غسان كنفاني: الثائر، العاشق، الأديب
«نعم، كان ثمَّة رجلٌ اسمه غسَّان كنفاني، كان له وجه طفل، وجسد عجوز، عينان من عسلٍ، وغمازة جذلة لطفلٍ مُشاكس هارب من مدرسةِ الببغاوات، ولكنه حُرٌّ، يفعل ذلك باتقان، وحين أقرأ رسائله بعد عقدين من الزمن أستعيده حيًّا، ويطلع من حروفه كما يطلع الجنيّ من القُمقم، حارًا ومرحًا، في صوته الريح.. يقرعُ بابَ ذاكرتي، ويدخل بأصابعه المصفرة بالنيكوتين، وأوراقه، وإبرة أنسولينه، وصخبه المَرِح، ويجرّني من يدي لنتسكَّع معًا تحت المطر، ونجلس في المقاهي مع الأصدقاء، ونتبادل الموتَ والحياةَ بلا أقنعة.. ونتبادل الرسائل أيضًا.»