الأيض

05-01_Metabolism_L

ما الذي يحدث داخل خلايا جسمك الآن وأنت تقرأ هذه العبارة ؟ إذا أردت أن تعرف فأكمل باقي المقال .
الخلية كما نعرف جميعا هي الوحدات البنائية والظيفية ليس فقط في الانسان بل في كل الكائنات الحية . ولفظ (خلية Cell ) مشتق من اللاتينية Cella بمعني الحجرة الصغيرة إلا أن هذه الحجرة ليست هادئة .. فهي حافلة بالعديد من العمليات المستمرة .. سواء كنت نائما أو مستيقظا .. تذاكر أو تشاهد التلفاز أو تأخذ فترة الراحة … فهذه الحجرة الصغيرة لا يتوقف فيها العمل فداخلها تحدث العديد من التفاعلات الكيميائية المرتبطة فيما بينها .
الخلية مسئولة عن تنفيذ الآلاف من التفاعلات الكيميائية التي تحتاجها للحفاظ علي ذاتها وكذلك للحفاظ علي جسدك سليما صحيحا . هذه التفاعلات قد تتضمن تكسير المواد والجزيئات إلي قطع بسيطة يعاد استخدامها بواسطة الخلية و علي العكس هناك تفاعلات أخري يتم فيها بناء مركبات من جزيئات بسيطة وهناك تفاعلات أخري تختص بنقل الأيونات والمواد عبر الجدار الخلوي أو نقل الإشارات من سطح الخلية إلي مركز قيادة الخلية ( النواة nucleus)

كل هذه التفاعلات مرتبطة ببعضها البعض لتكون شبكة ضخمة مترابطة من التفاعلات فإذا حدث تغيير في سلوك تفاعل من التفاعلات ضمن هذه الشبكة فإنه يؤثر علي باقي التفاعلات الأخرى . كل هذه التفاعلات الحادثة داخل الخلية يطلق عليها الأيض Metabolism .والتفاعلات الخلوية قد يلزمها طاقة آو مانحة للطاقة فالأولي يمكن أن تتم تلقائيا دون الحاجة لوجود طاقة أما الثانية فلابد من وجود طاقة كشرط أساسي لإتمام التفاعل .. فعندما تأكل فإن الجسم يمكنه استخلاص العديد من المكونات الغذائية كالسكريات أو البروتينات أو الدهون واستخدامها كوحدات بنائية أو تكسيرها لتحرير الطاقة منها والتي يتم تخزينها واستخدامها في تفاعلات أخري تحتاج للطاقة . وفي الفقرات القادمة سنتكلم عن الجلوكوز كمثال علي كلامنا .. ولتوضيح كيف تتم عملية الأيض داخل الخلية

اولا:تكسير الجلوكوز

وتعرف هذه العملية بالتتنفس الخلوي .. وتتم هذه العملية علي عدة تفاعلات تؤدي في النهاية إلي تكسير الجلوكوز إلي ثاني أكسيد الكربون والماء مع تحرر طاقة طبقا للمعادلة العامة :
C6H12O6 + 6O2 >>>> 6CO2 + 6H2O + Energy
ثم تقوم الخلية بتخزين الطاقة الناتجة في صورة مركب كيميائي والمعروف بـثلاثي فوسفات الأدينوزين ATP ( Adenosine Tri Phosphate ) وذلك من خلال استخدام الطاقة في تفاعل بين ثنائي فوسفات الأدينوزين والفوسفات ADP ( Adenosine Diphosphate ) لانتاج جزئ الـ ATP وتستخدم الخلية جزيئات الـ ATP لاتمام العديد من العمليات الأخري مثل نقل الأيونات من خلال الغشاء الخلوي أي أنه يمكن اعتبار الـ ATP عملة الخلية الرسمية التي يستخدمها في التداول .. فأنت تأخذ الراتب من عملك وتذهب لتصرفه في المحلات التجارية وشراء المستلزمات المنزلية وكذلك الخلية تأخذ الـ ATP من تكسير العناصر الغذائية ( بروتينات – دهون – سكريات) إلي جزيئات بسيطة وتستخدم الطاقة في إتمام تفاعلات أخري تحتاجها الخلية بشدة ( مثل نقل الأيوينات كما ذكرنا سابقا ) .
ثانيا: بناء الجلوكوز :-
إن إمكانية تكسير الجلوكوز إلي ثاني أكسيد الكربون وماء إلي جانب تحرر الطاقة يجعل من البديهي أن نفترض أن تفاعل تكوين الجلوكوز هو تفاعل يحتاج للطاقة وإذا ما نظرنا حولنا سنجد ذلك يحدث في النباتات .. التي تستخدم حيلة بسيطة لتكوين الجلوكوز والسكريات الأخرى فيما يعرف بعملية (البناء الضوئي) وفيها يتم استغلال الطاقة الضوئية في وجود ثاني أكسيد الكربون والماء لإنتاج الجلوكوز وتقوم النباتات غالبا بتخزين الجلوكوز المتكون في صورة نشا (1) Starch .
نلاحظ أن عملية الأيض اشتملت علي عمليتين في المثال السابق وهي عملية البناء وعملية الهدم .. وهاتين العمليتين تمثلان جزءا مما يعرف بالمسارات الأيضية Metabolic Pathways … والمسارات الأيضية هي عبارة عن سلسلة تفاعلات كيميائية مترابطة ومتداخلة يتم خلالها تحويل جزئ واحد أو العدد من الجزيئات إلي العديد من المركبات الوسيطة ثم إلي الناتج أو النواتج النهائية وكل خطوة من هذه التفاعلات يتم تسهيلها وتسريعها من خلال مركبات محفزة تعرف باسم ( الإنزيمات ) والانزيمات مهمة لتحفيز كل أنواع التفاعلات سواء تلك التي تحتاج إلي طاقة أو التي ينتج عنها طاقة . وفي المثال السابق الخاص بالجلوكوز نجد أن هذه التفاعلات تمت علي خطوات وفي كل خطوة يوجد انزيم خاص بها لتحفيز التفاعل .
المسارات الأيضية لا تسير في اتجاه واحد مستقيم فقد تتفرع أو تلتقي مع مسارات أخري فعلي سبيل المثال نجد أن المركبات الوسيطة الناتجة عن التنفس الخلوي يمكن أن تستغل لبناء أحماض أمينية وأحماض دهنية وغيرها ..كما أن التنفس الخلوي يمكن أن يتم في وجود مواد عضوية أخري بخلاف الجلوكوز مثل مشتقات الدهون والأحماض الأمينية .
ويطلق علي هاتين العمليتين : عملية تكسير الجلوكوز وعملية بنائه بـ : البناء Anabolism والهدم Catabolism (2).
والآن وقد تعرفنا علي الميتابوليزم بصورته الطبيعية فنتجه الآن إلي الحديث عن أمراض التمثيل الغذائي (الأيض)… الخلل ينتج عن عطب في أي إنزيم من الانزيمات المحفزة والمنظمة لمسارات التمثيل الغذائي فينتج عن ذلك خلل في معالجة المواد المختلفة كالكربوهيدرات والبروتينات والدهون . وقد يظل الفرد المصاب بخلل في التمثيل الغذائي فترة من الزمن بدون أعراض ولكن عند تعرضه للعوامل المجهدة حينئذ تبدأ الأعراض في الظهور . ويتم عمل فحوصات دورية قبل الولادة إذا ما كانت هناك حالات مرضية سابقة في العائلة أو في بعض المجموعات السكانية التي لديها معدل خطورة مرتفع ،مثل اليهود الاشكناز الذين ينتشر بينهم مرض تاي زاكس (3) Tay – Sachs disease وهو مرض يؤدي إلي خلل شديد علي المستوي العصبي وهو مايؤدي إلي الوفاة في المراحل المبكرة من الطفولة .
أمثلة لبعض أمراض التمثيل الغذائي(2) :
cystinosis , cystinuria , galactosemia , Gaucher disease(type I) , phenylketonuria , porphyria , Tay-Sachs disease
الفحص المبكر لأمراض التمثيل الغذائي يمكن أن يساعد في البدء المبكر بالعلاج وهو ما يحمل في طياته نتائج جيدة مستقبلية
المصادر :
1- http://www.britannica.com/science/metabolism
2- Encyclopædia Britannica Online, s. v. “metabolic disease”, accessed December 24, 2015, http://www.britannica.com/science/metabolic-disease.

3- Encyclopædia Britannica Online, s. v. “Tay-Sachs disease”, accessed December 24, 2015, http://www.britannica.com/science/Tay-Sachs-disease.
إعداد : Sherif Radwan
مراجعة علمية :Hosny Ayman
#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي