الدوائر الإلكترونية المعالجة كيميائيًا Chemo-electronics)): أجهزة وصمامات ثنائية من الجسيمات المتناهية الصغر Nanoparticles)) لديها القدرة على العمل في الظروف الرطبة.
سواء كان الغرض منها هو الاستخدام في أجهزة الاستشعار بالجلد الاصطناعي – والتي تتطلب بدورها قدرًا من المرونة – أو كان الغرض منها هو الاستخدام في الإلكترونيات التي يمكن ارتداؤها ؛ فإنه يجب على الدوائر أن تتحمل عرقنا، لكن هذه المهمة لا تقوم بها (رقائق السليكون-silicon-based chips) كما يجب.
أمّا الآن، فلقد طوّر فريق بحث دولي وسيلة لتصنيع ( دوائر منطق-logic circuits) و(أجهزة استشعار-sensors) مرنة ومحبة للماء بدون الحاجة إلى أشباه الموصلات، حيث قام الباحثون بتغطية (جسيمات الذهب المتناهية الصغر-gold nanoparticles) بجزيئات عضوية مشحونة من أجل خلق نظام أطلقوا عليه (الدائر الإلكترونية المعالجة كيميائيًا-chemoelectronic circuit).
هذا الفريق – والذي تكون بدوره من علماء من المركز الوطني لعلوم النانو والتكنولوجيا في (بكين-Beijing)، ومن جامعة (كارولينا الشمالية-North Carolina) في (تشابل هيل-Chapel Hill)، وشركة (تكنولوجيات نيومات- (NuMat Technologies في الولايات المتحدة، ومعهد (أولسان- Ulsan ) القومي للعلوم والتكنولوجيا ( (UNIST بـ(كوريا الجنوبية-South Korea)- قام بوصف المكونات الإلكترونية المعالجة كيميائيًا في (دورية الطبيعة للجسيمات متناهية الصغر- journal Nature Nanotechnology).
قام هذا الفريق الدولي ببناء هذه الأجهزة الإلكترونية المعالجة كيميائيًا من خلال تغطية جزيئات الذهب المتناهية الصغر بأحد من أربعة أنواع من الجزيئات العضوية التي أطلق عليها إسم (الجزيئات المرتبطة-Ligands). كل واحد من هذه الجزيئات المرتبطة ينتج بدوره – في وضعه بالماء أو ببيئة رطبة – (تأثيرًا مختلفا عن الآخرين، ومرتبطًا بالشحنة-different charge-related effect). فأحدهم -على سبيل المثال- يذوب محررًا أيون موجب، وتاركًا جزيئات الذهب المتناهية الصغر محاطة بشحنة سالبة، بينما آخر يقوم بالعكس ليجعل الجزيئات المتناهية الصغر موجبة الشحنة ويتحرر أيون سالب.
توضح الصورة حركة الأيونات بين جزيئات الذهب المعبأة تنشأ حقل كهربي كما هو الحال في الصمام الثنائي
الجمع بين النوعين الأخيرين – من الجسيمات المعدنية المتناهية الصغر، والجزيئات المرتبطة التي تحمل شحنة مخالفة – يخلق بدوره كيمياء تحاكي (وصلة ن-ب من أشباه الموصلات- semiconductor p-n junction). حيث نقوم بتعبئة الجسيمات المتناهية الصغر المغطاة بجزيئات عضوية موجبة الشحنة في جهة، ومثيلاتها سالبة الشحنة في الجهة الأخرى؛ فيكون لدى الأيونات الحرية في الحركة بين الجهتين؛ فنجد أن الأيونات الموجبة تنجذب جسيمات متناهية الصغر سالبة الشحنة، والعكس صحيح. لتكون المحصلة هي جهاز لديه (عدم إتزان في الشحنات المدمجة-built-in charge imbalance)، والذي يؤدي بدوره إلى ما يعرف بـ(الجهد البيني-interfacial voltage). هذا الجهد البيني يجعل الجهاز يميل إلى نقل الإلكترونات في اتجاه واحد كما هو الحال في الصمامات الثنائية العادية.
أوضح (بارتوش غرزيبوسكي-Bartosz Grzybowski) – العالم بمعهد (أولسان- Ulsan ) القومي للعلوم و التكنولوجيا (UNIST)، والذي قاد هذا الفريق الدولي خلال مقابلة عبر البريد الإلكتروني مع مؤسسة (IEEE Spectrum) أن: «الجزيئات المرتبطة تحيط بها شحنات حرة مضادة لشحنتها تسمى (الشحنات العكسية- counterions)».
النقطة الأساسية هي أن هذه الشحنات العكسية الحرة لديها القدرة أن تتحرك عن تطبيق مجال كهربي، وهذا بدوره سينشئ (تدرجات أيونية-ionic gradients)، والتي ستتحكم في نهاية المطاف بتدفق الإلكترونات خلال الجسيمات المتناهية الصغر.
هذا النظام ربما يكون قد خلق التكنولوجيا الأمثل لأجهزة الاستشعار التي يمكن ارتداؤها. فالدوائر الإلكترونية المعالجة كيميائيًا لديها سرعات تحاول أن تجاري تلك التي لدى (الإلكترونيات المصنوعة من البوليمرات-polymer electronics)، كما أنها تستشعر التغيرات الكيميائية بالغة الضآلة وتحول هذه التغيرات إلى إشارات إلكترونية، هي أيضًا تتطلب فقط قدرًا قليلًا من الطاقة، ولديها القدرة على القيام بالعمليات المنطقية، أضف لذلك أنها تتسم بالمرونة. لكن مايجعلها حقًا جذابة للغاية هو قدرتها على العمل بشكل جيد جدًا في البيئات الرطبة والمالحة.
وباستخدام تركيبات قد تصل إلى أربعة أنواع معًا من (الجسيمات المتناهية الصغر المرتبطة بالجزيئات العضوية)، قام الباحثون بعمل أجهزة استشعار مختلفة لقياس الرطوبة، والغازات، والأيونات المعدنية.
وحتى نرى هذه المستشعرات والدوائر على نطاق أوسع فثمة حاجة لمزيد من (سرعات التحول-switching speeds)، ومزيد من المتانة؛ فعلى سبيل المثال: عند نقل المستشعرات من بيئة رطبة لأخرى جافة فإنها تكون عرضة للتصدع بسبب الجفاف.
يوضح (غرزيبوسكي- (Grzybowski: « إنه من السهل تصنيع هذه الدوائر، فليس عليك إلا أن تسبكهم من محلول مائي كحولي، ولكن التطبيقات في العالم الحقيقي تحتاج إلى بعض المرافق النافثة للحبر ومهندسين كهربائيين أفضل؛ فما نحن إلا كيميائين بسطاء».
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الدوائر الجديدة تتطلع إلى أن تكون حلًا واعدًا ليس فقط لمشكلة استخدام دوائر المنطق في البيئات الرطبة، ولكن نهجًا جديدًا لبناء صمامات ثنائية و(ترانزستورات-transistors) متناهية الصغر.
و يضيف (غرزيبوسكي- Grzybowski): « بما أن تدرجات الشحنة العكسية موجودة حول أي جسيم متناهي الصغر، فبإمكان المرء أن يفكر في تصميم صمامات ثنائية أو ترانزستورات قائمة فقط على جسيم واحد متناهي الصغر، بالإضافة لذلك فالجسيمات المتناهية الصغر تستجيب للضوء (plasmonic) مما يجعلنا مهتمين بالتحكم بالضوء في هذه الأنواع من الدوائر.
إعداد: Dexter Johnson ترجمة: Mohamed Salem مراجعة: Sherif M.Qamar تصميم: Mohamed Qamar-Eddine المصدر: http://cutt.us/QVVQ
«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،