على الرغم من أن الدلائل المتزايدة تشير على وجود علاقة بين الاكتئاب والالتهاب، إلا أن هذه العلاقة معقدة وغير مفهومة بصورة جيدة. فيُعدّ فهم هذا الترابط بينهما مهمٌ؛ لأنه قد يؤدي بدوره إلى علاج أفضل للاكتئاب وخصوصًا للعديد من الناس الذين لا يستجيبون للعلاج التقليدي.
يعدّ الالتهاب استجابة الجسم لحماية نفسه ويمكن أن تكون هذه الاستجابة حادة أو مزمنة. فبينما من صور الالتهاب الحاد: الاحمرار، والتورم حول قطع أو إصابة أخرى أو الاستجابة لعدوى مثل الانفلونزا، يمكن أن يحدث التهاب مزمن كاستجابة لمواد في الجسم، مثل السموم الناتجة عن دخان السجائر أو زيادة في الخلايا الدهنية.
يمكن أن يؤثر الالتهاب في كل من الدماغ، والسلوك، وكذلك استجابة الشخص للعلاج. فيلعب الالتهاب دورًا حيويًّا في تطوّر الاكتئاب لدى بعض الحالات من الناس وليس جميعها. وهذا الاختلاف يُفَسِّر بدوره لماذا لا يستجيب بعض الناس إلى العلاج التقليدي للاكتئاب. تعمل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزيّة: SSRIs) -التي تعد العلاج الشائع لمضادات الاكتئاب- على الناقلات العصبية للدماغ كالسيروتونين، والدوبامين. وبينما يُفيد هذه العلاج العديد من الناس الذين يعانون من الاكتئاب، لا ينجح هذا العلاج في مساعدة الجميع. فتقريبًا، لا يستجيب واحد من أصل ثلاثة مرضى بالاكتئاب إلى العلاج التقليدي لمضادات الاكتئاب.
تعمل العلاقة بين الاكتئاب والالتهاب في كلا الاتجاهين. فيُعَدّ زيادة الالتهاب عاملاً حاسمًا في الإصابة بالاكتئاب، ويعمل الثاني بدوره على زيادة الالتهاب. إضافة إلى ذلك، تختلف نواحي هذه التأثيرات بين الرجال والنساء. ففي عام 2018، وجدت دراسة أنه «بينما تنبأت أعراض الاكتئاب بزيادة الالتهاب في الرجال فقط وليس للنساء، أشار الالتهاب إلى تدهور حالة الاكتئاب للمرضى من النساء فقط وليس الرجال منهم».
وسجلت دراسة كبيرة في المجلة الأمريكية للطب النفسي (بالإنجليزيّة: the American Journal of Psychiatry) بأنه نظرًا للصلات بين الالتهاب والاكتئاب نستنتج أنه «توحي العلاقة ثنائية الاتجاه بين الاكتئاب، والالتهاب، والمرض بأنه يمكن أن يكون لدى علاجات الاكتئاب الفعّالة تأثير طويل المدى على المزاج، والالتهاب، والصحة». وعلى الرغم من أنه يتطلب البحث بصورة أكبر على أنواع العلاجات وأيهم قد يؤتي بثماره، إلا أنه قد توفر علاجات مضادات الالتهاب خيارًا جديدًا فيما يتعلق ببعض الأُناس المصابة بالاكتئاب.
تقليل الالتهاب
بالإضافة إلى علاجات مضادات الالتهاب، فبإمكان عدة تغييرات في نمط الحياة أن يساعد على تقليل الالتهاب وتحسين الصحة بصورة عامة. فيمكن أن يقل الالتهاب عن طريق خسارة الوزن، والتمارين، والنوم الكافي، والعلاج، واليوجا. كذلك يمكن لأنواع معينة من الطعام أن تقلل الالتهاب في حين أن البعض الآخر قد يزيد منه. فعمومًا، تتميز الأطعمة التي تعمل بدورها على زيادة الالتهاب بأن لها تأثير سلبيّ على صحتك مثل:
- الكربوهيدرات المكررة مثل: الدقيق الأبيض، والمعجنات.
- الطعام المقليّ.
- الصودا، وغيرها من المشروبات المُحلاة بالسكر.
- اللحوم الحمراء (البرجر، وشرائح اللحم) وكذلك اللحوم المصنعة (كالهوت دوج، والنقانق).
- المارغارين والسمن.
وبالتالي فإن الطعام الذي يكافح الالتهاب نفسُه يَمُدُ الجسم بفوائد صحيّة ويتضمن:
- الخضراوات ذي الورقيات الخضراء مثل: السبانخ، والكيل، والكرنب الأجعد.
- المكسرات مثل: اللوز والجوز.
- الأسماك الدهنية مثل: السالمون، والمكريل، والتونة، والسردين.
- الفواكه مثل: الفراولة، والتوت الأزرق، والكرز، والبرتقال.
- الطماطم.
- زيت الزيتون.
وفي حين أنه لا يزال هناك العديد من الأسئلة حول نهج هذه العمليات، فيعتبر البحث الجديد عن الالتهاب احتمالًا لعلاجات أفضل فيما يتعلق بالاكتئاب وخصوصًا لأولئك الذين يعانون من الاكتئاب المقاوم للعلاج.