بأعين ناسا، جولة حول أعاصير بلازما الفضاء

khwavesclouds_0-1

||

دومًا ما نشاهد الظواهر البديعة التي تخلقها الطبيعة، من مشهد الشروق والغروب والشفق القطبي وأمواج البحر وغيرها. لكن في هذه المقالة سنتطرق إلى نوع غريب وجميل من أشكال السحاب المميز، ولكن سنتناوله من عين تليسكوبات وأجهزة رصد ناسا وكيف يتم تسفير هذه الظاهرة.

هل خلت قبل ذلك أنَّ الفضاء ما بين الكواكب هادئًا كليًا؟ إذا كان جوابك نعم؛ دعني أوضح لك بعض الأمور.

تُحدث الجزئيات المشحونة -ذات الطاقة العالية- القادمة من الشمس بالإضافة إلى الجزيئات القادمة من خارج نظامنا الشمسي اهتزاز بشكل منتظم، ويُمكن لتلك الجزيئات أن تدمر الأقمار الصناعية وتعرض صحة رواد الفضاء للخطر، ولكن على الرغم من ذلك ولحسن حظنا في وجودنا على كوكب الأرض، يُغَطى الكوكب بفقاعة مغناطيسية واقية والتي تكونت من مجالها المغناطيسي. وتُسمى تلك الفقاعة بـ(الغلاف المغناطيسي – magnetosphere)، والتي تعكس معظم تلك الجزئيات الضارة عالية الطاقة.

مع ذلك يتسلل بعض منها خلال تلك الفقاعة، وكردة فعل منّا لفهم مايجري هناك كانت بعثة (NASA’s Magnetospheric Multiscale mission) أو كما يطلقون عليها (MMS) أول من يتطلع لمعرفة كيف يحدث هذا؛ وقد كشفت نتائج حديثة بأنًّ الأعاصير «كدوامات بلازما الفضاء» تشكل حدود مضطربة بشكل كافٍ للسماح للجزيئات بأن تتسلل إلى نطاق الفضاء القريب من الأرض.

انطلقت بعثة (MMS) في عام 2015، مستخدمةً أربعة مركبات فضائية متماثلة، مُحلقةً بشكلٍ هرمي؛ وذلك لأخذ منظور ثلاثي الأبعاد للبيئة المغناطيسية حول الأرض، وتدرس البعثة كيفية انتقال الجزيئات إلى الغلاف المغناطيسي عن طريق التركيز على أسباب ومؤثرات إعادة الاتصال المغناطيسي، وهو يسبب انفجار حيث تعبر خطوط المجال المغناطيسي وتنطلق الإلكترونات والأيونات من الرياح الشمسية إلى الغلاف المغناطيسي.

من خلال الجمع بين الملاحظات من الـ MMS مع محاكاة حديثة خاصة بحاسوب ثلاثي الأبعاد، تمكن العلماء من فحص فيزيائي ذو مقياس صغير لما يحدث في حدود غلافنا المغناطيسي لأول مرة، وتعد النتائج، التي قد نشرت مؤخرًا في ورقة بحثية في مجلة (Nature) بقسم (Nature Communications)، هي المفتاح لفهم كيف للرياح الشمسية -في بعض الأحيان- أنْ تدخل نطاق الغلاف المغناطيسي للأرض، حيث يمكنها أن تتعارض مع الأقمار الصناعية وشبكة الـ GPS؛ فبداخل الغلاف المغناطيسي تعد كثافة بلازما الفضاء -أي الجزيئات المشحونة كالإلكترونات والأيونات- أقل بكثير من كثافة البلازما خارج الغلاف حيثُ تسود الرياح الشمسية.

وعندما تتحرك منطقتان مختلفتان في الكثافة بمعدلات مختلفة تصبح الحدود -المسماة بـ (magnetopause)- غير مستقرة، وتتشكل دوامات عملاقة تدعى موجات (Kelvin Helmholtz) بطول الحافة، ويصبح الحد (The once-smooth) متشابكًا ومضغوطًا، مكونًا أعاصير البلازما، والتي تعمل كفجوات أولية لنقل الجزئيات المشحونة من الرياح الشمسية إلى الغلاف المغناطيسي. وقد وُجدت موجات Kelvin Helmholtz عبر الكون حيثما تتحرك مادتين مختلفتين في الكثافة نحو بعضهما البعض، ويمكن رؤيتها خلال تجمعات السحب حول الأرض كما لوحظت حتى بأغلفة كواكب أخرى في نظامنا الشمسي.

تظهر هذه المحاكاة كيف أن مناطق البلازما منخفضة الكثافة -باللون الأزرق- تختلط مع مناطق البلازما عالية الكثافة -باللون الأحمر-، مولدة دوامات بلازما مضطربة. Credits: IWF/Takuma Nakamura

وقد أجريت في المعمل الوطني (Oak Ridge) بمدينة (Oak Ridge) بولاية تينيسي محاكاة حاسوبية ذات نطاق كبير لهذا المزيج على الحاسوب العملاق (Titan)، وبمقارنتها مع الملاحظات التي سجلتها بعثة MMS أثناء عبورها بمنطقة مشابهة بالفضاء، تمكن العلماء من معرفة أنَّ الأعاصير كانت فعالة بشكل كبير جدًا في نقل الجزيئات المشحونة أكثر بكثير من التوقعات السابقة، وسمحت المقارنات بين المحاكاة والملاحظات المسجلة للعلماء بقياس الأبعاد الدقيقة للأعاصير؛ فقد وجدوا أنَّ تلك الأعاصير يمكن أنْ تكون كبيرة أو صغيرة الحجم، فقد وجدوا أنَّ إعصارًا بسرعة 9300 ميلًا في الساعة أنتج أعاصير صغيرة تتراوح ما بين60-90 ميلًا في الساعة وعرضها أكثر من 125 ميلًا.

انتقلت بعثة MMS مؤخرًا إلى مدار جديد، محلقةً على مسافة بعيدة عن الأرض، بعيدًا عن الشمس، وهناك ستستمر أيضًا في دراسة إعادة الاتصال المغناطيسي، ولكن بدلًا من التركيز على كيفية تداخل للطاقة والجزيئات مع الغلاف المغناطيسي للأرض، ستركز على المتابعة طويلة المدى للجسيمات المغناطيسية.

ففهم مثل تلك العمليات الأساسية بجيران الأرض ستساعد في تحسين وعينا بالفضاء الذي يحيط بنا، والذي سيصبح بعد ذلك مليئًا بالأقمار الصناعية وأنظمة الاتصال التي نعتمد عليها.

 

ترجمة: محمود الدعوشي

مراجعة: آية غانم

المصدر:

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي