نحن نسمع الكون!

we-hear

||

منذ قليل قام مجموعة من علماء الفلك بالإعلان عن الاكتشاف الخامس للموجات الثقالية الناتجة عن تصادم عملاقين كونيين آخرين، ولكن تختلف أهمية الكشف هذه المرة في أنَّه رصد لموجات ناتجة عن اندماج زوج من النجوم النيوترونية يبعدان حوالي 130 مليون سنة ضوئية.

وعلى خلاف الأرصاد الأربعة السابقة والتي كانت رصدًا لاندماج ثقوب سوداء فقط. وأيضًا تُعد هذه هي المرة الأولى من نوعها لرصد ظاهرة فلكية عن طريق موجات ثقالية بالإضافة إلى الضوء القادم منها في نفس الوقت.

استخدم العلماء ما يقارب السبعين مرصدًا منتشرين حول العالم لرصد أشعة جاما القادمة من هذا الاندماج بالإضافة إلى استخدام تعاون لايجو وفيرجو (LIGO-Virgo collaboration) لرصد الموجات الثقالية. وقام العلماء بتسجيل ملاحظاتهم على فترات زمنية متقاربة ومتزامنة مع بعضها البعض وتحليل البيانات القادمة.

ففي أغسطس الماضي استقبل علماء اللايجو إشارة استمرت لـ 100 ثانية فقط، وهذا ما جعلهم يأملون أنَّها قادمة من نجم نيتروني. وفي نفس التوقيت اكتشف تليسكوب فيرمي التابع لناسا مصدرًا وفيرا لأشعة جاما قادمًا من نفس منطقة الإشارة السابقة مما جعل العلماء يقومون بتركيز الجهود ليتمكنوا أخيرًا من إزاحة الستار عن أول رصد بالسمع والبصر لاندماج نجمين نيوترونيين.

مرصد فيرجو يحدد مصدر موجات الجاذبية الناتجة من اندماج زوج النجوم النيوترونية.

ما هي النجوم النيترونية؟

تعتبر النجوم النيترونية بقايا نجوم ضخمة وصلت إلى نهاية حياتها، وانهار النجم على نفسه لتلتحم الالكترونات والبروتونات مكونة نيترونات وتنضغط المادة بداخلها لتتحول الى نجم نيتروني عالي الكثافة ذا جاذبية هائلة تصل الى ما يقارب 2 مليار مرة قدر جاذبية الأرض.

فيما يختلف هذا الاكتشاف؟

قام مرصد اللايجو بأربعة أرصاد سابقة لموجات ثقالية ولكنها كانت قادمة من اندماج ثقوب سوداء، أما كشف اليوم فهو قادم من اندماج نجمين نيوترونيين كما ذكرنا ف السابق ولكن أين الاختلاف؟ ولماذا لم نرصدها من قبل؟

هناك ثلاثة اختلافات رئيسية بين عمليات اندماج النجوم النيوترونية واندماج الثقوب السوداء، ولأنَّ النجوم النيوترونية تكون أقل حجمًا ولكن أكبر شكلاً، فإنَّ الموجات الثقالية المنبعثة منها تكون أقل في السعة وتحدث على فترات أطول. ورغم ذلك فإنَّه يمكن التنبؤ بها على فترات أطول ربما دقائق أو ساعات أكثر من فترات عمليات الاندماج السابق رصدها من الثقوب السوداء، وهذا معناه وجوب وجودنا على مقربة أكثر من النجوم النيترونية على الأقل عشر مرات لكي نتمكن من الحصول على نفس السعة القادمة من عملية اندماج الثقوب السوداء، وأخيرًا يجب أن يكون هناك تناظر بصري ناشئ عن اندماج النجمين على عكس الثقوب السوداء وهذا ما استطاع العلماء القيام به والإعلان عنه اليوم.

أهمية هذا الكشف

تمَّ التكهن منذ فترة طويلة بأنَّ عمليات الاندماج للنجوم النيوترونية هي أصل المصدر الكوني لانفجارات أشعة جاما السريعة، والتي عبارة عن إشارات الإضاءة القصيرة جدًا ذات الطاقة العالية في الكون، ويؤدي دمج نجمتين نيوترونيين إلى إطلاق فيض من الطاقة كبير جدا، ورد فعل مذهل يُنشئ أغلبية العناصر الثقيلة جدا في الكون، حيث يعتقد العلماء أنّ كل دمج يخلق حوالي ألف كتلة أرضية تبلغ قيمتها العناصر الثقيلة التي تتجاوز الحديد في الجدول الدوري، وهذا يجعلنا نعود إلى أصل الكون مرة أخرى وكشف المزيد والمزيد عن بدايات النشاة.

 

إعداد: آية غانم

مراجعة: محمد المصري

المصادر:

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي