ما الذي تعرفه عن القمر؟

moon

||||

القمر، ذلك التابع الصغير لكوكبنا، أقرب جرم سماوي لنا والأكثر لمعانًا في سماء الليل، وجار الشمس الظاهر في سماء نهارنا. خامس أكبر أقمار المجموعة الشمسية(1)، وله أثرٌ كبيرٌ على كوكب الأرض وهو ما يجعل الحياة ممكنة عليه؛ حيث يحافظ على ميل محور دوران كوكبنا، كما أنه يساهم في جعل المناخ على الأرض أكثر استقرارًا.

أرقام حول القمر

حجم القمر حوالي 27% من حجم الارض تقريبًا، ويصل قطره إلى 1,737.5 كم، وقمر الأرض هو خامس أكبر الأقمار في النظام الشمسي، وتصل كثافة القمر (3.34 جم/سم مكعب) حوالي 60% من كثافة الارض، كما أنّه ثاني أكبر الأقمار كثافة في النظام الشمسي، وكتلته حوالي 1.2 من كتلة الارض أي أَّنَّ الارض تزن 81 قمرًا، وتعادل قوة الجاذبية على القمر حوالي 17% من جاذبية الأرض.

يبدو لنا القمر كبير جدًا في السماء ولكن هذا فقط لأنه أقرب الأجرام إلينا، ولأنَّ مدار القمر حول الارض ليس دائريًا بل بيضاويّ الشكل، فهو أحيانًا يكون قريب من الارض وأحيانًا بعيد، حيث إنَّه في أقرب نقطة إلى الأرض وتسمى (الحضيض) يكون القمر على بعد 363.104 كم، وفي هذه الحالة نحصل على القمر العملاق ويبدو القمر لنا 14% أكبر و 30% أكثر إشراقاً، وتحدث هذه الظاهرة كل 414 يوم وتسمى القمر العملاق (Super Moon)، أما في أبعد نقطة عن الأرض وتسمى (الأوج) يكون القمر على بعد 405.696 كم.

يدور القمر حول نفسه في حوالي 27 يوم و8 ساعات، ومن العجيب أنّها تقريبًا نفس المدة التي يستغرقها القمر في الدوران حول الارض، لذلك نحن نرى دائمًا نفس الجانب من القمر، وتمَّ تسمية الجانب الاخر بـ(الجانب البعيد من القمر). ويمكن رصد هذا الجانب البعيد عن طريق البعثات الاستكشافية مثل القمر الصناعي (DSCOVR) التابع لـ ناسا.

نشأة القمر

لقد نشأ القمر قبل 4.5 مليار سنة تقريبًا، وهناك ثلاث فرضيات رئيسية حول كيفية نشأته، نظرية النشأة المشتركة (Co-Formation Theory)، نظرية الإلتقاط (Capture theory)، وفرضية الاصطدام الكبير (Giant impact hypothesis).

  • نظرية النشأة المشتركة (Co-formation theory):

تختص تلك النظرية بالأجرام التي تكوّنت من السحب الغازية الأولية، حيث تقول تلك النظرية أن القمر قد تشكّل في المراحل الأولى من نشأة المجموعة الشمسية، وذلك من السديم الشمسي الأوليّ (primitive solar nebula) نفس وقت ومكان تشكّل الأرض. بدأت الجاذبية في تكوين المواد الأولية للقمر إلى ما يسمى (Proto-moons)، حيث بدأت في تشكيل قرص من خلال سحابة صغيرة من الغبار والغاز الموجود في تلك المنطقة.

ولأن القمر الأوليّ قد نشأت بجوار الشكل الأولي للأرض (Proto-earth)، فإن تكوين كل منها مشابه جدًا، حيث يتكونان من مواد صخرية بدلًا من الغازات المتطايرة.

ربما تفسر تلك النظرية سبب تواجد القمر بالقرب من الأرض، لكن من أبرز عيوبها أنها لا تفسر سبب تكون القمر والأرض من نفس العناصر الصخرية وبنفس الكثافة.(2) (4)

  • نظرية الإلتقاط (Capture theory):

إن العديد من الأقمار التي تدور حول الكواكب قد تكون عبارة عن كويكبات تكونت في مكان آخر بعيد عن الكوكب الأم، ثم إلتقطها جاذبية الكوكب نفسه، مثل قمري كوكب المريخ فوبوس وديموس.

تفسر نظرية الإلتقاط سبب اختلاف التركيب الصخري لكل من القمر والأرض، إلا أن عيوب تلك النظرية أن شكل القمر شبه مستدير تقريبًا، وهو لا يتوافق مع شكل الكوكيبات الغير منتظم والأشبه بحبة البطاطس، كما أن مداره حول الأرض ليس ف اتجاه عكسيّ مع اتجاه دوران الأرض حول نفسها كما في تريتون قمر كوكب نيبتون. (3) (4)

  • فرضية الاصطدام الكبير (Giant impact hypothesis):

تعد تلك الفرضية هي الاكثر قبولًا في الوسط العلميّ، فكما هو معروف أن الأرض تشكلت من بقايا السحب كثيفة من الغبار والغاز، وأن النظام الشمسيّ المبكر كان في غاية العنف والفوضى ومليء بأعداد هائلة من الأجرام شبه كوكبية المتطايرة في أنحاء النظام الشمسيّ. وطبقًا لتلك الفرضية، فإن واحدًا من تلك الأجرام في حجم كوكب المريخ ويسمى ثيتا (Theia)، قد اصطدم بالأرض المبكرة، لترمي بقطع من الكوكب الشاب في الفضاء.

بعد هذا الاصطدام يحين دور الجاذبية، فتبدأ في تجميع الركام المتطاير من عملية التصادم وتشكيل القمر الأولي.

تفسر هذه الفرضة سبب تشكل القمر من مواد صخرية أخف بكثير من مواد الأرض، حيث أنه تشكل من القشرة الأرضية المتطايرة من الاصطدام، وبعد ذلك بدأت تلك البقايا ف الدوران حول اللب المتبقي من كوكب ثيتا ليتشكل القمر ويتخذ الأرض كوكبًا له ليدور حوله في مداره الحالي حوله.

طوبوغرافية القمر

على مدى مليارات السنين، ساهمت تصادمات النيازك والكويكبات على سطح القمر في تشكيل سطحه، فأصبح سطح القمر مليئًا بالفهوات البركانية والحفر والمرتفعات الجبلية. إن سطح القمر مغطى بالكامل بالركام والغبار المسحوق والكتل الصخرية المتكسرة والتي تسمى الريغولث (Lunar Regolith).

إن المناطق المضيئة على سطح القمر تدعى بالمرتفعات، بينما تلك الداكنة فتسمى ماريا (Maria)، أي الباحر باللاتينية، وهي أحواض كبيرة ترجع نشأتها بفعل الحمم البركانية التي تكونت منذ حوالي من (4.2 إلى 1.2) مليار سنة مضت.

تمثل المناطق المضيئة والداكنة على سطح القمر اختلاف تكوين وأعمار تلك الصخور، والذي يعد دليلًا على أن صخور القشرة كانت في وقت مبكر قد تبلورت بفعل بحيرات الحمم البركانية على القمر. أما بالنسبة للحفر فقد حفظت لمليارات الأعوام، لتوفر سجلًا تاريخيًا للقمر وللأجسام الأخرى في النظام الشمسي الداخلي.

القمة الموجودة في مركز فوهة تيكو، وقد صورت بواسطة مستكشف القمر المداري.

للقمر عدد كبير من الفوهات البركانية، ومن أبرز تلك الفوهات فوهة تيكو (Tycho)، وهي فوهة بركانية تقع في المرتفعات الجنوبية من القمر. ويبلغ قطر تلك الفوهة 82 كيلومترًا، وعمق يصل إلى 4.7 كم. كما توجد قمة جبلية في مركز الفوهة يبلغ ارتفاعها 2 كم من سطح الفوهة وبعرض 15 كيلومترًا.(6)

وكذلك تعد فوهة أفلاطون (Plato) من الفوهات المغمورة بالحمم البركانية الكبيرة التي تقع في ، ويبلغ قطرها حوالي 109 كم بعمق يصل لكيلومتر واحد، وتحتوي الفوهة العملاقة على العديد من الفوهات الصغيرة.

ومن أكبر المنخفضات القمرية هو محيط العواصف أو ما يسمى باللاتينية (Oceanus Procellarum)، ويبلغ قطرها الكبير حوالي 2,592 كم، وتغطي مساحة تصل لأربعة ملايين كيلومتر مربع. في الصورة أدناه ستجد خريطة لأسماء الفوهات والمنخفضات (ماريا) على الجانب القريب من القمر.

تصل درجات الحرارة إلى 260 درجة فهرنهايت نهارًا في الجهة المقابلة للشمس، بينما تنخفض في الجهة البعيدة عن الشمس إلى -280 درجة فهرنهايت (-173 سيليزي).

التركيب الداخليّ للقمر

يتكون القمر من لب داخليّ صلب بالإضافة إلى لب خارجي وطبقة منصهرة جزئيًا ثم الوشاح.

إن نواة القمر أصغر بكثير من نواة الأرض، حيث يتكون من لب داخلي صلب من عنصر الحديد يبلغ قطرها حوالي 240 كم، ومحاطةٌ بطبقة من الحديد السائل (اللب الخارجي السائل) بسمك 90 كم. ويحيط بالقلب الحديدي طبقة مصهورة جزئيًا يبلغ سمكها 150 كم.

يمتد الوشاح (mantle) من أعلى سطح الطبقة المنصهرة جزئيًا حتى أسفل القشرة. ويتكون الوشاح من معدن الأوليفين (Olivine) ومعدن البيروكسين (Pyroxene)، والتي تتكون من ذرات الأوكسجين والحديد والسيليكون والمغانيسيوم. (7)

الغلاف الجوي

إن الغلاف الجوي للقمر ضئيل جدًا وضعيف جدًا وهو يسمى (Exosphere). فعلى سطح القمر لا يوجد هواء للتنفس ولكن يوجد طبقة رقيقة من الغازات على سطح القمر، ونظرًا لأنَّ الغلاف الجوي للأرض هو المسئول عن تشتيت الضوء فتبدو لنا السماء زرقاء اللون، ولكن لضعف الغلاف الجوي للقمر الذي يُعتبر شبه منعدم جعل ذلك سماء القمر مظلمة تماما طوال الوقت حتى مع وجود الشمس، ولا يوفر أي حماية للقمر من الإشعاع الشمسي أو النيازك.

أطوار القمر

الشهر القمري هو الوقت الذي يستغرقه القمر ليكمل دوره قمرية كاملة ويكون حوالي 29 يومًا و13 ساعة، وقد استخدمت العديد من الحضارات القمر لحساب التقويم الخاص بها وأطلقوا عليه التقويم القمري.

أطوار القمر هي المراحل التي يمر بها القمر أثناء دورانه حول الأرض، ونحن نرى أطواره لأنَّه يعكس أشعة الشمس الساقطة عليه فيكون الجزء المواجه للشمس من القمر مضيء والجزء الاخر مظلم، ويسمى الجزء المضئ منه طَوْر، وأوضاع الأطوار تتكرر كل 29.5 يوم.

تبدأ مراحل القمر فيكون بين الأرض والشمس وبذلك فإنَّ الجزء المقابل للشمس يكون مضيء والجزء المقابل للأرض لا يتلقى أشعة الشمس فلا نرى القمر ويسمى المحاق (القمر الجديد)، ثمَّ يبدأ القمر بالتحرك تدريجياً فنرى أقل من نصف وجهه مضيء من الجانب الأيمن ويسمى هلال أول، ويكمل القمر حركته فنرى نصفه مضئ ويسمى بالتربيع الأول وذلك لأنه يكون قد قطع حوالي ربع الطريق حول الأرض وتكون الزاوية بين القمر والشمس حوالي 90 درجة، وبعد ذلك يكون أكثر من نصف القمر مضئ ويسمى أحدب متزايد.

وبعد أسبوعين من المحاق تكون الزاوية بين القمر والشمس 180 درجة وتكون الارض بين الشمس والقمر بحيث يضاء القمر تماما من الشمس ويكون القمر كاملا ويسمى بدرًا، وبعد ذلك يقوم القمر بتكرار نفس الأطوار ولكن بطريقة عكسية ويبدأ بالتناقص، فينتقل القمر ربع آخر من الطريق حول الارض وهوالربع الثالث ويكون عكس التربيع الأول من حيث الجزء المضيء، ثمَّ يستمر حتى يصل الى التقعر وهو شكل الهلال ولكنه معكوس ويسمى هلال آخر (تراجع الأهله) وأخيراً يعود القمر الى موقع البداية ثم يبدأ قمر جديد.

 

إعداد: سماهر محمد

مراجعة علمة: Mohammed Abkareno

تدقيق لغوي: آية غانم

المصادر:

(1) NASA-Earth’s Moon: In Depth

(2) Windows to the Universe: Co-Formation Theory

(3) Windows to the Universe: Capture Theory

(4) Space.com: Moon Formation

(5) NASA: Lunar Reconnaissance Orbiter

(6) NASA: Tycho Crater’s Peak

(7) NASA: Moon

(8) Space.com: How Far is moon

(9) Space.com: Moon Phases

(10) Space.com: How big is moon

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي