جيل جديد من أقمار الأرصاد الجوية

weather-s

إن تجهيز قمر صناعي لإطلاقه في رحلته في الفضاء من الممكن أن يمنحك الشعور بأنك أنت من سيقلع وليس الصاروخ. فأجهزة الاستشعار حساسة جدًا لأقل ذرة تلوث إشعاعي؛ لذلك حتى تقترب يجب أن تجهز نفسك في غرفة نظيفة وترتدي ملابس مخصصة بشدة لهذا الأمر. حتى الدفاتر والمذكرات غير مسموح بها، مجرد ورقة لا تصدر صوتًا إذا مزقتها.

ففي الساعات المبكرة من يوم السبت 18 نوفمبر تم إطلاق القمر الصناعي للأرصاد الجوية الجديد من نوعه JPSS-1 من منصة الإطلاق دلتا ІІ التابعة للقوات الجوية في كاليفورنيا. ولقد نجحت NASA في هذا الإطلاق بالتعاون مع NOAA (الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي) في أول قمر في سلسلة مكونة من أربعة أقمار قطبية متطورة ومحملة بتكنولوجيا من الجيل التالي مصممة لتحسين توقعات الطقس لسبعة أيام.

قمر الأرصاد الجوية هو قمر اصطناعي مهمته الرئيسية هي جمع البيانات المستخدمة لرصد الطقس والمناخ للأرض. كل جيل جديد من من هذه الأقمار يضم أجهزة استشعار أكثر قوة وقادرة على أداء القياسات على عدد أكبر من القنوات المختلفة التي يمكن استخدامها لفحص الطقس : السحب والأمطار والرياح والضباب، وما إلى ذلك.

هناك نوعان من الأقمار الصناعية للأرصاد الجوية: الأقمار ذات المدار الجغرافي الثابت والأقمار القطبية. فأقمار الأرصاد الجوية ذات المدار الجغرافي الثابت ترسل معلومات مستمرة لنفس الجزء من الأرض، وخاصة في الطيف الكهرومغناطيسي. لكن لاستكمال مهمة أقمار الأرصاد الجوية ذات المدار الجغرافى الثابت، الأقمار الصناعية القطبية توجد على ارتفاع منخفض بالقرب من القطبين. فهي أقمار ذات مدار متزامن مع الشمس، ولأنها الأقرب إلى السطح، هذه الأقمار لديها دقة أفضل. فيمكنها أن تميز بسهولة حرائق الغابات والضباب ومعلومات عن الرياح وسرعتها.

ولكن JPSS-1 هو الأول من نوعه حيث أنه سيتتبع الطقس كما لم يفعل أي قمر صناعي أخر من قبل.

ما الذي يجعل JPSS-1 مختلف؟

تعاونت NASA مع NOAA في هذا المشروع لنجد قمر صناعي يعمل كقمر ذو مدار جغرافي ثابت مثل: GOES-16 الثابت في بقعة ثابتة فوق الأرض، وأيضًا يعمل كقمر له مدار قطبي يدور فيه مثل: Soumi NPP الذي تم إطلاقه في 2011. في حقيقة الأمر كان Soumi NPP معد لاختبار التكنولوجيا المتاحة للتجهيز لـJPSS-1. لكن كما قال المسؤولون أنه أصبح قمر ذو قيمة لتحليل الطقس والأحوال الأرضية.

سيتبع JPSS-1 مسار سومي ان بي بي (Soumi NPP)  -حرفيًا- عن طريق ملاحقة خطواتها حول نفس المدار القطبي، فالأجهزة والأدوات دقيقة للغاية؛ حيث تُمكن القمر من قياس درجة الحرارة بدقة أكثر 0.1 درجة من سطح الأرض حتي حافة الفضاء. هذه المركبة ستكمل دورة كاملة حول الأرض كل 90 دقيقة.

كما أن الخمسة أجهزة الموجودين على المركبة التي يبلغ طولها 4.5 مترًا و2.295 كيلوجرامًا سيمكنوا القمر من مراقبة الأرض وجوها على المدى الطويل، وأيضًا في حال حدوث تغيرات جوية مفاجئة دقيقة.

وقد بلغت تكلفة تطوير القمر الصناعي والحياة الكاملة للمهمة حوالي 1.6 مليار دولار.

سيعاد تسمية JPSS-1 بـNOAA-20 حالما يعلن أنه جاهز للعمل في المدار. وسيتم استخدام الأدوات الموجودة فيه لقياس درجة حرارة في الجو والرطوبة ومستويات الأوزون والحياة النباتية والأمطار عبر الكرة الأرضية.

ستعمل كل الأدوات في تناغم تام. فعلى سبيل المثال، مجموعة قياس الأشعة المرئي العامل بالأشعة تحت الحمراء Visible Infrared Imaging Radiometer Suite أو اختصارًا (VIIRS) تستطيع إخبارنا عن موقع حريق، وتتبع أعمدة الدخان، والـCrIS سيتمكن من قياس أول أكسيد الكربون والميثان من الحرائق، ما يمكننا من رؤية جودة الهواء التي قد تتأثر.

سيعمل Soumi NPP مع JPSS-1 وأقمار رصد جوي أخرى ليمدونا صورة متواصلة غير منقطعة عن أحوال الطقس والمناخ في الأرض. فـ بمشاركة هذه الأقمار لن يكون هناك ذرة واحدة من الفشل في النظام سواء من حطامات مدارية أو انقطاع طاقة.

لكن هل سيتحول الفضاء لمكب نفايات لأنشطة الإنسان الفضائية بسبب كل هذه الإطلاقات وما سيترتب عليه من تصادمات مدارية؟ هل سنتغاضى عن التلوث الإشعاعي للجو؟ ماذا ستكون النتيجة إذا حدثت حرب فضائية بسبب تصادم أقمار بلدان مختلفة؟

إعداد: بيير عماد

مراجعة: محمد المصري

المصادر:

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي