عندما يسمع معظم الناس كلمة «سوء المعاملة» يهرعون تلقائيًا إلى التفكير في العنف المنزلي التقليدي؛ حيث يضرب الرجل زوجته، أو العنف الأسري تجاه الأطفال. ولكن، هل فكرت أنه من الممكن أنك تعرضت للإساءة من قبل؟ ماذا إن كنت الشخص المسيء؟ بعض المعتدين قد يكونون واضحين في سلوكهم وأفعالهم، ومع ذلك فإن أغلبهم من النوع اللطيف الخبيث الذي يظهر خلاف ما يضمر، وهذا ما يضيف للأمر غموضًا.
ذكرت (آفري نيل-Avery Neal) في كتابها “If he’s so great, why do I feel so bad” عن النوع المسيء أنه يبدو «مثل الرجل الطيب» بينما هو يتلاعب بك ويخيفك ويهددك ليرغمك على فعل ما يريده. فعدوانه الخفي يسمح له بالسيطرة والتحكم دون أن تشعر بذلك. حتى أنه من الممكن أن يخبرك حدسك بأن هناك شيء خاطئ ولكنه ينقصك الدليل الموضوعي، مما يعني أنك ستظل تتساءل مع نفسك مرارًا وتكرارًا.(1)
أولًا لنتعرف إلى معنى سوء المعاملة
سوء المعاملة يُقصد به المعاملات المؤذية أو الضارة لإنسان آخر، التي قد تشمل إساءة المعاملة الجسدية أو الجنسية أو اللفظية أو النفسية أو الفكرية والروحية.
ماذا إن أخبرتك أن الإهمال يندرج تحت سوء المعاملة، وأن إهمالك لشخصٍ ما قد يتسبب في إلحاق الضرر به، فالإهمال هو: عدم تلبية الاحتياجات المادية والطبية الأساسية، وكذلك الحرمان العاطفي أو الهجر، وهذا يعني أنه إساءة سلبية تؤثر على الأفراد.
أنواع سوء المعاملة
1) الاعتداء الجسدي
يشير إلى الضرب والاعتداء على شخصٍ آخر باليدين أو أي آلة، وقد يشمل الاعتداء بسكين أو مسدس أو أي سلاح آخر. كما أنه يحتوي على سلوكيات مثل: حبس شخص ما في خزانة أو أي مساحة صغيرة، وكذلك حرمان شخص ما من النوم أو تكميمهم أو ربطهم، حتى أن هز الطفل الرضيع عند اللعب معه قد يشكل إساءة جسدية أيضًا.
2) الاعتداء الجنسي
هذا النوع يشير إلى الاتصال الجنسي الغير ملائم بين طفل أو شخص بالغ وبين شخص آخر لديه نوع من السلطة العائلية أوالمهنية عليه. وقد يتضمن تعليقات شفهية أو مداعبة أو تقبيل أو الشروع بعلاقة جنسية أو إتمامها. وتشير الدراسة إلى أن الفتيات أكثر عرضةً للاعتداء الجنسي من الفتيان؛ وفقًا لتقديرات منحفظة، حيث أن 38% من الفتيات و16% من الفتيان يتعرضون للإيذاء الجنسي قبل عيد ميلادهم الثامن عشر.
3) الاعتداء اللفظي
يشير إلى الاستخفاف الدائم بشخصٍ ما أو السخرية منه، من الممكن أن يتضمن تهديدات ملفوظة أيضًا. ويُعد هذا النوع أصعب أشكال الإساءة من حيث إثباتها فهي لا تترك ندوبًا جسدية أو أدلةً آخرى، لكنها بالرغم من ذلك مؤلمة. وقد تحدث في المدارس أو مكان العمل، بالإضافة إلى إمكانية حدوثها ضمن العائلة.
4) الاعتداء النفسي أو العاطفي
يٌغطي مجموعة متنوعة من السلوكيات التي تؤذي أو تجرح الآخرين بالرغم من أنه قد لا يكون هناك اتصال جسدي. في الواقع، الاعتداء العاطفي هو مؤشر أقوى من الاعتداء الجسدي لمحاولات الانتحار فيما بعد. ويعد أكثر الأنواع شيوعًا. وقد يتضمن قتل الحيوان الأليف لشخص ما أو الابتزاز العاطفي؛ كالتهديد بالانتحار مالم ينفذ الشخص الآخر ما هو مطلوب منه. ومن أخطر التصرفات في هذه الفئة التزام الصمت مع أحدهم أو إهانته أمام الآخرين أو حتى معاقبته على تلقيه جائزة أو تكريم.
5) الاعتداء الفكري أو الروحي
يشير إلى سلوكيات مثل: معاقبة أحدهم بسبب اهتماماته الفكرية أو معتقداته الدينية المختلفة عن باقي الأسرة، ومنعه من تأدية العبادات وكذلك السخرية من آرائهم وما شابه ذلك.(2)
الاعتداء على النساء
في دراسة أجريت على 323 امرأة، وجد أن جميعهن أبلغن عن حادثة واحدة على الأقل لسوء المعاملة، جسدية كانت أو نفسية. وبشكلٍ خاص، كانت معظم الإساءات المُبلغ عنها في الدراسة إساءات نفسية، حيث تضمنت البلاغات أشياء مثل: «دعوتهن بالسمينة أو القبيحة» أو «الإهانة أو السب».
الجدير بالذكر، أنَّ النساء تفضل البقاء في علاقات مسيئة بسبب قلة الاعتزاز بالنفس وكثرة البدائل السيئة ومقدار ما استثمرته بالفعل في العلاقة. فكثير منهن يجدن صعوبةً في ترك شركائهن، حيثُ أنه شعرت العديد من النساء بأنهن لم يستحقن شيئًا أفضل، فتحملن مختلف الإساءات. (88%) من النساء بقين مع شريكهن المُسِيء، بينما (12%) فقط من النساء في هذه الدراسة اللواتي تم استغلالهن -نفسيا أو جسديا- تركوا شركائهم في غضون شهرين.
وذكر الباحثون ما يلى: «قد لا تشعر النساء اللاتي يعانين من مستويات عالية من الألم النفسي أن قدرتهن على مغادرة شركائهن مجدية».
الطفولة هي السبب في تحمل الإساءة
كشفت النتائج أن سوء المعاملة في مرحلة الطفولة قد أدى بشكلٍ كبير لفقدانهن الثقة والاعتزاز بالنفس مما زاد من قدرتهن على تحمل الإساءة بكافة أنواعها وتقبلهن لها كما لو أن ذلك من المُسَلَّمات.
كتب الباحثون:
«كانت النساء اللواتي تعرضن لسوء المعاملة ولديهن تاريخ من الإساءات فى مرحلة الطفولة أكثر قناعةً في علاقتهن الحالية من النساء اللواتي لم يتعرضن للإساءة في الطفولة، لأنهن أكثر تحملًا لسوء المعاملة بناءًا على تجارب الحياة المبكرة التي أثرت على الشخصية».
التأثير الاستثنائيّ لسوء المعاملة
على النقيض من ذلك، فقد كان لسوء الاستغلال تأثيرًا استثنائيًا على النساء، فقد شجعهن على العمل بشكلٍ أكبر للحفاظ على علاقتهن. فكلما تعرضت المرأة لاعتداءات نفسية، كلما زادت الطاقة والجهد المبذول لحل النزاع، وأدى لرغبتها في استثمار مزيد من الوقت لنجاح هذه العلاقة وكلما استثمرت المرأة في علاقتها، كلما على الأرجح زاد بقائها فيها.(3)
إعداد: ريهام محمد
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح
تدقيق: أمنية أحمد
المصادر:
-
Neal A. If He’s So Great, Why Do I Feel So Bad?: Recognising and Overcoming Subtle Abuse [Internet]. Little, Brown Book Group Limited; 2018.
- Psych Central. (2016). Types of Abuse. Psych Central. Retrieved on October 9, 2018, from https://psychcentral.com/lib/types-of-abuse/
- 3 Reasons People Stay In Abusive Relationships [Internet]. PsyBlog. 2018 [cited 2018 Oct 9]. Available from: https://www.spring.org.uk/2018/09/abusive-relationships.php