ستيفن كينج.. سيّد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم

Stephen-King

ستيفن كينج.. سيد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم|ستيفن كينج.. سيد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم|ستيفن كينج.. سيد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم

تمتدُ كتاباتُ (ستيفن كينج) على مدارِ أكثر من 40 عامًا، وتشملُ أكثرَ من 60 كتابًا، وبينما يتنوعُ مضمونُ رواياتِه على نطاقٍ واسع، تكمُنُ وراءها صورةٌ للعالمِ المُعاصر، حيثُ يلتهمُ قرَّاؤه الدائمون هذه الروايات التهامًا، فـ تبيعُ أكثر من 350 مليون نسخة. وهو ما يجعلُه واحدًا من أنجحِ الكتّابِ حولَ العالم، وهو ليس بالأمرِ السيء بالنسبة لمدرسٍ للّغةِ الإنجليزية، ألقى بأولى رواياتِه في سلَّةِ المهملات، فـ تُنقذُها زوجتُه (تابيثا)، والتي أقنعَته بنشرِها.

ستيفن كينج.. سيد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم
ستيفن كينج

بدأت مهنة ستيفن كينج الأدبية بنشر رواية «كاري» في عام 1974، قصة تحول الفتاة المراهقة من فتاة إلى سيدة، من طفلةٍ يضايقها الأطفال إلى سيدة بالغة تسعى للانتقام. تظل الشخصية الرئيسية في الرواية هي الشخصية التي يمكن للقراء أن يتعلقوا بها: طفل وحيد تمتلئ حياته بسوء المعاملة العاطفية.

ويُعد هذا جانب هام من جوانب نجاح ستيفن كينج؛ لا تدور قصصه عادةً حول الأبطال الخارقين الذين يعيشون في مكانٍ لا يمكن التعرف عليه، فهم أشخاص عاديون يعيشون في أمريكا التي يمكن التعرف عليها. وعلاوة على ذلك، فإن القصص التي يرويها هي انعكاس لحياة هؤلاء الأشخاص العاديين، حتى وإن احتوت على أهوال وأحداث خارقة للطبيعة غير عادية.

واحدة من أشهر روايات ستيفن كينج (التألُّق – The Shining)، والتي تروي قصة تفكك وانحلال الوحدة الأسرية، وتناقش الإساءة العاطفية والجسدية، ونوبات الغضب والإهمال التي تصيب الوالد المدمن على الكحول، تحت ستار قصة منزل مسكون. وهي كانت رواية اختبر كينج أحداثها بنفسه؛ إذ تحدث بصراحة عن مشاكله مع الكحول، وتشتمل أعماله على مثل هذه النوعية من المواضيع. فقدان البراءة، والإساءة، والصراع بين الخير والشر، كلها أشياء يحبُكها بداخل رواياته وقصصه ببراعة، إنه ينسج هذه الحكايات معًا، ويربطها ببعضها البعض بشبكة يُسعد القراء اكتشافها.

واحدة من أعظم القدرات التي يتمتع بها ستيفن كينج كمؤلف هي القدرة على فهم مخاوف قرائه، وترجمة تلك المخاوف إلى عمل خيالي. من سوء المعاملة إلى عُزلة الفقر والجوع، يتمكن كينج من التواصل مع جمهور قرائه، ويمنحهم شعورًا بالأمل؛ فيمكن لأشخاص مثلهم -كما يقول- أن يتجاوزوا أي محنة. مثل الأطفال في رواية (الشيء – IT) أو رواية (الجسد – The Body)، يخبر كينج قرَّاءه أن بإمكانهم تحقيق أشياءً غير عادية عندما يعملون معًا من أجل الصالح العام.

ستيفن كينج.. سيد الرعب الذي يجد الفزع في كل يوم
ستيفن كينج

يكتب ستيفن كينج في المقام الأول إلى جمهور الطبقة العاملة الذي نشأ بينه، والذي يسميه «قارئه الثابت»، ويبدع في تقديم وصف مفصل ومألوف للحياة في بيئة هذه الطبقة العاملة. كما في رواية (الموقف – The Stand) مثلًا، تمثل مدينة (أرنيت – Arnette) الطبقة العاملة، ويسلّط الضوء من خلال تصويره لهذه المدينة على المشاكل التي تواجهها عائلات الطبقة العاملة في مختلف أرجاء البلاد، في أواخر السبعينيات والثمانينيات، حيث كانت تختفي الوظائف.

ومع اعتبار ستيفن كينج كاتب رعب متميز، إلا أن أعماله تشمل أكثر من ذلك بكثير. فقد كتب في الأدب البوليسي مثل (ثلاثية بيل هودجيز – the Bill Hodges trilogy)، وفي قصص السفر عبر الزمن مثل (11.22.63)، والخيال العلمي والروايات الغربية بالإضافة للرعب، وأحيانًا تجتمع كل هذه الأنواع في رواية واحدة مثل سلسلة روايات (برج الظلام – the Dark Tower). وهو يكتب بأسلوبٍ يجعل أدبه الخيالي سهل القراءة للأشخاص من عمر 15 وحتى 100 عام، الأسلوب الذي جعله أحد أكثر المؤلفين شهرة حول العالم.

لكن هل لمجرد أن كينج واحد من أكثر المؤلفين شهرة على هذا الكوكب، فيجعله هذا أحد الكتاب الأمريكيين العظماء، مثل إدجار آلن بو مثلًا؟ أم أنه مجرد خبير في الخيال الرخيص، الذي يصلح للقراءة في رحلتك بالطائرة، ولا يجب أن تأخذه على محمل الجد؟ لم يُترجم نجاح ستيفن كينج ككاتب إلى نجاح أدبي جاد سوى مؤخرًا. لطالما اعتُبر الخيال الشعبي أدبًا رديئًا، ولم يؤخذ على محمل الجد. ومع ذلك، بدأ النظر لأعماله ببطء لمحتواها الأدبي.

فيمكن اعتبار كتاب (الرعب القوطي لستيفن كينج – Stephen King’s Gothic) للكاتب جون سيرز عمل أكاديمي رائد. فهو مصدر إلهام لعدد كبير من الأكاديميين الذين يجدون قيمة أدبية في كتابات ستيفن كينج، وكان هناك بالفعل العديد من الأكاديميين الذين دافعوا عن كينج كمؤلف أدبي جاد، مثل توني ماجيسترال الذي كتب عدة كتب عن كينج وأعماله.

ومع اقتراب كينج من عيد ميلاده السبعين في سبتمبر، لا يبدو أن شعبيته تتناقص. فهناك العديد من الأفلام المقتبسة عن رواياته، بما في ذلك رواية (الشيء – IT)، و(لعبة جيرالد – Gerald’s Game)، و(السيد مرسيدس – Mr Mercedes). فإن مزيج الواقعية والسرد الاجتماعي والرعب يعني أن الحياة المهنية للأب الروحي للرعب ما زالت مستمرة بقوة، وأخيرًا يمكن اعتباره كاتب حقيقي.

 

ترجمة: محمد يوسف

المصدر

 

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي