باعتبار الألم مرضًا، وليس شعورًا ضمنيًّا، تتعاون الهيئات الحكومية الأمريكية بقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وتقوم بتوحيد كلٍّ من الخدمات الخاصة والحكومية، لإنشاء «استراتيجيةٍ للتعامل مع الألم» كنموذجٍ بيولوجيٍّ نفسيٍّ اجتماعيٍّ للرعاية.
تقوم أهم عوامل الاستراتيجية الجديدة طبقًا لما ورد في تقرير معهد الطب لعام 2011: «لتسكين الألم في أمريكا: برنامجٌ كامل: محاولة منعه، طرق الوقاية منه ورعايته، أحدث الأبحاث والدراسات وطرق التعليم». حيث يوصي التقرير بأن يتعامل المُلزَمون بالرعاية الصحية مع الألم كمرضٍ لا كشعورٍ عارض، حيث يمكن لهذا «التحول الثقافي» أن يُحدث تغييرًا كبيرًا في جميع مجالات تشخيص الأمراض ومعالجتها.
تُصرّح (ليندا بورتر- Linda Porter) منسقة المشروع، الحاصلة على درجة الدكتوراة، والاستشارية في علاج الألم في المعهد القومي للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، أنه: «عادةً ما يتعامل الناس مع الآلام المزمنة بعدم جدية، برغم ما يلاقونه من ألمٍ ومعاناةٍ تتملك حياتهم».
وذكرت أنه يتم صرف النظر عن مثل هؤلاء المرضى من قِبل المُلزَمين بالرعاية الصحية، خصوصًا إذا كان سبب الألم غير واضحٍ، أو بسبب انحيازٍ معينٍ، أو قلة المعرفة بتوابع وعواقب الألم على حياة المرضى. كما تُوَضح أنه من الإشكاليّ تعريف الألم المزمن على أنه مرضٌ ذو أسباب بيولوجيةٍ نفسيةٍ اجتماعيةٍ وخلق بيئة خاصة لرعايته، يتم قبوله فيها كحقيقة ولا يتم صرف النظر عنه.
التعامل مع الألم كحالةٍ مرضيةٍ يؤثر على العديد من جوانب صحة الفرد، فيترتب عن ذلك أخذه بعين الاعتبار في كل جوانب الرعاية الصحية من حيث الأبحاث والدراسات، وطرق قياس تقدم وعلاج المريض، وتدريب المُلزمين بالرعاية الصحية وسداد التعويضات. كما تولِي الاستراتيجية أهميةً أكبر لمكونات الألم الشعورية والمعرفية والسلوكية، وتدعو لرفع قيمة وتقدير من يساهم في تطوير برامج الآلام المزمنة ومخططات الرعاية -التي تهتم بالآثار النفسية والاجتماعية للألم، والتحكم الشخصي- المنتشرة على نطاقٍ محليٍ واسعٍ، لمساعدة الناس على التغلب على الألم، حيث تتطلب في مجملها على الأغلب تدخلا أكبرَ من قِبل علماء النفس.
يذكر (بيفرلي ثورن- Beverly Thorn)، الحاصل على درجة الدكتوراة، أستاذ ورئيس قسم علم النفس في (جامعة ألاباما- Alabama University) وعضوٌ في المجموعة التي ساهمت في تطوير الاستراتيجية: «أن تنفيذ الاستراتيجية سيكون له تأثيرٌ أبعد على الصحة السلوكية خلال جميع مراحل الرعاية».
ويضيف: «الألم ليس مجرد مشكلةٍ في العيادات التخصصية، إنما مشكلةٌ على نطاق العناية الصحية بالكامل. سيشكل علماء النفس المُدربون بشكل مناسبٍ إضافةً قويةً لتنفيذ علاجٍ سلوكيٍّ مثبتٍ بأدلةٍ علميةٍ للتحكم بالألم».
ويوضح (ثورن- Thorn) أن توفير رعايةٍ مستمرةٍ ملائمةٍ بشكلٍ مناسبٍ للتحكم بالألم، هي أولويةٌ استراتيجيةٌ للمجموعات ذات الفوارق المتعددة التي تتلقى أقل اهتمامٍ، بينما تكون في الغالب في حاجة ماسةٍ له. كما يعتبر تدريس الأطباء استراتيجية الألم كمرضٍ عاملًا مهمًا، ومن ضمنهم علماء النفس المعالجون في العيادات، حيث يؤكد الخبراء أن هؤلاء الأطباء في حاجة إلى التدرب على علاج الألم الشامل ومنع الآلام المزمنة. كما يدعو لإقامة معسكرات تعليمٍ قوميةٍ تشجع الاستخدام الآمن للعقاقير الطبية خصوصًا المواد المخدرة.
كما قام فريق عملٍ مكونٌ من 80 خبيرًا من الجهات الحكومية والشركات غير الربحية والخاصة والأكاديمية، بتطوير خطة للاستراتيجية، وتم إعلانها في ملتقى صحفي تبعه تلقي آراء الجماهير عنها.
عندما سيتم تنفيذ الاستراتيجية والمضي بها قدمًا، أولى الخطوات لمنع الآلام المزمنة وعلاجها، ستتضمن الأخذ بعين الاعتبار نسبة الفائدة مقارنة بالتكلفة، وذلك فيما يخص تجنب الإصابات، وكذا في ما يخص علاجات الألم الموجودة مسبقًا.
المصدر:
http://www.apa.org/monitor/2015/11/sidebar-pain.aspx
إعداد: رضوى صلاح
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح
تدقيق لغوي: هدى بلشقر