إرتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على منطقة الخليج العربى

Template-new963

قد تعاني منطقة الخليج العربي، أو بلاد فارس بنهاية القرن الحادي والعشرين من ارتفاع شديد في درجات الحرارة؛ حيث أنه من المتوقع أن تصل درجة الحرارة إلى أعلى من 75 درجة مئوية وفقًا للدراسة التي طرحت على موقع (Nature Climate Change ) ، والتي أعدتها مجموعة من الباحثين الأمريكين. إن القرن الحالي قبل أن يلوح لنا بإشارات الوداع، ربما سيوميء لنا بإيماءات تحذيرية، مفاداها أنه علينا أن نرحل من منطقتنا وخليجنا العربى إلى خلجان ومناطق أخرى؛ فسيكون هناك تهجيرًا قسريًا، ليس من قِبل الفاسدين في الأرض بل من قبل الطبيعة الغاضبة على بني البشر.

وتؤكد هذه الدراسة أن المنطقة الواقعة على ضفاف الخليج العربي ستشهد سيناريوهات مروعة، تتمثل في استمرار ارتفاع درجات الحرارة في ظل غياب الجهود المبذولة لتفادي آثار هذه الموجة الحارقة والضارة.

وتؤكد الدراسة أيضًا أننا سنلاحظ إرهاصات وتأثيرات هذا السيناريو قريبًا، وعلى مسافات زمنية متقاربة، وأقرب بكثير مما كنا نتوقع. وأهم المدن التي ستتأثر بشدة بهذا السيناريو هي دبي وأبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والدوحة بقطر، وظهران بالمملكة العربية السعودية. وتصف هذه الدراسة الظروف المناخية الحادة التي ستواجهها المنطقة وتتمثل فى »عتبة حرارية« أو شدة حرارية، وهي وفقًا لتعريف المنظمة العالمية لعلوم المناخ: »هي النقطة التي تصل فيها درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها، ويتأتى ذلك بسبب تأثيرات خارجية في النظام المناخي، كزيادة تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وتعرف أيضًا على أنها حدث مناخي أو بيئي هام، يعتبر غير قابل للتغيير أو المعالجة، ويحدث على فترات زمنية طويلة جدًا مثل إبيضاض الشعاب المرجانية الواسع النطاق، أو انهيار أنظمة الدوران التابعة للمحيطات. وتعرف هذه العتبة الحرارية على أنها النقطة الحرجة التي تصل إليها درجات الحرارة وكما ذكرنا سابقًا أن ذلك يعني الوصول إلى أقصى درجة حرارة تتعرض لها المنطقة منذ فترة زمنية بعيدة«.

 

وقد أكد الفاتح علي بابكر الطاهر الذي يعمل بروفيسور بجامعة ماساتشوستس للتقنيات التكنولوجية الحديثة بمدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية، أن درجات الحرارة حينها أي بنهاية القرن الحالى ستتعدى درجات الحرارة المحتملة لجسم الإنسان؛ حيث أنه اعتمدت هذه الدراسة على مقياس درجات الحرارة الرطبة الذي يعني وفقًا لتعريف الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة العربية السعودية (درجة الحرارة المركبة التي تستخدم في تقدير آثار كلًا من درجة الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح، والإشعاع المرئي، والأشعة تحت الحمراء -ضوء الشمس- على البشر). ولقد اخترع لقياس هذا الأثر نموذج مناخي كانت نتائجه أن درجات الحرارة الرطبة ستصل إلى 75 درجة مئوية في الفترة الممتدة من عام 2071م وحتى عام 2100م؛ أي ما يقرب من ثلاثين عام.

وأكد على هذه النتائج(Jeremy S.Pal )، الكاتب والمشرف الرئيسي على هذا البحث، والذي يعمل كبروفيسور للهندسة البيئية والمدنية بجامعة ( Loyola Marymount University, California ). وأكدت هذه الدراسة على أن موجات الاحترار التي ستتعرض لها المنطقة ستتسبب في الإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية لدى المسنين وحديثي الولادة، وخطورة هذه الموجة الحارة تتعدى ذلك بكثير؛ بسبب احتمال إصابة الأشخاص اللذين يتمتعون بلياقة بدنية عالية وصحة جيدة حتى في حالة توافر الظل والتهوية الصحية الجيدة في أماكن العمل والعيش.

وأكد أيضًا الطاهر على أن هذه الموجات ستشكل خطرًا من الدرجات المتقدمة لمعظم البشر فى منطقة الخليج العربي، التي تتعرض كل 20 عامًا إلى موجة حارة شديدة تصل فيها درجات الحرارة إلى 53 درجة مئوية؛ إلا أن هذا السيناريو هو الأول من نوعه الذي ستتعدى فيه درجات الحرارة 75 درجة مئوية؛ مما سيجعل فصل الصيف حينها من أكثر فصول الصيف حرارة منذ عشرات الأعوام.

 

وتكمن الخطورة الكبيرة أن أجسامنا قد تتكيف لبضع الوقت مع درجات الحرارة الشديدة؛ ولكنها مع مرور الوقت وزيادة الفترة الزمنية التي يتعرض فيها الجسم لهذه الدرجات المرتفعة من الحرارة، لا تستطيع أجسامنا التأقلم مع هذا التغير وقد يؤدي بنا هذا الأمر إلى فقدان الحياة والموت المفاجيء.

وحدد الباحثون مركز شبه الجزيرة العربية والمنطقة المحيطة بالخليج العربي على أنها مركز الموجه الحارة التي ستضرب المنطقة. ويذكر الباحثون الأسباب الرئيسية لهذا التغير المناخي الإقليمي إلى غياب السحب، وزيادة الإشعاع الشمسي، وكثرة المواد والأجسام الدفيئة على السطح وفي الأعماق، وزيادة نسبة انعكاس الإشعاع الشمسي الممتص أثناء فترات الظهيرة.

ولا يمكن مواجهة هذا الاحترار الصيفي الذي قد يصل إلى ثلاثين عامًا -تتمثل في ثلاثين فصل صيف متعاقب- إلا من خلال خفض الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة. ويؤكد الطاهر على أن محاولات خفض الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة هو الحل الأمثل لتفادي هذه الموجات الحارة أو التقليل من أخطارها.

الحج

بسبب هذه الموجات الحرارية الحادة؛ ربما لن يتمكن المسلمون من القيام بالطقوس الدينية السنوية والخاصة بموسم الحج، وزيارة بيت الله الحرام، والمدينة المنورة، ومكة فى المملكة العربية السعودية. وفي هذه الفترة الزمنية وطبقًا للسيناريو المناخي المتوقع فإن منطقة مكة المكرمة وما يحيط بها ستكون من المناطق الأكثر احترارًا؛ حيث ستصل درجة الحرارة إلى 66 درجة مئوية. وللعلم أعلى درجة حرارة سجلت منذ عام 1980م  كانت فى عام  2010م، ووصلت وقتها إلى 49 درجة مئوية، وعند مقارنة هذه الدرجة بالدرجة المتوقعة في عام 2071م؛ سنجد الفارق كبير، ويتوقع الباحثون توقف الأنشطة البترولية في المنطقة، وتوقف قطاع الإنشاءات،

والعديد من القطاعات الأخرى؛ بسبب هذه الموجات الحارة. ومن المتوقع أيضًا ارتفاع معدلات الوفيات المبكرة بين كبار السن، والأطفال، وتشريد العديد من سكان المنطقة.

أما عن سيناريوهات المواجهة لهذه الموجة الحارة :

  1. ضرورة تكييف هواء المنازل؛ وإن كان هذا سيقلل من خطورة الظاهرة بالنسبة للمقيمين فى الداخل فقط.
  2. ويأتى فى مقدمة سيناريوهات المواجهة المطروحة سيناريو الهجرة وترك المنطقة.
  3. وإن كان السيناريو المطروح وبقوة ويعد السيناريو الأمثل هو تقليل استخدام الغازات المسببة للاحتباس الحراري كغازات الفريون.
  4. ومن ضمن السيناريوهات الأخرى التي طرحتها الدراسة، توعية الناس بكيفية وأهمية التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة والتفاف العالم كله لمواجهة هذه الظاهرة من منطلق المسئولية الكبرى تجاه كوكبنا ولحمايته من الكوارث البيئية التي تواجهه.

ويؤكد ( Wadid Erian ) في تعليق مستقل -وهو كبير مستشاري الحد من مخاطر الكوارث البيئية والتكيف مع التغيرات المناخية بجامعة الدول العربية- على أن التخفيف من آثار المشكلة مسئولية الدول الغربية؛ وليس الدول العربية فحسب، وأكد أيضًا على أن المنطقة تحتاج إلى حشد الجهود في مجال البحث العلمي، وتحسين نظم مراقبة المناخ الحالي، وتطوير أنظمة التحذير المبكر؛ لأننا حتى الآن مازلنا في فقر معرفي وعلمي كبير جدًا حول التكنولوجيات الحديثة لدراسة، ورصد التغيرات المناخية بدقة عالية.

وأكد أيضًا محمود مدني -الباحث بمركز أبحاث الأراضي الزراعية بالقاهرة- أنه في حالة وصولنا إلى حالة اليأس سيكون الخيار الوحيد أمامنا هو الهروب من المنطقة، وحقًا حينها ستتحول مراكز الصخب والاكتظاظ السكاني كدبي إلى أماكن خاوية على عروشها، ولا تختلف كثيرًا عن صحراء الربع الخالي بسبب درجات الحرارة العالية.

 

ترجمة: Awad Badeny

مراجعة علمية : Amr Ghaleb Hassan

مراجعة لغوية: Omnea Abd El-Aleem

تصميم: Amr Ghaleb Hassan

المصادر:

  1. تمت الترجمة من على موقع   http://sc.egyres.com/tKbDQ 
  2. موقع الفريق الرسمي الدولي والمعني بالتغيرات المناخية والتابع للبرنامج البيئي للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للأرصاد الجوية، تم الاسترجاع من خلال الرابط الآتي: https://www.ipcc.ch/organization/organization.shtml بتاريخ 1:27 AM  ، 4/26/2016 .

 

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي