كلما زادت البشرية في توجيهِ التكنولوجيا نحو الفضاء الخارجي، كلما أُتيحت لنا الفرصة لرؤية أحداثٍ فلكيةٍ رائعة لأولِ مرة. بعضها تم التدبير له، ولكن البعض الآخر كان كالمفاجأة! الأشياء التي نراها ببساطة لأننا ننظر في المكان الصحيح في الوقت الصحيح، هنا 10 أمثلة على أحداث فلكية عظيمة تم تصوريها.
-السوبرنوفا الحادث في مجرة “Messier 82”
مسييه 82 هي مجرة مُتشكّلة كالسيجارة في كوكبةِ الدبِ الأكبر على بعدٍ يقدر بـ 11 مليون سنة ضوئية مننا. في عام 2014 تم التقاط أول سوبرنوفا – منذ 27 عامًا – واضح من الأرض بواسطة طلاب فلك في لندن. بعض الصور كانت قد التقطت للمجرة وبمقارنتها لصورٍ سابقةٍ لاحظوا نجما لامعا جديدا في المجرة المعروفة، لقد اكتشفوا مُستعر أعظم، أو كما نطلق عليه سوبرنوفا.
تمنى العلماء أن يظل هذا السوبرنوفا لامعًا في سماء الأرض حتى يصبح قابل للرؤية بواسطة المنظار، وحتى بالعين المجردة! ولكن بعد مرور أسابيع معدودة كان الضوء قد خَفَت بالفعل، أي أن السوبرنوفا لن يتحول لنجم مرئي في سماء الأرض. إن لم تستطع رؤيته مباشرةً فلا تقلق، يعتقد العلماء أن نجمًا ما في مجرتنا سيتحول لسوبرنوفا في الخمسين سنة القادمة، لسوء الحظ ذلك السوبرنوفا سيكون احتمال رؤيته بالعين المجردة 20% فقط.
-إعصارٌ شمسي على سطحِ الشمس.
أرسل The Solar Dynamics Observatory صورًا جميلة لشمسنا على مدار سنتين. في العام 2012 سُجّل شيئًا غير مألوف ولم تتم رؤيته من قبل، إعصار شمسي على سطح الشمس، ولكن على عكس الأعاصير الأرضية التي يتم تكوينها بواسطة الرياح، فالقوى المغناطيسية هي التي تتحكم في الإعصار الشمسي.
هذه الأعاصير يتم تكوينها على مجالات مغناطيسية مُثبّتة على أحد القطبين. على إحدى نهايتي المجال المغناطيسي ينفجر غاز شديد الحرارة المعروف بالبلازما، من الشمس ثم يلتف للنهاية الأخرى خالقًا إعصارًا.
-المُذنّب الذي لم يستطع النجاة.
المُذنّبات هي الأجسام الدوّارة في مجموعتنا الشمسية، القادمة من مكانٍ شديد البعد عن حدود أقصى كواكبنا، من سحابة أورت تحديدًا. من هناك تبدأ رحلتهم تجاه الشمس، ثم يعودوا في مداراتٍ إهليجية ضخمة. تحتوي سحابة أورت على التريليونات من الأجسام الثلجية، إن استطاعت تلك الأجسام صُنع طريقها تجاه الشمس، سنسميها حين ذاك مُذنّبات.
في العام 2013 شهدْنا قدوم مُذنّب كهؤلاء – من المحتمل أنه قد جاء مئات وربما آلاف من المرات سابقًا – يدخل بأمانٍ مجموعتنا الشمسية سابحًا حول الشمس ثم مغادرًا إياها بهدوء. هذه المرة على غير المتوقع، قام بتأدية غطسةَ موتٍ في الشمس مباشرةً. من الطبيعي أن حدثًا كهذا لن تتم ملاحظته من قِبَل الفلكيين إطلاقًا ولكن الصدفة الرائعة تحكم!
-كسوفٌ شمسيّ مريخيّ.
على الأرض، كسوف الشمس يُعد واحدًا من أروع إنجازات الطبيعة. حيث يمر القمر أمام الشمس لدقائق معدودة جاعلًا إياها شبه مُعتمة، مرسلًا الأرض للظلام وقت النهار.
إنه واحدٌ من الأحداثِ القليلة التي تُعطي الفرصة للفلكيين لرؤيةِ هالةِ الشمس الخارجية The Outer Corona. كسوفُ الشمسِ يظهرُ على أسطحِ الكواكب الأخرى أيضًا، طالما أنهم يمتلكون أقمارًا!
حتى عام 2013 لم يتمكن أي إنساٍن من رؤيةِ كسوفٍ شمسي لعالمٍ آخر. ولكن هذا تغّير عندما طافت مركبة ناسا على المريخ The Curiosity Rover مُوجِهةً الكاميرا خاصتها ناحية سماء المريخ لتصوِّر قمرَ المريخِ الأكبر فوبوس لأول مرة وهو يمر أمام الشمس.
بالرغم من أن القمر لا يحجب ضوء الشمس بأكملها عن جانب الكوكب كما يحدث في حالِ الأرض، إلا أنه كان حدثًا جميلًا بطابع مريخي.
-دورانُ مذنبٍ أثناء مروره بجانب الأرض.
(الأجسام القريبة من الأرض – Near Earth Objects ) هي الأجسام التي تمر بجانبنا متخذةً مدارات منتظمة. هذه الأجسام أخّاذة للعقل بالنسبة للعلماء، لأنها من المحتمل أن تحتوي على بعض مكونات الكون الأولى بالإضافة إلى تمكنها من إنهاء الحياة على الأرض إن تعارضت مداراتها مع كوكبنا، ولذلك تتلقى تلك الأجسام الكثير من الاهتمام لمحاولة تسجيل مداراتها.
في عام 2012 مر المٌذنّب “4179 Toutatis” بجانب الأرض؛ استغلت ناسا الأمر وقامت بالتقاط العديد من الصور له حين كان على بعد 6.4 مليون كم من الأرض، لتبسيط الرقم، فهو يعادل 18 مرة المسافة بين الأرض والقمر. هذا المذنب ضخمٌ لدرجةٍ كافية لتحطيم الأرض وتدمير الحياة على سطح الكوكب، فلتستمتع باللقطة الجميلة فقط إلى حينٍ!
-شروقُ قمرِ المريخ.
شهد الإنسان بزوغ قمر الأرض العديد من المرات منذ نشأة الحضارات الإنسانية، ونقطة مراقبته كانت دائمًا من على سطح الأرض. الآن وباستخدام التكنولوجيا نستطيع رؤية بزوغ الأقمار الخاصة بعوالم أخري؛ ففي عام 2013 قامت مركبة Curiosity بفعل هذا تمامًا، مسجلةً إنجازًا جديدًا لها، وملتقطةً صورًا لقمر المريخ الأكبر فوبوس وهو يعلو فوق الأفق في سماء المريخ.
يظهر الفيديو المُسرَّع للقمر إياه وهو محاط بهالة، هذه الهالة في الحقيقة مجرد خطأ في عدسة الكاميرا. شروق القمر على المريخ ليس بالحدث المميز حيث أن فوبوس صغير جدًا بالمقارنة بقمرنا، ولكنه لا يزال حدثًا رائعًا، وأنت من أوائل من شهدوه!
إذا جاء الوقت واستعمر الإنسان المريخ، فسيرى حينها قمرين وليس واحدًا فقط، بالرغم من أن ديموس أصغر حجمًا ولكن ستتم ملاحظته بكل وضوح هو الآخر. تأمل ناسا في إرسال البشر للمريخ بحلول عام 2023، وهؤلاء الذاهبون لن يعودوا، فـ رحلة Mars One ذهاب فقط، ولكن، هذا لم يمنع عشرات الآلاف من تسجيل رغباتهم في الذهاب.
يمكنك مشاهدة الشروق في هذا الفيديو
-ضفدع طائر.
حسنًا هذه الصورة للتندر فحسب، قبل إطلاق صاروخ في ولاية فيرجينيا بقليل، قفز هذا الضفدع لمجال الرؤية حيث استطاعت الكاميرا اتخاذ تلك الصورة، صدقني إنها حقيقية وليست مزاحًا. 🙂
-كسوف شمسي من الفضاء.
في عام 2014، كان هناك كسوفٌ شمسي جزئي يتمكن فقط بعض الناس الساكنين في بعض المناطق البعيدة من رؤيته، القليل من المحظوظين كسكّان إندونيسيا.
ولكن نقطة مراقبة أفضل من تلك كانت متاحة لمركبة Proba-2 التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والتي استطاعت الحصول على صورًا لهذا الحدث الرائع! من خلال تلك الصور يمكنك مشاهدة الشمس والقمر وهم يؤدون رقصتهم الكونية الخاصة.
-الأرض والقمر من عوالم أخرى.
للمرة الثالثة معنا، استطاعت مركبة Curiosity في العام 2014 من التقاط صورة للأرض والقمر من على سطح المريخ، وكما يظهر القمر بلونٍ أحمر من كوكبنا، ظهرت الأرض كنقطةٍ زرقاءٍ خافتة من هناك، وإن تم تكبير الصورة قليلًا سيظهر قمرنا بوضوح هو الآخر. التقطت تلك الصورة عندما كانت الأرض على بعد 159 مليون كم من المريخ.
كاسيني
لم ننتهي بعد، ففي عام 2013 استطاعت مركبة كاسيني أثناء دورانها حول زحل من التقاط صورة خاطفة لكوكبنا الأرض؛ استغلت المركبة غياب ضوء الشمس بسبب حجب زحل له وقامت بأخذ صورًا رائعة للناحية الأخرى من الفضاء متضمنًة كوكبنا الجميل.
لم تكن الكاميرا قادرة على التقاط صورة للأرض فقط، بل للمريخ والزهرة أيضًا في أماكن مختلفة حول الحلقات، طلبت ناسا قبل التقاط الصورة أن يبتسم الناس في السماء وهم ينظرون لزحل.
-ولادة قمر جديد.
قامت مركبة كاسيني الموجودة بمجال زحل بأخذ العديد من الصورِ الجميلة خلال مهمتها، مؤخرًا أضافت للقائمة ما يظهر أنه قمرٌ جديد، بالأحرى قمر جديد في مرحلة تكوينه باتحاد بعض الأجسام في حلقات زحل، وهو حدث لم يشهده علماء الفلك من قبل. تم تسمية القمر الجديد Peggy وقطره يساوي حوالي 0.8 كم.
يعتقد العلماء أن أقمارًا كذاك تتكون عندما يتم دفع المواد الثلجية للحلقاتِ الخارجية والحواف، بعض من تلك الأقمار تساعد في المحافظة على حلقاتِ الكوكب بقوى جاذبيتها، مازالت المركبة بعيدة لالتقاطِ بعضِ الصور الواضحة ولكنها ستمرُ بالقرب منه في عام 2016.
أخبرنا ما الجزء الذي أحببته أكثر؟
اعداد: Abdallah Saad
مراجعة لغوية: David Yanni
تصميم: Ahmaad M. Hanafi
المصدر: http://sc.egyres.com/pykDa