المجرات الأولية – سلسلة المجرات الحلقة الثانية

12121

||

مليار سنة بعد أعظم حدث كوني وهو الانفجار الكبير، يدخل الكون في عصر جديد، مليء بتلك الإمبراطوريات الضخمة، مدن وتجمعات ضخمة وكبيرة من النجوم التي تشكّلت سابقًا، سنرجع للزمن إلى ما بعد مليار عامٍ من الانفجار الكبير حيث تبدأ النجوم الأولية في اتخاذ مدن وامبراطوريات خاصة بها، أي إلى حقبة تكوّن المجرات.

إن فيزيائية تكون المجرات يمكن القول بأنها معقدة، فهي ترتبط بشكل وثيق بديناميكية النجوم والطاقة الناتجة منها، فعلى سبيل المثال تولد النجوم من السحب الجزيئية الغازية، لكن النجوم الجديدة قد تسخّن هذه السحب مما يعيق عملية تكوّن نجوم جديدة أخرى، وهذا مثال على كيفية سير الحياة داخل المجرات، كما أن المجرات تصنف إلى نوعين رئيسيين هما المجرات الإهليجية “elliptical galaxy” والمجرات الحلزونية “spiral galaxy”، لكن يبقى السؤال هنا، كيف تكون هذه الإمبراطوريات الضخمة أولًا؟

المجرات الأولية-Protogalaxies

يمكن تعريف المجرات الأولية بأنها سحب ضخمة من الغاز انكمشت وتشكّلت لتكوّن مجرات، وطبقًا لنموذج الانفجار الكبير فهي قد وجِدت في أوائل حقب الكون المبكر، كما أن معدل تحوّل السحب الغازية إلى نجوم ذا دلالة جوهرية في تحديد نوع المجرة إهليجية كانت أو حلزونية، فإن كان معدل التحول هذا سريعًا فإنه تنتج مجرة إهليجية، أما إن كان بطيئًا فتكون المجرة حلزونية.

منذ حوالي 12 مليار سنة ظهرت المجرات الأولية، وكان اكتشافها يعد تدعيمًا لما يسمى بنموذج “المادة المعتمة الباردة-cold dark matter”، والذي يوضح كيف كان يعمل الكون في حقبة ما بعد الانفجار الكبير.

فحوالي 27 مجرة أولية تم رصدها من قبل الفريق الدولي بواسطة التلسكوب الكبير في تشيلي، وقد ساعدت البيانات الواردة من تلك الاكتشافات علماء الفيزياء الفلكية على وضع عدة نماذج لتكوّن المجرات.

ويعتقد علماء الفيزياء الفلكية أن المادة المعتمة في الفترة الأولى بعد الانفجار الكبير، أي بعد مليار سنة من الانفجار، بدأت تتجمّع على هيئة كتل صغيرة تحت تأثير جاذبيتها، وتلك الكتل الصغيرة تتجمع مع بعضها لتكون كتلًا أكبر وأكبر.

إن الكتل الأولية التي وجدت في بداية عمر الكون كانت تتكون غالبًا من المادة المعتمة وكتلٍ من غاز الهيدروجين وكميات صغيرة من الهيليوم، كل ذلك بدأ ينهار تحت تأثير جاذبيته مكونًا تلك المجرات الأولية.

وبالإشارة إلى المادة المعتمة والمواد الأخرى العادية كالهيدروجين والهيليوم، قد انفصلت عن بعضها، وتسخن ذرات الغاز وتبدأ بالتصادم مطلقةً إشعاعات ما تحت الحمراء، لتكون النتيجة غاز يفقد طاقته بسبب التصادمات ليتباطأ وينهار نحو المركز، لكن المادة المعتمة لا تتفاعل بهذه الطريقة، بل تظل مستمرة في الدوران في الهالة “Halo” حول المركز.

إن هذه المجرات من الصعب جدًا رصدها، فهي بعيدة للغاية لدرجة أن ضوئها قد وصل الأرض في وقتنا هذا، وعلى أية حال فإن ضوئها هذا ضعيف جدًا مما يجعل العلماء يواجهون صعوبة في رصدها، وقد اكتشف العلماء مجرات أولية في أطراف السماء البعيدة باستخدام تلسكوب المرصد الأوروبي الجنوبي، وذلك في الفترة ما بين 2004 و2006.

المجرات الأولية و”Damped Lyman-Alpha system”

هناك مجرات التي يتم رصدها عن طريق إشعاعها بالضوء ما فوق البنفسجي الذي يسمى “Lyman-alpha light”، والتي تصدر من غاز الهيدروجين المؤين بفعل الإشعاعات الصادرة من النجوم. ومن المتوقع أن تحتوي المجرات الأولية على كميات كبيرة من غاز الهيدروجين ذو الكثافة العالية نسبيًا والذي يطلق اشعاعًا طيفيًّا يسمى “Damped Lyman-Alpha system”، وقد تم رصد إشعاع DLAS من حوالي 27 جسمًا مختلفًا وذات أطوال موجية مختلفة لإشعاع DLAS، وبتحليل هذه البيانات تبين أن تلك المجرات قد تكوّنت بعد الانفجار الكبير بملياري سنة.

وقد قال أحد المسؤولين عن الدراسة بمرصد أنجلو الأسترالي في سيدني الدكتور أندي بنكر «إن الاكتشافات الحديثة تؤكد البحوث النظرية التي تفترض أن المجرات مثل مجرتنا قد تشكلت من اندماج مجرات أولية صغيرة في وقت مبكر من تاريخ الكون.»

إعداد: Mohammed Abkareno

مراجعة: Mohamed S. El-Barbary

تصميم: Mohammed Abkareno

المصادر:

http://sc.egyres.com/KOVRu

http://sc.egyres.com/Pbj7L

http://sc.egyres.com/rknGv

الحلقة الأولى

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي