كيف تخاطب ابنك المراهق؟

14388982_899260660180529_594442954_n

كيف تخاطب ابنك المراهق؟

تتذكر وكأنه حدث بالأمس، عودة ابنتك الطالبة بالصف الثالث الابتدائي، تدخل الطفلة المليئة بالحيوية البيت لتقص العديد من الأخبار عما دار في يومها، ولكن سرعان ما نواجه سنوات المراهقة وأحيانًا ما يليها! وها هي تعود للمنزل فتتجه لحجرتها مباشرة وتغلق الباب، فلا تُرى أو تُسمع حتى موعد العشاء.
لا تأخذ الموضوع بشكل شخصي فهي غالبًا ليست غاضبة منك ولا تكرهك- وهذا شبه مؤكد- فهي تفعل ما ينبغي عليها أن تفعله في هذا السن، ألا وهو تعلم الانفصال عنك. تقول ديانا ديفيتشا دكتورة علم النفس التطوري بمركز يال للذكاء العاطفي: «عندما يكون الأطفال صغارًا يرغبون في التشبه بآبائهم والبقاء على مسافة قريبة جدًا منهم، ويشعر الآباء بأنه يتم إبعادهم، ولكن هذا غير صحيح، فالأولاد يرغبون في استمرار الصلة بآبائهم، ويرغبون في استمرار الحوار مع البالغين الذين يهتمون بهم حول الأمور الهامة حقًا».
فعندما طلبت ديفيتشا من الطلاب المتخرجين أن يكتبوا مقالة حول فترة مراهقتهم، أدهشها الكم الكبير من الطلبة الذين كتبوا كيف كان تباعد أولياء أمورهم عنهم في تلك الفترة مؤلمًا، فمن الهام جدًا أن نتحاور مع أبنائنا ونتواصل معهم في تلك الفترة الانتقالية، ولكن كيف؟ فأحيانًا يتحول الحديث مع المراهق لما يشبه تحقيق مع عميل سري؛ دعنا نجرب هذه الاستراتيجيات الست:
أولًا، فليكن الحوار مرحًا: حاول أن تمهد طرقًا ممتعة للتواصل ولا تجعلها كلها جافة وحلولًا للمشكلات، كما أوصت ديفيتشا، فمثلًا إذا كانوا يلجأون للموسيقى فشاركوهم فيها وحاوروهم حول فرقهم المفضلة مثلًا وتحدثوا عنهم، اذهبوا إلى الحفلات الموسيقية سويًا، وبالنسبة لعائلتك فقد يكون المشي أو التزلج أو ألعاب الطاولة، مثل المونوبولي والسلم والثعبان؛ والعديد من الأحاديث الرائعة تأتي بشكل تلقائي عندما تكونوا مستغرقين في عمل شيء ما سويًا.
ثانيًا، تجنب المواجهة: لا تضع المراهق في ضغط الجلوس وجهًا لوجه للمناقشة، ولكن تحاور معه في المواضيع الهامة أثناء قيامكما بالأنشطة سويًا في الوقت ذاته، مثل: غسل الأطباق أو أصطحاب الكلب للمشي، وفي السيارة فالوقت ملائم أيضًا. تقول لورا ماركهام، الحاصلة على الدكتوراة في علم النفس السريري ومؤلفة كتاب آباء مسالمون أطفال سعداء: «عندما لا تنظروا لبعضكم بشكل مباشر تقل الرهبة».
ثالثًا، استغل الفترات البينية: المراهقون منشغلون جدًا هذه الأيام مما يجعل الانفراد بهم صعبًا، فعند انتهاء موسم كرة القدم مثلًا أو عقب تقديم المسرحية الغنائية المدرسية قد يكون لدى ابنك استراحة قصيرة بين الأنشطة، وهي فرصة عظيمة للتواصل، اصطحب طفلك للغذاء مثلًا، أو اذهبوا لشراء حذاء جديد أو مارسوا سويًا للتمارين الرياضية، تقول ماركهام: «ابحث عن الفرص لإيجاد ثغرة لتوفير الوقت الخاص بكما أنتما فقط، حيث بإمكانك الحديث بشكل غير رسمي عن كل ما يدور بخلدك».
رابعًا، سيطر على ردود أفعالك: حتى وإن كنت تتحدث عن مواضيع ذات ثقل كالعقاقير أو العلاقات الجنسية، فكما تقول ديفتشا: «فإن المبالغة في رد الفعل هو طريق مؤكد لإسكات ابنك، فابنك سيصله ما تشعر به وليس فقط ما تقوله، فحاول السيطرة على انفعالاتك واسترخ». اطفئ إنذارك الداخلي- حتى و لو كنت ترتجف بالداخل- وانصت بشكل فاعل، دعهم يعلمون بأنك تستمع لما يقولون، قل مثلًا: «يبدو وأنه كان موقفًا محرجًا» أو «أنا متفهم كمّ إحباطك من هذا الموقف».
خامسًا، تدرب باستخدام المواضيع الخفيفة: لا تستخدم كل وقت تتحصل عليه للحوار بمفردك مع ابنك في مواضيع كبيرة، فسيبدأوا في تجنبك كالطاعون! كما حذرت ماركهام. ولكن يمكنك التدرب عن طريق طرح أسئلة حول مواضيع أقل جدية، فعلى سبيل المثال: «لقد عملت كثيرًا في هذه المسرحية التى شاركت فيها مؤخرًا، لم أشارك في شيء شبيه قط، ما شعورك تجاهها الآن بعد انتهائك منها؟» تذكر لا تستغرق في الإجابة! فسواء أقالت أنها أحبتها وترغب في المشاركة مرة أخرى، أو أنها كرهت التجربة ولا تنوي تكرارها أبدًا، فالهدف هو استخدام هذه الحوارات «منخفضة الاستثمار» لتعليمهم أنه يمكن الوثوق بأنك لن تبالغ في رد الفعل.
سادسًا، جرب الكلمات السحرية: ليس «من فضلك» و«شكرًا»! تقول ماركهام: «الكلمة السحرية عند مخاطبة أبنائك هي أنا أتساءل»، فلو أخبرك ابنك بأنه يتعرض للتنمر بالمدرسة أو عبر عن مخاوفه لأنه لا يستطيع التعامل مع عبء مذاكرة مادة الكيمياء، قاوم الرغبة بالتدخل لحل المشكلة نيابة عنه أو إخباره بما ينبغى عليه أن يفعله، بدلًا من ذلك يمكنك أن تجرب أن تقول: «أنا أتساءل عما باستطاعتك أن تفعله لمواجهة هذا الوضع؟» أو «أنا أتساءل عما ستقوم به للتعامل مع الوضع؟».
مواضيع المائدة هي إحدى وسائل التعامل مع المواضيع الشائكة مثل الجنس والعلاقات العاطفية، والتنمر والمشروبات الروحية، والاكتئاب والانتحار، حيث تأتي من خلال مناقشة تتسم بالحيوية على مائدة العشاء. تقول ماركهام: «يجب أن تتحول مائدة العشاء لمكان تجري فيه مناقشات شيقة»، وتضيف أيضًا: «أن الحوار يبقي المراهقين مرتبطين بنا» هذا بفرض أننا تصرفنا على نحو ملائم ولم نتصرف بشكل متعالٍ. وهي تقترح أن تعد سؤالًا أو اثنين أو قصة من الأخبار، وذلك حتى تبدأ الحوار على مائدة الطعام، ولديك بعض الاقتراحات هنا:
– مرحبًا، هل تعلمون؟ لقد قرأت قصة في الجريدة تدور حول قضية رُفعت ضد عدد من الصبية لتداولهم صورة عارية لصديق لهم. ما رأيكم في هذه الواقعة؟

– لماذا تظنون أن بعض الصبية يضعون حلقات في أنوفهم وحواجبهم وسرتهم؟ وماذا عن الوشم؟ هل يمكن في يوم ما أن ترغب في أن تفعل شيئًا مماثلًا؟

– هل تظن أن العديد من الطلبة يقومون بالغش في الامتحانات في مدرستك؟ هل هناك أي مبرر لقبول الغش سواء في المدرسة أو الرياضة أو المشروعات؟ وماذا لو افترضنا أن أحدًا لن يكتشف الواقعة؟

– كيف ستتصرف لوكنت في حفل وفقد أحدهم الوعي بسبب الإفراط في الشراب؟ هل تظن أنني أفرط في الشراب أو أتصرف على نحو مختلف بعد الشراب؟

– ما نظرتك لأجسام الناس العادية مقارنة بالعارضين والممثلين في التلفاز؟ وماذا تشعر عند مشاهدتهم؟
لا تحاصر ابنك بالعديد من الأسئلة المنتقاة من العناوين مرة واحدة، اختر واحدًا أو اثنين لبدء حوار حقيقي، لا بأس من التعبير عن رأيك طالما لا تحوله لأسلوب وعظ. «يود ابنك أن يعرف رأيك، ولكن كن متأكدًا من استماعك لما يقوله بعقل متفتح» كما تقول ماركهام.
التصرفات الخطيرة:
ماذا عن التصرفات الخطيرة، مثل العودة ثملًا إلى المنزل عقب حضور حفل لم يستأذن لحضوره، وكان به مشروبات كحولية وعقاقير؟ تنصح ديفتشا باتباع الأسلوب الاحترازي والاستباقي في التعامل مع هذه المواقف، فتقول: «أعطهم الحرية عندما يستحقونها، وكن حاسمًا في ما لايجوز التفاوض عليه».

فعلى سبيل المثال ومما لايجوز التفاوض عليه استقلال ابنك لسيارة يقودها شخص ثمل، وفي حالة مخالفته لذلك سيواجه عواقبًا حسب نظامكم العائلي، ولكن تعاهدوا على أنه في حالة وجدوا أنفسهم في هذا الوضع يمكنهم الاتصال بك لقيادتهم للأمان في أي مكان أو أي وقت وبدون نقاش أو أسئلة.

تنصح ديفتشا قائلة: «مهد لهم طرقا آمنة تمكنهم من تخطي ما لا يجوز قبوله؛ هذه السنوات محفوفة بالمخاطر وعندما تحترم ما يعانيه أبناؤك وتتعاون معهم بدلًا من أن تكون خصمًا لهم ستكون هناك فرصة أكبر للجوئهم إليك في المواضيع الكبيرة».

هذه المقالة بقلم جينا شو، مراجعة دكتور هانسا د. بهرجافا، نشر بتاريخ 14 أبريل 2016م.

ترجمة:ماجدة جنينة

مراجعة لغوية: Mohammad Marashdeh

المصدر:
http://www.webmd.com/news/breaking-news/teen-stress/20160414/how-talk-your-teen.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي