طريقة جديدة للكشف عن السرطان باستخدام سلك مغناطيسي

fig-28-08-2018_19-11-50

السرطان||

بمجرد أن تُطبق التقنية على الإنسان سيتم إدخال السلك المغناطيسي؛ (الموضح باللون الرمادي) في وريد الإنسان (الموضح باللون الوردي)، وسيجذب خلايا السرطان العائمة في الدم والمميزة بجزيئات النانو (اللونين الأخضر الفاتح والرمادي) والتي انفصلت عن الورم (الموضح باللون الفسفوري).

السرطان

حسب دراسة نشرتها كلية الطب بجامعة ستانفورد، فإنه يمكن لسلك مغناطيسي أن يشعر بالخلايا السرطانية القليلة والعسيرة في التقاطها في الدم وأن يلتقطها وإن هذه الطريقة يمكنها أن تكون طريقة سريعة وفعالة في الكشف عن السرطان في مراحله المبكرة جدًّا فيما بعد.

تدور التجربة عن سلك مغناطيسي يتم إدخاله في الجسم عن طريق أحد الأورده الدموية فيجذب جزيئات ممغنطة في حجم النانو تم إدخالها إلى الدم مسبقًا وقد صُممت بطريقة معينة لكي تُلقى على الخلايا السرطانية التي تجول حرة في مجرى الدم إذا كان هناك ورم في منطقة ما بالجسم وكأنها شبكة صيد لتلتصق بها. وبمغنطة هذه الخلايا السرطانية يمكن إذًا للسلك المغناطيسي أن يقوم بخداعها وجذبها خارج مجرى الدم والالتصاق بها بنفس القوة المغناطيسية التي نلصق بها صور أحباؤنا على باب الثلاجة.

هذه التقنية الحديثة والتي لازالت في طور الاستخدام على الخنازير فقط جذبت خلايا سرطانية بمعدل يتراوح من 10 وحتى 80 مرة أكثر من التقنية التقليدية في الكشف عن السرطان من خلال فحص الدم مما يجعلها طريقة أكثر فعالية وقدرة على كشف المرض في مراحل عمره الأولى. إن هذه التقنية الحديثة يمكنها أن تساعد الأطباء والمعالجون في قياس مدى استجابة المريض للعلاجات المختلفة للسرطان، فإذا كان العلاج فعال فإن مستوى الخلايا السرطانية التي ماتت وانفصلت عن الورم ستزيد وبالتالي فإن حجم الورم سيقل تدريجيًا.

يركز البروفسور سام غامبير-أستاذ في علم الأشعة ومدير مركز كاناري للكشف المبكر عن السرطان بستانفورد والذي قام بتطوير هذه التقنية مع مجموعة من زملاؤه- على استخدام السلك المغناطيسي كطريقة للكشف عن السرطان في مراحله المبكره ولكنه يؤكد على أنه قد يملك نطاق أوسع في الاستخدام ويوضح هذا قائلًا: «يمكن أن يكون السلك المغناطيسي ذو فائدة في أمراض أُخرى حيث تنتشر الخلايا والجزيئات المسببة للمرض في الدم أيضًا، فعلى سبيل المثال لنقل أن الطبيب يبحث عن عدوى بكتيرية، أو الحمض النووي الخاص بالخلايا السرطانية التي تجول في الدم أو يبحث عن خلايا نادرة مسؤولة عن حدوث التهاب ما في الجسم فإن في كل هذه الاحتمالات يمكن للسلك المغناطيسي والجزيئات النانوية الممغنطة أن تنتج االإشارة وبالتالي تكشف عن المرض أو العدوي»، وقد نُشرت الدراسة في 16 يوليو في مجلة Nature للهندسة الطبية الحيوية.

أنابيب الاختبار المملوءة بالدم غير مُجدية

إن الخلايا التي انفصلت عن الورم وأصبحت تعوم حرة في الدم تُعرف بالخلايا السرطانية المتجولة وهي علامات حيوية على وجود السرطان، لماذا إذن نحتاج إلى طريقة جديدة لالتقاط هذه الخلايا المتجولة؟ هذا التساؤل يؤدي بنا إلى تساؤل آخر عن إمكانية عينة الدم العادية في الكشف عن المرض، هل هي غير كافية لإظهار عينة من تلك الخلايا السرطانية من خلالها؟، نظريًا نعم، لأن هذه الخلايا السرطانية الحرة غالبًا ما تكون نادرة في الدم وعينة الدم العادية تسحب فقط بضعة ملليمترات من الدم والذي يُقدر حجمه بخمس لترات في الإنسان الناضج.

«هذه الخلايا السرطانية التي تعوم في الدم قليلة جدًّا بل تكاد تكون نادرة لذلك فحتى إن ملأت عدة أنابيب اختبار بدم المريض فإن احتمالية وجود إحدى هذه الخلايا في الأنابيب معدومة ولن تجد حتى خلية واحدة، فالأمر أشبه بالبحث عن ذرة رمل في حوض استحمام ولكن مع أخذ بضعة أكواب من الماء منه مما يؤدي إلي تشخيص خاطئ فينتهي الأمر بالأطباء قائلين للمريض: لايوجد هناك شيء». هكذا يقول غامبير حيث يرى الفارق الضخم الذي سيصنعه ذلك السلك في عالم الكشف عن السرطان، أما عن السلك نفسه والذي هو في طول إصبع الخنصر وسمك مشبك الورق فَلَكي يعمل بشكل جيد وفعال يجب أن تكون الخلايا السرطانية الحرة تلك ممغنطة تمامًا بجزيئات النانو، هذه الجزيئات النانوية تحتوي على الأجسام المضادة التي ستلتصق بالخلايا السرطانية وبمجرد أن يرتبطا–الجزيئات النانوية والخلايا السرطانية- ستقوم الخلية بسحب المغناطيس الموجود في الجزئ حولها وتثبيته، وعندما يبدأ هذه المركب من الخلية والمغناطيس(الجزئ النانوي) بعيدًا عن السلك فإنه سيُجبر بواسطة القوة المغناطيسية لأن يتحرك من مساره المعتاد في مجرى الدم إلى ناحية السلك ليلتصق به ثم يتم إزالة السلك عن طريق الوريد الذي أُدخل منه إلى الدم فيتم عزل الخلايا لتحليلها.

لم يُجرْ غامبير وزملاؤه التجربة بعد على الإنسان إذ أنهم في انتظار موافقة إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) رُغم أنهم أجروا الأمر بشكل ناجح على الخنازير وقد أدخلوا السلك إلى الدم من خلال وريد يقع بجانب أُذن الخنزير، هذا الوريد يشبه إلى حد كبير تلك الأوردة التي توجد في ذراع الإنسان. استُخدمت التقنية على عينة دم تعادل خمسة ليترات وقد كان السلك قادرًا على استخلاص خلايا سرطانية بمعدل 10 وحتى 80 مرة أكثر عندما تمت مقارنة فعاليته بفعالية طريقة أُخرى للكشف عن السرطان متاحة بشكل تجاري ولقد نجح السلك في جذب 500 وحتى 5000 خلية.

يقول غامبير:«إن الطريقة التقليدية في الكشف عن السرطان ستكلفنا حوالي 80 أنبوب اختبار مملوءة بالدم من المريض للكشف عن هذه الخلايا الحرة في حين أنه يمكن لطريقة السلك أن تتم الفحص نفسه في خلال 20 دقيقة»، ويكمل قائلًا: «بالطبع ليس من المعقول أن يتم سحب دم من المريض لملئ 80 أنبوبة اختبار فهذا يعادل نصف لتر من الدم، لذلك نأمل أن تُثري هذه التقنية الحديثة قدرتنا على الكشف عن السرطان وتعطينا فكرة أفضل عن نُدرة هذه الخلايا ومدى وجودها مبكرًا عندما بدء السرطان».

سلكٌ مَرن

يقول غامبير:

إن هذه التقنية قد تساعد أيضًا في جمع المعلومات الوراثية عن الأورام التي توجد في أماكن يصعب أخذ خزعة منها أو يمكنها أيضًا أن تعطينا معلومات عن مدى فعالية علاجات السرطان. ولعل الأكثر إثارة للاهتمام هو أن السلك المغناطيسي قد يتحول إلى أن يكون هو في حد ذاته علاجًا.

السرطان
سرطان

إذا تمكننا من أن نجعل هذا السلك فعالًا أكثر ف امتصاص خلايا السرطان فقد نعتبره تطبيقًا علاجيًا على المدى الطويل حيث نتركه في الجسم فيتصرف السلك وكأنه مُرشِح فيستولى على خلايا السرطان ويمنعها من الانتشار في باقي أجزاء الجسم.

يعمل غامبير الآن على تطبيق التقنية على الإنسان والتي تتضمن الموافقة على استخدام جزيئات النانو، كما يعمل مختبره على اختبار سُمِّية الجزيئات في الفئران مُسلطين الضوء على مايحدث لباقي الجزيئات النانوية التي لم ترتبط بالخلايا، ولكن حتى الآن لايوجد أثر للسُمية ­­­وتلك الجزيئات الزائدة تتحلل بعد عدة أسابيع، هكذا أكد غامبير. كما يفحص غامبير جزيئات النانو التي وافقت عليها إدارة الأغذية والعقاقير لتعديلها واستخدامها مع السلك.

بمجرد أن تُطبق التقنية على الإنسان سيكون الهدف التالي هو تطويرها لتصبح تقنية متعددة الجوانب تعزز من اكتشاف وتشخيص وعلاج وتقييم فعالية علاج السرطان

المصدر

http://sc.egyres.com/qYve7


ترجمة: فيروز سعيد
مراجعة لغوية: إسراء عادل
تحرير: زياد الشامي

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي