كيف نظر المجتمع إلى المرأة في عصر النهضة؟

اختلفت آراء المجتمع تجاه المرأة خلال عصر النهضة، الذي امتد من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر، اعتمادًا على الوقت والمكان والوضع الاجتماعي للمرأة المعنية. ولكن بشكل عام، كان من المتوقع أن تكون المرأة عفيفة ومطيعة وخاضعة للرجل، وخاصة لآبائهن أو أزواجهن. غالبًا ما كان يُنظر إليهن على أنهن أضعف وأقل عقلانية من الرجال، وتم استبعادهن من المشاركة في معظم جوانب الحياة العامة، بما في ذلك التعليم والسياسة والمهن. 

كانت النساء بشكل عام مقتصرات على الأدوار المنزلية، مثل التدبير المنزلي، وتربية الأطفال، والواجبات المنزلية الأخرى. وبالطبع كان تعليمهن محدودًا، ولم تحصل النساء على أي تعليم رسمي يتجاوز محو الأمية الأساسي سوى نسبة صغيرة منهن. والأغلب تم تعليمهن المهارات التي يحتجنها لإدارة الأسرة، مثل الطهي والخياطة ورعاية الأطفال.

اختلف الأمر قليلًا في الطبقة الأكثر ثراءً، حيث تم تعليم بعض النساء الفنون، مثل الموسيقى، والرقص، والأدب، لكن تعليمهن كان لا يزال محدودًا مقارنة بالرجال.

بعض النساء من الطبقة البرجوازية، مثل الملكة إليزابيث الأولى -ملكة إنجلترا- وكاثرين دي ميديشي -ملكة فرنسا- وإيزابيلا ديستي من إيطاليا، كان لهن سلطة سياسية وأثرن على فنون وثقافة بلدانهن.

لكن الأغلب تم استبعاد النساء من معظم جوانب الحياة العامة، لم يُسمح لهن بالتصويت أو شغل مناصب سياسية أو امتلاك العقارات. كما تم استبعاد النساء من العديد من المهن، بما في ذلك المحاماة والطب والفنون، حيث كانت تعتبر حكرًا على الرجال.

اختلفت تلك النظرة في بعض الأوساط الثقافية والفكرية الأوروبية. ومع ذلك، كانت هذه التغييرات محدودة ولم تؤثر على كل الطبقات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات الأوروبية خلال النهضة. حيث كان النظام الاجتماعي يعتمد بشكل كبير على الفكرة التقليدية للجنسانية، والتي تنص على أن الرجل هو الذي يتحكم في العائلة ويتخذ القرارات الرئيسية، في حين أن المرأة تكون تابعة له ويقتصر دورها على الحياة المنزلية وتربية الأطفال.

ومع ذلك، كانت هناك بعض الأفكار الجديدة التي بدأت في الظهور في هذا العصر، والتي اعتبرت المرأة أكثر من مجرد “أداة” للرجال. على سبيل المثال، بدأ بعض الفلاسفة والكتاب والمفكرين في الاهتمام بالنساء وحقوقهن، ودافعوا عن فكرة تعليم النساء ومشاركتهن في الحياة الاجتماعية والسياسية.

آراء فلاسفة عصر النهضة

خلال عصر النهضة، تشكلت الآراء الفلسفية حول المرأة إلى حد كبير من خلال المعتقدات الثقافية والدينية السائدة. فبينما كانت هناك بعض الاستثناءات، اعتقد معظم الفلاسفة في ذلك الوقت أن النساء أدنى من الرجال فكريًا ومعنويًا.

كان نيكولو مكيافيلي أحد فلاسفة عصر النهضة البارزين الذي اعتنق هذا الرأي.  وكتب في كتابه “الأمير” أن النساء ضعيفات الذهن وغير قادرات على الحكم، وبالتالي غير مؤهلات لتولي مناصب في السلطة.

ومع ذلك، كان هناك بعض الفلاسفة الذين تحدوا هذه الآراء ودعوا إلى مزيدٍ من الحقوق والفرص للمرأة. 

إحدى هؤلاء الفلاسفة كانت كريستين دي بيزان، التي كتبت العديد من الأعمال التي تدعو إلى تعليم المرأة والمساواة الاجتماعية. وقالت:

“إن النساء قادرات على التعلم والمساهمة في المجتمع وأن افتقارهن للتعليم والفرص يرجع إلى حواجز اجتماعية وثقافية وليس إلى دونية متأصلة”.

على الرغم من هذه التحديات لوجهات النظر السائدة، إلا أن الآراء الفلسفية السائدة في عصر النهضة كانت إلى حد كبير أبوية وعززت الأدوار والتسلسلات الهرمية التقليدية للجنسين.

لم يمض وقت طويل حتى بدأ الفلاسفة النسويون في تحدي هذه الآراء والدعوة إلى مزيد من المساواة والعدالة للمرأة.

أمثلة على الآراء المتحيزة جنسياً من عصر النهضة

• كان يُنظر إلى النساء على أنهن غير مستقرات عاطفياً وعرضة للسلوك غير العقلاني. استند هذا الاعتقاد إلى فكرة أن المرأة كانت تحكمها عواطفها وليس العقل ، وبالتالي فهي غير صالحة لتولي مناصب في السلطة أو اتخاذ القرار.

• كان يُنظر إلى النساء على أنهن ضعيفات أخلاقياً ومنحلون جنسياً. استند هذا الاعتقاد إلى فكرة أن النساء تميل بشكل طبيعي نحو الخطيئة الجنسية وتحتاج إلى السيطرة عليها وحمايتها من قبل الرجال.
• كانت المرأة تعتبر أدنى من الرجل من حيث قدراتها الفكرية والإبداعية. استند هذا الاعتقاد إلى فكرة أن النساء بطبيعتهن أقل ذكاءً وإبداعًا من الرجال ، وبالتالي لم يكن مناسبًا لمهن مثل القانون أو الطب أو الفنون.
• كان يُنظر للنساء أنهن خاضعات بشكل طبيعي وأن دورهن الأساسي هو خدمة ودعم الرجال. وقد تعززت هذه المعتقدات من خلال المؤسسات الثقافية والدينية المهيمنة في ذلك الوقت، والتي رأت أن النساء مخلوقات من الله ليساعدن الرجال ويؤدين واجباتهن المنزلية.

لم تبدأ الحركات النسوية في تحدي هذه الآراء والدعوة إلى مزيد من المساواة والعدالة للمرأة إلا بعد ذلك بوقت طويل.

توماس مور (1478-1535)

كان لدى توماس مور، الفيلسوف والكاتب ورجل الدولة البارز في عصر النهضة آراء معقدة حول المرأة تعكس المواقف والقيم السائدة في عصره. 

فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي أثارها حول النساء:

التعليم: كان يعتقد أن النساء يجب أن يتعلمن ، لكنه اعتقد أن تعليمهن يجب أن يركز على المهارات العملية بدلاً من المساعي الأكاديمية. شعر أنه يجب تدريب النساء على أن يصبحن زوجات وأمهات صالحات، مع التركيز على مهارات مثل الطبخ والخياطة وتربية الأطفال.

الزواج: اعتقد مور أن الزواج هو الحالة الطبيعية للمرأة، ورأى أنه وسيلة لتقوم المرأة بدورها كزوجة وأم.

الدين: كان مور كاثوليكيًا متدينًا، وكان يعتقد أن للمرأة دورًا خاصًا تلعبه في الحياة الروحية للأسرة، حيث يجب أن تكون تقية وفاضلة، وأن تكون مسؤولة عن تعليم أولادها عن الله والكنيسة.

الجمال: يعتقد أن الجمال الجسدي هو صفة مهمة يجب أن تمتلكها المرأة، وأن على المرأة أن تهتم بمظهرها وملابسها المحتشمة، لكنه كان يعتقد أيضًا أنه يجب أن تكون جذابة لزوجها.

السياسة: مور لم يؤمن بضرورة مشاركة المرأة في السياسة أو الحياة العامة. لقد شعر أن السياسة هي مجال للرجل، وأن المرأة يجب أن تركز على دورها في الأسرة وفي المنزل.

بشكل عام، عكست آراء مور حول المرأة الأدوار التقليدية للجنسين وتوقعات وقته، وبينما كان يعتقد أن المرأة يجب أن تكون متعلمة وفاضلة، إلا أنه كان يعتقد أيضًا أن دورها الأساسي هو أن تكون زوجة وأم، وأنه لا ينبغي لها أن تشارك في المجال العام.

مارتن لوثر (1483-1546) 

مارتن لوثر، عالم لاهوت ألماني ومصلح ومؤسس الفرع البروتستانتي للمسيحية، كان يحمل آراء معقدة ومتضاربة في بعض الأحيان حول المرأة. 

فيما يلي بعض النقاط التي ذكرها عن النساء:

اعتقد لوثر أن النساء متساويات في الأمور الروحية مع الرجال، ورفض فكرة أن النساء أدنى منزلة من الرجال من حيث الخلاص. جادل بأن كلا من الرجال والنساء قد نالوا الخلاص من خلال الإيمان بيسوع المسيح.

دافع لوثر عن تعليم المرأة، بحجة أن النساء يجب أن يحصلن على نفس فرص التعلم مثل الرجال، وأكد أنه يجب تعليم النساء قراءة الكتاب المقدس والنصوص الدينية الأخرى، ودعم تعليم الفتيات.

انتقد لوثر حظر الكنيسة الكاثوليكية على زواج القساوسة والراهبات، بحجة أنه انتهاك للقانون الطبيعي وأدى إلى الفجور الجنسي. 

كان يعتقد أن كلا من الرجال والنساء لديهم رغبة طبيعية في العلاقة الجنسية الحميمة، وجادل بأن الزواج طريقة مشروعة لإشباع هذه الرغبة.

ومع ذلك، كان للوثر أيضا بعض الآراء التي كانت تنتقد النساء.

كان يعتقد أن النساء أضعف جسديًا من الرجال وأكثر عرضة للإغراء، وغالبًا ما كان يدلي بتعليقات مهينة عن النساء في كتاباته.

اعتقد لوثر أيضًا أن النساء يجب أن يخضعن لسلطة الرجال ، سواء في المنزل أو في المجتمع. 

وقال إن الله قد رسم نظامًا أبويًا يكون فيه الرجال هم القادة والنساء يتبعون.

تجدر الإشارة إلى أن آراء لوثر حول المرأة لم تكن متسقة طوال حياته ، وكانت بعض تصريحاته حول هذا الموضوع متناقضة. ومع ذلك ، كان لإرثه تأثير كبير على دور المرأة في المسيحية البروتستانتية.

فرانسيس بيكون (1561-1626)

كتب فرانسيس بيكون، الفيلسوف ورجل الدولة والكاتب الإنجليزي، على نطاق واسع في مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك النساء.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن آراء بيكون حول المرأة كانت نتاج عصره، ويمكن اعتبارها قديمة وتمييزية بالمعايير الحديثة.

فيما يلي بعض الاقتباسات من كتابات بيكون عن النساء:

“طبيعة المرأة أكثر عنفا وأقل صبرا”. (من مقالته عن الزواج والحياة الفردية).

“النساء أكثر اندفاعا من الرجال.” (من مقالته “من مكان عظيم”).

“الزوجة أهون الشرور”. (من رسالة إلى السير فرانسيس والسينغهام).

من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن هذه الاقتباسات قد تبدو مهينة تجاه النساء، إلا أن آراء بيكون حول النساء كانت معقدة ومتنوعة.

فقد كتب بشكل إيجابي عن النساء في بعض أعماله، مثل مقالته “الحدائق” حيث أشاد بمهارة المرأة في البستنة. 

ومع ذلك، بشكل عام، كانت وجهات نظره تعكس الأعراف والمواقف المجتمعية تجاه المرأة في عصره.

توماس هوبز (1588-1679)

كان توماس هوبز، الفيلسوف الإنجليزي من القرن السابع عشر، له وجهة نظر سلبية تجاه النساء.

كان يعتقد أن النساء بطبيعتهن أدنى من الرجال، جسديًا وعقليًا، وأنهن غير قادرات على التفكير العقلاني أو القيادة.

السلبية والخضوع: اعتقد هوبز أن النساء بطبيعتهن سلبيات وخاضعات للرجال، وهذا ينعكس في مظهرهن الجسدي وسلوكهن، وقال إن دور المرأة في المجتمع هو أن تكن زوجات وأمهات مطيعات يدعمن أزواجهن وأطفالهن ويرعاهن.

الأدوار المنزلية: اعتقد هوبز أن الدور الأساسي للمرأة في المجتمع هو حمل الأطفال وتربيتهم ، وأن أنشطتهم يجب أن تقتصر على المجال المنزلي.

وجادل بأن مشاركة المرأة في الحياة العامة ليست فقط غير ضرورية ولكنها ضارة أيضًا باستقرار الدولة.

الأخلاق الجنسية: كان لدى هوبز آراء صارمة حول الأخلاق الجنسية وكان يعتقد أن المرأة يجب أن تكون عفيفة وفاضلة. وجادل بأن النساء اللواتي يمارسن أنشطة جنسية خارج الزواج غير أخلاقي وأن مثل هذا السلوك يقوض النظام الاجتماعي.

بشكل عام، كانت آراء هوبز حول المرأة متجذرة بعمق في القيم الأبوية في عصره وكانت تعكس إلى حد كبير المواقف السائدة تجاه النساء في إنجلترا في القرن السابع عشر. في حين أن وجهات نظره حول النوع الاجتماعي تعرضت لانتقادات شديدة من قبل النسويات والباحثين المعاصرين، إلا أنها تظل جزءًا مهمًا من تاريخ العلاقات بين الجنسين وتطور الفكر النسوي.

ديكارت (1596-1650)

كتب رينيه ديكارت، الفيلسوف وعالم الرياضيات الفرنسي من القرن السابع عشر، القليل نسبيًا عن النساء في أعماله. ومع ذلك، فإن آراؤه تظل متقدمة مقارنة بالفلاسفة الآخرين وبالعصر النهضوي.

في رسالة إلى الأميرة إليزابيث ملكة بوهيميا، ذكر ديكارت أن النساء أضعف جسديًا من الرجال حيث قال:

“أوافق على أن النساء أكثر حساسية من الرجال، وبالتالي فإنهن لسن مناسبات للعمل البدني الشاق، لكن هذا لا يعني أنهن ليسوا قادرين على التفكير كما يفعل الرجال. 

في الواقع، أعتقد أن النساء لديهن نفس القدرة على التفكير مثل الرجال، ولكن غالبًا ما يتم إعاقتهن بسبب التحيزات في تربيتهن وافتقارهن إلى التعليم”.

كتب ديكارت في عمله “عواطف الروح” أن النساء أكثر عرضة لحالات عاطفية معينة من الرجال:

“لقد لاحظت أن النساء أكثر عرضة للحزن والخوف والمشاعر الأخرى من الرجال، وهذا بسبب أجسامهم أكثر حساسية وأعصابهم”.

ميكيافيلي (1469-1527)

نيكولو مكيافيلي، فيلسوف وكاتب سياسي بارز من عصر النهضة، كتب على نطاق واسع عن السياسة والقيادة والطبيعة البشرية. بينما أشار إلى بعض الإشارات إلى النساء في كتاباته، لم تكن آرائه حول المرأة محورًا مركزيًا لعمله.

كتب مكيافيلي أيضًا عن دور المرأة في السياسة، يهاجم حجة أن النساء لا ينبغي أن يشغلن مناصب عامة لأنهن يفتقرن إلى الصفات الضرورية للقيادة. 

كتب في “الخطابات”:

“لأنني لا أعتقد أن أي رجل يمكنه أن يحكم بشكل صحيح في الشؤون التي لم يتم استخدامها لإدارتها، والمرأة التي اعتادت على إدارة الأسرة هي أكثر ملاءمة لمثل هذا المنصب من الذي لم يفعل”.

كتب مكيافيلي أيضًا عن أهمية ولاء النساء لأزواجهن، قائلاً إن النساء المخلصات لأزواجهن يمثلن رصيدًا لأسرهن والمجتمع ككل. حيث كتب في “الخطابات”:

“لذلك، بما أن موضوع الزواج هو زيادة الأولاد ، يجب تفضيل هؤلاء النساء اللواتي يرجح أن ينجبن ذرية سليمة ، وأولئك الأكثر ترجيحًا أن يكونوا مخلصين ومطيعين يجب أن يكون أزواجهن محترمين للغاية”.

بشكل عام، كانت آراء مكيافيلي حول النساء نموذجية في فترة زمانه، والتي كانت تنظر إلى النساء في المقام الأول كزوجات وأمهات، وليس كأفراد يتمتعن بحقوقهن وقدراتهن. في حين أنه أقر بأهمية المرأة في إلهام الرجال لأعمال عظيمة، إلا أنه كان يعتقد أيضًا أن النساء يفتقرن إلى الصفات اللازمة للقيادة ويجب ألا يشغلن مناصب عامة.

سبينوزا (1632-1677)

لم يكتب باروخ سبينوزا، الفيلسوف من القرن السابع عشر، بإسهاب عن موضوع المرأة. ومع ذلك، فإن بعض كتاباته تتطرق إلى قضايا تتعلق بدور المرأة في المجتمع ومعاملتها من قبل الرجال. 

أكد سبينوزا على تمتع النساء والرجال بقدرات فكرية متساوية، حيث جادل في كتابه الأخلاقي بأنه لا يوجد فرق جوهري بين القدرات الفكرية للرجال والنساء. كان يعتقد أن الجنس ليس عاملاً محددًا في قدرة الشخص على التفكير والفهم.

أكد على وجوب أن تحصل النساء على التعليم، حيث اعتقد سبينوزا أن الجميع، يجب أن يحصلوا على التعليم بدون تمييز. وكان يعتقد أن التعليم ضروري للأفراد ليعيشوا حياة فاضلة ولتحقيق السعادة.

كذلك اعتقد سبينوزا أن النساء يخضعن لنفس المشاعر مثل الرجال وقادرات على تجربة نفس مجموعة العواطف. لم يكن يعتقد أن النساء بطبيعتهن أكثر عاطفية أو غير عقلانية من الرجال كما رأي الكثير من الفلاسفة آنذاك.

أكد على وجوب معاملة النساء باحترام، حيث جادل بأنه يجب معاملة النساء بنفس الاحترام مثل الرجال. وكان يؤكد أن النساء، مثل الرجال، كائنات عقلانية قادرة على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم.

بشكل عام، كانت آراء سبينوزا حول النساء تقدمية نسبيًا في وقته. في حين أنه لم يكتب على نطاق واسع حول هذا الموضوع، فقد أثرت أفكاره حول المساواة بين الجنسين وأهمية التعليم لجميع الأفراد في وقت لاحق على المفكرين والحركات المدافعة عن حقوق المرأة.

جون لوك (1632-1704)

لم يكتب جون لوك كثيرًا عن النساء، لكنه طالب بأن تتمتع النساء بحقوق طبيعية متساوية مع الرجال. في كتابه “أطروحتان للحكومة”، قال لوك إن الرجال والنساء يتمتعون بحقوق طبيعية متساوية، بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والملكية.

بالرغم من ذلك كان يعتقد أن النساء بشكل عام أقل شأنا من الرجال في القدرات الفكرية، حيث اعتقد أن الرجال لديهم قدرة أكبر على التفكير وكانوا أكثر ملاءمة للأدوار القيادية.

حيث إن النساء مناسبات بشكل أساسي للأدوار المنزلية. وفي كتابه “أفكار تتعلق بالتعليم”، قال لوك إنه يجب تعليم الفتيات ليصبحن زوجات وأمهات صالحات، بدلاً من ممارسة مهن أكاديمية أو مهنية.

كان يعتقد أن الدور الأساسي للمرأة في المجتمع هو رعاية المنزل والأسرة، ويجب أن تكون المرأة متواضعة وعفيفة، وأن تخضع لسلطة الرجل. كان يعتقد أن النساء اللواتي كن حازمات أو مستقلات يعارضن النظام الطبيعي.

من الجدير بالذكر أن آراء لوك حول النساء لم تكن فريدة من نوعها بين معاصريه، وأن العديد من أفكاره تعكس المجتمع الأبوي الذي عاش فيه.

ومع ذلك، فإن تأكيده على الحقوق الطبيعية والحرية الفردية أصبح فيما بعد مبادئ مهمة في النضال من أجل حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.

ختامًا

تباينت آراء فلاسفة عصر النهضة حول المرأة اختلافًا كبيرًا، ومن الصعب الإدلاء ببيان شامل عنها ككل.

ومع ذلك، فقد تأثرت العديد من وجهات نظرهم بالمعايير الثقافية والمجتمعية السائدة في عصرهم، والتي غالبًا ما كانت متحيزة ضد المرأة.

بشكل عام، بينما كان هناك بعض فلاسفة عصر النهضة الذين لديهم آراء أكثر تقدمية حول حقوق المرأة والمساواة، فإن العديد من آرائهم كانت متجذرة في المواقف الجنسية في عصرهم. حيث سيكون من الإجحاف تجاهل فهم السياق التاريخي الذي عاش فيه هؤلاء الفلاسفة وكتبوا من أجل فهم وجهات نظرهم حول المرأة بشكل كامل.