ما لا تعرفه عن القديس توما الأكويني

image

 

عادة ما ينظر إلى توما الأكويني على أنه فيلسوف ماهر، وموسوعة بشرية متحركة، وواحد من أهم الحصون للعقيدة الكاثوليكية، بينما لم يكن يلقى قبولًا إلى حدٍ ما في العقيدة الأرثوذكسية.

«عندما نتحدث عن القديس توما الأكويني، يتبادر في أذهاننا صورة ذلك الشخص الأكاديمي المرموق واللاهوتي المُتمكّن. نعم، إن ذلك صحيحًا بالطبع. لقد استخدم القديس توما الأكويتي لغة أكاديمية لم نكن معتادين عليها من قبل»

هكذا قال الأب جابريل دي تشادارفيان(1).

وأضاف:

«لذاك فإنه قد حان الوقت إلى أن نأخذ القديس توما الأكويني إلى مكانٍ لم يعتاد الناس أن يروه فيه».

لقد عُرف القديس توما على أنه واحد من أهم الفلاسفة المسيحيين بصفته كاتب العمل الضخم (الخلاصة اللاهوتية – Summa Theologica)، ولكنه، كما صرّح الأب جابريل، قد كان لاهوتيًا ذو قلبٍ متواضع.

«بمجرد ما أن تتعرف إليه، ستجده مثالًا يُحتذى به في الورع والقداسة، ستجد فيه المثال عن كيفية التعامل مع الأمور اللاهوتية، كيفية التفكير بمنهجية مُحكمة، كيفية الخوض في المعضلات الأخلاقية، وكيفية الإجابة عن السؤال الأغلظ، وهو هل الحياة تستحق أن تُعاش؟ لقد كانت لديه رؤية ثاقبة وأجوبة أقتربت بشدة من جوهر التساؤل».

كل هذا ما هو إلا غيض من فيض. لقد كان القديس توماس أيضًا واعظًا موهوبًا وشاعرًا بارعًا؛ فهو الذي كتب الترتيلة الشهيرة (2) (لذلك هو عظيم جدًا – Tantum Ergo). والعديد من التراتيل والترانيم باللغة اللاتينية التي تُتلى أثناء طقس التناول في القداس الإلهي.

لقد كان الرجل في غاية التواضع وربما كان يصل حتى إلى حد السذاجة، فوفقًا لأحد المصادر: ذات يوم صاح بعض زملاء القديس توما عليه، وقالوا له أن هنالك مجموعة من الخنازير تطير خارج النافذة، فما كان على القديس توماس إلا إنه ذهب مسرعًا إلى النافذة ليتفحّص الأمر بنفسه!

«إنه من النادر جدًا أن نجد تلك البراءة الطفولية في إنسان يُعدّ كموسوعة حيّة».

هكذا قال الأب جابرييل، وأضاف:

«إنه من النادر أن نجد شخصية أكاديمة موسوعية بكل ذلك التواضع».

إن التواضع الذي كان يتحلّى به القديس توما والذي كان يبدو كنوع من السذاجة أحيانًا، بالإضافة إلى رأسه الأصلع وبنيته الجسمانية الضخمة، أدوا به إلى أن يطلق عليه لقب (الثور الغبي).

ولقد كان لمُعلّمه القديس ألبرت رد شهير على ذلك اللقب الذي أُطلق عليه، فقد قال:

«على الرغم من أننا ندعوا هذا الرجل بالثور الغبي، ولكن دراسته وتعمقه في العقيدة واللاهوت سوف تجعل منه اسمًا يتردد صداه بقوة في جميع أرجاء العالم يومًا ما».

القديس "توما الأكويني"
القديس “توما الأكويني”

تلك النبوءة قد تحولت إلى حقيقة: فالقديس توما أنهى ما يزيد عن 60 عملًا قبل أن يموت عن عمر يناهز الخمسين عامًا، ذلك العدد الضخم الذي يبدو وكأنه كتب بواسطة أكثر من كاتب واحد، وقد ذاع صيت أعماله حول العالم.

وقبل نهاية حياته بقليل، حظي القديس توماس برؤية رأى فيها المسيح والتي غيرت مجرى حياته تمامًا(3). فبعد لقائه بالمسيح قال:

«إن كل ما كتبته كان بلا أي وزن بالمقارنة مع ما قد رأيته»

وقد امتنع عن الكتابة نهائيًّا بعد ذلك الحدث، حتى وافته المنية أثناء سفره إلى مدينة ليون علم 1274.

ويذكر أن الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بعيد القديس توما الأكويني يوم 26 يناير من كل عام.

 

ترجمة: مايكل ماهر

المصدر: 

https://bccatholic.ca/content/what-you-didnt-know-about-st-thomas-aquinas

 

الهوامش:
  1. نائب رئيس كنيسة القديسة العذراء مريم بفانكوفر، كندا (المترجم)
  2. بالإنجليزية: Therefore so great (المترجم)
  3. العهدة على الراوي (المترجم)
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي