“يشبه الأمر دغدغة دماغك من خلال أنفك”.
“أطول خمس ثوان في حياتي”.
“ليس لأصحاب القلوب الضعيفة.”
تُمثِّل هذه بعض الآراء عن تجربة أخذ المّسحة لاختبار كوفيد-19 (بالإنجليزيَّة: COVID-19)، وتُعرف أيضًا بمسحة البّلعوم الأنفي، كما إنها ليست تجربة ممتعة على الإطلاق.
يحتاج العاملون في الرّعاية الصّحية إلى كشطٍ عميقِِ في تجويف الأنف؛ للحصول على عيّنة دقيقة. والأمر الأكثر إثارًة للقلق هو تناقص العصا المُّسطحة المُّستخدمة لسحب المّسحة خلال المراحل المُبكّرة من أزمة كوفيد 19 في الولايات المتحدة؛ مما حدَّ من عدد الاختبارات التي يمكن إجراءها.
تتزايد الأدلة التي تدعم تواجد الفيروس في اللعاب، ويحاول فريق من علماء جامعة شيكاغو استكشاف ما إذا كان الاختبار الذي يعتمد على اللعاب لكوفيد-19 قد يكون بديلًا فعّالًا لمسحة البّلعوم الأنفي.
يُعتبر كوفيد-19 في المّقام الأول من أمراض الجّهاز التّنفسي العلوْي، ويستقر في الأنف والجّيوب الأنفيّة، لذلك تصبح المّسحاتُ الأنفيّةُ البّلعوميةُ الرّفيعةُ الطّويلةُ الطّريقةُ الأساسيّةُ للاختبارِ. بعد أخذ موظف الرّعاية الصّحية للعيّنة، يُحمِّلُها في آلة تستخرج المّادة الوراثيّة من الفيروس وتنسخها. إذا كانت هناك المّادة الوراثيّة كوفيد-19 في العيّنة، فستتميَّز بالإضاءة.
تعتمد جميع البلاد التي تُجري هذا الاختبار تقريبًا على تقنيّة معيّنة تُسمَّى تفاعل البوليميراز المتسلسل اللحظي (تُختصر بالإنجليزيَّة: qPCR)، التي كانت تُستخدم لسنوات عديدة، لكن يختبر العلماء أيضًا نظامًا جديدًا للكشف يُسمّى باختبار تضخيم الحمض النووي الرقمي بواسطة القطرات (يُختصر بالإنجليزيَّة: ddPCR).
يمكن من النّاحية النّظريّة أن يكون النّظام الجديد -والذي يُعَدَّ أكثر حساسيَّة من (qPCR)-، قادرًا على الحصول على قراءة إيجابية، حتى إذا كانت هناك كميات أقل من الفيروس في العيّنة. يقول البروفيسور نيشانت أغراوال، عالم وطبيب جرّاح في جامعة شيكاغو، وباحث في الدّراسة التي تعمل على تفاعل البوليمراز المتسلسل (تُختصر بالإنجليزيَّة: PCR):
“يمكن توفير مقياسٍ كمِّيٍّ لمساعدة الأطبّاء على معرفة وجود الفيروس من عدمه، مع إمكانيّة معرفة كمِّيَّة الفيروس بالضبط في حالة وجوده.”
قال البروفيسور المُّساعد جيريمي سيغال، أخصّائي علم الأمراض بجامعة شيكاغو، وأحد الباحثين في الدّراسة:
“من المحتمل أن الأشخاص الذين لديهم الفيروس دون ظهور أعراض، أن يكون لديهم كميّة أصغر من الفيروس لن تظهر في الاختبارات.”
كما يضيف:
“إذا كانوا لا يزالون قادرين على نشر الفيروس، فإن القدرة على اكتشاف هؤلاء الأشخاص ستكون مهمّة للغاية. هناك العديد من الأمور المجهولة التي لا نعرفها بعد عن كوفيد-19”.
في أثناء انتشار الوباء في ولاية إلينوي في أواخر مارس وأوائل أبريل، قام سيغال والبروفيسير مساعد إفجني
إيزومتشينكو (بالإنجليزيَّة: Evgeny Izumchenko)، علماء الوراثة في جامعة شيكاغو، بالتعاون مع مختبر البروفيسور سافاس تاي (بالإنجليزيَّة: Savas Tay) في مدرسة بريتزكر للهندسة الجزيئية باختبار طرق تضخيم الحمض النووي الرقمي بواسطة القطرات؛ للكشف عن كوفيد-19.
نظرًا لأن تضخيم الحمض النووي الرقمي بواسطة القطرات هو تقنية حديثة ولا تزال قيد الاختبار والتطوير، يجب على العلماء تنفيذ الخطوات بأنفسهم. بالإضافة لأنّهم كانوا يستخدمونه بالفعل على المسحات الأنفية البلعومية، وقرروا أيضًا محاولة استخدام اللعاب.
قال إيزومتشينكو:
“تكمن ميزته في قلة خطورته، ويمكنك السّماح للأشخاص بجمع عيّناتهم، فالجميع يعرف كيف يبصق.”
أعدّ الباحثون جناحًا إضافيًا في جامعة شيكاغو للاختبارات على كوفيد-19؛ لاستقبال المّرضى المُّتطوعين في التجربة، بعد أخذ المختصّون عيّناتهم للمسحة الأنفية البلعومية القياسية المُدارة من مختبر تشخيص المستشفى. كان المتطوعون يذهبون إلى المقصورة، ويحصلون على مسحة أنفيّة بلعوميّة ثانية، ويبصقون في أنبوب. تمكَّن الباحثون بهذه الطريقة من المقارنة بين الطريقتين في دراسة بحثيّة.
يُجري المحققون اختبارات تضخيم الحمض النووي الرقمي بواسطة القطرات على كل من مسحات الأنف وعينات اللعاب في مختبر تاي، بينما تستخدم المستشفى اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل اللحظي القياسي.
ما زالت الدراسة مستمرة، وأظهرت نتائج عيّنات اختبارات اللعاب التي جُمِعت حتى الآن نتيجة تضخيم الحمض النووي الرقمي بواسطة القطرات، تطابقًا تامًّا مع نتائج المّستشفى.
تفاجأ الباحثون من إحدى النتائج، وهي نتيجة درجة التباين في مقدار الفيروس المكتشف في المرضى الإيجابيين لكوفيد-19 الذين يصلون للفحص الجانبي.
قال سيغال:
“تختلف كمية الفيروس المكتشفة بين هؤلاء المرضى الذين يعانون من أعراض، بما يصل إلى مليون مرة. هناك الكثير مما لا نعرفه عن الفيروس، من حيث علاقته بأي جزء من دورة العدوى التي يعاني منها المريض، بالإضافة إلى كيفية تأثّره بطرق أخذ العينات المختلفة. لكن اتّساع النطاق والتنوّْع الكبيرين في الكمية بين العينات، يُمثِّل تحدّيًا كبيرًا للتشخيص السليم.”
وأضاف أيضًا:
“ما زلنا لا نعرف المّعنى الإكلينيكي لهذه الدّرجة العالية من التّباين، أو كيفيّة ارتباطها بقابليّة الانتقال.”
يرغب العلماء في دراسات أخرى بمتابعة الحالات مع مرور الوقت، ومعرفة ما إذا كان هناك شكل ثابت لكمّيّة الفيروس التي يحملها المّرضى خلال فترة العدوى، أو ما إذا كانت كمّيّة الفيروس تتوافق مع شدّة العدوى ونظام العلاج.
قال إيزومتشينكو:
“وُجدت بعض المؤشّرات المبكرة تُفيد بأنّك قد تحصل على قراءة إيجابية من اللعاب لفترة أطول من استخدامك مسحات الأنف، لذلك نودُّ أيضًا اختبار المرضى، لأنهم على استعداد لمغادرة المّستشفى، ولمعرفة ما إذا كانت نتائجهم لا تزال إيجابية.”
كان جميع الباحثين سعداء بالتعاون بين مختبراتهم، وهم يخطّطون لمواصلة العمل معًا، وتطبيق تقنيّات لمشاكل تتجاوز كوفيد-19 مثل السّرطان. وعلَّق إيزوميتشنكو:
“لقد أدَّى هذا حقًا إلى إنشاءِ مركز جديد، وهو الأمرُ الذي ربما لن يحدث قطّ تحت ظروفِِ مختلفةِِ.”