خوارزمية جديدة لحل مشكلة غرف الصدى على الشبكات الاجتماعية

191015-reinforcement-bubble-main-kh_b57c5a225d65f3d0e51ee27dfa3bd732.fit-760w

تعتمد مواقع التّواصل الاجتماعيّ اليوم على بناء غرف الصّدى (تُعرف أيضًا ب «فقّاعات المرشّح») الّتي تعزل المستخدمين في مجتمعاتٍ رقميّةٍ متشابهة التّفكير. تخلق تلك الفقّاعات مستوياتٍ أعلى من التّفاعل، لكنّها تأتي بمخاطر؛ منها الحدّ من تعرّض النّاس إلى وجهات النّظر المتنوّعة، ودفع الاستقطاب بين الأصدقاء، والعائلات، والزّملاء. هذا التّأثير ليس بمصادفةٍ أيضًا، فالحقيقة أنّه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بخوارزميّات زيادة الرّبح إلى أقصى حدٍّ، الّتي تستخدمها مواقع التّواصل الاجتماعيّ وعمالقة التّكنولوجيا على منصّاتٍ مثل تويتر (Twitter)، وفيسبوك (Facebook)، وتيكتوك (TikTok)، ويوتيوب (YouTube).

وفي تطوّرٍ مبشّرٍ، يمتلك فريقٌ من الباحثين من فنلندا والدّانمارك رؤيةً مختلفة لآليّات عمل منصّات التّواصل الاجتماعيّ. لقد طوّروا خوارزميّةً جديدةً تزيد من تنوّع المحتوى الّذي يتعرّض له المستخدمون على شبكات التّواصل، مع ضمان مشاركة المحتوى على نطاقٍ واسعٍ.

ساعد أنطونيس ماتاكوس (Antonis Matakos)، طالب دكتوراةٍ في قسم علوم الحاسب في جامعة آلتو (Alto University) بإسبو، فنلندا، في تطوير الخوارزميّة الجديدة. وهو يعبّر عن قلقه حيال خوارزميّات التّواصل الاجتماعيّ المُستخدمة حاليًّا. رغم أنّ آليّات الخوارزميّات الحاليّة تعني أنّ النّاس غالبًا ما يواجهون قصصًا إخباريّةً ومعلوماتٍ يستمتعون بها، إلّا أنّها يُمكن أن تقلّل من تعرّض الشّخص إلى آراءٍ ووجهات نظرٍ متنوّعةٍ، يقول ماتاكوس «وبمرور الوقت، قد ينسى النّاس أنّ هناك وجهات نظرٍ وأنظمةً قيميّةً وطرقًا أخرى للحياة تختلف عمّا يعتنقونه… مثل هذا الوضع يؤدّي إلى تآكل المجتمع، وإلى الاستقطاب والصّراع». ويقول «بالإضافة إلى ذلك، قد يُكوّن النّاس رؤيةً مشوّهةً للواقع، قد ترصف الطّريق أيضًا للانتشار السّريع للأخبار المزيّفة والإشاعات.»

يركّز بحث ماتاكوس على عكس تلك الاتّجاهات الضّارّة. يصف هو وزملاؤه خوارزميّةً جديدةً في دراسةٍ نُشرت في نوفمبر في مجلّة معاملاتٍ على المعرفة وهندسة البيانات (Transactions on Knowledge and Data Engineering)، وهي إحدى المجلّات العلميّة التّابعة لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيّات (IEEE).

يتضمّن النّهج تعيين قيمٍ رقميّةٍ لكلٍّ من محتوى الوسائط الاجتماعيّة والمستخدمين. تُعبِّر القيم عن موقعٍ على نطاقٍ أيديولوجيٍّ، على سبيل المثال؛ أقصى اليسار أو أقصى اليمين. تُستخدم تلك الأرقام لحساب درجة التّعرّض للتّنوّع لكلّ مستخدمٍ. بشكلٍ أساسيٍّ، تحدّد الخوارزميّة مستخدمي مواقع التّواصل الاجتماعيّ الّذين سيشاركون المحتوى الّذي سيؤدّي إلى زيادة انتشار مجموعةٍ متنوّعةٍ من الأخبار ووجهات النّظر عن المعلومات بأقصى درجةٍ. بعد ذلك يُقدّم محتوًى متنوّعٌ لمجموعةٍ مختارةٍ من الأشخاص الّذين لديهم درجة تنوّعٍ معيّنةٍ، والّذين من المرجّح أن يساعدوا المحتوى في الانتشار عبر شبكات التّواصل الاجتماعيّ؛ وبالتّالي، زيادة درجات التّنوّع لكلّ المستخدمين بأقصى حدٍّ.

يقارن الباحثون في دراستهم خوارزميّتهم الجديدة لوسائل التّواصل الاجتماعيّ بعدّة نماذج أخرى في سلسلةٍ من عمليّات المحاكاة. كانت أحدَ تلك النّماذج الأخرى طريقةٌ أبسط تختار المستخدمين الأكثر اتّصالًا بشكلٍ جيّدٍ، وتوصي بالمحتوى الّذي يزيد من درجة تعرّض الشّخص للتّنوّع بشكلٍ فرديٍّ. يقول ماتاكوس أنّ خوارزميّة مجموعته توفّر محتوًى مستخلصًا لمستخدمي مواقع التّواصل الاجتماعيّ، يكون أكثر تنوّعًا بثلاث مرّاتٍ على الأقلّ (وفقًا لمقياس الباحثين) من تلك الطّريقة الأكثر بساطةً، وأكثر من ذلك بالنّسبة للطّرق الأساسيّة المُستخدمة للمقارنة في الدّراسة.

تشير هذه النّتائج إلى أنّ استهداف مجموعةٍ استراتيجيّةٍ من مستخدمي وسائل التّواصل الاجتماعيّ وإشباعهم بالمحتوى المناسب، هو أكثر فاعليّةً لنشر وجهات النّظر المتنوّعة عبر شبكة التّواصل الاجتماعيّ، من التّركيز على المستخدمين الأكثر اتّصالًا بشكلٍ جيّدٍ. والأهمّ من ذلك، ترجّح عمليّات المحاكاة الّتي أُجريت في الدّراسة أيضًا، أن يكون النّموذج الجديد قابلًا للتّوسّع.

العقبة الرّئيسية، بالطّبع، هي هل تكون شبكات التّواصل الاجتماعيّ مستعدّةً لدمج الخوارزميّة في أنظمتها. يتصوّر ماتاكوس أنّ في الوضع المثاليّ؛ يُمكن أن تكون خوارزميّته الجديدة ميزةً اختياريّةً تُقدّمها شبكات التّواصل الاجتماعيّ لمستخدميها. يقول ماتاكوس «أعتقد أنّ [الشّبكات الاجتماعيّة] من المحتمل أن تكون منفتحةً على الفكرة. ومع ذلك نحن نعلم من النّاحية العمليّة أنّ خوارزميّات الشّبكة الاجتماعيّة الّتي تجمع محتوًى مستخلصًا للمستخدمين، تتّجه نحو زيادة الرّبح بحدٍّ أقصًى؛ ولذلك سيحتاج اﻷمر إلى خطوةٍ كبيرةٍ بعيدًا عن هذا الاتّجاه.»

شارك المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي