يُعتبر الحبّار المصّاص للدماء أحد الرخويّات المنتشرة في البيئات البحرية، واستطاع علماء الأحياء البحرية الحصول على هذا الحبار للمرّة الأولى منذ مئة عام تقريباً. ولكن نظراً لتواجده في أعماق بعيدة من سطح المحيط -تتراوح من 500 إلى 3000 متر- فلا تزال المعلومات عنه قليلة وغير مكتملة. [1]
من السهل الاعتقاد بأنّ حبّار مصاص الدماء هو أحد الكائنات المفترسة الرهيبة التي تتربّص وتفتك بالكائنات الحية في قاع المحيط، ويعود ذلك لشكله الغريب؛ فهو يمتاز بلون أحمر قاتم، وعيون زرقاء ضخمة، وشبكة تشبه العباءة تمتدّ بين أذرع الحبّار الثمانية، كما أنه يسبح بواسطة لوحَين شبيهَين بالأجنحة، ويضيء المياه المحيطة به بواسطة أعضاء مضيئة توجد على جسمه خاصّةً أطراف ذراعيه. ومن الجدير بالذكر أنّ الاسم العلميّ له هو (Vampyroteuthis infernalis) الذي يعني «حبّار مصّاص الدماء القادم من الجحيم». [5،3،2]
ولكن في الواقع، يُعتبر حبّار مصّاص الدماء مخلوقًا سلبيًا، ذا بنية ليّنة، يشبه كرة القدم بالشكل واللون والحجم. وهو عبارة عن «أحفورة حية»، تعيش في المياه العميقة لجميع أحواض المحيطات حول العالم التي لا يكاد يصل إليها الأكسجين. [3،2]
منذ مئة عام تقريباً استطاع العلماء الحصول على حبّار مصّاص الدماء الأوّل من أعماق المحيط، وقد تمّ نشر حوالي 12 ورقة علميّة حول هذا الكائن الغامض، لكن لم يتمكّن أحدٌ من العلماء من معرفة الطريقة التي يتغذّى بها. وقد قام عدد من الباحثين الأوائل باصطياد الحبّار بواسطة شبكة وحمله إلى السطح من أجل دراسة وفحص محتويات معدته، لكنّ النتائج لم تكن حاسمة. [2،1]
وبرعاية من المنح المُقدّمة من مؤسسة ديفيد ولوسيل باكارد بالإضافة إلى المنظمة الهولندية للبحث العلمي (NWO)، قام العالمان هوفينغ وروبنسون بنشر مقال علميّ في مجلة العلوم البيولوجية أظهر أنّ حبّار مصّاص الدماء يأكل ما يُسمّى بـ«الثلج البحريّ» -وهو خليط من الأجساد الميتة من بقايا الطحالب المجهرية والحيوانات التي تعيش على السطح ثم تسقط إلى قاع المحيط عند موتها- بالإضافة إلى فضلات الكائنات البحريّة والمخاط. ويقوم هذا الحبّار بجمع جزيئات الطعام باستخدام خيوط طويلة مبطّنة بالشعر تقوم بلفّ جزيئات الطعام بشكل كرويّ وبحجم الوجبة. ولم يعثروا على أيّة عظام أو حيوانات فرديّة كاملة تدل على أنّ الحبار قد التقط فريسة حيّة وقام بالتغذّي عليها. [6،2]
اكتشف العلماء أيضاً أنّ لحبّار مصّاص الدماء دورة إنجابيّة واحدة فقط قبل أن يموت، لكنّ الحبار يمرّ بعشرات الدورات من وضع البيض خلال فترة حياته. كما اكتشفوا أنّه يعيش فترة أطول من الحبّارات والأخطبوطات الساحليّة الأخرى. [4]
ويقول هوفينغ: «بسبب نظام تكاثر الحبّار الفريد، فإنّه قادر على البقاء بشكل دائم وبنجاح في مركز منطقة الحدّ الأدنى من الأوكسجين، وهي بيئة معادية وغير ملائمة لمفترسي حبّار مصّاص الدماء، بالإضافة إلى وفرة غذائه في هذه المنطقة.» [2]
وعلى الرغم من أنّ بحث هوفينغ وروبنسون قد قام بتوضيح طبيعة حياة وغذاء حبّار مصّاص الدماء وأظهر كونه مخلوقاً سلبياً غير مفترس، إلا أنّ مظهره المخيف ومكان وجوده بعيداً عن الأنظار وبعض العادات غير الواضحة له يؤدّي دون شكّ إلى إثارة الباحثين ودفعهم للاهتمام به. [2]
إعداد: منار حمدي مصطفى
مراجعة علمية: أحمد فكرى
تدقيق لغوي: رؤى زيات
تحرير: نسمة محمود
المصادر: