هل فيروس نقص المناعة البشرية في طريقه للعلاج؟

HIV-infected_T_cell_6813384933_20160930035011710

هل سمعت من قبل عن فيروس نقص المناعة البشرية الذي يُسمى ب (Human Immunodeficiency Virus-HIV)، والذي يسبب فيما بعد ما يُسمي بمرض (الإيدز- AIDS)؟ وهل سمعت عن فيروس الحُمَّى العُقَيّْدية أو الغُدية (Glandular fever virus)، والذي يأتي مصاحبًا للأورام الليمفاوية؟

لم يتمكن الأطباءُ والعلماء حتى الآن من علاج مِثل هذه الفيروسات باستخدام المضادات الحيوية المضادة (للفيروسات- (Antiviral Therapy ويرجع ذلك إلى أنَّ هذه الفيروسات بعدما تدخل الجسم تقوم بتغيير أشكالَها والاختفاء في الأنسجة، وبالتالي لا يستطيع الجهاز المناعي التعرف عليها، وتوجيه المضاد الفيروسي لها.

ولأنَّ العلمَ لا يستسلم أبدًا؛ ما زالت الدراسات مستمرة. وقد ذهبت بنا إحدى الدراسات الحديثة خطوة للأمام في اكتشاف علاجٍ لمثل هذه الفيروسات، فقام فريقٌ من العلماءِ الدوليين بقيادة الدكتور (دي يو- Di Yu)، باحث بمعهد بحوث الطب الحيوي بجامعة موناش، والدكتور (أكسل كاليز- Axel kallies) من معهد والتر وإليزا هول باستراليا، باكتشاف نوعِ من خلايا الدم البيضاء والذي يُسمى (بالخلايا التائية القاتلة- Killer T cells)، والذي يستطيع تَتَبع الخلايا المصابة بالفيروس في الأنسجة الليمفاوية والقيام بتدميرِها.

إنَّ هذا الاكتشاف الذي تم نشره في دوريّة (Nature Immunology) بتاريخ 3 أغسطس 2016، يَمُدنا برؤية جديدة نستطيعُ من خلالها إيجاد علاج دائم لمثل هذه الإصابات المزمنة أمثال: فيروس نقص المناعة البشرية.

وقال دكتور (يو): «إنَّ هذا النوع من )الخلايا التائية(T cells- القاتلة يتواجد بشكلٍ طبيعيٍ في جسم الإنسان أثناء الإصابة بالفيروس، ولكنها تحتاج إلى تعزيز عددها ووظائفها القاتلة؛ حتى تستطيع القضاءَ على هذه العدوى المزمنة».

وقال أيضًا: «لقد وجَدنا منذ المرة الأولى في هذا البحث أنَّ هذه الخلايا التائية القاتلة مُتخصصة -أي أن لكل فيروس خلايا خاصة به تقوم بتدميره دون غيره من الفيروسات- تُهاجر إلى جزء من النسيج الليمفاوي وتتحكم في تلك العدوى أو الفيروس الكامن بداخله».

وعلى الرُغم أنَّ معالجة فيروس نقص المناعة البشرية بمضادات الفيروسات التى تُغير ماداتها الوراثية داخل الخلايا البشرية (Antiretroviral therapy) أثبتت فاعليتها بشدة؛ إلا أنَّ هذه المعالجة تستمر مدى الحياة دون أن يُشفى المريض من العدوى، وكذلك فيروس (إيبشتاين بار-Epstein-Barr) الذي يسبب الحُمَّى العُقَيّْدية، يستطيع أنَّ يستمر مختبئًا لسنواتِ عديدة، وينشط مع ضعف الجهاز المناعي للإنسان.

وقد اكتشف الباحثون أنَّ هذه الخلايا التائية القاتلة المتخصصة تسمى الخلايا التائية السامة للخلايا الجُريبِيَّة أو المسَامية follicular cytotoxic T cells)) فهي تستطيع أنَّ تَدخل البُؤر الغير مرئية من النسيج الليمفاوي، وتُعرف تلك البؤر بجُريبات الخلايا البائية (B cell follicles)؛ وهي الأماكنُ التى تختبأ بها الفيروسات أثناء المعالجة.

قال الأُستاذ (ياو آن ليونج- Mr. Yew Ann leong)، طالبٌ بالدراسات العليا -لدرجة الدكتوراة- في معهد موناش لبحوث الطب الحيوي، والذي له دورُ كبيرُ في هذا البحث: «على الرغم أنَّ بعض الفيروسات أمثال: فيروس نقص المناعة البشرية، تستطيع أنَّ تختفي في جُرَيبات الخلايا البائية إلا أنَّ الخلايا التائية القاتلة متخصصةٌ في القضاء على هذه البؤر الفيروسية الكامنة، وهذا الاكتشاف سوف يُساعدنا على تصميم أدوية جديدة تستطيع أخيرًا علاج العديد من الإصابات الفيروسية ومن بينها فيروس نقص المناعة البشرية».

وقال الدكتور أكسل كاليز: «أنَّا سعيد بإشرافي على هذا الجزء البحثي المُثير على الصعيد الدولي، وأنَّ الجهد الكبير المبذول في هذا الاكتشاف سوف يساعدنا أنَّ نفهم كيف يمكننا مُعالجة الأمراض التي تؤثر على الجهاز المناعي نفسه مِثل: فيروس نقص المناعة البشرية، والأورام الليمفاوية للخلايا البائية.»

وقال الأستاذ الدكتور (شارون لوين- professor sharon lewin) مدير معهد بيتر دوهارتي للعدوى والمناعة -مشروع مشترك بين جامعة مالبورن ومستشفى مالبورن الملكية- وشريك في صياغة البحث: «هناك طرق قليلة لتحويل هذا الاكتشاف لعلاج للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، رُبما نستطيع نقل هذه الخلايا التائية القاتلة شديدة الفاعلية إلى المرضى، أو يمكننا علاجهم بأنواعٍ من البروتينات التي تستطيع إقحام هذه الخلايا القاتلة في البؤر الصحيحة بالنسيج الليمفاوي وبشكلٍ خاص البؤر الدافئة؛ حيث يستطيع فيروس نقص المناعة البشرية الاختفاء من مضادات الفيروسات».

ويَأمل الدكتور (يو) أنَّ تبدأ تجربة هذا العلاج على البشر خلال الخمس سنوات القادمة.

 

ترجمة وإعداد: أمل البنا

مراجعة: شريف محمد قمر

تدقيق : أمنية أحمد

المصدر:

https://goo.gl/JKXUzW

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي