مابين حقي وحقك.. مساحة خضراء
طرح توعوي متعلق بانتهاكات الملكية الفكرية للأعمال الفنية
أمنياتنا في هذا العالم ما هي إلا انعكاس لما لا نملك، وليت المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غِلابًا. نتمنى السلام لافتقادنا إليه، ونتمنى المحبة ونحن إليها فقراء. نلوم المعتدي.. ونعتدي، نبكي تضرعًا لتتوقف الحروب ويدنا مبسوطة بالسلاح تشق عرض السماء!
في ساعةِ صفوٍ تخطر لذهنك خاطرة أدبية، تروق لك، فتُعيد صياغتها مرة تلو الأخرى، حتى إذا تمثلَت لك في أبهى حُلةٍ سارعت لمشاركتها أصدقائك على صفحتك الشخصية. تنظر إلى الشاشة كطفل صغير ينتظر مديح والديه على لُعبة صنعتها يداه وعلى وجهك ترتسم ابتسامة زهوٍ: نعم، تلك من بنات أفكاري. ولا تمر بضعة دقائق حتى ترى أخاً لك في الإنسانية قد قام بنسخ ما كتبته أنت لينشره على صفحته!
لم يكلف نفسه عناء استئذان رقيق، أو إشارة خاطفة لصاحبها.. أو حتى بتذييل مقتضب: (منقول)!، يتلقى عبارات إطراء من معجبيه، فيشكرهم بدم بارد، وتتلقى أنت حسرة الدهشة صامتًا!
بحسن ظن تردد بداخلك: جميعنا ينسى، وتنبهه تنبيهًا لطيفًا: (Like)، سيَعي مقصدي.. ولكن يخيب ظنك.
شعورك معلوم، فجميعنا اختبر هذا الصديق في وقت ما، ولكن -وهو بيت القصيد من هذا الطرح- ماذا لو أن صديقك هذا لم يتداول نِتاجك الفكري والفني فحسب، بل بدأ بالتربح ماديًا بمجهودك أنت، وبسرقته لك!
سرقة! نعم. لمن اعتاد فعل هذه الأمور فالأمر صادمًا نوعًا ما بتوصيفها كـ(سرقات)، وسيتأهب لاعتلاء مِنبرًا دفاعيًا لتبرير ما كسبت يداه، بل ويزيد في غَيّهِ فيُلقي عليها رداء الفضيلة. ألق عليها ما شئت من ذهبِ وفِضةٍ، لكنها ستظل سرقات.
في عالم مُستجد مفتوح لا نكُف عن ادعاءات التحضر والرُقي، في الوقت ذاته الذي لا تكف فيه صفحاتنا الشخصية عن الخوض في أعراض الآخرين –وهو جُرم بنص القانون- بل وبث صورهم الخاصة. ونتمادى فتصبح ثقافة الـ(Screen shot) للمحادثات الخاصة مدعاة للفخر، وهو أيضًا جُرم بنص القانون.
نتغني بحقوق الإنسان في الأمسيات الثقافية، ونصبح ونحن أول المنتهكين!
«للحياة الخاصة حُرمة، وهي مصونة لا تُمَسّ، وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حُرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مُسبّب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التى يُبيّنها القانون». المادة 57 (1)
حقي وحقك
«تبدأ الشخصية القانونية للإنسان بتمام ولادته حيًا، وتنتهي بموته». المادة 29 من القانون المدني(2)
نظرة خاطفة لمنزلك، لمُجتمع أصدقائك.. للعالم من حولك، ستَخلُص منها إلى أن كل ما نتأذى به دومًا من شرور ومُنغصات مرجعها وبشكل مباشر لتجاوزٍ ما، لاعتداء ما على حق الغير.. حقه في الحياة، حقه في حفظ سمعته، حقه في حفظ ماله، حقه في تقدير مجهود عمله. وحقه وحقك متلازمان، متوازيان كقضيبيَ قطار، أيّما انحرف أحدهما ضل الآخر سعيَه.
العجيب في الأمر أن الخروج من تلك الدائرة المشحونة، التي نتناوب فيها الانتهاكات ضد بعضنا البعض ليس بالأمر المُعجز، بل فطن إليه الإنسان القديم منذ بِدء تنظيمه لجماعاته الصغيرة، و حَدًا من التنازعات بين أفرادها لجأ لإقرار مبادئ وضوابط مُلزمة للجميع، بما يتحقق معه السلام فيما بينهم، فالقانون ظاهرة اجتماعية لصيقة بالمجتمعات البشرية المُنظَمة؛ ومن هنا كانت البذور الأولية لإرساء أسس القانون في مهده الأول.
كإنسان بالغ عاقل، تقرأ وتكتب، ولديك من أدوات الوصول إلى المعرفة ما استحال على غيرك قديمًا، فالأمر لا يتطلب منك سوى أن (تَعي) ما لكَ وما عليك تجاه الأفراد من حولك. فمعرفتك بحدود حقوقك تتناسب عكسيًا مع اعتداءك على حق غيرك، ولا تنس فـ حقكَ وحقه/ها قضيبان متوازيان.
القانون لا يحمي المُغفلين!
«يكون الشخص مسئولًا عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز». المادة 164 من القانون المدني (2)
لأهمية إلمام كل مواطن في أي مجتمع بحقوقه وما يترتب على معرفة تلك الحقوق من أهمية قصوى في الحد من التنازع بين الأفراد -فنان كان أو مُتلقي للفن- ولإرساء السلام المجتمعي، فعادة ما تُوصي الحكومات بإدارج القدر الأساسي من المفاهيم القانونية ضمن المناهج التعليمية التي تُدرس للطلاب بجامعاتها، وقطعًا إن كنت أحد خريجي كليات الفنون الجميلة أوالفنون التطبيقة وغيرِها، فلابد وأنك قد مَررت بدراسة القوانين، والتي تكفل لك الحد الأدنى من المعرفة للحفاظ على حقوق أعمالك الفنية على اختلاف صنوفها (الفن التشكيلي، التصوير الفوتوغرافي، النحت، التصاميم الهندسية.. إلخ)، بما يؤهلك لاتخاذ أي إجراءات قضائية تهدف لحماية نتاجك الفكري الخاص من أي انتهاك قد يُتعرض له.
وفي حين لا تعدو نظرة بعض الدراسين لتلك المناهج التعليمية إلا باعتبارها (مجرد مواد نظرية)، وسويعات قليلة من المطالعة قُبيل الاختبارات ستكفل لهم عدم الرسوب، فعلى الجانب الآخر هناك منهم من ينظر إليها (كمَنهاجٍ مُقدس)، في الجهل به ضياع لحقه.. إذن فالأمر بيديك!
صفحة على (Facebook) بدون ترخيص!
الجانب الأكثر أهمية في أن تكون واعيًا، بل ومُلمًا بقوانين الملكية الفكرية كفنان أو مصمم جرافيك مُعاصر، لاسيَّما وإن كنت تستخدم شبكة الانترنت في التربح المادي من أعمالك أو حتى عرضها فقط على الجمهور، بصورة تمنح لك قدر من الشهرة هو أن حكومات البلدان تتفاوت فيما بينها في القدر الفعلي، الذي تُوفره لشعوبها في ممارسة حرية تداول المعلومات، بشكل (تطبيقي) -بغض النظر عن البنود المُرساة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان- مما قد يُعرضك لمسائلات قانونية ومواجهتك لتُهم قد لا تعلم عنها من قبل!، خاصةً وإن كان أعمالك الفنية تحتوي بأي شكل ما على تلميحات سياسية قد لا تروق للمعنيين بها، وبالأخص إن كانت أعمالك تلك تحقق انتشارًا وتحظى بالقَبول والتداول لدي مُستخدمي شبكة الانترنت، وبالطبع فغالبًا ماتكون التهم الموجهة، بعد التحفظ على الأدوات المستخدمة في العمل الفني من أجهزة كمبيوتر أو برامج مستخدمة في التصميم تتراوح بين عدم وجود تراخيص لاستخدام تلك الأجهزة أو استخدام نسخ مُقلدة وغير أصلية من برامج تصميم، بل وأحيانًا ما تكون الاتهامات غير واعية وخيالية نوعًا ما كالاتهام بإنشاء صفحة تواصل على موقع التواصل (Facebook) دون ترخيص!!
وبالفعل فمنذ فترة ليست بالطويلة، وتحديدًا خلال يناير/2016 وُجهت تلك الاتهامات لأحد رسامي الكاريكاتير الشباب، بعد اعتقاله، وتداولت وكالات الأخبار تلك الواقعة بالتفصيل، والتهمة إنشاء صفحة على موقع التواصل (Facebook) بدون ترخيص! ومُرورنا على مثل تلك الوقائع لنستنبط منها أهمية الوعي بالملكية الفكرية للمصنفات، والمُصنف المعنِي هنا هو برامج التصميم المستخدمة في الأعمال الفنية على اختلاف أنواعها.
أنواع الحقوق
ممّا درسوه لنا: يُنظم القانون الحقوق لعدة أقسام رئيسية؛ فهناك حقوق مالية متعلقة بالحفاظ على ممتلكات الأفراد وإشكاليات العمل، وهناك حقوق غير مالية والتي تحفظ سلامة الحياة الشخصية، والسياسية، والأُسرية للأفراد، وحياتهم الخاصة، وهناك حقوق ذات طابع مزدوج، تجمع بين الجانب المادي والجانب المعنوي، وتندرج تحت مُسمى (الحقوق الذهنية والمعنوية)، وتلك هي ما يهُمنا في طرحنا هذا.
ويُشار بالحقوق الذهنية أو المعنوية إلى كل ما يَثبُت لشخص ما نتاج فِكرهُ وعقلهُ، كحقِ المؤلِف على أفكاره والفنان على لوحاته أو موسيقاه، والمُخترع على اختراعه.(4)
حق المؤلِف
(تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية، بشتى أنواعها في كافة المجالات، وتُنشئ جهازًا مُختصًا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية، ويُنظم القانون ذلك). المادة 69 (1)
أفكار الشخص ومؤلفاته ومُخترعاته العلمية والأدبية والفنية هي من صُنعه وخلقه، فهي ترتبط بالشخص ارتباطًا وثيقًا، بل هي شخصيته نفسها من الناحية الذهنية والفكرية، فهي جزء منه، ولذلك فإن صاحب الحق المعنوي هو الذي يُقرر ما إذا كان يسمح بنشر إنتاجه الذهني أم لا، فلا يجوز لأحد أن ينشر بغير إذنه أو أن يُحرفه أو يُشوهه أو ينسبه لنفسه أو لغير صاحبه، وللمؤلِف أن ينشر مؤلفَه باسمِه أو باسم مستعار.
يُنظم حق المؤلف في مصر القانون رقم 354 لسنة 1954 وتم استبداله بالقانون رقم 82 للعام 2002، المعروف بقانون حماية حق المؤلف. وهناك شرط أساسي لحماية حق المؤلف، وهو أن يتم العتبير فعلًا عن الإنتاج الذهني أي يخرج إلى حيز الوجود، فالأفكار الكامنة في النفس لا يحميها القانون.
كما يجب أن يكون المؤلِف/الفنان قد أبرز شخصيته بإضافةٍ جديدة –سواء كان الجديد متمثلًا في طريقة العرض أو التأصيل أو الإسلوب- كما تنصرف الحماية القانونية إلى مُجرد تجميع بعض الموضوعات الفنية أو الأدبية أو القانونية، بحيث أن يظهر ما بذله المؤلِف من جهد في المؤلَف يُبرز شخصيته وأسلوبه.
واصطلاح (التأليف) هنا يندرج تحته جميع الأعمال الفنية، حتى لا يختلط الأمر فيُتصور أن المعنِى بالحديث هنا الأعمال الكتابية فحسب، بل يمتد الأمر ليشمل الأعمال الصوتية أو الموسيقية والألحان، والاستعراضات المسرحية، والبانتومايم، والأفلام السينمائية، والتصوير الفوتوغرافي، والفنون التشكيلية، والتصاميم الهندسية.
ما لا يدخل تحت حماية القانون
ويخرج من الحماية القانونية مجرد الأفكار، والإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات ولو كان مُعبرًا عنها أو موصوفة أو موضحة بمصنف، والوثائق الرسمية، والاتفاقات الدولية، والأحكام القضائية، وأخبار الحوادث أو الوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحافية، أو المنشورات السياسية التي تُطرح على عامة الشعب، كما يُعتبر الفلكور الوطني ملكًا عامًا للشعب.
فتنص المادة 68 من الدستور المصري على أن:
(المعلومات،و البيانات، والإحصاءات، والوثائق الرسمية ملك للشعب). (1)
كما تنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من إتفاقية التريبس على:
(تسري حماية حقوق المؤلف على النتاج وليس على مجرد الأفكار أو الإجراءات أو أساليب العمل والمفاهيم الرياضية). (5)
مثال من الواقع لأهمية التفرقة بين الفلكور الشعبي، والعمل الابتكاري الخاص بالمؤلِف
لن نسرد نصوصًا قانونية هنا ولكننا سنُذكِر البعض بواقعة شهيرة حدثت منذ فترة، يعلمها الشُعراء جيدًا، وهي اتهام أحد الشعراء الشباب ولنشير إليه بـ(هـ)، الذي ذاع صيته إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير من قِبلِ شاعر مُخضرم ولنشير إليه بـ(ع) بسرقة الأول لبعض قصائد الثاني، وإلقاء قصائده في حفلاته الخاصة دون إشارة للمؤلِف الأصلي، وبدون علمه أو إذنه، فكان رد (هـ) هو أن ما اقتبسه مجرد فلكور شعبي ليس لأحد الحكر عليه، لكن كان رد الثاني هو أن هناك قصائد مما استخدمها الأول من نتاجه الذهني الخاص ولا تدخل ضمن الفلكور الشعبي، وبحسب ما نُشر في بعض الجرائد الإخبارية فقد ألزمت المحكمة الأول (هـ) بدفع غرامة، قدرها خمسة آلاف جنيه، بالإضافة إلى نشر قرار الحكم في القضية بجريدتين إخباريتين، على نفقته الخاصة.
* لم نذكر الأسماء كاملة لأن هدف ذِكر الواقعة هو العبرة القانونية بالحادثة نفسها، بغض النظر عن الأشخاص أنفسهم.
تنص المادة الأولى من قانون حماية حق المؤلف للعام 1954 على أنه:
(يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفو المصنفات المُبتكرة في الآداب والفنون والعلوم، أيًا كان نوع هذه المُصنفات أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض من تصنيفها). (6)
إذن كلمة «مُصنَف» لا يقتصر معناها على الكتاب، وإنما تنصرف إلى كل نتاج ذهني أيًا كان طريقة التعبير عنه، شريطة أن يكون هذا المُصنَف على قدر من الابتكار، بمعنى أن يتميز بطابع مُعين يعكس شخصية الفنان ، أما المُصنَف الذي يكون مُجرد ترديد لمُصنَف سابق فإنه لا يدخل في حماية القانون. راجع المادة 138 في القانون رقم 82 للعام 2002. (7)
ينضم لحق المؤلِف ما يُطلق عليه «الحقوق المجاورة» وهي حقوق يمنحها القانون لفئات مُعينة مثل: (المُنتجين وفناني الآداء وهيئات الإذاعة)، والتي تساعد المبتكرين على إيصال رسالتهم للجمهور ونشر أعمالهم. (8)
وللمؤلِف سُلطة إجراء تعديلات على نتاجه الفني، حتى بعد النشر وله سحبه من التداول، إلا أن ذلك مشروطًا بألا يُسبب ضررًا للغير كأن يكون قد تصرف في حق الاستغلال المالي لنتاجه الفني، فيجب عليه ألا يُسبب تصرفه بالسحب أو التعديل ضررًا لهذا المُتصرَف إليه وإلا لزمه التعويض عن الضرر الحاصل، كما أوجب القانون أن تتم عمليه السحب أو التعديل تحت رقابة المحكمة الابتدائية. (4)
حاجة الجيل المُعاصر للإلمام بالأبعاد الاقتصادية للملكية الفكرية
نعيش بواقعٍ حدِيّ، تُعرف فيه الصفات بأضدادها؛ فطلبك الحثيث للعلم يتنامى طرديًا بقدر وعيك بمخاطر الجهل ولتتذوق لذة المكسب فلابد وأن تجلس يومًا ما إلى مائدة الخَسارة. قدرت لنا مسيرتنا الحضارية أن نخوض في بحر معرفي واسع تتلاطمنا فيه أمواج متسارعة من الابتكارت التكنولوجية والتي أغرقتنا بكل ما يدعم سهولة النسخ بطرق شتى، وامتثالًا لواقعنا الحدِيّ فمع العطايا تأتي الخطايا. فرُغم أن تكنولوجيا النسخ/الطباعة وفرت لنا الوقت والجهد وسهولة التواصل -حتى هذه اللحظة التي تقرأ فيها تلك الكلمات-، فكذلك قد شكلت مَرتعًا خِصبًا للقرصنة المعلوماتية، مما شكل عقبة كبيرة أمام تشريعات الملكية الخاصة للمعلومات.
فبينما تتسم العناصر المادية بالندرة وهو أساس اقتصادياتها، تتميز المعلومات/المُصنفات بالوفرة، لذا يسعى الآن مُنتجوها ومُبتكروها لوضع قيود على انسيابها لخلق نوع من (الندرة المُصطنعة)، حتى تُصبح المعلومة/المُصنَف سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب، وهكذا ظهر للمعلومات أغنياؤها وفقراؤها وأباطرتها وخُدامها وسماسرتها ولصوصها. (8)
فإذا كانت الموارد الطبيعية من أهم ما اعتمدته الاقتصاديات الصناعية في أثناء انطلاقها من أجل تحقيق التفوق في الاقتصاد العالمي، فإن الاقتصاد ما بعد الصناعي أصبح يعتمد بشكل كبير على اقتصاد المعرفة لتحقيق التفوق والاستمرار في سوق تنافسية شديدة، ولم تعد قوة الدول تقاس بكمية مواردها الطبيعية بل بكمية المعارف التي تنتجها ومنها براءات الاختراع وحقوق المؤلف ونتاجاتها الأدبية والفنية، بل وأنه حال عرض أحد الشركات العالمية للبيع فإن مايحدد قيمتها وسعرها هو كم براءات الاختراع الحاصلة عليها، وتمتعها بالحماية للملكية الفكرية لتلك المختراعات أو المُصنفات، بما فيها التصاميم الفنية لشعار الشركة أو اللوجو الخاص بها. (9)
ونظرًا لوجود المعرفة كعامل حاسم في عملية التطوير، فقد أصبح لِزامًا على الدول المتخلفة أن تبدأ من حيث انتهي الأولون، وهذا يتطلب منها قاعدة معرفية دقيقة لا تمتلكها، ولا يمتلكها إلا القليل من الدول في طريق التنمية. فالصراع والمنافسة على احتلال المستقبل أثرَ في العَلاقات الدولية بحيث أن دُولًا معينة ترى فى نفسها المحتكِر الوحيد للمعرفة وأن أي معرفة في العالم هي أحق بها من خلال اتباع مَركزة العلوم والمعارف والفنون وهذا يبدو جليًا في الإغراءات المُقدمة للعلماء والفنانين في الدول المتخلفة قطعًا للطريق أمام أي شكل من أشكال المطالبة بالملكية الفكرية في بلدانهم الأصلية. (9)
نخلُص من هذا إلى أنه كلما زادت أهمية المعرفة زادت أهمية الاستثمار فيها، وزادت أهمية حماية الملكية الفكرية، وكلما زادت أشكال الحماية الفكرية زادت أشكال القرصنة والحيَل التي تلجأ إليها بحيث تصبح أكثر تطورًا من ذي قبل، مما استلزم مراجعة القوانين في الدول التي تمنح مُناخا جيدًا للاعتداء على الملكية الفكرية.(9)
بخلاف ما سبق فإن لإيداع وتسجيل حقوقك أهمية عملية بالإضافة إلى القرينة التي يُنشئها على ملكية المصنفات، ذلك أن التسجيل أو الإيداع يساعدان على توثيق المعرفة الفنية والأدبية والعلمية اللذين توصلت إليهما أمة من الأمم ويعتبران أداة لمعاونة الباحثين عن المعرفة في اكتشاف ومتابعة تطورهما. (5)
هل استخدامك لمُصنف ما على الانترنت يُعد جُرمًا في عُرف القانون؟
سؤال سيتسارع إلى ذهنك بعد ما طرحناه سابقًا.. في الواقع فإن الإجابة تعتمد وحسب طبيعة هذا الاستخدام. فالأصل أنه حال قيام جهة ما مالكة لمُصنف ما (مادة صوتية، أو كتابية، أو تصميم فني.. إلخ) بنشر هذا المُصنف على صفحات الانترنت فهذا في حد ذاته يُعد إقرارًا من تلك الجهة بإتاحته للجمهور في حدود ما سمحت به. بمعنى أنه يجوز لك استخدام تلك المصنفات استخداماً (شخصيًا) سواء لهدف ترفيهي أو تعليمي أو توعوي، لكن ما يُجرمه القانون هو استغلالك لتلك المصنفات بشكل ربحي وإلا طالتك المسائلة القانونية.
أتاحت الفقرة الثانية من المادة العاشرة في اتفاقية برن ( وفي حدود ما يرد به نص التشريع الوطني) استعمال المصنفات الأدبية والفنية لأغراض التعليم بشرط أن يتفق ذلك مع حسن الاستعمال وفي حدود ما يبرره الغرض من المشروع وبشرط أن يُذكر المصدر واسم المؤلف (م 10/3) .
كذلك ورد نص المادة (10/2) بالسماح بنقل المقالات المنشورة في الصحف والدوريات بالإضافة إلى نقل المصنفات الأدبية والفنية التي تكون سُمعت أو شوهدت أثناء حدث جاري لجعلها في متناول الجمهور وِفقًا للحدود والضوابط الواردة بهذه المادة وما يقرره التشريع الوطني. (10)
وعادة فمعظم الجهات -مؤسسات أو أفراد- المُنتجة لتلك المواد، والتي طرحتها للعرض تُلحق تنويهًا يؤكد على احتفاظها بحقوق ملكيتها الفكرية على هذا المصنف، وقد توضح أيضًا مدي حدود التداول الذي تسمح به؛ فهي تتمتع بسلطة (حق المؤلف) السابق تفصيلها بكل امتيازاتها. (11)
تقليد العلامات التجارية (لوجو/شعار)
إذا كنت مُصورًا فوتوغرافيًا ولك استوديو خاص بك أو مُصمم معماري أو أحد فناني تصميم الأزياء وذاع صيتك في عالم الموضة فقطعًا لابد وأن يكون لك علامة تجارية أو رمز تجاري يُميز منتوجك للمستهلك بمجرد رؤيته، بما يحفظ لك حقوقك المادية والأدبية.
فبحسب المادة رقم 63 من القانون المصري فالعلامة التجارية هي:
(كل ما يُميز مُنتجًا سلعة كان أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المُتخذة شكلًا مُعينًا، والإمضاءات والكلمات والحروف، والأرقام، والرسوم والرموز.. وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يُدرك بالبصر). (7)
كما تنص مادة 64 بأن:
(تختص مصلحة التسجيل التجاري بتسجيل العلامات التجارية في السجل الخاص بهذه العلامات، وفقًا لأحكام هذا القانون، ولائحته التنفيذية). (7)
مُدة الحماية لعلامتك التجارية
مدة الحماية المُترتبة على تسجيل العلامة التجارية عشر سنوات من تاريخ تسجيلها، وتمتد لمُدة أو لمُدد مماثلة بناء على طلب صاحبها خلال السنة الأخيرة من مدة الحماية، وإذا لم تُستعمل العلامة التجارية لمدة خمس سنوات متتالية -دون مُبرر- فيجوز شطبها من سجل العلامات، ويحق لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سُجلت باسمه الطعن ببطلان التسجيل خلال الخمس سنوات الأولى من التسجيل، ومع ذلك يجوز الطعن بتسجيل العلامة دون التقيد بأي مدة متى اقترن التسجيل بسوء نية. راجع المادتين (90، 91). (7)
لماذا ألجأ لتسجيل علامة تجارية خاصة بأعمالي الفنية؟
تظهر أهمية تسجيل العلامات التجارية من خلال الانتهاكات التي نراها الآن من قيام بعض مصانع الملابس والحقائب والأحذية أو حتى الساعات اليدوية.. إلخ من تقليد العلامة التجارية لبعض بيوت الأزياء الشهيرة، بنية خداع المُستهلك والتربح ماديًا على حساب سمعة مُصمم آخر، مما يعرضه لانتهاكات مادية وأدبية. لهذا ظهرت موجة من أساليب الخداع والتدليس يلجأ إليها بعض المُصنعين للتملص من المسؤولية القانونية وذلك بالقيام بتصميم علامة تجارية تكاد تكون مطابقة لأحد العلامات التجارية العالمية، مع اختلافات تفصيلية طفيفة جدًا ولا تكان تكون ملحوظة في بعض الأحيان.
بالطبع هناك شق من المسؤولية الأخلاقية يقع على الثقافة الجمعية، فكثيرًا ما نرى بعض الأفراد يتفاخرون بارتدائهم ملابس أو اكسسوارات مقلَدة للتصاميم العالمية لبعض دور الأزياء الشهيرة، فيما يُعرف بالـ(High copy)، وتفاخرك هذا في واقع الأمر هو تفاخر بـ(سرقات) تُجارية، يتم فيها انتهاك حق أصحابها، وتشجيع على استمرارية تلك السرقات!
المسؤوليه القانونية الواقعة عليك في حال تقليدك أو تزويرك لعلامة تجارية مشهورة؟
كل من زور علامة تجارية تم تسجيها طبقًا للقانون، أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور، وكل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مُزورَة أو مُقلدة، وكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول، أو حاز بقصد البيع أو التداول مُنتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مُقلدة مع علمه بذلك يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تُجاوز عشرين ألف جنيه أو بهما معاً.
بخلاف ذلك يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضي بغلق المَنشأة التي استغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة لا تزيد عن ستة أشهر، ويكون الغلق وجوبيًا حال عودته لكرته الأولى. راجع المادة 113. (7)
وينص اتفاق مدريد بشأن السلع الزائفة والمضللة على أن كل السلع التي تحمل بيانا زائفا أو مضللًا للمصدر، يجب حجزها عند الاستيراد أو حظر استيرادها أو اتخاذ التدابير والعقوبات الأخرى في ذلك الشأن. (13)
هل يحق لي اختيار أي تصميم للعلامة التجارية الخاصة بأعمالي الفنية، أم أن هناك قيود على ذلك؟
نظمَ القانون هذه المسألة ووضع لها ضوابط وشروط، منها أن لا يكون تصميم تلك العلامة فيه رسم مُخل بالآداب العامة، أو أن يحتوي التصميم على مدلولات دينية، أو يتشابه مع رموز ذات صِبغة دينية، أوالشعارات العامة، والأعلام الخاصة بالدول، أو المنظمات الإقليمية والدولية، وألا تحتوي على بيان إسم تجاري مُقلد أو مزور، وهو ما وضحناه سابقًا وألا تحتوي على صور الغير أو شعاراته، مالم يوافق هو بنفسه على السماح بذلك، وبالطبع ألا تكون مُسجلة من قبل لصالح جهة أخرى.
كما يُلزم القانون مصلحة التسجيل التجاري بأن ترفض من تلقاء نفسِها تسجيل أي علامة تكون مطابقة لعلامة مشهورة، مالم يكن هناك إقرار من صاحب العلامة المشهورة يسمح فيه بذلك. راجع المادة 68. (7)
ولتيسير الأمر على المُتقدمين لتسجيل علاماتهم التجارية فقد أجاز القانون لأي شخص أن يَطَلِع على العلامات المُسجلة والحصول على صور من السجل الخاص بها، مقابل رسوم مادية لا تتجاوز المائة جنيه. راجع المادة 86 (7)
إذا لم أقم بتسجبل حقوق الملكية الفكرية الخاصة بي فهل يُهدر حقي؟
لم يتجاهل القانون هذا الأمر فهناك ما يسمى بـ(الحماية التلقائية)، فبمجرد نشرك لمصنف ما فالنشر أو الإذاعة في حد ذاته يُعد سَبقًا لحفظ الحق، فالحماية غير مشروطة بأي إجراء شكلي، وإنما مسألة التسجيل هي عملية تنظيمية تكفل التقليل من حدة التنازع بين الأطراف عند الاختصام، كما أن لها أهداف توثيقية تِبعًا لمبادئ اتفاقية برن الأساسية للعام 1886. بل ولا تتوقف الحماية على الحماية الممنوحة في بلد منشأ المُصنف، فيما يُعرف بمبدأ استقلالية الحماية، إلا أن تكون الحماية المنصوص عليها محددة بمُدة طبقًا لتشريعات بلد منشأ المُصنف. (20)
نبذة مُختصرة عن تاريخ الملكية الفكرية
الاعتداءات على الملكية الفكرية قديمة في تاريخ الإنسانية، وحيث أن الحفاظ على الملكية الفكرية سلوك حضاري يعبر عن تطور المجتمع وتطور سلوكه الحضاري الذي يراعي الأمانة العلمية ويراعي عدم الاعتداء على أملاك الغير ماديًا ومعنويا، فقد تداركت الدول الأوربية هذا الأمر وكانت السباقة في سن قوانين تحفظ الملكية الفكرية للأفراد بحيث كان أول مؤلِف استفاد من الامتياز الممنوح هو (جون سيلايا) في العام 1517، وقد أصدر ملك فرنسا “لويس السادس” عشر عام 1777 ستة مراسيم تضمنت إعترافًا بأن الملكية الأدبية للمؤلف هي أكثر الملكيات خصوصية، وصدر بعدها أول مرسوم بفرنسا خاص بحقوق المؤلف عام 1791، وتلاها قانون حماية الملكية الأدبية عام 1957، وتوالت القوانين في فرنسا وفي انجلترا وغيرها من الدول. (9)
في الدول العربية كان أول تشريع في الأردن، فقد ظل قانون حق المؤلف العثماني ساريًا اعتبارا من العام 1910 ولكن تم استبداله في العام 1992 ليواكب الاتفاقيات الدولية، وفي لبنان عام 1924، وفي مصر عام 1954، وفي تونس عام 1966، وفي العراق عام 1971، وفي السودان عام 1974، وفي الأردن عام 1992. (11)
حق المؤلِف العثماني
إحقاقًا للحق فلابد لنا من عرض موجز لأوَل قانون اهتم بحماية الملكية الفكرية للمؤلف في الدول العربية، من قبل أن تؤسَس المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وهو قانون حق المؤلف العثماني الصادر سنة 1910 كقانون يحفظ ويصون حقوق المؤلفين والمبدعين، وقد تضمن هذا القانون عدة مواد أعطت المؤلف حق الملكية على جميع منتجاته الفكرية بدون استثناء، ومن ضمنها المواد التي حددت وقسمت المصنفات المحمية إلى: (الألواح والمخطوطات والمنحوتات والرسوم والخرائط وسائر المسطحات والمجسمات والأفكار والكتب والمؤلفات وجميع منتوجات الأفكار).
وقد ضمن هذا القانون حقوق النشر والبيع والترجمة وإفراغ الموضوع بقالب تمثيلي والحقوق المادية للمؤلف، بالإضافة إلى المادة (6) التي تم من خلالها تحديد مدة الحماية للمؤلف ما دام حياً ولورثته مدة ثلاثين سنة بعد وفاته. وتناول هذا القانون أيضاً قضايا التصوير والاستنساخ وأشار في المادة 32 إلى عقوبة الانتهاكات الصريحة للحقوق، وحددها بالغرامة من خمسة وعشرين إلى مائة ليرة ذهب عثماني والسجن من أسبوع إلى شهرين ومصادرة المواد المطبوعة وإعادتها إلى أصحابها.
إلا أنَ هذا القانون لم يشمل تحت مظلة الحماية عدة مصنفات منها: المصنفات السينمائية والإذاعية والسمعية والبصرية، المصنفات الفلكلورية وعنوان المصنف، لذا دعت الحاجة لاستبداله لاحقًا. (14)
ونُظرًا لتفاوت الدول في تقدير حريات الأفراد وحقوقهم، وسن القوانين المُنظمة لتعاملاتهم فظهرت الحاجة إلى مبادئ عالمية تُقرها جميع البلدان بشكل موحد، لاسيَّما وأن النتاج الأدبي والفني والعلمي في هذا العصر انطبع بصِبغة العولمة، وبحيث أنَ تسجيلك لحقوقك الذهنية في قُطر ما يكفل لك حماية حقك من الانتهاك في أي قطر آخر؛ ومن هنا كانت أهمية المُنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، والتي تُعرف اختصارأ بـ(ويبو-WIPO).
ماهي الويبو؟
الويبو هي المنتدى العالمي للخدمات والسياسة العامة، والتعاون والمعلومات في مجال الملكية الفكرية، والويبو وكالة من وكالات الأمم المتحدة التي تمول نفسها بنفسها، والتي يبلغ عدد أعضائها 189 دولة عضوا.
ومهمة الويبو هي الاضطلاعُ بدورٍ ريادي في إرساء نظام دولي متوازن وفعال للملكية الفكرية، يشجع الابتكار والإبداع لفائدة الجميع. وترد ولايتها وهيئاتها الرئاسية وإجراءاتها التنظيمية في اتفاقية الويبو التي أنشئت بموجبها الويبو في عام 1967. (15)
فيديو تعريفي:
https://www.youtube.com/watch?v=Ap45y7oc-mQ
المعاهدات التي انضمت لها جهورية مصر العربية
نظمت الويبو العديد من المعاهدات التي اتفق عليها الدول الأعضاء والتي شاركت فيها جمهورية مصر العربية، ومن هذه المعاهدات والتي تتصل بموضوع المقال اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية عام 1975، اتفاق مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات2009، ومعاهدة التعاون بشأن البراءات 2003، اتفاقية برن بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية 1977، ومعاهدة قانون العلامات 1999واتفاقية حماية منتجي الفونوغرامات من استنساخ فونوغراماتهم دون تصريح. (17)
تأثير انتهاكات الملكية الفكرية على حقوق الكاتب العربي
أزمة يواجهها الكُتاب المعاصرون، فلا تلبث دور النشر بطرح أعمالهم الإبداعية في سوق الكتاب، حتى يُفاجَؤوا بطرح نسخ مُقلدة من أعمالهم بجودة أقل من حيث الطباعة و سعر أقل مما يُلحق بهم ضررًا أدبيًا وماديًا، بل إن حدود الانتهاكات تمتد من المؤلِف نفسه لتطال دار النشر الأصلية مما يترتب عليه خسارة مادية لهم!
وليت الأمر يتوقف على طبع المُصنف فقط بل الإشكالية الأخرى هي أن يقوم أحد القُراء برفع محتويات الكتاب على الإنترنت في صورة ملف (word) أو PDF))! فتكون الخسارة أشد.
هل كون المؤلِف هو من ألَفَ العمل الأدبي يجعل منه صاحب السلطة عليه والمتمتع الوحيد بحق الملكية الفكرية ؟
بتعاقد الكاتب أو الروائي مع إحدى دور النشر ينتقل جزء كبير من حقوق الملكية الفكرية لتلك الدار، طبقًا للعقد المشترك بينهم، مع الحفاظ على الحقوق الأدبية للكاتب والتي تظل مستمرة، حتى وان انتقلت حقوق سياسة التوزيع لدار النشر.
(للمؤلف أن ينقل للغير كل أو بعض حقوقه المالية.. ويُشترط أن يكون هذا التصرف مكتوبًا). المادة 149 (7)
وعادة ما يكون العقد بين الكاتب ودار النشر لمدة محددة يتفق عليها الطرفان أو بخصوص طبعة واحدة أو عِدة طبعات، وبنسبة ربح محددة يتقاضاها الكاتب من مبيعات مؤلَفه، كما يمكن لدار النشر أن تمنع المؤلِف من نسخ أو نقل أو عرض النسخة الأصلية، طالما لم يُذكر هذا في الاتفاق. راجع المادة 152 (7)
(يسري مفهوم خاطئ لدى بعض المؤلفين أنه صاحب الحق الوحيد في حق الترجمة أو النشر في أي وسيلة إعلامية، أو تحويل العمل إلى صورة فنية مثل السينما والتليفزيون والمسرح أو الإذاعة، بعد تعاقده مع الناشر وصدور العمل، بينما في البلدان المتقدمة تكون كل هذه الحقوق من خلال الناشر، ويكون العائد من حق المؤلف والناشر وهو ما يسمى بالحقوق المجاورة). (16)
وأجاز القانون للمؤلِف أن يرجع للمحكمة الابتدائية في حال رأى أن الاتفاق مع دار النشر كان مُجحِفًا لظروف طرأت بعد التعاقد، فيُعاد النظر في قيمة المقابل المُتفق عليه، مع مراعاة حقوق المُتفق معه وعدم الإضرار به. المادة 151 (7)
وفي حال وفاة الكاتب تظل الوصاية على أعماله تابعة لدار النشر التي تعاقد معها خلال مدة العقد، وينتقل الربح المادي لورثته، وبعد انتهاء مدة العقد يحق لورثته التصرف في قرار إعادة نشر أعماله.
(يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده بحق استئثاري في الترخيص أو المنع لأي استغلال لمُصنفه بأي وجه من الوجوه وبخاصة عن طريق النسخ أو البث الإذاعي أو إعادة البث الإذاعي.. أو الترجمة.. أو الإتاحة للجمهور، بما في ذلك إتاحته عبر أجهزة الحاسب الآلي، أو من خلال شبكات الإنترنت أو شبكات المعلومات أو شبكات الاتصالات، وغيرها من الوسائل.. كما ويتمتع المؤلِف وخلفه من بعده بالحق في تتبع أعمال التصرف في النسخة الأصلية لمُصنفِه، والذي يُخوله الحصول على نسبة مئوية معينة لا تُجاوز عشرة في المائة من الزيادة التي تحققت من كل عملية تصرف في هذه النسخة) راجع المادة رقم 147 (7)
هل يجوز لورثة الروائي بنشر أعماله بعد وفاته؟
لا يجوز لورثة الكاتب أن يقرروا نشر أعمال المؤلِف بعد وفاته طالما لم يأذن هو بذلك، وإن كان ينشر أعماله في حياته باسم مُستعار فلا يجوز لورثته الكشف عن شخصيته، فحقه الأدبي يمتد على أعماله حتى بعد وفاته.
وبما أننا تطرقنا للحديث عن وضع أعمال الكاتب بعد وفاته من حيث التداول فقد يتسائل البعض لماذا نرى بعض دور النشر تنشر أعمال الأدباء الذين مرة على وفاتهم فترة طويلة؟
نظمت المادة السابعة من اتفاقية (برن-Berne) مُدة الحماية بوجه عام على أن تشمل مدة حياة المؤلف وخمسين سنة بعد وفاته. وهذا يُفسر مسارعة دور النشر لإعادة طباعة أعمال المؤلِفين إذا مر على وفاتهم خمسون عامًا.
أما بشأن مصنفات التصوير الفوتوغرافي والفن التطبيقي فقد أوردت المادة (7/2) حداً أدنى للحماية مقداره خمساً وعشرون سنة من تاريخ إنجاز المصنف. (10)
ترجمة الأعمال:
تنتهي حماية حق المؤلِف ومن ترجم مُصنفه إلى لغة أجنبية أخرى في ترجمة ذلك المُصنف إلى اللغة العربية إذا لم يباشر المؤلِف أو المُترجم هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره في مدى ثلاث سنوات من تاريخ أول نشر للمُصنف الأصلي أو المُترجم. راجع مادة 148 (7)
الرأي الآخر!
رغم طرحنا السابق بخصوص انتهاكات الملكية الفكرية في مجال صناعة الكتب وما تسببه من أضرار أدبية ومادية لكل من الناشر والمؤلِف، فعلى ما يبدو هناك من يرى أن ذلك يشتمل على نوع من المبالغة! وسنعرض هذا الرأي كما هو ونترك الحكم للقارئ..
«لقد انصبت الدعاوى في السنوات بل العقود السابقة على حماية اصحاب الإنتاج المعرفي وتحديدًا في حقل الكتب والمصنفات الفنية، وحملت تلك الدعاوى في نطاقها نكهة الدفاع عن المبدع العربي في موطنه العربي ضد الأنشطة التي تمثل اعتداء على نتاج عقله من الكتب ومختلف مصنفات الأدب والفن ولم تلبث أن انطفت جذوة هذه الدعاوى لسبب حقيقي واحد وهو أن قرصنة مثل هذه المصنفات لم يعد بالعمل المجدي لمرتكبه اذا ما انتهج الطريق القانوني القويم، بل إن المستخدم لم يعد يتقبل النسخ المقلدة أو المصورة أو المستنسخة من المصنفات ما دام سعر الأصل يقارب إن لم يكن اقل من سعر المستنسخ، بمعنى أن استراتيجيات التسعير والتسويق ساهمت وحدها بمحاربة نشاط القرصنة في حقل الكتاب، مع بقاء استثناءات محصورة في حقل الكتب الأكاديمية وتجارتها التي جاء القانون ليحد منها من خلال وسيلة الترخيص الإجباري الممنوح للسلطة الحكومية حفاظًا على الاحتياجات الثقافية والعلمية. والنتيجة أن الواقع العربي لم يشهد الكثير من دعاوى الملكية الفكرية على مدى سنوات، ولا نبالغ إن قلنا أن القوانين العربية في هذا الحقل لم تُمتحن جميعها في التطبيق لغياب المنازعات في هذا الحقل. ويثور التساؤل، إذن لماذا الآن إعادة تجديد ظاهرة التقاضي في حقل الملكية الفكرية وهل تنشأ الظاهرة من ذات الحقيقة ام ان لها مصدرًا وغرضا آخر؟» (11)
(يونس عرب/ الحقائق الخفية في دعاوى الملكية الفكرية)
تأثير انتهاكات الملكية الفكرية على السياسة التسويقية للأعمال الموسيقية
وَقَـالَتْ لِيَ الأَرْضُ – لَمَّا سَـأَلْتُ : «أَيَا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟»
أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَــر
وأَلْـعَنُ مَنْ لا يُمَـاشِي الزَّمَـانَ وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشَ الحَجَر
هُوَ الكَـوْنُ حَـيٌّ ، يُحِـبُّ الـحَيَاةَ وَيَحْـتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَـا كَــبُر
(إرادة الحياة/ أبو القاسم الشابي)
لا مفر من تأزم أمور حياتك ببعض أوقاتها، فإما أن تيأس! أو تستجمع شتات رُوحك لتُثابر من جديد، ولا مثابرة بدون تعامل جَدي مع مشكلاتك وهذا ليس بحديث مشاعرِ أفراد، بل ينطبق أيضًا على العمل الجمعي المُنظم. فهناك مشكلات لابد من إيجاد حلول لها، وهناك مشكلات لابد من التعايش معها بالصورة التي تحقق أقل قدر ممكن من الخسائر، وإن كنت ذو عقلٍ ابتكاري فقد يكافئك جهدك الدؤوب بأن تقلب الأمور رأسًا على عقب لصالحك فتستخلق من جوهر مشكلتك ما يعود عليك بنفع أكبر، وسيعي مقصدي جيدًا الدراسين للهندسة والتصميم المعماري فمع كثرة عدد المشاريع المطلوب تسليمها ونُظرًا لضيق الوقت، أحيانًا أثناء العمل على إظهار التصميم بأقلام التحبير وأنت على مشارف إنهائه وتضع الرتوش الجمالية النهائية تسقط منك نقطة حبر على ما أنجزته! ونقطة حبر أسود على لوحة طالب معماري هي كارثة حقيقية.. ضاعَ المشروع! إن حالفك الحظ بالتتلمذ على يد مُعلم أمين كريم فلابد وأنه أشار إليك يومًا ما أن بعض أخطائك الغير مقصودة إن تعاملت معها بذكاء فقد تُنتج عملًا أكثر إبداعًا.. فقط أعمِل عقلك، ومن امتلك عقله فقد امتلك كلَ شيئ.
على ما يبدو فهذا ما انتهجته شركات الإنتاج الصوتي والموسيقي مؤخرًا، والحاجة أمُ الاختراع. فمنذ سنوات طويلة وهي تُصارع مع قراصنة نَسخ شرائط الكاسيت والاسطوانات الموسيقية وما ينضم لتلك الفئة من المصنفات، ولا شك أن ذلك كثيرًا ما تسبب بخسائر فادحة لشركات الإنتاج و الفنانين المُتعاقد معهم، بخلاف ظاهرة أخرى استجدت على الساحة الإلكترونية وهي مسارعة بعض المستخدمين للإنترنت ببث الأغاني حديثة الإصدار على قنواتهم الخاصة على (يوتيوب) على شكل كليبات قصيرة، وأحيانًا ما يعود عليهم ذلك بالربح المادي حال تحقق نسب مشاهدة عالية لتلك المواد!
وكان لابد لشركات الإنتاج من مواجهة هذة المشكلة، مما أثر على تغير جَذري في الأساليب التسويقية والربحية لجانبهم. فكل شركة سارعت بإنشاء قناة رسمية خاصة بها، وأصبحت هي نفسها تنتج كليبات قصيرة لكل الأغاني الحديثة بجودة عالية، كرد فعل إيجابي لمواجهة تلك المشكلة، مع الاحتفاظ بمكليتهم الفكرية لتلك المواد، فوازَنَ ذلك خَسارَتهم نوعًا ما، وفتح مجالًا تنافُسيًا وسوق عملٍ رحب لمُبدعي برامج المونتاج بأفكارهم الابتكارية، فحققوا بذلك نسب مشاهدة أعلى لقنوات الشركات المُنتجة على (يوتيوب) وغيرِه.
(يتمتع مُنتجوا التسجيلات الصوتية بالحقوق الآتية: منع أي استغلال لتسجيلاتهم بأي طريقة من الطرق بغير ترخيص كتابي مُسبق منهم، ويُعد بوجه خاص استغلالًا محظورًا نسخها أو تأجيرها أو البث الإذاعي لها أو إتاحتها عبر أجهزة الحاسب الآلي أو غيرها من الوسائل). المادة 157 (7)
أعطت إتفاقية روما في المادة 10 لمنتجي التسجيلات الصوتية حقا إستئثاريا في شأن الإستنساخ، فللمنتج أن يحظر أو يُصرح بإستنساخ التسجيل. وأوجبت الإتفاقية على من ينتفع بالتسجيل الصوتي المنشور لأغراض تجارية أو نسخه لإذاعته أو نقله للجمهور أن يدفع مقابل عادل للفنان أو منتج التسجيلات أو كليهما.
كذلك منحت اتفاقية (تريبس) مُنتجو التسجيلات الصوتية حق إجازة النسخ المباشر أو غير المباشر لتسجيلاتهم الصوتية أو منعه (14/2) وحق إجازة حظر التأجير.
أما اتفاقية الويبو فقد قسمت الحقوق المخولة لمنتج التسجيلات إلى حق الإستنساخ والتوزيع والتأجير والإتاحة، وأعطيت للمنتج جميع هذه الحقوق بصورة إستئثارية. (18)
أين تتوجه حال رغبتك بتسجيل حقوقك الفكرية؟
في حال رغبتك بالحصول على التراخيص المتعلقة بالطبع أو النشر، أو تراخيص متعلقة بالتسجيل الصوتي، أو حتى تراخيص للأعمال المسرحية، أو تسجيل لحقوق شتى المصنفات المختلفة، من خلال اللينك الآتي ستتعرف على المكاتب المناسبة، التابعة للوزارات المختصة بجمهورية مصر العربية، التي تتوجه لها تِبعًا لنوع الغرض المنشود، مع بيان قيمة الرسوم المطلوبة منك لحفظ حقوقك. (19)
http://www.wipo.int/wipolex/ar/text.jsp?file_id=198235
لينكات هامة لتعي حدود مساحتك الخضراء في هذا العالم
لو كان الأمر بيدنا لطالبنا أن يتسلم كل مواطن كتاباً قانونيًا مع تسلمه لبطاقة تعريفه الشخصي، يُلازمه طوال حياته! فلا يأتي على حقِ أحدٍ ولا حقه يُنتهك. إليك أهم ما هو مُهم فيما يتعلق موضوع المقال:
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
http://www.un.org/ar/documents/udhr/index.shtml
– دستور جمهورية مصر العربية
http://www.wipo.int/wipolex/ar/details.jsp?id=15307
– القانون المصري رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية
http://www.wipo.int/wipolex/ar/details.jsp?id=1301
– موقع الويبو (المنظمة العالمية لحماية حقوق الملكية الفكرية)
http://www.wipo.int/portal/ar/
_______________
إعــــــداد: عُمر عون
تدقيق: ريم سمير
تصـميــم: حسناء الدباوي
تحرير: ندى المليجي
المصادر:
1- http://sc.egyres.com/08Bpq
2- http://sc.egyres.com/dsPRm
3- http://sc.egyres.com/Rs08Q
4- المدخل لدراسة التشريعات والقوانين/ عصام عفيفي عبد البصير.
5- http://sc.egyres.com/J0EpO
6- http://sc.egyres.com/fbUxV
7- http://sc.egyres.com/O1YMh
8- أسس الملكية الفكرية/صلاح الدين سليمان الرضي.
9- صعوبات الحد من الاعتداء على الملكية الفكرية والحلول التي اتخذتها بعض الحكومات/ ناصر قاسيمي.
10- http://sc.egyres.com/d07EH
11- الحقائق الخفية في دعاوى الملكية الفكرية/ يونس عرب.
12- http://sc.egyres.com/GE9bk
13- http://sc.egyres.com/L2hJP
14- http://sc.egyres.com/x1j5o
15- http://sc.egyres.com/aeqpA
16- http://sc.egyres.com/TNqcH
17- http://sc.egyres.com/4RepV
18- http://sc.egyres.com/J0EpO
19- http://sc.egyres.com/QRE4H
20- http://sc.egyres.com/46Efz