الاغتراب النفسي الاجتماعي بين الهامشية واللاهدف

city-1868530_1920

||

تتمحور أكثر شكاوى الشباب في الوقت الراهن حول الشعور بالضياع، اللاهدف وعدم جدوى الحياة، والإحساس بالغربة، فرغم أنهم ضمن أسرهم وذويهم، إلا أن الإحساس بالانتماء يغيب عنهم، مما يضعهم داخل دائرة الاغتراب النفسي.

ويُعرف الاغتراب النفسي والاجتماعي، بأنه التجرد من القدرات الخاصة للفرد، لتحل محلها مظاهر غیر سویة، وخضوع إرادي أو لاإرادي لسلطة القیم غير المنتمية للمجتمع.

ویكمن خطر الاغتراب في كون مشاعر المغترب في حد ذاتها أرضیة میسرة لسیر الفرد داخل قالب نفسي اجتماعي مَرَضِي.

الهامشیة والاغتراب

العزلة والاغتراب عن الذات وعدم الشعور بالانتماء واللامبالاة، یعد من أكثر الخصائص الممیزة للإنسان الهامشي، حيث يُعرف “كمال الدسوقي” الشخص الهامشي، بأنه “الشخص الذي یقف على الحدود بین جماعتین، فهو لیس مشاركا بالكامل في جماعة ما، وليس واثقا من عضویته فيها”.
وفیما یخص علاقة الاغتراب بالهامشیة، فقد تبین أن المهمشین هم فئة أصابها الشعور بالعجز والاغتراب نظرًا لعدم قدرتها على تغییر الواقع وبعدها عن المشاركة الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة. (عبد اللطیف محمد خلیفة، 2003،ص144)

و تتمثل أبعاد الاغتراب في:

1 – العزلة الاجتماعیة

وتعني شعور الفرد بالوحدة، وانسحابه وانفصاله عن تیار الثقافة السائدة، وشعوره بعدم الاندماج، وتبني مبادئ أو مفاهیم مخالفة لما هو سائد، مما یجعله غیر قادر على مسایرة الأوضاع القائمة، بحیث یكون الفرد في حالة تناقض بین ما هو مادي وما هو نفسي، فهو موجود في المجتمع من الناحیة المادیة لا من الناحیة النفسیة.
فالعزلة هنا هي شعور الفرد بمسافة كبیرة بینه وبین الآخرین، وبالابتعاد عن المجتمع، وعن ثقافته السائدة، وعن كـل التعزیزات التي یمدها الاحتكاك بالآخر.

2- اللامعیاریة

وهي حالة انهیار للمعايير التي تنظم السلوك داخل المجتمع، وفي هذا السیاق یفسر سمیان (Seman) اللامعیاریة، على أنها: “الحالة التي تتغير فيها أشكال السلوك التي كانت مرفوضة اجتماعيًا، فتصبح مقبولة”.

3- العجز

وهو عدم قدرة الفرد على التحكم في مجریات الأمور، والإحساس بالقهر وسلب الإرادة وعدم القدرة على الاختیار.
وقد وضع “أحمد النكلاوي” تعریفا إجرائیا للعجز باعتباره نمطا اغترابيا، فيُعرفه بأنه “الحالة التي یصبح فیها الأفراد یتوقعون مقدما أنهم لا یستطیعون، الأمر الذي یولد لديهم الشعور بالعجز والإحباط، وخیبة الأمل في إمكانیة التأثیر في متغیرات السیاق والقوى المسیطرة علیه”. ( أحمد النكلاوي،1989،ص121 )

4- اللامعنى

إحساس الفرد أن الحیاة لا معنى لها، وأنها خالیة من الأهداف التي تستحق أن نحیا وأن نسعى من أجلها، وأن كل ما یحیط به من وقائع وأحداث فقد دلالته ومعقولیته.

5- التمرد

ويعد هذا البُعد إهدارًا لقیمة الفرد كإنسان وعضو في المجتمع، من منطلق عجزه عن المشاركة الإیجابیة في اتخاذ القرارات، أو مجرد التفكیر في حیاته ومستقبله ومصیره، لیتحول إلى أداة مستخدمة لا قیمة لها في ذاتها.

وقد كشفت دراسة أجرتها باحثة جزائرية بجامعة بسكرة، تحت عنوان “التصدع الأسري المعنوي”، دور الأسرة في ظهور الاغتراب النفسي لدى المراهق، باعتبار الأسرة أحد أهم مقومات الوجود الاجتماعي في المجتمع الجزائري.

وفي النهاية ختمت الباحثة، بكون نتائج البحث تبقى نسبية، باعتبار أن مجال الدراسة يدخل ضمن النطاق النفسي الاجتماعي، إذ لا يمكن أن يتجاوز التعميم الحالات التي ذكرها البحث.

 

إعداد: نورهان صابر

مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح

تدقيق لغوي: هدى بلشقر

المصادر:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/29505

http://thesis.univ-biskra.dz/id/eprint/384

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي