اعتادت مجموعتنا الشمسية أن تكون وحيدة، مكانًا مهجورًا. فهي تدور حول ذراع الجبار (Orion arm) في مجرة درب التبانة، يتبعها عدد من الكواكب وأسطول صغير من الكويكبات والمذنبات وكوكب وحيد مطلي بشيء من التميز: الحياة. مما يجعلنا نتسائل بعد وضع عدد ضخم من النجوم، هل أي منها يحتوي على شكل من أشكال الحياة؟
إن أفضل التلسكوبات لدينا لم تتمكن حتى من تحليل الكواكب الموجودة في أقرب المجموعات الشمسية. فهل من المحتمل أن تكون الأرض وحيدة أو على الأقل حالة نادرة جدًا؟ يدفعنا شيء ما في طبيعتنا البشرية أن نتوق للتواصل أو نسعى لخلق تطور مع الأخرين. يظن سيث شوستاك وهو فلكي كبير و مدير معهد (SETI) للبحث:
« أعتقد أننا مائلين أكثر للاهتمام بهذه الاحتمالية».
فإنك إذا دخلت أي فصل وسألت عن عدد الأطفال الذين يعتقدوا بوجود كائنات فضائية، ستجد أن جميعهم يظن ذلك، على الأرجح أنه بسبب ما شاهدونه على التلفاز. ولكن السبب وراء تصوير الأفلام والتلفاز لهذا هو أن جمهوره متقبل للفكرة. والسبب وراء اهتمامهم بها هو نفس سبب اهتمام الأطفال بالديناصورات. ويكمن اهتمامنا في الحياة على كواكب أخرى بتكوين عقلية مرتبطة بالنجاة البسيطة. يبدو منطقي أن تكون مهتم في احتمالية وجود منافسين أو أصدقاء. فعبر التاريخ دائمًا كان السؤال (هل نحن وحيدون في الكون؟) ودائمًا ما كان له تفسيرًا فلسفيًا ولاهوتيًا كما التداعيات العلمية.[1]
بداية التفكير في تعدد العوالم
ظهر مفهوم تعدد العوالم في (عصر الماكينات) وقت الثورة الصناعية. ففي عام 1817 قدم المحاضر الاسكوتلندي توماس تشالميرز لجمهوره أن الكواكب لابد أن تكون قصور للحياة والذكاء… ما يعني وجود حياة في عوالم أخرى. ومن المفارقات أن العلم فقط أضاف شغفًا لشغفنا هذا بإظهاره لنا كم أن هذا الكون كبيرًا.[2]
ما نهتم به بشدة هو ما إذا كانت النجوم الأخرى في الكون مماثلة لنا، إذا كانت الإجابة لا، فما هو الاختلاف. نحن نعلم أن نجمنا الشمس لديه كوكب صالح للسكن وبه حياة له مدار ثابت؛ لذا إذا وجدنا نجم مماثل لنجمنا والذي أيضًا يدور حوله كوكب في مدار مماثل، سيبدو أن هناك فرصة لوجود حياة لا بأس بها. ولكن العديد من النجوم في مجرتنا ليست مثل الشمس؛ لذلك يجب علينا أن نفهمهم بشكل أفضل. المشكلة الأخرى هي صعوبة تحديد ما إذا كان لها كواكب تدور حولها أم لا. على الرغم من ذلك كل هذا تغير في الأعوام القليلة الماضية باكتشاف كواكب خارج المجموعة الشمسية تدور حول نجوم أخرى. في الوقت الحالي سنركز على النجوم القريبة مننا، والتي من المحتمل أن تكون قابلة للوصول في القرن القادم أو ما إلى ذلك.
إن المسافة التي من المتوقع أن يعبرها أي مسبار نجمي خلال قرن هي 15 سنة ضوئية أو أقل. في هذه المسافة يوجد 31 نجم من أنواع طيفية متنوعة، والتي تحتوي على نجوم من فئات (G, M, K, D, F). هذه الفئات الطيفية هي شكل من أشكال التصنيف النجمي من النجوم الأكثر حرارة ( أكبر من 33,000 كيلفن ) إلى النجوم الأكثر برودة ( أقل من 3,700 كيلفن ).[3]
النجوم وما ورائها من عوالم
يقع النظام النجمي ألفا سينتوري على بعد 4.3 سنة ضوئية، وهو أقرب نجم لشمسنا وأكثر نجم ساطع من الكوكبة الجنوبية للسنتوري. في الواقع أنه نظام نجمي ثنائي مع رفيقه ألفا سينتوري B والذي يقع بين مسافة 11 وحدة فلكية* على الأقرب و36 وحدة فلكية على الأكثر. إن سينتوري B غير قابل للرؤية بالعين المجردة. ومن المؤكد أن سينتوري (A) و(B) كانوا من قبل حوالي 6 مليارات سنة؛ لذا هما كانوا قبل الشمس. إن ألفا سينتوري (A) أكبر من الشمس بحوالي 10% في الوزن وأكثر من 20% في الحجم. أما ألفا سينتوري (B) أصغر من الشمس بنسبة 13% لنصف القطر.
لدى هذه المجموعة الثنائية رفيق نجمي في مدار حولها يدعى بركسيما سينتوري والذي يقع على بعد 0.21 سنة ضوئية من الثنائي. إن هذه المجموعة تعني أن سينتوري (A)،(B)،(C) هي مجموعة نجمية ثلاثية، على الرغم من أن البعض يتجادل حول ارتباطه بالجاذبية لسينتوري A وB.
بروكسيما سينتوري هو نجم قزم أحمر صغير، ووزنه حوالي 12% من وزن الشمس. يعتقد الفلكيون أنه نجم متوهج ويستطيع أن تختلف قيمة توهجه فجأة. وهو أيضًا أقرب لنا من سينتوري A وB؛ فهو على بعد 4.22 سنة ضوئية من شمسنا.
نظرًا لتشابه سينتوري A وB للشمس فمن المرجح أن يستضيفوا الكثير من الكواكب. فلقد وجدوا مدارات ثابتة في النظام الداخلي لكلا النجمين. لكن حتى الآن لم يتم تحديد أي كوكب غازي أو قزم بني (نجم هزيل). ربما التكنولوجيا الفلكية مازالت غير متطورة بما فيه الكفاية لتحليل أي كواكب كونية ضمن النظام، على الرغم من أنه مع التطور السريع للتقنيات يجب أن نكون متفائلين أن الدراسات سوف تنتهي في المستقبل القريب إيجابيًا. [4]
اكتشاف وتطور الحياة
احتمال اكتشاف كواكب حول نجوم أخرى مثير جدًا، أما احتمال حياة على كوكب أخر هو أكثر إثارة وحماسية. فهل من المحتمل لقاء حياة ذكية على هذه العوالم، بلا شك سيغير هذا دورة المستقبل وسيكون له أثره الضخم على بعض أكثر المعتقدات الراسخة لدينا. اكتشف علماء الفلك حتى الآن أكثر من 500 كوكب يدور حول نجوم أخرى في مجرتنا. قد يبدو أن هذه الاكتشافات ترجح أن الكواكب بشكل ما ترافق العديد من النجوم أشباه الشموس في مجرتنا. فأي عالم مشابه للأرض من المرجح أن يكون في المنطقة القابلة للسكن.[2]
ملاحظات:
الوحدة الفلكية: هي متوسط المسافة بين الأرض والشمس والتي تساوي 149.597.870,691 كيلومتر (بدقة ± 3 مترا) أي أن: 1 و. ف. = 149.597.870,691 كيلومتر = 15,813 × 10−6 سنة ضوئية.
إعداد: بيير عماد
مراجعة: ندى نبيل
المصادر:
- Caroll, M. (2016). Earths of distant suns. S.1: Copernicus.
- Traphagan, J. (2016). Science, culture and the search for life on other worlds. S.l.: Springer.
- Long, K. F. (2012). Deep space propulsion: A roadmap to interstellar flight. New York: Springer.
- Bond, A et al., (1978) Project Daedalus – The Final Report on the BIS Starship Study, JBIS.