أحلام مستغانمي: سيدة الأسود والنسيان

أحلام-مستغانمي-660x330

||||||

ستتعلَّمين كيف تتخليّن كُلَّ مرَّةٍ عن شيٍء منكِ.. كيف تترُكين كُلَّ مرَّةٍ أحدًا، أو مبدأ، أو حُلمًا.. نحن نأتي الحياةَ كمن ينقل أثاثه وأشياءه، مُحمَّلين بالمباديء، ومُثقَلين بالأحلامِ، ومُحوَّطين بالأهلِ والأصدقاءِ.. ثُمَّ كُلَّما تقدَّم بِنا السَّفر، فقدنا شيئًا، وتركنا خلفنا أحدًا، ليبقى لنا في النهايةِ ما نعتقده الأهم؛ والذي أصبحَ كذلك لأنه تسلَّق سُلَّم الأهميَّات.. بعدما فقدنا ما كان منه أهم!
كاتبة وروائية جزائرية، وجَّهت خطابها للمرأة في معظم كتاباتها، وناصرتها بشدَّة. أهدت لها الكثير من خبراتها وتجاربها وتجارب مَن حولها، سلَّمتها مُفتاح الحُبِّ بيدٍ، وباليدِ الأخرى سلَّمتها مُفتاح النسيان. عُرِفَت أعمالها بالجرأة والتحرُّر، كما تميَّزت بالرومانسيَّة الكلاسيكيَّة؛ فهي نجحت في تحطيم قيود المجتمع التي وضعها للمرأة الكاتبة، وصنعت حدودها الخاصّة التي ترغب هي في الالتزامِ بها.. إنَّها: «أحلام مُستغانمي».

أحلام مُستغانمي: الأب، والوطن، ومسقط القلب

وُلِدَت في تونس في 13 إبريل 1953م، وترجع أصولها إلى مدينة «قسنطينة» عاصمة الشرق الجزائريّ حيث وُلِدَ أبوها «محمد الشريف»، وكان والدها مُشاركًا في الثورة الجزائرية، عرفَ السجون الفرنسية بسبب مُشاركته في مظاهرات 8 مايو 1945م، وبعد أن أطلقَ سراحه سنة 1947م، كان قد فقدَ عمله بالبلدية، ومع ذلك فإنه يُعتبَر محظوظًا إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك، حيث بلغ عدد الشهداء 45 ألف شهيد، وأصبح مُلاحَقًا من قِبَل الشرطة الفرنسية بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائريّ، الذي أدَّى إلى ولادة حزب جبهة التحرير الوطني.

أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ. لن نذهب إلى القول بأنّها أخذت عنه محاور رواياتها اقتباسًا، ولكن ما من شك في أنّ مسيرة حياته التي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدىً واسعًا عبر مؤلَّفاتها. كان والدها «محمد الشريف» من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال:«Victor Hugo» ،«Voltaire Jean Jaques» ،«Rousseau»، ويستشِف ذلك كلّ من يجالسه لأوَّل مرَّة. كما كانت له القدرة على سردِ الكثير من القَصص عن مدينته الأصليَّة مسقط رأسه: «قسنطينة»، مع إدماج عنصر الوطنيَّة وتاريخ الجزائر في كلِّ حوار يخوضه، وذلك بفصاحة فرنسيَّته وخطاباته النادرة. وأمَّا عن الجدّة «فاطمة الزهراء»، فقد كانت أكثر ما تخشاه هو فقدان آخر أبنائها بعد أن ثكلت كل إخوته، أثناء مظاهرات 1945 في مدينة قالمة. هذه المأساة لم تكن مصيرًا لأسرة المستغانمي فقط، بل لكلِّ الجزائر من خلال ملايين العائلات التي وجدت نفسها مُمزَّقة تحت وطأة الدمار الذي خلَّفه الاستعمار. بعد أشهرٍ قليلة، يتوجَّه «محمد الشريف» مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس، كما لو أنَّ روحه سُحِبَت منه. فقد ودَّع مدينة «قسنطينة» أرض آبائه وأجداده.

عملت أحلام في الإذاعة الوطنيَّة؛ ممَّا خلقَ لها شهرة كشاعرة، انتقلت إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي، حيثُ تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون، وتقطن حاليًا في بيروت. هي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998م عن روايتها «ذاكرة الجسد».

وأمَّا عن سر استقرارها في بيروت بدلًا من الجزائر، فقالت بعفوية: «وجدتُ في لبنان شعبًا يحبُّ الحياة والبهجة، وبيروت فيها كثير من عادات الفرح، رغم أنني لا أغادر بيتي، ولا أحتك باللبنانيين». واعترفت أن بيروت منحتها الشُّهرة وصنعت اسمها الأدبيّ، كما منحت الشُّهرة لنزار قبَّاني، ومحمود درويش، وغادة السمَّان، وأدونيس. ووصفت بيروت بإنَّها: «أمّها بالتمنِّي وليس التبنِّي»، لأنها -على حد تعبيرها- احتضنتها ولم تسأل عن لغتها ولا دينها ولا جنسها عندما دخلتها، كما وصفتها بإنَّها مسقط قلبِها. لكنهَّا لا تغيب عن الجزائر، وتستهلّ زياراتها للجزائر بزيارة قبر والدها.

اختارت مُنظَّمة الأمم المُتَّحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، الكاتبة الجزائرية الكبيرة لتصبح فنانة اليونسكو من أجل السَّلام وحاملة رسالة المُنظَّمة من أجل السَّلام لمدة عامين؛ باعتبارها إحدى الكاتبات العربيات الأكثر تأثيرًا، ومؤلَّفاتها من بين الأعمال الأكثر رواجًا في العالم.

فـ دعونا نتعرَّف إلى بعضٍ من أعمال الكاتبة التي تثير الجدل وتحطِّم الأسوار..

الأسود يليق بكِ

هي سليلةُ «الكاهنة»، امرأةٌ لم تخسر حربًا واحدة على مدى نصف قرن. كُلّما تكالبَ عليها الأعداء، وتناوبَ الخصوم على مضاربها، خسروا رهان رجولتهم في تركيع أنوثتها، من حيث جاءت، تولد النساء جبالًا، أمَّا الرجال، فيولدون مُجرَّد رجال.

هو آخر إصدار للروائيّة، صدرَ في 9 نوفمبر 2012م، بعد انتظارٍ طويل، وحقَّق حال صدوره نجاحًا كبيرًا، بيَع من الرواية مائة ألف نسخة خلال شهرين، و هو أول عمل بعد الثلاثية «ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير».

لا أحد يُخيِّر وردةً بين الذبول على غصنها أو في مزهريّة. العنوسة قضيَّة نسبيَّة. بإمكان فتاة أن تتزوَّج وتنجب وتبقى رغم ذلك
في أعماقها عانسًا، وردة تتساقط أوراقها في بيت الزوجيَّة.

تُواصل فيه الكاتبة خارج الثلاثيّة مواكبة تاريخ الجزائر، موثَّقة لمرحلة «المصالحة الوطنيّة»، وقانون الوئام المدني، بعد السنوات العشر للإرهاب الذي عاشته البلاد.
تدور أحداث الرواية بين امرأةٍ من أنغام ورجلٍ من أرقام. في قصةِ حُبٍّ يَعبُر بمحاذاتها تاريخ عدة أوطان عربية، هو لقاء بين فتاة ترتدي حداد الحياة، ورجل عقدَ قرانه عليها، طاعن في الحكمة والمُكر العاطفي.

«ثمة نساءٌ يلامسن لواعج الروح، يعبرن حياتك كجملة موسيقية جميلة، يظلُّ القلب يدندنها لسنواتٍ بعد فراقهن، وأُخريات بدون قفلة، لا تدري وهن يغادرن إن كان من تتمة لتلك السوناتا. وهناك من لا تملك منهن إلا ومضة ذكرى، كنقرة وحيدة على مفتاح البيانو يتركنك مُعلَّقًا لنظرة، وهناك نساء نشاز، لا تستطيع دوزنتهن، لا يفارقنك إلا وقد أفسدن تناغم الكائنات من حولك.
ثُمَّ.. ثمة امرأةٌ.. بسيطةٌ كناي، قريبةٌ ككمنجة، أنيقةٌ في سوادِها كبيانو، حميميةٌ كعود. هي كل الآلات الموسيقية في امرأة. إنَّها أوركسترا فيلارمونية للرغبة، وبرغم ذلك لن يتسنى لك العزف على أية آلة فيها. تلك هي لحنك المستحيل.» 

الرواية هي أيضًا تمجيد لأبناء جبال الأوراس معقل الثورة الجزائرية، من خلال مدينة مروانة التي تنتمي إليها البطلة، وتمجيد القيم النبيلة كـ: الكرم، والأنفة، والإنتماء للأرض، والذود عن الشرف. [1]

لشدة رغبته فيها، قرَّر قتلها كي يستعيد نفسه، وإذا به يموت معها. فسيف الساموراي، من قوانينه اقتسام الضربة القاتلة بين السيَّاف و القتيل.
كما يأكل القطّ صغاره، و تأكل الثورة أبناءها، يأكل الحب عُشَّاقه، يلتهمهم و هم جالسون إلى مائدته العامرة. فما أولَمَ الحبُّ لهم إلا ليفترسهم.
لسنواتٍ، يظل العُشَّاق حائرين في أسباب الفراق، يتساءلون: من يا ترى دسَّ لهم السُّم في تفاحةِ الحُبِّ لحظة سعادتهم القصوى؟
لا أحد يشتبه في الحُبِّ، أو يتوقع نواياه الإجرامية. ذلك أنّ الحُبَّ سلطان فوق الشبهات، لولا أنه يُغار من عُشَّاقه. لذا؛ يظلّ العُشَّاق في خطرٍ كلّما زايدوا على الحُبِّ حُبًّا.

ذاكرة الجسد

في الحروب، ليس الذين يموتون هم التُعساء دائمًا. إن الأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم ثكالى، يتامى، ومعطوبي أحلام.

هو أوَّل عمل روائي للكاتبة، كتبته أثناء غُربتها في باريس على مدى أربع سنوات بين 1984 و1988 وهو ما يُفسر الكَمّ من مشاعر الحنين إلى الوطن التي فاضَ بها الكتاب.

إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير، وننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئًا على حياتنا. فكُلما كتبنا عنهم فرغنا منهم.. وامتلأنا بهواءٍ نظيف.

حين صُدورها سنة 1993م، شكَّلت حدثاً أدبيًّا، واعتبرها النُقَّاد أهمّ عمل روائي صدر في العالم العربي على مدى عشر سنوات، وبسبب نجاحاتها أثيرت حولها الكثير من الزوابع مما جعلها الرواية الأشهر والأكثر إثارةً للجدل.
على مدى عقدين من الزمن، ظلَّت ذاكرة الجسد من بين الروايات الأعلى مبيعًا حسب إحصائيات معارض الكتاب العربية. حصلت الرواية على عدّة جوائز أبرزها جائزة «نجيب محفوظ» سنة 1997م. وهي جائزة تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة لأهم عمل روائي بالّلغة العربية.
تحكي أحداث الرواية عن رسام جزائري مُغترب في فرنسا يُدعى «خالد بن طوبال» فقد ذراعه أثناء الحرب، ويقع في حُب «حياة»، ابنة مُناضل جزائري كان رفيقًا وقائدًا لخالد أثناء ثورة التحرير، واستشهد أثناء الثورة الجزائرية.
تناولت الرواية تاريخ الجزائر منذ أحداث 8 مايو 1945م الشهيرة، إلى أحداث 5 أكتوبر 1988م. في تغطية لنصف قرن من تاريخ الجزائر، دون أن تُغفل التاريخ العربي الموازي لتاريخ الجزائر، من خلال سردها لبعض القضايا العربية، كالقضية الفلسطينية، والإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م.
«ذاكرة الجسد» رواية تحتفي بجمال اللّغة العربية، التي هي البطل الأول في الرواية، وهذا أحد أسرار نجاحها، أمَّا البطولة الثانية فهي لقسنطينة مدينة الجسور والنسور، التي صنعت الرواية شهرتها عربيًا. [2]

ساهمَ في شهرة الرواية، قول الشَّاعر الكبير «نزار قباني» وهو المعروف بنُدرة شهادته:

وعن الكاتبة أحلام، روايتها دوختني. وأنا نادرًا ما أدوخ أمام رواية من الروايات، وسبب الدوخة أن النَّص الذي قرأته يشبهني إلى درجة التطابق، فهو مجنونٌ ومتوتر واقتحامي ومتوحش وإنساني وشهواني وخارج على القانون مثلي. ولو أن أحدًا طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية المغتسلة بأمطار الشعر.. لما ترددت لحظةً واحدة، هل كانت أحلام مستغانمي في روايتها (تكتبني) دون أن تدري، لقد كانت مثلي تهجم على الورقة البيضاء بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها، وجنون لا حد له، الرواية قصيدة مكتوبة على كل البحور: بحر الحب، وبحر الجنس، وبحر الأيديولوجيا، وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها، ومرتزقيها وأبطالها وقاتليها وسارقيها، هذه الرواية لا تختصر «ذاكرة الجسد» فحسْب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائري والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي. وعندما قلتُ لصديق العمر «سهيل إدريس» رأيي في رواية أحلام، قال لي: «لا ترفع صوتك عاليًا.. لأن أحلام إذا سمعت كلامك الجميل عنها فسوف تجنّ.. أجبته: دعها تُجن.. لأن الأعمال الإبداعية الكبرى لا يكتبها إلا مجانين».

ذاكرة الجسد نُشرت في دار بلومزبري البريطانية عام 2013
ذاكرة الجسد نُشرت في دار ألبا ميشال عام 2002

فوضى الحواس

هي الجزء الثاني لرواية «ذاكرة الجسد»، تبدأ حيت انتهت الأولى.

عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس
أنت تركض خلف الأشياء لاهثًا، فتهرب الأشياء منك.. وما تكاد تجلس وتقنع نفسك بأنها لا تستحق كل هذا الركض، حتى تأتيك هي لاهثة!
وعندها لا تدري أيجب أن تدير لها ظهرك أم تفتح لها ذراعيك، وتتلقى هذه الهبة التي رمتها السماء إليك، والتي قد تكون فيها سعادتك أو هلاكك؟

كُتبت بلغة شعرية عالية، تقوم فيها الكاتبة بمحاولة تهريب التاريخ، وتوثيقه خلف واجهة عاطفية عبر قصة في تسعينيات القرن الماضي. على لسان بطلة ذاكرة الجسد، المُتزوجة من عسكري، وتُعايش الأحداث التي عرفتها الجزائر في هذه الفترة في صراع مع زوجها الضابط العسكري وأخيها الإسلامي، هاربةً منهما إلى قصة حب خيالية مع بطل خارج من روايتها، تواعده خارج كتابها، مأخوذة بجمالية تلك العلاقة الغريبة والمستحيلة، وبذلك الحب الافتراضي الذي قد يجمع بين رجل من حبر وامرأة من ورق، يلتقيان في تلك المنطقة المُتلبسة بين الكتابة والحياة، ليكتبا معًا ، كتابًا خارجًا من الحياة وعليها في آن واحد. [3]

الحب ليس سوى حالة ارتياب؛ فكيف لك أن تكون على يقين من إحساس مبني أصلًا على فوضى الحواس، وعلى حالةٍ متبادلة من سوء الفهم يتوقع فيها كل واحد أنه يعرف عن الآخر ما يكفي ليحبه. في الواقع هو لا يعرف عنه أكثر مما أراد له الحب أن يعرف، ولا يرى منه أكثر مما حدث أن أحب في حبٍ سابق. ولذا نكتشف في نهاية كل حب أننا في البدء كنا نحب شخصًا آخر! 

فوضى الحواس نُشرت في دار بلومزبري البريطانية عام 2015
فوضى الحواس نُشرت في دار ألبا ميشال عام 2006

عابر سرير

هي الرواية الثالثة والأخيرة من ثلاثية «ذاكرة الجسد»، تبدأ حيت انتهت «فوضى الحواس».

أن تشتري فستان سهرة لامرأة لم تعد تتوقع عودتها، ولا تعرف في غيابك، ماذا فعل الزمن بقياساتها؟ أهي رشوة منك للقدر؟ أم معابثة منك للذاكر؟ فأنت تدري أن هذا الفستان الذي بنيت عليه قصة من الموسلين لم يوجد يومًا، ولكن الأسود يصلح ذريعة لكل شيء؛ ولذا هو لون أساسي في كل خدعة.

تدور أحداثها على لسان مصور حرب صحفي يجمعه القدر بأبطال الروايات السابقة «ذاكرة الجسد»، و«فوضى الحواس» في المدينة نفسها التي شهدت بداية الأحداث، تمزج الرواية بين الفلسفة والعشق والسياسة بلغة شعرية، وضّفتها الكاتبة في تحليل جريء للحياة العامة، والأحداث التاريخية البارزة، حيث تعتبرها عملها الأكثر عمقًا و تأملًا.
تشهد الرواية في الأخير، موت البطل الأول في ذاكرة الجسد «خالد بن طوبال» والعودة بجثمانه إلى قسنطينة. [4]

انتهى الآن كل شيء فارقص عندما ترقص، كما عندما تموت، تصبح سيّد العالم، ارقص كي تسخر من المقابر.
أما كنت تريد أن تكتب كتابًا من أجلها؟ ارقص لأكتبه عنك.
تدبّر رجلين لرقصتك الأخيرة، وتعال من دون حذاء؛ ففي الرقص كما في الموت، لا نحتاج إلى أحذية.

نسيان com

أحبّيه كما لم تحبّ امرأة.. وانسيه كما ينسى الرجال.

نسيان com، هو عبارة عن تأمّلات حميميّة، وفضفضة أنيقة عن الحبّ وخسائره. بين التهكم والجديّة، تقدّم فيه الكاتبة وصفات واقعية للمرأة، للتخفيف من الأوجاع العاطفية والإقبال على الحياة، واستعادة بهجتها.

«كما لم تحبّ امرأة.»
ادخلي الحبّ كبيرةً واخرجي منه أميرة، لأنّك كما تدخلينه ستبقين.
ارتفعي حتى لا تطال أخرى قامتك العشقيّة.
في الحبِّ لا تفرّطي في شيء، بل كوني مُفرطة في كلّ شيء.
اذهبي في كلّ حالة إلى أقصاها، في التطرّف تكمن قوتك ويخلد أثرك، إن اعتدلت أصبحت امرأة عاديّة يمكن نسيانها.. واستبدالها.
لا تحبّي، اعشقي، ولا تنفقي، اغدقي، ولا تصغري، ترفعي، لا تعقلي، افقدي عقلك، ولا تقيمي في قلبه، بل تفشّي فيه، لا تتذوّقيه، بل التهميه، لا تشوّهي شيئًا فيه، جمّليه. ولا تكوني أمامه، بل خلفه. لا تكوني حاجزه، بل دافعه. لا تكوني عذره، بل غايته. لا تكوني عشيقته، بل زوجة قلبه. لا تكوني ممحاته، بل قلمه. لا تكوني واقعه، ظلّي حلمه. لا تكوني دائمًا سعادته، كوني أحيانًا ألمه. لا تعدلي، كوني في الأنوثةِ ظُلمه. كوني المرأة التي لم ير قبلها امرأة. ولن تأتي بعدها امرأة.. بل مجرد إناث!

إنه كتاب مليء بالطرافة والدفء، من كاتبة تتحدث بقلب المرأة و عقلها في آنٍ واحد. مما جعل منه أحد الكتب الأكثر مبيعًا في العالم العربي، خاصةً لدى النساء.
صدر في جوان 2009 وطُبع منه حتى 2012 عشر طبعات. [5]

وقد أخذت الكاتبة عهدًا على كل قارئات الكتاب بعد انتهاء النصائح بالالتزام بالآتي..

تعهُّد..
أنا الموقعة أدناه أقر أنني اطَّلعت على هذه الوصايا. وأتعهد أمام نفسي. وأمام الحب، وأمام القارئات، وأمام خلق الله أجمعين المغرمين منهم والتائبين، من الآن وإلى يوم الدين بالتزامي بالتالي:
-أن أدخل الحب وأنا على ثقة تامة أنه لا وجود لحب أبدي.
-أن اكتسب حصانة الصدمة وأتوقع كل شيء من حبيب.
-ألا أبكي بسبب رجل، فلا رجل يستحق دموعي، فالذي يستحقها حقًا ما كان ليرضى بأن يبكيني.
-أن أحبه كما لم تحب امرأة، وأن أكون جاهزة لنسيانه.. كما ينسى الرجال. 

نسيان com نُشرت في بلومزبري البريطانية عام 2011

قلوبهم معنا وقنابلهم علينا

الإهداء..

إلى رفاق الأمنيات الجميلة الشاهقة.. في عروبة سابقة أهدي كلّ هذا الألم.. وخردة الأحلام هذه، وإلى القادمين الذين ما رأوا لحظة سقوط تاريخنا عن جواده.
تذكّروا.. أنّي بكيت.

من مُقدمة الكتاب: [6]


كان مقرّرًا لهذا الكتاب أن يصدر سنة 2006، لكن في آخر لحظة كنت أعود وأؤجل مشروع إصداره.
مجرّد جَمْع هذه المقالات التي كتبتها على مدى عشر سنوات في زاويتي الأسبوعيّة بمجلة «زهرة الخليج» الإماراتيّة، و إعادة ترتيبها، حسب تواريخها ومواضيعها ومواجعها، كانا وجعًا في حدّ ذاتهما.
بعض هذه المقالات بكيتُ وأنا أُعيد قراءتها، وبعضها ضحكتُ ملء قلبي كأنّني لستُ من كتبها. وبحسب مقياس هذه الأحاسيس المتطرّفة، ارتأيتُ أنّها تستحقّ منكم القراءة.
لا أعتبر هذه المقالات أدبًا، بل ألمًا داريتُه حينًا بالسخرية، وانفضحتُ به غالبًا، عندما تعدّت الإهانة الجرعة المسموح بها لقلب عربيٍّ يُعاني من الأنفة.

وأخيرًا.. قد يراها البعض كاتبةً نسويّة من الدرجة الأولى، وبعض يراها تكتب لنفسِها ليس إلا، وبعضٌ آخر لا يراها هذا ولا ذاك -تمامًا كما ترى نفسها- تكتب للقضية؛ فالعروبة قضية، والحُب قضية، والنسيان قضية. وسواء اتّفقت أم اختلفت مع هذه القضايا، فهذا لن يتعارض مع حتمية وجودها، وسواء اتفقت أو اختلفت مع أحلام، فهذا لن يمحي أثرها، وسواء اتفقت أحلام أو اختلفت مع الرجال، فهذا لن يغيّر حقيقتهم، فالرجال رجال، ومن تهاجمهم في كتاباتها، ليسوا سوى الأشباه منهم، أمَّا الرجال الرجال، فقد رفعتهم أحلام في كتاباتها مكانًا عليًا، وهذا ما لا يتفق مع وصفها بالتيار النسوي، وسواء صُنِّفَت أحلام ككاتبة نسوية أم لا، فهذا لن ينفي أن النسوية -أيضًا- قضية.

 

كتابة وإعداد: هبة خميس
تدقيق: أمنية أحمد عبد العليم

المصادر:

  1. أحلام مستغانمي .الأسود يليق بكِ. Nawfal, 9AD.(first published January 1st 2012)
  2. أحلام مستغانمي .ذاكرة الجسد. دار الآداب, 2010.(first published January 1st 1993)
  3. أحلام مستغانمي .فوضى الحواس. دار الآداب, 2010.(first published 1997)
  4. أحلام مستغانمي .عابر سرير. دار الآداب, 2009.(first published 2003)
  5. أحلام مستغانمي .نسيان Com. دا الآداب, 2009.(first published 2009)
  6. أحلام مستغانمي .قلوبهم معنا وقنابلهم علينا. دار الآداب, 2009.(first published 2009)
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي