أنا لم ألوث ماء النهر (الجزء الثاني)

أنا لم ألوث ماء النهر – الجزء الثاني

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة (The United Nations General Assembly) العقد الحالي (2018 – 2028م) عقدًا دوليًا يحمل شعار: “الماء من أجل التنمية الدائمة – Water for Sustainable Development”، وذلك من أجل تسريع الجهود المبذولة لمواجهة التحديّات المتعلقة بالمياه. بدأت أجندة العمل لهذا العقد في اليوم العالمي للمياه (World Water Day) بتاريخ 22 مارس 2018م، وتنتهي بحلول نفس المناسبة بتاريخ 22 مارس 2028م.(1) ولذلك تبذل العديد من الجهات والمنظمات البيئية والبحثية -على مستوى العالم- جهودًا كبيرةً للسيطرة على تلوث الماء من مصادره.

التصنيف الرئيسي لمصادر تلوث المياه

تنقسم المصادر الرئيسية لتلوث الماء إلى مصادر مباشرة ومصادر غير مباشرة، بالإضافة إلى مصادر أخرى.(2)

تلوث المياه المباشر (Direct Water Pollution)

ينتج التلوث المباشر عن صرف السوائل مباشرةً في الماء مثلما يحدث عند طرد شركة ما المياه الملوّثة أو المواد الصلبة السامّة (Toxic Solids) مباشرةً  إلى البحر أو النهر؛ مما يجعل المياه سامّةً، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى موت الأسماك والكائنات المائيّة الأخرى. تشرب الحيوانات أيضًا هذه المياه، مما يؤدي إلى إعلالها أو موتها.(2)

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر هذه المياه الملوثة في البشر. في البلدان المتقدمة، لم يعد الناس يعتمدون على الجداول أو الأنهار كمصدر لمياه الشرب. ومع ذلك لا يزال هناك خطر على أولئك الذين يسبحون أو يشاركون في بعض الأنشطة؛ مثل: التجديف في المياه الملوثة؛ حيث يمكن أن يسبب لهم ذلك بعض الأمراض أو  الموت.(2)

تلوث المياه غير المباشر (Indirect Water Pollution)

لا ينتج تلوث الماء غير المباشر عن الملوثات التي تدخل بشكل مباشر إلى الماء، لكن عن طريق الملوثات التي ينتهي بها المطاف إلى الماء. من الأمثلة عن ذلك: الأسمدة، والمبيدات الكيميائيّة التي تُجرف ببطء خلال التربة واتجاهها نحو المياه الجوفية، ومنها إلى المجاري المائية المختلفة. إلى جانب ذلك، يمكن أن يتسبب تلوث الهواء (Air Pollution) في تساقط الأمطار الحمضيّة (Acid Rain) على الأرض، والتي يمكن أن تكون ضارةً للغاية بالحياة البرية، بالإضافة إلى تلويث البحيرات، والجداول، والشواطئ؛ مما يجعل مياهها تشكل خطرًا على حياة الكائنات التي تعيش فيها أو بالقرب منها.(2)

وسواء كان التلوث مباشرًا أو غير مباشر تظل النتيجة واحدةً؛ المرض وربما الموت لأي كائن حي يعيش في هذه المياه الملوثة أو يشربها.(2)

التصنيف العام لمصادر تلوث المياه

يمكن تقسيم مصادر تلوث الماء أيضًا إلى مصادر ثابتة، ومصادر غير ثابتة.

المصادر الثابتة (Point Sources)

المصادر الثابتة للمواد الملوّثة هي مصادر ضيّقة النطاق، توجد بشكل منفرد ويمكن تحديدها. من أمثلتها: محطات الطاقة، ومعامل التكرير، والمناجم، والمصانع، ومحطات معالجة مياه الصرف، وغيرها.(3)(4)

المصادر غير الثابتة (Nonpoint Sources)

هي تلك المصادر التي تمتد على مساحة جغرافية واسعة، وغالبًا ما يطلق عليها مصطلح (التلوث المنتشر – Diffuse Pollution)، ويصعب تحديد منشأ واحد لها فقط، ومن أمثلتها: مستجمع الأمطار (Watershed). يمكن أن تشمل المصادر غير الثابتة أيضًا المصادر المتحركة (Mobile Sources) مثل: السيارات، والحافلات، والقطارات. على الرغم من أن كل الأمثلة السابقة تعتبر مصادر ثابتةً فإنها تتحرك، وبذلك تنشر تأثيرها التراكمي في منطقة جغرافية كبيرة. في المناطق الحضرية، يعتبر جريان الأمطار -مثل مياه العواصف (Stormwater)- أحد المصادر الرئيسة غير الثابتة للتلوث الذي يؤثر في جودة المياه في المجاري المائية والخلجان. غالبًا ما تكون مياه الأمطار المتجمعة على أسطح الشوارع ملوّثةً بزيوت السيارات، والغبار، وفضلات الحيوانات، والأتربة، والرواسب الناتجة من مواقع البناء، وفي المناطق الصناعيّة غالبًا ما تحتوي على المزيد من المواد السامّة والمواد الكيميائيّة. وفي الغالب، تعتبر السيطرة على تلوث المصدر غير الثابت أكثر صعوبةً منها في حالة تلوث المصدر الثابت.(3)(4)

التصنيف الشائع لمصادر تلوث المياه

يمكن أن تتباين المصادر الشائعة لتلوث الماء ما بين مصادر طبيعية بالكامل، ومصادر من صنع الإنسان؛ مثل: مياه الصرف الصحي والصناعي.(2)

(أ) المصادر الطبيعية (Natural Sources)

يمكن الدخول الطبيعي للملوثات إلى خزانات المياه عن طريق أنشطة مختلفة؛ مثل:

1- مياه الأمطار و الغلاف الجوي (الغبار والعواصف)

تعتبر مياه الأمطار مصدرًا طبيعيًا هامًا لتلوث الماء؛ حيث تعمل على إذابة الملوثات العالقة في الهواء وتنزل بها إلى الأرض، كما هو الحال عند تكون الأمطار الحمضية نتيجةً لتفكك الغازات الحمضيّة (Acid Gases) -مثل: أكاسيد الكبريت والنيتروجين (Oxides of Sulphur and Nitrogen)- في مياه الأمطار. ويعتبر الترسيب المباشر للجسيمات عن طريق الجاذبية صورةً أخرى من صور تلوث الماء، ويطلق عليه أيضًا الترسيب الجاف (Dry Deposition).(2)

2- البيئة النباتيّة المحيطة (Surrounding vegetation)

إن سقوط الأوراق، والأغصان، وأجزاء أخرى من الغطاء النباتي يمكن أن يسبب الإثراء الغذائي للماء (Nutrient Enrichment)، ويطلق عليه أيضًا التخثث (Eutrophication). تعتبر المركبات التي تحتوي على النيتروجين والفوسفور من أكثر مسببات التخثث شيوعًا. إن هذه العناصر الغذائيّة ليست سامّةً بشكل عام عند وجودها بنفس التركيزات التي توجد بها في الطبيعة، لكنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الأنهار ومصبّاتها. على سبيل المثال: قد تشجّع التركيزات العالية من العناصر الغذائية نمو الطحالب، وقد تسبب تكاثر الطحالب (Algal Blooms) الضارّة أو السامّة. في نهاية المطاف، سوف تهلك هذه الطحالب وتموت، ويؤدي تحلل هذه الخلايا الطحلبية إلى نزع الأكسجين من الماء؛ مما يتسبب في قتل الأسماك في بعض الأحيان.(2)(5)

3- الصخور والبراكين الجوفيّة

قد يكون وجود الصخور والبراكين الجوفية أسفل المسطحات المائية مصدرًا لأنواع معينة من الأملاح.(2)

(ب) الصرف الصحي المنزلي (Domestic Sewage)

يشتمل الصرف الصحي المنزلي على الفضلات المنقولة عبر المياه (Waterborne Wastes)، وتحتوي تقريبًا على 99% من الماء و1% من المواد الصلبة. يصنف 70% من المواد الصلبة الموجودة في الصرف الصحي بكونها مواد عضويةً، بينما 30% منها تصنف بكونها مواد غير عضويةً. 65% من المكونات العضويّة عبارة عن بروتينات، و25% كربوهيدرات، و10% دهون. يتكون الجزء غير العضوي من مكونات الصرف الصحي من الحصى، والأملاح، والمعادن، وذلك بنسب متفاوتة.(2)

تتضمن المشاكل الرئيسة المرتبطة بالصرف الصحي تصاعد الروائح الناتجة عنه، وانتشار الأمراض المعويّة (Enteric Diseases)، هذا بالإضافة إلى التلوث العضوي (organic Pollution) الذي يؤدي إلى استنزاف الأكسجين (Oxygen Depletion) ونفوق الأسماك. يستخدم الناس طريقةً أخرى للتخلص من الصرف الصحي، وهي استخدامه في معالجة الأرض أو ري المحاصيل. إن استخدام هذه الطريقة دون أي اعتبارات علميّة يمكن أن يؤدي إلى تدهور الأرض، وحدوث مخاطر صحيّة شديدة على المدى الطويل.(2)

(ج) النفايات الزراعية (Agricultural Wastes)

النفايات الزراعيّة هي النفايات التي تنشأ بشكل عام نتيجة الجريان السطحي للمياه (Run-off) في الحقول ومزارع الحيوانات. في الآونة الأخيرة، يلجأ المزارعون إلى إضافة أنواع مختلفة من الكيماويات الزراعيّة بهدف تعزيز نمو الفواكه والخضراوات، يتسبب ذلك في حدوث العديد من مشاكل التلوث؛ مما يشكل خطورة على الحياة المائية.(2)

(د) النفايات الصناعيّة (Industrial Wastes)

النفايات الصناعيّة هي نفايات لها القدرة على تلويث خزانات المياه بشكل مباشر. تختلف طبيعة النفايات الصناعيّة من نشاط صناعي إلى آخر؛ فهي تعتمد على أنواع المواد الخام الداخلة في الصناعة واستخداماتها، والعمليّات الصناعيّة المختلفة، وعوامل التشغيل. كما تعتبر هذه المخلّفات أيضًا غنيةً بالمواد العضويّة.(2)

شارك المقال:
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي