بروكسيما B: هل توجد حياةٌ فضائية في الفضاءِ المُحيط بنا؟

proxima-b

عمل (ليروي شيو-Leroy Chiao) كرائدِ فضاءٍ لدى وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» خلالَ الفترةِ ما بين عامي 1990-2005. وخلالِ هذهِ المدة قامَ بالمشاركة في أربعِ رحلاتٍ فضائية، ثلاثةٌ منها كانت في مكوكات فضائية، وواحدة عَمِلَ بها كمساعدِ طيار لمركبة الفضاء الروسية (سويوز-Soyuz) التي أُطلِقَت إلى محطة الفضاء الدولية، حيث عمل في هذه الرحلة كقائدٍ للحملة (10)، في مهمةٍ استغرقت ستة أشهر ونصف.

قام شيو بالسير في الفضاء ستَّ مراتٍ مُرتديًا بدلاتٍ فضائية أمريكية وروسية، كما قام بالتحليق لمدةٍ تصل إلى 230 يومًا في الفضاء. وهو من قام بكتابة هذا المقال.

لطالما استحوذت فكرة وجود كائناتٍ فضائية على مُخيِّلةِ البشر، منذ إدراكنا بأنَّ شيئًا كهذا قد يكون له وجود. مؤخرًا؛ وبعد اُكتشاف كوكبٍ شبيهٍ بكوكب الأرض يدورُ حول نجمٍ بالقربِ مِنَّا، فإن هناكَ العديد من الأسئلة الجديدة حول إمكانية إيجاد حياة في مكانٍ ما في هذا الكون.

عثرت مهمة الفضاء (كيبلر-Kepler ) التي أطلقتها وكالة ناسا منذ مدة على المئات من الكواكب الخارجية التي يُعتقد أن حوالي 40% منها تقع في منطقة الكواكب القابلة للحياة (Goldilocks Zone)، وهي مجموعة من الكواكب التي تدور حول نجوم في نظام يشبه نظامنا الشمسي، ويتوفَّر بها مناخٌ متوسط لا شديد البرودة ولا شديد الحرارة أيضًا. والآن قام العلماء باكتشاف كوكبٍ صخريٍّ يدورُ حولَ أقربِ نجمٍ لنا (بروكسيما سنتوري-Proxima Centauri) أطلقوا عليه (بروكسيما B- Proxima B).

يبعد هذا النجم عن الأرض مسافةَ 4.22 سنة ضوئية. وهو قزمٌ أحمر صغيرٌ وبارد، يتجاوز عمرُه عمرَ الشمس. وتوضِّح القياسات أنَّ كوكب بروكسيما B هو كوكبٌ صخري، أكبر قليلًا من كوكب الأرض، يدور حول نجمهِ على بُعدِ مسافةٍ جيدة تسمح بوجود الماء على سطحه في صورته السائلة، ولهذا فمن الممكن أن يُسمَح بوجود حياةٍ هناك.

وعلى الرغم من هذا، فإنه توجد اختلافاتٌ كثيرةٌ أيضًا؛ حيث أن مدة دورانه حول نجمه تستغرق 11 يومًا، إضافةُ إلى أنَّه لا يدورُ حولَ نفسه، مما يعني أن وجهًا واحدًا من سطح هذا الكوكب يكون مواجهًا للنجم بصورةٍ ثابتة. هذا بالإضافةِ إلى أنَّ البيئة الإشعاعية عليه أشدُّ قسوةً من مثيلتها على كوكب الأرض. ومع هذا، فإن العلماء يتوقعون احتمالية وجود حياةٍ هناك.

يقول ليروي شيو:

“لقد نلت شرف التحليق في الفضاء والنظر إلى كوكبنا الأم، ودُهِشتُ من شكلِ القمر والنظر إلى الكونِ المحيط بنا، ولهذا فقد كان عندي الكثيرُ من الوقت للنظرِ في هذا التساؤل من خلال وجهةِ نظرٍ خاصة. رأيي الشخصي في فكرة وجود حياةٍ لكائنات فضائية قد يكون مفاجئًا للكثيرين، وهو بالطبع لا علاقة له بالآراء الدينية، ومع هذا فإن هناك أملٌ في صحته، فحتى جاليليو تم الاعتذار له بعد مرور 300 عامٍ على قوله بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس العكس”.

أعتقد بأن هناكَ حياةٌ عبر هذا الكون بأسره، حيث إنَّه من الساذج أن نعتقد بأننا وحيدون في هذا الكون. أعتقد أيضا أنهُ في وقتٍ ما سوف تنتهي الحياة على كوكب الأرض، سواءً كان ذلك بسبب كارثةٍ طبيعية، أو بسببنا نحنُ البشر.

وبالنسبةِ لي، أظن أنَّ هذا هو التطور الطبيعي لحياتنا على هذا الكوكب. وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون ومن ضمنهم زملائي رائدوا الفضاء، فأنا لا أعتقد بأن التكنولوجيا ستقوم بإنقاذنا، وهناك بالفعل جَدَلٌ حاد في جزئية أن هذه التكنولوجيا التي كانت سبب في ازدهار الحياة على هذا الكوكب ستكونُ هي العامل المسبب في إبادتنا جميعًا، ولكن دعونا نؤجِّل هذا النقاش لوقتٍ لاحق.

أعتقد بأن الحياةَ دائمًا ما تبدأ في مكان ما من هذا الكون، في الوقت نفسه التي تنتهي في مكان آخر. فنحن لا يمكننا أن نكون على علمٍ بحدوث هذه الأشياء بسبب المسافات الشاسعة بيننا، فلكي نرسل مركبة فضائية إلى النجم المجاور بروكسيما سنتوري، فستستغرق قرابة الـ80 ألف سنة بإمكاناتِنا الحالية. لهذا، فإنَّه ليس من السهل علينا إيجادُ أدلةٍ على وجود حياةٍ لكائناتٍ فضائية حول نجمٍ آخر، وخصوصًا تلك التي تبعد عنَّا بمسافة مئات الملايين من السنين الضوئية وأكثر.

من المُرجَّحِ بشدة أننا خلالَ هذا القرن سنجد أدلةً على وجودِ حياةٍ سابقة أو حالية لحياةٍ ميكروبية تحت سطح المريخ؛ فقد كان كوكب المريخ مُختلفًا كثيرًا منذ مئات ملايين السنين، حيث كان لديه غلافٍ جويٍ سميك، وغلافٍ مغناطيسيٍ يقوم بحمايته وحماية الحياة المُحتمل وجودها عليه من الإشعاعات الشمسية، كما كانت حرارته أكثر دفئًا. وهناك أدلةٌ دامغة على تدفق المياه السائلة في الماضي على سطح المريخ.

كما أنَّ العلماء اكتشفوا حديثًا أدلةً على وجود آثار لمياهٍ ملحية سائلة كانت تنحدر على سطح المريخ خلال هذا المناخ الدافئ، وهو كما نعلم واحدٌ من المتطلبات اللازمة لوجود الحياة.

ومن وجهة نظري، فإن اكتشاف أدلّةٍ مؤكدةٍ على وجود حياة سابقة أو حالية على كوكب المريخ، سيقوم بإثبات نظريتي الخاصة بالكائنات الفضائية، دون الحاجةِ لإرسال موجاتٍ صوتية استطلاعية إلى الأنظمة النجمية الأخرى. فاكتشافُ كوكبِ (بركسيما B) يزيد من جذب الانتباه إلى هذا السؤال. وآملُ في أن نجد إجابةً لهذا السؤال في حياتي، ونستمر في النظر أكثر قربًا لنُكمل الاستكشاف في المحيط الخاص بنا، في كوكب المريخ.

 

ترجمة وإعداد: مجدي ممدوح

مراجعة علمية: Mohammed Abkareno

تدقيق: محمود الجوهري

المصدر:

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي