حتشبسوت.. المرأة الفرعون (الجزء الثالث)

الجزء-الثالث

توفيت الملكة (حتشبسوت) في عام 1458ق.م، وكانت في أواخر الأربعينات من عمرها، وذلك بعد حكم دام أكثر من عشرين عامًا، هذا وتعتبر نهاية حكم الفرعونة حتشبسوت غامضة ، تولي تحتمس الثالث الحكم بعد الملكة حتشبسوت، ويعد (تحتمس الثالث) من أقوي فراعنة مصر، وكان له الدور الأكبر في تكوين الإمبراطورية المصرية في عصر الدولة الحديثة؛ فقد قاد في غضون تسعة عشر عامًا حوالي سبعة عشر حملة عسكرية إلى بلاد الشام، واستطاع هزيمة الكنعانيين في موقعة (مجدو)-مدينه في فلسطين حاليا-، ويجدر الذكر أن هذه المعركة تدرس في الأكاديميات العسكرية إلى يومنا هذا؛ ولذلك لقب فيما بعد ب(نابليون مصر القديمة).

عمل تحتمس الثالث علي محو آثار زوجة أبيه (حتشبسوت)، اختلف علماء الأثار حول السبب الذي دفع تحتمس الثالث لمحو آثار حتشبسوت؛ فقد رأي بعضهم أنه انتقامًا منها لاستيلائها على الحكم الذي كان أحق به بعد وفاة أبيه (تحتمس الثاني)، ولكن هذه الفرضية تبددت لدى البعض؛ وذلك بعد اكتشاف في ستينات القرن العشرين والذي يُعد دليلًا علي أن محو الأثار حدث بعد عشرين عامًا من وفاتها، لذا يعتقد البعض أن تحتمس الثالث كان بحاجة لدعم شرعية خلافة ابنه (أمنحتب الثاني) نتيجة وجود خصوم من عائلة أخري يطالبون بالحكم.

اكتشاف مقبرة الفرعونة

كشف الأركيولوجي (هاورد كارتر) مقبرة حتشبسوت التي يرمز إليها ب( KV20) في عام 1903م، وقد قال عن ذلك الأنجاز «أنه واحد من أصعب الأعمال التي أشرف عليها طيلة مساره المهني» . وجد هاورد كارتر تابوتين حجريين داخل المقبرة ، كما وجد بعض الألواح الحائطية وصندوق كانوبي (يحفظ فيه الأحشاء الخاصة بالمتوفي) ولكن لم يعثر علي مومياء الفرعونة، في حين كشف في المقبرة التي يرمز لها ب (KV60) علي مومياءتين لامرأتين عاريتين وبعض الأوز المحنط، ولم تحظ هذه المومياوات باهتمام هاورد كارتر ظنًا منه أنها ليست ذات أهمية.

بعد عدة سنوات بدأ الدكتور (زاهي حواس) -الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار- رحلة البحث عن مومياء الملكة حتشبسوت، في البداية بحث في قبرها بوادي الملوك (KV20)، وعندما لم يجد فيه شيئا انتقل إلى قبر آخر في الدير البحري أقرب إلى معبد حتشبسوت الجنائزي الشهير وكان يرمز إلى القبر ب DB320))، ولكنه لم يعثر أيضًا علي أي أثر لمومياء الفرعونة، ثم زار زاهي حواس قبرًا آخر في وادي الملوك وهو المرمز له ب(KV60) والذي يحتوي علي المومياءتين، وفي ذلك الوقت تذكر زاهي حواس صندوق الأحشاء الخاص بالملكة، والمسجل عليه اسمها، وبعد دراسة الصندوق باستخدام الأشعة المقطعية كشف ضرسًا داخل الصندوق بجانب الكبد، والأمعاء الخاصة بالملكة، وقد تطابق هذا الضرس مع الفجوة التي كانت بالمومياء ( KV60a) ، و تأكد أن المومياء تعود للملكة حتشبسوت وكان ذلك عام 2007 م. يجدر الذكر هنا أن المصريين القدماء خلال عصري الأسرة 21 والأسرة 22 قاموا بنقل العديد من المومياوات من مقابرها الأصلية إلى خبايا؛ وذلك للحفاظ عليها من أعمال السرقة، فقاموا بنقل مومياء حتشبسوت من المقبرة KV20) )الخاصة بها إلى المقبرة (KV60) المرجح أنها لمرضعتها (ستن رع)، وربما كان ذلك تمهيدًا لنقلها بعد ذلك إلى إحدى خبايا المومياوات.

صرح الدكتور زاهي حواس بأنه «هناك أدلة أثبتت أن المومياء ( KV60a) تعود للملكة حتشبسوت وذلك بجانب الضرس، ويتمثل ذلك في الأدلة التشريحية الخاصة بالسمات التشريحية لأسرة الملوك التحامسة وهما تحتمس الأول والثاني والثالث التي تنتمي إليها حتشبسوت، وأيضًا الصفات الجينية المتشابهة بين مومياء الملكة حتشبسوت والملكة (أحمس نفرتاري) وهي جدة حتشبسوت ورأس العائلة الملكية، وذلك بعد إجراء اختبارات الحمض النووي DNA، ونود أن نذكر هنا أن سلالة حتشبسوت تمتد إلى إخناتون وتوت عنخ آمون أيضًا».

ما هو سبب وفاة الفرعونة حتشبسوت؟

يُرجح أن يكون سرطان الحوض هو سبب وفاتها، ومن المعتقد أن إصابتها به كانت؛ نتيجة استخدامها أدوية تحتوي علي مواد مسرطنة، فقد كانت الملكة تعاني من مرض جلدي في وجهها ورقبتها، فبعد فحص قنينة عطر خاصة بالملكة وجد خبراء الأدوية العديد من الكربوهيدرات المشتقة من (الكريوسوت Creosote – ) والتي من المحتمل أن لها تأثيرات مسرطنة، كما وجد أيضًا مادة (بينزو الفا بيرين) والتي تعد أحد أشد المواد المسرطنة خطورة، والتي تعد السبب في الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنون.

لم يكن السرطان وحده الذي عانت منه الملكة حتشبسوت، بل عانت الملكة أيضًا من السكر، وربما كان السبب المباشر في إصابتها بالبدانة خاصة في الجزء العلوي من الجسد، كما أن أسنان الملكة كانت تعاني من جملة من المشاكل وفاقدة لأحد الضروس، والذي كان سببًا في التعرف علي موميائها كما ذكرنا مسبقًا، أيضًا عانت الملكة من تآكل الغضاريف، وتيبس المفاصل، وفقرات العمود الفقري.

المصادر:

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي