباره ثورة اجتماعية كاملة، فقد كانت القهوة تُحتسى بالمنازل كمشروب محلي، لكن بشكل أكبر في المقاهي العامة واسعة الانتشار التي ظهرت في العديد من القرى والبلدات والمدن عبر الشرق الأوسط وشرق أفريقيا. وسرعان ما أصبحت هذه المقاهي بمثابة البدعة الرائجة في كل مكان حيث يذهب الناس إليها للاختلاط والتعارف، فإلى جانب احتساء القهوة والدردشات كانت هناك الكثير من أشكال الترفيه الأخرى: الأداء الموسيقي، والرقص، والشطرنج، والأهم من ذلك، النميمة والجدال ومناقشة الأخبار العاجلة لليوم، وسرعان ما عُرفت هذه المقاهي باسم «مدارس الحكماء» المكان الذي تذهب إليه إذا كنت تريد أن تعرف ما يدور بعالمك، ومن هنا نشأت العلاقة بين القهوة والحياة الفكرية.

4– تم تحريم شرب القهوة بواسطة الفقهاء المسلمين

القهوة مثل الكحول؛ اختبرت تاريخًا طويلًا من الحظر والتحريم حيث آثارت مزيجًا ممتدًا من هواجس الخوف والشك والقلق الديني، والرياء، فلو تمكن المتعصبون -في جميع الأديان- من إخضاع العالم لمبتغاهم آنذاك، فربما لم يكن هناك الكثير من المقاهي المفتوحة اليوم.

وفي عام (1511) م؛ تم تحريم شرب القهوة من قبل عدد من الفقهاء والعلماء المسلمين الذين اجتمعوا بمكة حينها، وذلك بتحريض من «خاير بك» حاكم مكة آنذاك والذي خشي أن تشكل القهوة حاضنة تعزز المعارضة ضده من خلال اجتماع الرجال يوميًا لتناولها والسماح لهم بمناقشة إخفقاته، وهكذا ولدت علاقة القهوة بالفتنة والثورة، وعلى الرغم من الإفتاء سابقًا بكون تناول القهوة هو نوع من الإثم -حرام- إلا أن الجدل حول ما إذا كانت تسبب السُكر حقًا أم لا قد استمر واحتدم بشدة خلال الأعوام الثلاثة عشر اللاحقة، وذلك حتى تم إلغاء الحظر في النهاية عام 1524 بأمر من السلطان العثماني سليم الأول، والذي طلب من محمد أبو السعود العمادي مفتي العاصمة في الإمبراطورية العثمانية بإصدار فتوى تحلل شرب القهوة مرة أخرى،  وتم إعدام خاير بك بسبب فساده وأزماته الكثيرة بأمر من السلطان العثماني، والذي أعلن أيضًا القهوة مشروبًا مقدسًا. وفي القاهرة كان هناك تحريم مماثل في عام (1532)؛ وتم على إثره نهب وتخريب المقاهي ومستودعات البن هناك.

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
بورتريه للسلطان العثماني سليم الأول.

5- عُرفت القهوة باسم «كأس الشيطان»

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لكي ترتحل القهوة مسافةً قصيرةً إلى البَرِّ الأوروبي حيث حطت أولًا في فينيسيا على خلفية التعاملات التجارية المربحة التي كانت تتمتع بها المدينة مع جيرانها المتوسطيين، ففي البداية؛ لاقت القهوة ذات الشكوك والتحامل الديني الذي عانت منه بالشرق الأوسط وتركيا، حيث بدأت الشائعات تنتشر من قبل المسافرين الأوروبين الذين اعتادوا على المُضّي إلى الأراضي الغامضة والروحانية في الشرق، فكانت القهوة  هي مشروبٌ غامضٌ وغرائبي ومُسكِر بنفس القدر، أما بالنسبة للكاثوليك فكانت بمثابة «الابتكار المرير للشيطان» الذي يحمل نفحة الإسلام، إذ بدت القهوة إليهم على نحو ما مشروب يتم تقديمه كبديل للنبيذ الذي يستخدم في طقوس التناول -الإفخارستيا- لذا فقد كان محظورًا على كل حال.

كان هذا هو الذعر الذي اضطر البابا «كليمنت الثامن» إلى التدخل شخصيًا؛ حيث تناول عينات من القهوة بنفسه، وأصدر مرسومًا بأن القهوة هي مشروب مسيحي بقدر ما هي إسلامي، وعند تذوقه للقهوة أعلن مازحًا: «مشروب الشيطان هذا لذيذ للغاية، يجب علينا خداع الشيطان من خلال تعميده!» ومنذ ذلك الحين، أطلق على القهوة مشروب الشيطان أو كأس الشيطان.

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
البابا كليمنت الثامن.

6- وصلت القهوة إلى إنجلترا بمنتصف القرن السابع عشر

وفقًا لكتابات صمويل بيبيس، فقد تأسس أول مقهى بإنجلترا في أكسفورد عام (1650) بمنطقة «ذا أنجل» بأبرشية سانت بيتر في الشرق على يد رجل يهودي يدعى يعقوب في المبنى المعروف اليوم باسم جراند كافية، بينما تم افتتاح أول مقهى بلندن عام (1652) في حارة سانت ميشيل بالقرب من سانت ميشيل في باحة الكنيسة في كورنهيل، حيث كان يديرها رجل يوناني يدعى باسكوا روسيه وهو الذي قام أيضًا عام (1672) بإنشاء كشك للقهوة في باريس، وكان بيبس قد سجل بعض تفاصيل زيارته لمقهى لندن في (10 ديسمبر 1660): «ذهبت أنا والكولونيل سلينجسبي في المساء إلى المقهى في كورنهيل، وهي المرة الأولى التي كنت فيها هناك، وقد وجدت في ذلك متعة كبيرة، من خلال تنوع وثراء الرفقة والحديث».

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
الجراند كافية، أوكسفورد.

7- كانت المقاهي بمثابة الإنترنت اليوم

بالنسبة لبيبيس -وكذلك بالنسبة للعديد من المثقفين والمتعلمين آنذاك- فقد كان المقهى بمثابة الجريدة بل وشبكة الإنترنت الخاصة به، ففي مذكراته يشير إلى آخر الأخبار عن الصراع مع الهولنديين، «المذنب الذي شوهد من عدة أماكن مختلفة» (15 ديسمبر 1664) وكذلك «تهديد الطاعون ينمو علينا… والعلاجات المتوفرة ضده» (24 مايو 1665 ). وفي تدويناته لليوم (3 نوفمبر 1663) يشير بيبيس إلى عدد من النقاشات المتنوعة حول الإمبراطورية الرومانية، والاختلافات بين اليقظة والحلم، وبعض الحوارات حول الحشرات.

وبحلول العام (1675) كان هناك أكثر من (3000) مقهى تقريبًا في إنجلترا وحدها، حتى أن البعض كان يوجد بها أسِرّة للنوم ويقومون كذلك بتقديم الإفطار لخدمة زوار ما بعد منتصف الليل، وبدا أن أغلب هذه المقاهي يحتذي بنموذج العمل في المقهى التركي، فكان اختيار الأسماء الغريبة هو شيء يجب القيام به: حتى وصل العدد إلى ما يقرب من (57) مقهى تركي من بين المقاهي الرئيسية هناك.

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
نقاش في مقهى في Bride Lane، شارع Fleet، لندن، 1688.

8- ادّعى البعضُ بأنَّ القهوةَ هي «فياجرا» القرن السابع عشر

لم يتم السماح للنساء بالتواجد في المقاهي ما لم تكن من البغايا، وكان استيائهن حول ذلك معلنًا: ففي إحدى المقالات للدفاع عن الجنس الأنثوي عام (1696)، كتبت ماري استيل ساخطة: «إن الشخص الذي يرتاد أي مقهى هو في النهاية شخص يسكن بمنزل ما، لكنه يعيش تقريبًا في المقهى، فهو يتناقش أكثر مع الصحف والجرائد أكثر من دفاتره الخاصة، كما أن انخراطه المتواصل في الحياة العامة يفقده كل أشكال الرعاية لمنزله الخاص، فهو دائمًا ما يقضي أوقاته مع صحبته الخاصة، وهو بذلك لا يستطيع أن يدير عائلة أبدًا».

مشروب الشيطان: 8 حقائق عن تاريخ القهوة
العريضة النسائية لمناهضة القهوة.

كانت استيل تقرع أجراس الخطر فقط لما تعاني منه جميع الزوجات الأخريات اللاتي تُرِكن في المنازل مع أشغالهن وأكواب الشاي. وفي العام (1674) كان هناك العريضة اللاذعة للنساء في مناهضة القهوة، والتي نازعت فيها الزوجات بأن أزواجهن غائبون عن منازلهم وعائلاتهم تمامًا بشكل لا نهائي، متجاهلين واجباتهم المنزلية -تحولوا إلى أتراك- وكل ذلك من أجل نوع من المياه القذرة، والسيئة، والمُرة، والغبية، والكريهة.

والقهوة، كما قالت: «جعلت من الرجال كالأرض القاحلة مثل الصحاري التي يجلب منها ذلك التوت الحزين، حتى أن نسل أسلافنا الجبابرة سيتضاءل في سلسلة متوالية من القردة والأقزام»، كانت تشير هنا إلى ضعف الإنتصاب الناتج عن تلك «البِركة الضارة».

وقد تم توضيح هذه الإدعاءات بشكل أكبر عام (1663) من خلال كتيب بعنوان شكاوى العذروات من القهوة، وكان رد الرجال على تلك العرائض النسائية هو الحسم، فاحتجوا على وصفها «نبيذ مغشوش» أو «بيرة موحلة» والتي جعلت من الرجال عاجزين. وعلى صعيد آخر، كانت القهوة هي الفياجرا من اليوم، والتي جعلت من الانتصاب أكثر قوة، ومن القذف أكثر اكتمالًا، ومن الحيونات المنوية أكثر حيوية، ولم تكن شركة فايزر للأدوية (Pfizer) قادرة على العثور على رأي أفضل من ذلك.

ترجمة: محمد أمين

مراجعة: Matalgah Hamzeh

تحرير: سامح منصور

المصدر:

Paul Chrystal. (2016). A drink for the devil: 8 facts about the history of coffee. Retrieved from: https://www.historyextra.com/period/medieval/history-coffee-facts-discovery-use-drink-social-revolution/

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي