تواجه صعوبات في النوم؟! جلدك مليء بالبقع الحمراء؟! رُبما البعوض هو السبب!
لماذا يُفضل البعوض الإنسان؟! ولماذا يُفضلني أنا دونًا عن غيري؟! كُل تلك الأسئلة سنُجيبها في هذا المقال.
تقديم
من المُدهش أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف نوع من البعوض يتغذون على الدم البشري وغيره من المصادرِ الأخرى؛ لكن هناك البعض مُتخصصون في لدغ البشر تحديدًا كالزاعجة المصرية أو ما يعرف ب (Aedes aegypti) وهو البعوض الناقل لمرض (الزيكا- Zika) و(حُمى الضنك- Dengue fever). المُدهش في الأمر هو وجود بعض الأنواع التي تفضل الحصول على وجبتها الغذائية من بعض الأشخاص دون غيرهم!
على الرغم من أن هذه ليست سوى ملاحظة، إلا أن هناك الأن بعض الأبحاث التي تدعم هذه الملاحظات -لكن- ما هي العوامل التي يمكن أن تؤثر على اختيار البعوض وتمييزهم لبعض الأفراد على غيرهم؟!
يعتقد البعض أن هنالك العديد من الأمور التي يمكن أن تؤثر على معدلات اللدغ بطريقة أو بأخرى مثل:
- فصيلة الدم
- طبيعة الجلد
- التعرق
- تناول الأطعمة مع الثوم أو خل التفاح
نرى أنه يوجد الكثير من الحكايات التي تدور حول هذه النقاط -لكن- الجزء الأكبر منها عند اختباره علميًا لا يُظهر نتائج إيجابية؛ ومع ذلك فإنه يتم بذل قدر كبير من الجهود البحثية لفهم خيارات التغذية للبعوض، وذلك على أمل السيطرة على الأمراض المنتشرة بين البشر من خلال تلك المخلوقات.
لماذا يفضل البعوض البشر؟
يستخدم جميع أنواع البعوض ثاني أكسيد الكربون (CO₂) كمؤشرٍ طويل المدى على أن المضيف في مكان قريب؛ ومع ذلك فإن هذا الغاز (CO₂) موجود في كل مكان ولا يُقدم إلا القليل من المعلومات لمساعدة البعوض المتخصص في تحديد هدفه المفضل؛ إذًا ما هو السبب الفعلي؟!
قد ثبت مؤخرًا أن حمض اللاكتيك(Lactic Acid) عامل جذبٍ كبير إلى جانب ثاني أكسيد الكربون (CO₂)؛ ومن المعلوم بأن حمض اللاكتيك أكثر انتشارًا في رائحة الإنسان من الحيوانات الأخرى؛ كما تساعد المركبات الأخرى مثل الأمونيا وبعض الأحماض الكربوكسيلية والأسيتون على جذب البعوض، كل هذه العوامل هي التي تجعل الإنسان فريسةً للبعوض وليس باقي الحيوانات أو الطيور.
لماذا يفضل البعوض أشخاصًا عن غيرهم؟
أفضل دليل وصل إليه العلماء حول أسباب تفضيل البعوض للبعض عن الآخرين هو إختلاف أنواع وكم الجراثيم المتواجدة على سطح البشرة فيما يعرف ب (Skin Microbiota)، تلك الجراثيم في الأغلب عبارة عن بكتيريا وفطريات غير مُمرضة تعيش على الجلد وفي المسام وبصيلات الشعر. يظن العلماء أن تركيبة الرائحة التي تصدرها تلك الجراثيم على شكل بعض المركبات العضوية المتطايرة هي العامل الرئيسي في جذب البعوض؛ فنستنتج من هذا بأن البعوض الذي يختار أشخاصًا بعينهم يختارهم بناءًا على الكائنات الدقيقة التي تعيش على جلدهم.
علامَ يعتمد تكوين جراثيم البشرة؟
يعتمد تكوين وتنوع الجراثيم المتواجدة على سطح الجلد في الغالب على بيئتنا؛ أي على كل ما نأكله ونلمسه ونشربه والمكان الذي نقطنه. هناك أدلة أخرى تُشير إلى أن جينات الشخص يمكن أن تؤثر أيضًا على الجراثيم المتواجدة على سطح الجلد بصورة أو بأخرى؛ وبالتالي فإن هذه الحياة المجهرية الموجودة على سطح أجسادنا تختلف تمامًا من شخص إلى الأخر من حيث التكوين. يُعتقد أن التباين الوراثي يؤثر على مدى كرم جسمك مع الأنواع المختلفة من الميكروبات التي تعيش عليه، وذلك من حيث السماح لها بالتواجد أو بالتخلص منها على الفور. يرجع ذلك الإختلاف إلى وجود بعض البروتينات على سطح الجلد والتي تعمل كحواجز لمنع نمو وتكاثر الميكروبات بالإضافة إلى وجود بعض العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر في تلك الحياة المجهرية كالتعرق أو أن تكون من أصحاب البشرات الدهنية على سبيل المثال. وبالحديث عن التعرق فإن العرق النقي ليس له رائحةً واضحة؛ وبالتالي فإن العرق نفسه لا يكون مسئوولًا عن جذب البعوض وإنما التباين الكيميائي في مكونات العرق ومعدل العرق بين البشر هو الذي يجعل الظروف مُفيدةً لبعض الميكروبات التي يمكنها جذب البعوض.
ما الذي يأمله العلماء؟
يرجح بعض العلماء أن البعوض يختار مضيفَه البشري وفقًا للبكتيريا التي تعيش على سطح الجلد -ولكن- إلى الآن لم يتوصلوا إلى إجابةٍ قاطعة بشأن تقضيل البعوض لرائحة بعض البيئات الجرثومية على الأخرى. يأمل العلماء الأن في الوصول للسبب الفعلي وراء ذلك لإنه إن استطاع العلماء معرفة هذا السر فرُبما بالإمكان تغيير التركيب والتنوع البكتيري على سطح البشرة لجعل الأشخاص أقل عرضةً للإصابة بلدغات البعوض ومن ثم إنخفاض معدل انتشار الأمراض التي يمكن أن تنتقل عبر تلك الكائنات.
المصدر:
ترجمة: علي صلاح
مراجعة علمية: Mahmoud Ahmed