السيارة ذاتية القيادة.. سيارات الغد دون سائق

1140-self-driving-car.imgcache.rev0e96a74b60cb980838a62cd710de29c5

السيارة ذاتية القيادة، سيارات الغد دون سائق|السيّارة ذاتيّة القيادة، سيَّارات الغد... بدون سائق!|السيّارة ذاتيّة القيادة، سيَّارات الغد... بدون سائق!

أصبح الذكاء الاصطناعيّ يلعب دوراً في غاية الأهميّة في حياتنا من دون شكّ، فقد أصبح هو الحلّ للكثير من مشاكل الماضي؛ فهل تشهد شوارعنا في المستقبل وجود سيَّارات ذاتيَّة القيادة تحلُّ محلّ السيَّارات الحاليَّة، وتوفّر الجهد البشريّ، وتقلّص معدَّلات الحوادث الناتجة عن الخطأ البشريّ أثناء عمليَّة القيادة؟

ما هي السيَّارات ذاتيَّة القيادة؟

هي تلك المركبات الّتي تستشعر البيئة من حولها، ويمكنها الملاحة عبر الطرق آليّاً دون الحاجة لقائد بشريّ. ولا يحتوي التركيب الداخليّ لتلك السيَّارات على أيّ جزء أساسيّ مبتكر، بل جميع الأجهزة والأجزاء الداخليّة هي فقط إصدارات مُطوَّرة جداً من سابقتها. وقد سمحت بعض الدول والولايات باختبار السيَّارات ذاتيَّة القيادة على طرقها العامَّة كالمملكة المتَّحدة، وسويسرا، وفرنسا. [1]

كيف تعمل السيارة ذاتية القيادة؟

تستطيع تلك السيَّارة باستخدام عدد من التقنيّات تحديد موقعها بالضبط، واستشعار البيئة المحيطة بها، فيتمكَّن الذكاء الاصطناعيّ من اتِّخاذ الإجراءات المناسبة بناءً على تلك المُدخلات. تعتمد أنظمة الاستشعار تلك على ما يلي:

(مستشعر الموضع – position sensor)

يكون في محور عجلة السيَّارة، ويحدِّد مقدار دوران العجلة كي يساعد المركبة على معرفة موضع السيَّارة بالضبط.

(الرادار – radar)

يكشف بُعْد المركبة عن الحواجز، والعقبات، والمركبات المحيطة، ويحسب سرعتها كي يمكِّن السيَّارة من زيادة أو تقليل السرعة بشكل آمن.

(الليدار – lidar)

وهو عبارة عن رادار يستعمل الضوء من أشعة الليزر الّتي تغطِّي 360 درجة لكشف ما يحيط بالسيَّارة من جميع الجهات في الوقت ذاته؛ كما يساعد الليزرُ السيَّارةَ على تحديد موقعها بدقّة.
ومن ثمَّ تقوم برمجة حاسوب السيَّارة بفحص جميع معلومات أجهزة الاستشعار ومعالجتها، فتستشعر المركبة جميع معطيات البيئة المحيطة بالمركبة وتفاضلها بدقّة؛ ثُمَّ تتَّخذ القرار الذي يجعل عمليَّة القيادة آمنة وفقاً لتلك المعلومات. [2]

مميِّزات السيارة ذاتية القيادة

منذ عام 2007 استقرَّ تقريباً عدد الوفيات حول العالم بسبب حوادث الطرق، والذي بلغ في عام 2013 حوالي 1.25 مليون حالة وفاة ناتجة عن حوادث السير وفقاً لتقرير منظَّمة الصحَّة العالميِّة الصادر في عام 2015؛ [3] والشكل التالي -شكل (1)- يوضِّح معدَّلات الوفيّات بسبب حوادث الطرق من عام 2007 حتى عام 2013:

السيّارة ذاتيّة القيادة، سيَّارات الغد... بدون سائق!
رسم بياني يوضّح معدّلات الوفاة سنوياً حول العالم بسبب حوادث الطرق (المصدر: global status report on road safety 2015 http://www.who.int/violence_injury_prevention/road_safety_status/2015/Section_1_GSRRS2015.pdf?ua=1)

شكل (1)

يشكِّل الخطأ البشريّ نحو 90٪ من أسباب حوادث الطرق حول العالم؛[4] فإن استطاعت أنظمة التحكُّم الذاتيّة لقيادة السيَّارات أن تحلَّ محلّ التحكُّم البشريّ بالكامل فسيمكننا تقليص معدَّلات حوادث الطرق بنسبة 90٪ وجعل القيادة آمنة بدرجة أكبر. كما أنّ نظم التوجيه الذاتيَّة للسيَّارة نحو الطرق المناسبة والحارات الأقلّ ازدحاماً، واختيار أماكن التوقُّف غير المشغولة، سيجعل الشوارع أقلّ ازدحاماً، ويساعد على سهولة التدفُّق المروريّ، وسيقلِّل من استهلاك الوقود والوقت الضائعَين في عمليَّة البحث عن الطرق وأماكن الوقوف الملائمة للسيَّارة، ومن المتوقَّع أيضاً أن تكون أقلّ تلويثاً للبيئة نظراً لقلَّة الانبعاثات الضارة الناتجة عنها.

سلبيات السيارة ذاتية القيادة والتحدِّيات الّتي تواجهها

تعتمد السيَّارة ذاتيَّة القيادة على برمجة الحاسوب بشكلٍ أساسيّ، فهو يتحكَّم بعمليَّة قيادتها، ومن المحتمل أن تتعرَّض برامج الحاسوب للاختراق، فيفشل نظام التحكُّم الذاتيّ في قيادة السيَّارة بالشكل الآمن والمثاليّ. علاوةً على ذلك، إنَّ هذا النظام يجب أن يُزوّد بخرائط دقيقة وتفصيليّة للشوارع كي يعمل بشكلٍ جيّد، وفي حال كانت تلك الخرائط قديمة أو لم يتمّ تحديثها باستمرار فعلى السيّارة أن تكون قادرة على أن تتصرّف من تلقاء ذاتها.
ومن العوامل المؤثّرة أيضاً على كفاءة تشغيل السيّارة ذاتيّة القيادة: ظروف الطقس، والظروف البيئيَّة، وعدم وضوح العلامات الإرشاديَّة ببعض الطرق، وعدم ملائمة بعض الطرق مما يتطلَّب مزيداً من التكلفة الاقتصاديّة لتغيير البنية التحتيَّة لبعض المدن. [5]
رصدت صحيفة الجارديان البريطانيّة أوّل حادث سير تسبَّب في قتل امرأة وارتكبته سيَّارة ذاتيَّة القيادة تابعة لشركة (أوبر) بسبب خطأ في البرمجة عام 2016 بولاية أريزونا. [6]

معضلات أخلاقيّة قد تواجه السيارة ذاتية القيادة

يتوقَّع مصنِّعو السيَّارات ذاتيَّة القيادة أنّه بحلول عام 2020 سيمكن شراء سيَّارات ذاتيَّة القيادة بشكل كامل؛ وعلى الرغم من الانخفاض الكبير في الحوادث التي ستأتي مع حلول الحاسوب محلّ السائق البشريّ، فإنّ الخبراء في هذا المجال يتّفقون بالإجماع على عدم خلوّ استعمال السيَّارات ذاتيَّة القيادة من المخاطر بشكل تامّ، فكيف يمكن أن تتصرَّف برامج الحاسوب في بعض المواقف غير المتوقّعة من السائقين البشريّين أو المشاة على الطريق؟

تُعرَّف المعضلة الأخلاقيَّة بأنها التناقض الحاصل بين أمرين أخلاقيّين يقتضي اتّباع أحدهما انتهاك الآخر. وفيما يلي -على سبيل المثال- خمسٌ من المعضلات الأخلاقيّة المثارة بشأن السيَّارة ذاتيَّة القيادة:
(1) ماذا لو حدث فشل مفاجئ في كبح السيَّارة، ولم يكن هناك من سبيل لإنقاذ راكبها سوى الانحراف إلى الرصيف حيث تصطدم بعدد من المشاة الذين سيموتون لا محالة؟
(2) ماذا لو كانت السيّارة ذاتيّة القيادة تسير بالسرعة الصحيحة، وإذ بمجموعة مكونة من 10 شباب يعبرون الطريق بسرعة متهوّرة، ومن أجل تفاديهم من الممكن أن تنحرف السيَّارة لتصطدم برجل مسنّ يقود الدرّاجة، والذي سيموت على الأرجح؟
(3) ماذا لو كان السبيل الوحيد لإنقاذ راكب السيّارة ذاتيّة القيادة هو الانحراف نحو ممرّ للطوارئ، حيث تكتشف مستشعرات السيّارة وجود طفلين يلعبان داخل الممرّ وستصطدم بهما السيّارة ويموتان؟
(4) ماذا لو وجدت السّيارة ذاتيّة القيادة أمامها فجأة شخص يعبر الطريق بتهوّر، وستصطدم به وتقتله إنْ واصلت السير، وخلفها شخص يقود درَّاجة ناريّة سيصطدم بها من الخلف ويموت إنْ توقَّفت فجأة؟
(5) ماذا لو وجدت السيّارة ذاتيّة القيادة نفسها في الحارة اليمنى من الطريق السريع، وكان السبيل الوحيد لتجنب الاصطدام بسائق درَّاجة ناريّة لا يرتدي خوذة هو العبور إلى الممرّ الثاني، وضرب راكب درَّاجة ناريّة آخر يرتدي خوذة ومعدّات واقية حديثة؛ إذا أصيب سائق الدراجة النارية بدون خوذة سيموت، في حين أنه إذا ضُرب الثاني –الذي يرتدي خوذة واقية- سيعاني فقط من إصابات خفيفة، مع العلم أنَّ راكب السيّارة لن يصاب في الحالتين؟ [7]
لا زالت الكثير من التساؤلات مطروحة، ولا زالت السيّارة ذاتيّة القيادة موضعاً للجدل وسط نطاق مستخدمي السيّارات ومطوّريها في الأسواق.

 

إعداد: يارا فاروق
مراجعة علمية: أحمد الشربيني
تدقيق لغوي: رؤى زيات
تحرير: نسمة محمود

المصادر:

  1. The Science of Self-Driving Cars [Internet]. The Franklin Institute. 2016 [cited 2018 Nov 11]. Available from: https://www.fi.edu/science-of-selfdriving-cars
  2. Davies A. How Do Self-Driving Cars See? (And How Do They See Me). Wired [Internet]. 2018 Nov 8 [cited 2018 Nov 11]; Available from: https://www.wired.com/story/the-know-it-alls-how-do-self-driving-cars-see/
  3. WHO | Global status report on road safety 2015 [Internet]. WHO. [cited 2018 Nov 11]. Available from: http://www.who.int/violence_injury_prevention/road_safety_status/2015/en/
  4. NRSPP Australia » Human Error in Road Accidents [Internet]. [cited 2018 Nov 11]. Available from: https://www.nrspp.org.au/resources/human-error-in-road-accidents/
  5. What are the main disadvantages of Self-driving cars? [Internet]. Global Auto Transportation. 2017 [cited 2018 Nov 11]. Available from: http://www.globalautotransportation.com/main-disadvantages-self-driving-cars/
  6. Levin S, Wong JC. Self-driving Uber kills Arizona woman in first fatal crash involving pedestrian. The Guardian [Internet]. 2018 Mar 19 [cited 2018 Oct 5]; Available from: https://www.theguardian.com/technology/2018/mar/19/uber-self-driving-car-kills-woman-arizona-tempe
  7. Coca-Vila I. Self-driving Cars in Dilemmatic Situations: An Approach Based on the Theory of Justification in Criminal Law. Criminal Law, Philosophy [Internet]. 2018 Mar 1 [cited 2018 Oct 5];12(1):59–82. Available from: https://doi.org/10.1007/s11572-017-9411-3

 

 

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي