الغريب | ألبير كامو

الغريب | ألبير كامو

«الغريب» هي أشهر روايات الكاتب الفرنسي ألبير كامو وأبرز أدبيات القرن العشرين في أوروبا.
كان من الملفت أن يتولد من معاناة ألبير كامو هذا القدر من العبثية والعدمية والتمرد، والذي يظهر جليًّا في أعماله خاصة رواية الغريب التي نحن بصددها الآن.

ألبير كامو

نشأته

الغريب | ألبير كامو

كمَنَ خلف ستار رواية الغريب الكاتب الفرنسي ألبير كامو المولود في نوفمبر من سنة 1913 ببلدة الذرعان بالجزائر. قُتل والده خلال السنة الأولى من عمره في الحرب العالمية الأولى، فاتجهت أمه للأعمال المنزلية لتعيل الأسرة، وانتقل هو، وأمه، وأخوه الأكبر، وعمه المعاق، وجدته للسكن في شقة من غرفتين في واحدٍ من أحياء الطبقة العاملة.

وبعد أن أنهى المرحلة الابتدائية كان ألبير كامو محظوظًا كفاية ليحصل على منحة للدراسة الثانوية في الجزائر بمساعدة أستاذه لويس جيرمان ولم ينسَ له هذا الصنيع. ازداد شغف ألبير كامو بالرياضة خلال صحوته الثقافية خاصةً كرة القدم والسباحة ولم يوقف حماسه غير تفشي داء السل الذي قضى على تطلعاته الرياضية، ثم اتجه كامو لدراسة الفلسفة بجامعة الجزائر والتي تأثر فيها بأستاذه (جين جرينر) والذي ساهم في تكون منظور ألبير كامو الفلسفي والأدبي، كما شاركه أيضًا شغفه بكرة القدم.

مسيرته الأدبية

نُشرت أولى مقالاته سنة 1937، وبعدها نشرت مجموعته الثانية من المقالات تحت اسم «الأعراس»، والتي وضع فيها تأملاته في الريف الجزائري وجمال الطبيعة والتي يمكن حتى لأفقر الناس أن يستمتعوا بها. وخلال تلك الفترة -الثلاثينيات- توسعت اهتمامات ألبير كامو فقرأ كلاسيكيات الأدب الفرنسي وقرأ أيضًا للكتّاب المعاصرين له.

حاز المسرح على اهتمام كبير من كامو فكتب وأنتج ومثّل مسرحيات، واحتفظ بحبه العميق للمسرح حتى وفاته. ومن المفارقات أن المسرحيات التي كتبها كانت الجزء الأقل إبهارًا في نتاجه الأدبي.
وقبيل الحرب العالمية الثانية تلقى كامو تدريبًا كصحفي ومع الوقت تمتع بقدرٍ كبير من التأثير خاصةً في السنوات الأخيرة من الاحتلال الفرنسي وبعد التحرير مباشرةً.

نشرت روايته اللامعة «الغريب» عام 1942، وبعدها بخمس سنوات نُشرت رواية الطاعون.
وفي عام 1957 -وفي عمر مبكرة- حصل ألبير كامو على جائزة نوبل في الأدب، بعدها بثلاثة سنوات صدمته سيارة ومات. [1]

رواية الغريب

الغريب | ألبير كامو

كانت الشخصية الرئيسية هي مورسو، فرنسي يعيش في الجزائر. اشتهرت الرواية بسطورها الأولى حيث يقول مورسو «اليوم ماتت أمي أو لعلّها ماتت أمس، لست أدري.»، فأوحت بغرابة مورسو بعبقرية وإيجاز.

بعد ذلك سافر مورسو لحضور مراسم دفن والدته التي لم يُظهِر فيها أي علامات ضجر، بل ربما انعكست لامبالاته في التفاته لتفاصيل دقيقة كرائحة الزهور في نسمات الهواء وحمرة السماء الجميلة، وقبل مراسم الدفن أيضًا لم يصر على رؤية أمه ولم يبكِ، وكان يستشعر الملل سريعًا من أصدقاء أمه الطاعنين في العمر. بعد انتهاء مراسم الدفن عادت الحياة لطبيعتها بسرعة غريبة إذ ذهب للمسبح غداة ذلك، وشاهد فيلمًا كوميديًا في السينما.

بدا أن حياته مملة وبسيطة وتشعرك بالوحدة، حتى أن جيرانه وحيدون وبائسون أيضًا سواء (رايمون سانتس) الذي يريد أن ينتقم من حبيبته ويرغب فيها في نفس الوقت، أو (الشيخ سلمانو) الذي يبغض كلبه للغاية ومع ذلك يصطحبه للتمشية كل يوم مرتين مع أنه لا يتوقف عن سبّه، ولما ضاع بكى وانتحب.

كان رايمون سانتس جار مورسو وصديقه الغير محبوب والذي قُبض عليه في النهاية وطلب من مورسو الشهادة لصالحه في المحكمة، كان الأمر بالنسبة لمورسو سواء، لكنه وافق في النهاية لأنه لم يعرف ماذا يجب أن يقول.

التقى رايمون بمجموعة من الناس من ضمنهم أخو حبيبته السابقة المشار إليه في الرواية بـ(العربي) والذي تشاجر معه رايمون وانهال عليه بالضربات فأشهر العربي في وجهه سكين، وإذا بمورسو يخرج المسدس ويطلق النار على العربي، ولم يكن ذلك انتقامًا بل كان -على حد قوله- بسبب حرارة الشمس الحارقة ووهجها المنعكس في سكين العربي.
وتأخذنا حادثة القتل هذه للشطر الآخر من القصة.

يبدأ الجزء الثاني من القصة باستجواب مورسو من قبل المحكمة والذي ارتكز بشكلٍ أساسي على قسوة المتهم في جنازة والدته وقتل العربي، إن افتقاره للندم وعدم حزنه على وفاة والدته هو أكثر ما أثار ضراوة المدعي العام حين علم بذلك، حتى ظن مورسو أن هذه هي جريمته وليس القتل.
ولم تزد شهادة جيران مورسو الوضع إلا سوءًا إذ سلطوا الضوء على لامبالاته وانفصاله الواضح.

في النهاية وُجد مورسو مذنبًا وحكم عليه بالإعدام، وبينما ينتظر موته الوشيك استحوذت عليه إمكانية قبول استئنافه.

أثناء ذلك وبسبب فلسفته العبثية، كان العبث يلاحقه في كل مكان، حتى أنّه وجد في زنزانته جزءًا من جريدة كان يروي حادثة تنقصها البداية؛ ذاك أن رجلًا غادر قريته طلبًا للاغتناء وبعد خمس وعشرين سنة عاد وقد صار غنيًّا ومعه زوجته وابنه، وكانت أمه وأخته تديران فندقًا في قريته الأصلية وحتى يفاجئهما ترك زوجته وابنه في مبنى آخر وذهب هو إلى فندق أمه التي لم تتعرف عليه حين دخل، وللدعابة أتته فكرة حجز غرفة ولم يعرّفها بنفسه فأخرج نقوده ومساءًا قتلته أمه وأخته بضربات مطرقة حتى تسرقاه ثم رمتا جثته في النهر، وفي الصباح التالي أتت زوجته وكشفت عن هوية المسافر، فشنقت الأم نفسها بينما ألقت الأخت بنفسها في بئر.

قرأ مورسو هذه القصة آلاف المرات!
آنذاك زاره قسيس -وكان ذلك ضد رغبته- فاستقبله مورسو بآرائه العدمية والإلحادية في غضب شديد ورغم ذلك ساعدته هذه الزيارة على قبول الموت بأذرعٍ مفتوحة.

لماذا سلك كامو هذا الاتجاه الفلسفي؟

الغريب | ألبير كامو

انبثقت رواية الغريب من معاناة ألبير كامو حيث مات والده في الحرب العالمية الأولى ودفعته الحرب العالمية الثانية ومذابحها إلى التشكيك في الحياة ومعانيها، وشهد كامو أيضًا إساءة معاملة الجزائريين الأصليين خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر.
وقد فهم البعض أن جريمة القتل للـ(عربي) في الرواية استعارة لمعاملة الجزائريين المسلمين من الفرنسيين المستعمريين. [2][3]

شارك المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي