تخيل كيف سيبدو العالم إذا تمتع كل فرد منّا بصحة نفسية جيدة، وقلَّ شعورنا بالاكتئاب والوحدة، وتعلمنا كيف نتخطى الفشل؛ إذا شعرنا بأنفسنا على نحو أفضل وأصبحنا أكثر سعادة ورضا.
يرغب جميعنا فى هذا العالم بشدة, ونعم، سيصبح هذا العالم كما نريد وكما نرغب بالعيش فيه؛ فقط إذا أدركنا بعض الأشياء وغيّرنا بعض السلوكيات. عندما تحارب أفكارك السلبية وتحمي تقديرك لذاتك وتفعل شيئا حيال شعورك بالوحدة، فأنت بذلك لا تقوم فقط بمداواة جروحك النفسية، بل إنك تبني شخصاَ ذا عاطفة قوية ومرنة، وبالتالي ستفخر بنفسك. منذ حوالى مئة عام، بدأ الناس يمارسون الصحة الجسدية، وزاد معدل توقعات حياة الناس لأعوام أطول، ولكن إذا مارس هؤلاء الأشخاص أساليب الصحة النفسية والعاطفية سيزيد ذلك من جودة وكفاءة حياتهم.
الكثير منا يعرف الإسعافات الأولية التي تقدَّم لشخص قد تعرض لتوه لإصابة جسدية خطيرة, ولكن من منا
يستطيع أن يقدم الإسعافات الأولية لشخص تعرض لصدمة نفسية كبرى؟ من المؤكد أنها تختلف كثيرا عن الأولى, فالبعض يرى أن الشعور باللاكتئاب والوحدة من السهل علاجه وسيتلاشى عندما نقول: «لا تأخد هذا في اعتبارك، دع هذه الأفكار بعيدا فهي ليست موجودة سوى في رأسك». إذا كنت تعتقد بأن ذلك حلا مقبولا، فحاول إذن أن تطلب من شخص مكسور الساق أن يمشي! بالتأكيد نستطيع أن نحافظ على أجسادنا بتناول طعام صحي والحفاظ على النظافة الشخصية وغسيل الأسنان وممارسة الرياضة, ولكن ما الذي نعرفه عن الحفاظ على صحتنا النفسية؟ لا شيء؛ ما الذى علمناه لأطفالنا عن الصحة النفسية؟ لا شئ! كيف نقضي وقتا في الحفاظ على أبداننا أكثر من الوقت الذي نقضيه في الاهتمام بعقولنا؟ ولماذا الصحة الجسدية أكثر أهمية لدينا من الصحة النفسية؟ حان الوقت لسد هذه الفجوة بين الجسد والنفس، بجعلهما توأما ملتصقا لا يفارق منهما الآخر.
• ما هي الإسعافات النفسية الأولية؟ ومتى تقدم؟
وقوع صدمة نفسية تتسبب فيه العديد من الكوارث، مثل: فقدان شخص قريب, فقدان الأمل, فقدان الحرية أو الكرامة, الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل المسكن وغيرها؛ و يختلف أثر وقوع الحادث من فرد لآخر، كما تختلف ردود الفعل سواء كانت نتيجةَ سلبية للحادث أو إيجابية متأقلمة معه، لذلك فليس كل من مَر بمواقف صادمة يحتاج للإسعاف النفسي.
الإسعافات النفسية الأولية بمنزلة تقديم الدعم الإنساني لأي شخص يعاني من ألم نفسي ومساعدته بأن يشعر بالأمان والهدوء الداخلي والأمل؛ وتهدف إلى جعل الأشخاص يشعرون بالقدرة على مساعدة أنفسهم وتزيد من مرونتهم وتأقلمهم مع الأحداث الصعبة. وعلى الرغم من أنه من المهم أن تقدَّم الإسعافات النفسية الأولية خلال الساعات الأولى من حدوث الكارثة، فيمكن أن تقدم بعد أيام أو أسابيع أو حتى سنين من بعد وقوع الصدمة, فليس لزاما لأي شخص تعرض لحادث نفسي أن يحتاج لهذه الإسعافات، لأن ردود الأفعال تختلف من شخص لآخر كما ذكرنا سابقا.
• ما أهمية تعلم الإسعافات النفسية الأولية؟
يحتاج الأشخاص الذين مروا بحوادث وصدمات نفسية إلى الدعم النفسي من الأشخاص حولهم، ومن مؤسسات الرعاية النفسية والعقلية أيضا، وذلك لبناء مجتمع قوي ومرن نفسيا من الداخل إلى الخارج. (أي أن الدعم النفسي يقدَّم من الأشخاص المجاورين وإليهم، وتتوسع الدائرة لتشمل المجتمع الصغير ثم المجتمعات المجاورة ثم الدول المحيطة وهكذا)
وبما أن مؤسسات الرعاية النفسية والعقلية محدودة لدينا للغاية, فالمجتمع نفسه هو من سيقدم هذه الخدمة، وهذا ما يسمى الصحة المجتمعية, ليس بمعنى أننا نصبح أخصائيين نفسيين أو فنيين صحة عقلية، فدور هؤلاء الأشخاص متعمق أكثر في التشخيص و العلاج, أما الإسعافات النفسية الأولية هي بالأساس منظور مجتمعي أكثر منه نفسي.وبما أنه ليس من الضروري أن تكون عاملا بالمجال الطبي لكي تنقذ إنسانا قد يفقد حياته إثر حادث سيارة، فليس من الضروري أيضا أن تكون طبيبا نفسيا لكي تعطي أملا لشخص يفكر بالانتحار لأنة فقد التحكم في حياته ومستقبله.
المصدر: http://sc.egyres.com/LdekZ
إعداد: Nabila Baghdady
مراجعة: Ali Adham
تصميم : Bothina Mahmoud