سلسلة فيزياء «سيرن- CERN» -الجزء الثاني: الجانب المُظلم للكون

2-2

الطاقة المظلمة|سلسلة فيزياء«سيرن- CERN»-الجزء الثاني: الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون|سلسلة فيزياء ≪سيرن- CERN≫- الحلقة الثانية- الجانب المُظلم للكون

في هذه الحلقة سنتكلم عن نوعين من المادة/الطاقة، هذان النوعان يُشكلان 96% من كمية المادة والطاقة الموجودة في الكون الذي نعيش فيه، وبالرغم من ذلك فنحن نكاد لا نُدرك وجودهما تقريبًا، نحن نُدرك فقط الـ 4% في المُتبقية.
كلنا نعرف المادة الاعتيادية التي نتكون جميعًا منها، فالمادة التي نتكون منها تتكون في النهاية من عناصر الجدول الدوري كالهيدروجين والأكسجين والكربون والحديد إلخ..، والتي بدورها تتكون من ذرات، والذرات بدورها تتكون من الجُسيمات الأولية كالإلكترونات والكواركات، تلك هي المادة التي نتكون منها جميعًا والتي يتكون منها كُل شيء حولنا وكل شيء نراه.
ولكن، تُخبرنا الفيزياء بمُفاجأة غريبة، فكل تلك المادة التي نراها ونتكون جميعًا منها لا تُشكل سوى 4% من كمية المادة والطاقة التي من المُفترض ان تُوجد في الكون!الطاقة المظلمة
كمية المادة والطاقة المُتبقية مُنقسمة لجُزئين، الأول هو «المادة المُظلمة- Dark Matter»، والثاني هو «الطاقة المُظلمة- Dark Energy».

المادة المُظلمة

المادة المُظلمة تُشكل حوالي 26% من كمية المادة والطاقة في الكون، لكننا لا نتفاعل معها، وهي لا تُصدر ضوء ولا أي نوع من الموجات المعروفة ليتم الكشف عنها من خلالها، نحن لا نعرف مما تتكون، فهي لا تتكون من نفس المادة التي تكوننا، لكن هذه المادة المُثيرة للعجب تتفاعل مع شيء واحد فقط كانت لنا خبرة معه من قبل: الجاذبية.
فكيف كشفت الجاذبية عن تلك المادة الغريبة؟
الإجابة موجودة في السماء، انظر إلى تلك المجرات التي تملأ الفضاء، معظم المجرات التي في الكون تنتمي لنوع من المجرات معروف باسم (المجرات الحلزونية- Spiral Galaxies)، وأحد المُكونات الأساسية للمجرات الحلزونية هي (الأذرع الحلزونية- Spiral Arms)، والتي منها حصلت تلك المجرات على اسم نوعها.

الطاقة المظلمة الطاقة المظلمة الطاقة المظلمة الطاقة المظلمة

تنتمي مجرتنا، «مجرة الدرب اللبّانة- Milky Way Galaxy» لهذا النوع من المجرات.

الطاقة المظلمة
درب اللبانة
الطاقة المظلمة
درب اللبانة

تلك المجرات الحلزونية، تدور بسرعات عالية جدًا، من المُفترض ان تلك السُرعات العالية تجعل أذرع المجرة تتفكك وان تكون غير مُتماسكة.
لكي تستطيع فهم الفكرة، يُمكنك ان تربط خيطا أو حبلا بجسم ثقيل نسبيًا، حجرًا صغيرًا على سبيل المثال (أو يُمكنك استعمال لعبة الاطفال المعروفة عالميًا: يويو)
الطاقة المظلمة

والآن، قم بفرد ذراعك بحيث يكون عموديًا على بقية جسمك، وابدأ بالدوران حول نفسك.
ما سيحدث ان اليويو او الحجر في نهاية الخيط سيبدأ بالدوران حولك على نفس مُستوى ذراعك، وكلما ازدادت سرعة دورانك حول نفسك، ستشعر بان اليويو او الحجر يُحاول الهروب منك او ان الخيط او الحبل على وشك الانقطاع، ولكن إذا ازدادت قوّة الحبل، سيكون الحجر او اليويو اكثر تماسكًا مع الحبل.

هذا بالضبط ما يحدث مع المجرات، فهي تدور بسرعة عالية جدًا، ومن المُفترض ان قوّة جاذبية المجرة تجعل الأذرع مُتماسكة، ولكن قوّة جاذبية المجرة وحدها غير كافية لتجعل الأذرع مُتماسكة مع بقية المجرة، بالرغم من ذلك فهي مُتماسكة! فلا بد إذا أن هُناك نوعًا ما من المادة نحن لا نراه ويتسبب بوجود الجاذبية الإضافية تلك التي تجعل الأذرع مُتماسكة مع المجرة، وبما ان تلك المادة غير مرئية ولا تتفاعل مع اي شيء تقريبًا باستثناء الجاذبية، سُميت تلك المادة بالمادة المظلمة.
توجد العديد من النظريات تقترح أن المادة المظلمة خفيفة جدًا بشكل كاف لجعل توليدها في مصادم الهادرونات الكبير (LHC) ممكنًا. ولكن لو تم خلق المادة المظلمة في مصادم الهادرونات الكبير، ستهرب من الكواشف سريعًا دون ان يلحظها العلماء. وبالرغم من ذلك، فقد يكون لمكونات المادة المُظلمة طاقة، وبالتالي يمكن لعُلماء الفيزياء في سيرن أن يستدلوا على وجودها من خلال كمية الطاقة التي تم فقدانها بعد التصادم في مُصادم الهادرونات الكبير.
المادة المظلمة تظهر ايضًا في العديد من النظريات التي تقترح وجود فيزياء أبعد من النموذج القياسي (الذي سنتكلم عنه بنوع من الاستفاضة في الحلقات المقبلة) مثل نظريات التناظر الفائق والأبعاد الإضافية (ستكون هناك حلقات عنهما في نهاية السلسلة). فإذا تم إثبات احد تلك النظريات، فقد يساعد هذا العلماء في فهم أفضل لمكونات الكون.

الطاقة المظلمة

تشكل الطاقة المظلمة الـ 70% المتبقية من الكون، وهي موزّعة بالتساوي في الكون كله، ليس فقط على المستوى المكاني، بل والزماني ايضًا، بمعنى أن تأثيرها لا يقل مع مرور الزمن بينما يتوسع الكون. الطاقة المظلمة ليس لها أي تأثير جذبوي محلي مثلما للمادة المظلمة على المجرات مثلًا، لكن تأثيرها على الكون ككل، ففي رأي العلماء الطاقة المظلمة هي ما تدفع الكون للتمدد، وهي ما تقود توسعه بسرعة متزايدة. يمكن قياس معدَّل توسع وتسارع الكون من خلال الملاحظات المعتمدة على قانون هابل، وتلك القياسات بجانب بيانات علمية أخرى هي ما أكدت وجود الطاقة المظلمة وهي ما وفرت إمكانية تقدير كمّية هذا النوع من المادة/الطاقة.

الطاقة المظلمة

إذا كنت تشعر الآن أنك لا تعرف اي شيء عن الكون، فهذا الإحساس طبيعي وصادق جدًا، فكما ترى، المعلومات التي يعرفها العلماء عن المادة المظلمة قليلة جدًا وغير واضحة، والمعلومات التي يعرفونها عن المادة المظلمة أقل منها. لكن على الرغم من ذلك، مازال علماء الفيزياء حول العالم وفي سيرن يبحثون ويقيمون التجارب من أجل فهم هذا النوع الغريب من المادة والطاقة، ومن يعلم؟ ربما يكون المفتاح في عقل أحد القرّاء.

المصدر

http://sc.egyres.com/NHrFf


إعداد: مايكل لويس
مراجعة: أحمد رضا
تحرير: زياد الشامي

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي