هل تساءلت يوماً عن الإعلانات والتطبيقات التي تهتم بالعقل البشري وكيف يتلقى المعلومة؟ قد تعتقد أن لدى كثير من الناس معلومات كافية حول الأمر، لكن طبقاً لدراسة جديدة إن لدى كثيرٍ من العامة والمُعلّمين تصورات ومفاهيم خاطئة. على سبيل المثال عدد لا بأس به من الذين شاركوا في هذا البحث يعتقد أنّ العقل يمكن أن ينكمش في حال لم يحصل الطالب على كمية كافية من الماء، وأنّ الطفل يصبح أقل قدرة على الاستيعاب بعد تناول وجبة مليئة بالسكريات، وبالمناسبة إن كلتا الجملتين غير صحيح!
في دراسة نُشرت في مجلة فرونتيرز (Frontiers) أعدّ القائمون على البحث قائمة مكونة من ٣٢ عبارةً حول العقل البشري والتي يمكن الإجابة عنها بنعم/لا، تمّ توزيعها على ثلاث مجموعات: مجموعة مُعلّمين، ومجموعة من العامة، ومجموعة أخيرة من المتخصصين في علم الأعصاب. تم التركيز على سبع جمل والتي تُرجع تعقيد العقل البشري إلى تفسير واحد فقط، وهي كالتالي:
١- يتعلم الأشخاص بشكل أفضل إذا ما تلقّوا المعلومة بطريقة تناسب أنماط التعليم الخاصة بهم (سمعي أو بصري على سبيل المثال).
٢- تتأثر أنماط التعليم الخاصة بالأطفال ببعض الحواس.
٣- أحد أهم الأعراض الخاصة بعُسر القراءة هي رؤية الحروف معكوسة.
٤- الاستماع للموسيقى الكلاسيكية يزيد قدرة الطفل على التفكير المنطقي.
٥- تنخفض القدرة الاستيعابية عند الطفل بعد تناول وجبة سكرية أو/والمقبلات.
٦- يستخدم البعض الفص الأيمن من المخ بينما يستخدم البعض الآخر الفص الأيسر؛ وهذا يفسر أنماط التعليم المختلفة.
٧- نحن نستخدم ١٠٪ فقط من عقولنا.
وفيما يلي عرض لعدد المشاركين في كل مجموعة ونسبة الذين كانت إجابتهم (نعم) على هذه الخرافات:
٣٠٤٥ من العامة | ٦٨٪ أجابوا بنعم |
٥٩٨ مُعلّم | ٥٦٪ أجابوا بنعم |
٢٣٤ متخصص في علم الأعصاب | ٤٦٪ أجابوا بنعم |
أكثر هذه الخرافات السبع تصديقاً هي تلك المتعلقة بأنماط التعليم، وعسر القراءة، وتأثير الموسيقى على التفكير المنطقي. نظرية أنماط التعليم تفترض وجود أسلوب خاص يتبعه عقل كل فرد في استيعاب المعلومة: سمعي وبصري وحركي، وأنّ القدرة التعلمية لدى بعض الطلاب ستنخفض إذا لم يتم تعليمهم بالنمط المناسب لهم. ٩٣٪ من العامة يصدقون هذه الخرافة، و٧٦٪ من المعلمين و٧٨٪ من المختصين في علم الاعصاب يصدقونها كذلك. ٥٥٪ من المُعلمين يؤمنون بتأثير موزارت (Mozart) وهو أنّ بعض مهارات التفكير المنطقي والتحليلي لدى الأطفال تتزايد بالاستماع للموسيقى الكلاسيكية، على كل حال إنها خرافة أيضاً، يضرب بها عرض الحائط، إذ لا توجد دراسات تُصَدّق عليها.
وعلى هذا يمكن القول إنّ الحصول على شهادة موثقة، وحضور الدورات والندوات الخاصة بعلم الأعصاب، كل ذلك يمكن أن يصبح عاملاً مساعداً فقط عند الحديث عن حقائق علم الأعصاب المؤكدة، لكنّها لا تساعد عندما يتعلق الأمر بعلم النفس والتعليم؛ حيث أعلنت مؤلفة الدراسة لورين ماكغراث في بيان صحفي قائلةً: كانت الخرافات المنتشرة -بين المختصين في علم الأعصاب- تتعلق بالتعليم وسلوكياته وليس بالعقل البشري؛ وبالتالي إنّ تخصصهم في هذا المجال لا يعني بالضرورة امتداد معرفتهم إلى فروع علم النفس والتعليم.
يتم اعتماد هذه الخرافات في كثير من تقنيات التعليم في العديد من المدارس؛ لذلك افترض الباحثون أنّ مثل هذه الدراسة يمكن أن تساعد متخصصي علم الأعصاب والمعلمين لوضع تقنيات تعلمية مشتركة تدعم عملية التعليم بشكل أكثر كفاءة وفعالية.
ترجمة: أفنان سمير
مراجعة: فيروز سعيد
تدقيق لغوي: رؤى زيات
تحرير: نسمة محمود