ماذا يحدث بداخل عقولنا أثناء القيام ببعض الأنشطة؟: نظرة حول الترجمة والموسيقى

cover

هل من الممكن أن تؤثر بعض أنشطتنا الحياتية على سلوك وأداء عقولنا؟ هل من الممكن أن تُصقل بعض الأنشطة من مهارات وكفاءة عمل المخ البشري؟

إذا كنت من هواة الموسيقى أو حتى حدث وأن مررت على مشهد لأحد عازفي البيانو؛ فقد تجد أنه من المثير للاهتمام كيف يمكن للإنسان التحكم في كلتا يديه بحيث تؤدي كل منهما مقطع مغاير تمامًا للأخرى بل وفي التوقيت نفسه، الأمر الذي وإن بدا بسيط وتلقائي فهو يتطلب قدر لا بأس به من الجهد والتدريب حتى يصل الإنسان لتلك المرحلة من التمكُّن والتزامن. وإذا كنت ممن خاضوا تجربة العزف على آلة مثل البيانو فقد تدهش لتلقائية تمرُّس يديك كوحدتين منفصلتين بمرور الوقت. فتبدو كل منهما وكأنها مُنسابَةٌ بواسطة عقلٍ مستقل يعلم مساره ومآبه دون الحاجة لأن تُملي عليه فعله..

مع الممارسة ستجد أن أصابعك أصبحت تتقافز في انسيابية تلقائية متحررة بخفة راقصة باليه بين أوكتاﭪٍ وآخر، أصبحت تقيس المسافات بين المفاتيح بتكنيك هندسيّ متمرِّس وكأنها مُزوَّدة بفرجارٍ شعوري يعلم مساحة خُطاه مُسبقًا ولا ينحرف قُطره.. ستجد أن أصابعك تتهيأ تلقائيًا في وضعية وقفَتِها على أحد المفاتيح لتكفل تلك الوضعية بالتحديد الانتقال بمرونة نحو المفتاح الآخر والمرور عليه بسلاسة وتناغم تام

.. كل ذلك دون استهلاك تفكير أو وقت يُذكَر..

وإن شاهدت أحد المترجمين الفوريين خلال عمله في أحد المؤتمرات أو الأحداث العالمية فستجد ما قد يثير الاهتمام من الأمر نفسه. القدرة على استقبال لغة ما وفهمها وإعادة بلورتها في ما يوازيها في لغة أو لغات أخرى في الوقت نفسه. الترجمة والموسيقى هم ضمن أمثلة متعددة للأنشطة التي يتطلب إتمامها التزامن والتوافق بين عمل شقيّ المخ حتى يتمكن من أداء تلك المهام على اختلافها في الوقت نفسه بالكفاءة المطلوبة. ولكي نفهم كيف يتم ذلك لننظر باختصار مما يتكون الدماغ البشري.

يتكون الدماغ البشري من 3 مناطق رئيسية:

(المخ- cerebrum)

ويشغل المساحة الأكبر من الدماغ البشري ويتألف من شقين؛ أيمن وأيسر. ويقوم بمهام تفسير الحواس مثل اللمس والرؤية والسمع وغيرهم، بالإضافة إلى الكلام، والتفكير، والاستنتاج، والعواطف، والتعلم، والتحكم في الأداء الحركي.

(المخيخ- cerebellum)

ويقع أسفل المخ، وتكمن مهمته في التحكم في الحركات العضلية والحفاظ على وضعية واتزان الجسم.

(جذع المخ-Brainstem)

الذي يعمل كمركز تناوب ويعد بمثابة حلقة وصل بين المخ والمخيخ والحبل الشوكي. وهو مسؤول عن العديد من وظائف الجسم الآلية مثل التنفس ونبض القلب ودرجة حرارة الجسم ودورات النوم والاستيقاظ والهضم إلخ.

 

ينقسم المخ إلى شقين؛ أيمن وأيسر. ويتصل الشقان بحزمة من الألياف العصبية تُسمى (الجسم الثفني- Corpus Callosum)  التي تصل الرسائل العصبية من شقٍ إلى آخر. يتحكم كل شق في الجانب المقابل له في الجسم؛ فالشق الأيمن يتحكم في الجانب الأيسر من الجسم والعكس صحيح. يقوم الشق الأيسر للمخ بالمهام المرتبطة بالفهم والاستيعاب، والعمليات الحسابية، والكتابة. بينما يقوم الشق الأيمن بالمهام الإبداعية، والمهارات الفنية، والموسيقية. كما يسيطر الشق الأيسر للمخ على استخدام اليدين واللغة في نسبة 92% من البشر.

الموسيقى والتفكير التبايني

أوضحت بعض الأبحاث أن عازفي الموسيقى يفكرون بطريقة تختلف عن غيرهم. حيث اكتشف علماء النفس بجامعة (فاندربيلت –Vanderbilt)  أن عازفي الموسيقى المحترفين أو المتدربين عليها لديهم القدرة على استخدام أسلوب إبداعي أكثر في التفكير يُعرف بـ «التفكير التبايني»، وأيضًا لديهم القدرة على استخدام كلا شقي القشرة الجبهية الأيمن والأيسر بمستوى يفوق الإنسان العادي.

يوضح (برادلي فولي) المتخصص في الطب النفسي والأعصاب وأحد المشاركين في البحث: «لقد كان اهتمامنا الأول هو اكتشاف رؤية الأشخاص الإبداعيين بالفطرة للمشكلات التي تتطلب قدر من التفكير الإبداعي لمعالجتها بأفضل شكل ؛ لذا فإننا استهدفنا الموسيقيين لأن التفكير الإبداعي هو جزء من حياتهم اليومية. كما وجدنا بعض الاختلافات النوعية في الإجابات التي أفادوا بها لحل تلك المشكلات وفي أنشطتهم العقلية المرتبطة بذلك»

ومن بين التفسيرات التي أبرزها الباحثون لقدرة الموسيقيين المتطورة على استخدام شقي المخ هو أن الموسيقيين يتحتم عليهم استخدام كلا اليدين بشكل مستقل أثناء العزف على آلاتهم الموسيقية.

ومن هنا تكمن قدرة الموسيقيين على معالجة ودمج المعلومات المنبثقة من كلا الشقين.

ويوضح فولي ذلك بقوله:

«إن الموسيقيين غالبًا ما يقومون بدمج سطور لحنية مختلفة باستخدام اليدين معًا لتصبح مقطوعة موسيقية واحدة. ومن أجل تحقيق ذلك عليهم القراءة المتزامنة للرموز الموسيقية، وهي مهمة تعتمد على الشق الأيسر للمخ، ثم ترجمتها إلى نوتات وهو ما يعتمد على الشق الأيمن للمخ، والقيام بكلا المهمتين في آنٍ واحد.»

وقد اتضح من خلال بعض الدراسات السابقة والأبحاث أن الأشخاص الأكثر إبداعًا هم الأكثر قدرة على استخدام التفكير التبايني.

ومن أجل إجراء الدراسة قام الباحثون بانتقاء 20 طالبًا للموسيقي الكلاسيكية لا تقل فترة تدريبهم عن 8 سنوات على آلات موسيقية تشمل البيانو وآلات النفخ والوتريات والآلات الإيقاعية، و20 آخرين من دارسي علم النفس. وتم تنسيق المجموعات وفقًا للعمر، والنوع، والتعليم، ودرجات المرحلة الثانوية، وكذلك اختبارات (SAT) التي تقيم قدرات الفرد العقلية.

قام الباحثون بإجراء تجربتين للمقارنة بين الموسيقيين ونظرائهم. في التجربة الأولى قام الباحثون بعرض بعض الأدوات المنزلية عليهم وطلبوا منهم ابتكار استخدامات جديدة لها، إلى جانب إجراء اختبار (تداعي الكلمات) وهو اختبار يستهدف استحضار أكبر عدد من الكلمات المترابطة المخزنة بالذاكرة. وكانت أكثر الإجابات الصحيحة لاختبار تداعي الكلمات هي للموسيقيين، وقد أعزى الباحثون ذلك للقدرة اللفظية المتطورة لديهم. وعلى صعيد الاختبار الآخر فقد ابتكر الموسيقيون استخدامات إبداعية أكثر للأدوات المنزلية مقارنة بغيرهم ممن خضعوا للاختبار.

وفي التجربة الثانية طُلب من المجموعات إعادة التجربة الأولى لابتكار استخدامات إبداعية للأغراض المنزلية، ولكن هذه المرة أثناء مراقبة الباحثين لنشاط الفصوص الجبهية باستخدام تقنية للمسح الدماغي تُعرف بـ التحليل الطيفي للأشعة القريبة من تحت الحمراء (near-infrared spectroscopy) والتي تقيس التغيرات في أكسجين الدم في القشرة الدماغية أثناء قيام الشخص بأداء مهمة إدراكية أو معرفية ما.

ويقول فولي عن نتائج التجربة:

«من خلال رصد نشاط القشرة الجبهية الدماغية أثناء قيام الخاضعين لتجربة إيجاد استخدامات مبتكرة للأدوات المنزلية، وجدنا أن الموسيقيين المدربين لديهم نشاط أعلى في كلا الشقين للفصوص الجبهية. وقد أسفرت التجربة عن المفاضلة بين الموسيقيين وغيرهم ليس فقط لأن الموسيقيين قد أوجدوا استخدامات ابتكارية أكثر، ولكن لوجود اختلافات نوعية حول ماهية تفكيرهم ومعالجتهم لتلك المعلومات.»

وقد وجد الباحثون أيضًا أن الموسيقيين سجلوا نتائج أعلى في اختبارات الذكاء أكثر من غيرهم. مما يدعم آخر الدراسات التي تفيد أن التدريب الموسيقي المكثف يرتبط بمستوى ذكاء أعلى.

النشاط العقلي للمترجمين

أما على صعيد الترجمة فعودة إلى السؤال الذي بدأنا منه حيث بدأت أيضًا ( باربرا موسر ميرسر- Barbara Moser-Mercer) وهي مترجمة فورية تتقن الألمانية والإنجليزية والفرنسية، اقتادها فضولها للحاق بركب مجال العلوم العصبية لفهم ما يحدث داخل عقول المترجمين أثناء الترجمة الفورية.. بدأ الأمر في عام 1987 عندما توجهت موسر إلى جامعة ﭽينيفا لعلها تجد إجابات لتساؤلاتها ولكنها وجدت أن القسم المختص بالترجمة الفورية يهتم بدراسة الترجمة فقط وليس البحث العلمي. ومن هُنا اقترحت موسر تأسيس قسم يستهدف دراسة هذا الأمر بالتعاون مع زملاء آخرين من المتخصصين في علم المخ والأعصاب.

يقول (نارلي جولستاني- Narly Golestani) رئيس معمل المخ واللغة بالجامعة:

«اللغة هي أحد أعقد الوظائف الإدراكية على الإطلاق. لقد تمت الكثير من الأبحاث حول مهارة إتقان لغتين، لكن عندما يتعلق الأمر بالترجمة.. فإن الأمر يكون أعقد من ذلك حيث يتم استخدام اللغتين في نفس الوقت، وليس فقط بنمط واحد؛ ذلك لأن المترجم يقوم بكل من استقبال ومعالجة وإعادة صياغة اللغة في الوقت نفسه. ولذلك فإن المناطق المسؤولة عن إتمام تلك العملية في المخ تصل إلى أوج نشاطها بشكل أعمق بكثير من مجرد إتقان اللغة.»

تنشط العديد من المناطق في المخ أثناء قيام المترجمين بالترجمة الفورية

 

في جامعة ﭽينيفا تم الاستعانة بـ التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي (FMRI) الذي يمكِّن الباحثين من مشاهدة وتحديد مناطق المخ أثناء أدائها لمهام معينة، ومن خلاله تمكنوا من تحديد المناطق التي تمكّن المترجمين من أداء مهامهم، وأحد تلك المناطق يُعرف بـ «منطقة بروكا- Broca’s area» وهي المسؤولة عن عملية تحدث اللغات وعمل الذاكرة، وهي المهام التي تمكننا من إدراك ما نفكر فيه أو ما نقوم به. تتصل منطقة بروكا بالعديد من المناطق المجاورة لها والتي تساهم أيضًا في التحكم في عملية تحدث اللغات وإدراكها.

منطقة بروكا

يقول جولستاني:

«خلال القيام بالترجمة، وعندما يقوم المترجم بسماع لغة ثم يترجمها ويعيد التحدث بلغة أخرى في نفس الوقت، يحدث تفاعل وظيفي هائل بين تلك المناطق في المخ.»

ولأن العديد من المناطق الأخرى في المخ تساهم في تلك العملية وحيث أن بينها العديد من التفاعلات صعبة الحصر. فقد كان الأمر أعقد من إمكانية موسر ميرسر على تتبع وحصر جميع تلك التفاعلات والعمليات الإدراكية داخل المخ في وقت واحد. من هنا لجأ باحثون جامعة ﭽينيفا لدراسة كل جزء من تلك التفاعلات كما لو كانت صندوق أسود عليهم اكتشاف خباياه وسبر أغواره والتركيز على فهم كيفية ترابط وعمل جميع تلك الصناديق معًا. وقد عبر عن ذلك أحد أعضاء فريق الباحثين بقوله: «إن مهمة بحثنا هي محاولة فهم الآليات داخل المخ التي تمكّن المترجم من التحكم في جميع تلك الأنظمة العقلية بهذا التزامن»

وقد تبين من البحث أن هناك منطقتين في النواة المخططية للمخ (Striatum) –وهي النواة الأوّلية التطوّرية للمخ- هما المسؤولتان عن التحكم في تنفيذ تلك المهة  وهما: النواة الذنبية (Caudate nucleus)، والبطامة (putamen). ومع علم علماء الأعصاب بأن تلك المناطق تلعب دورًا محوريًا في مهام أخرى معقدة تشمل التعلم والتخطيط والأداء الحركي. فنستخلص من ذلك أنه ليس في المخ مناطق مخصصة قصرًا للتحكم بعملية الترجمة وهذا ما أكده هارفيس أدلمان مدير قسم اللغويات العصبية في مؤسسة علم النفس بجامعة زيوريخ. حيث أنه ومع دراسة بعض السلوكيات البشرية الأخرى باستخدام  functional magnetic resonance imaging (fMRI) الرنين المغناطيسي الوظيفي تبيَّن أن هذه المهام يتم إنجازها باستخدام العديد من المناطق داخل المخ وأن المناطق المتحكمة في إنجازها عامة وليست تخصصية.

النواة المخططية

وقد تبين أيضًا أن عقول المترجمين تتشكل وتتأثر وفقًا لمهنتهم. على سبيل المثال يستطيع المترجمون تجاهل أصواتهم الذاتية وهو الشيء الذي يصعب تجاهله في الظروف العادية، إلا أن لدى المترجمين القدرة على التركيز على ما يترجمونه أكثر مما يتحدثون به. هذا بخلاف القدرة على توقع الكلام التالي فبحسب تجربة أُجريت منذ 20 عامًا أجراها أستاذ علم النفس بجامعة (ترييستي – (Trieste بإيطاليا فرانكو فابرو (Franco Fabbro) تتضمن التجربة قيام 24 طالب بسرد أيام الأسبوع وشهور السنة بترتيب عكسي بينما يستمعون لأصواتهم من خلال سماعات الرأس، في البداية كانوا يستمعون لأصواتهم بشكل فوري، ثم كرروا الاختبار مع تأخير أصواتهم لمدة 150، 200، 250 ميللي ثانية. وقد اتضح أن أقل قدر من التأخير يمكن أن يتسبب في اضطراب الحديث حيث يتباطأ المتحدث، أو يتلعثم، أو حتى يتوقف عن الحديث. وعلى الرغم من أن العديد من الطلبة قد أخطأوا مرارًا إلا أن نصف المجموعة تقريبًا ممن كانوا طلبة في الصف الثالث أو الرابع بكلية الترجمة لم يبدوا تشوشًا ملحوظَا.

ومن أحد المهارات التي تساعد المترجمين على تحسين سرعتهم هي التنبؤ بالكلام حيث تقول موسر ميرسر: «لطالما كنت أتوقع تتمَّة الجملة التالية بصرف النظر عن هوية المتحدث وسواءً كنت ارتدي سماعات الرأس أم لا»

ومن أهم ما يكتسبه المترجم المحترف هو القدرة على التكيف مع أنماط مختلفة من الموضوعات والتي قد يكون منها موضوعات أكاديمية متخصصة لا يملك المترجم المعلومات الكافية عنها. هذا بخلاف سرعة المتحدثين المتفاوتة، فيبدو أن آليات عمل الشبكات داخل عقول المترجمين والمسؤلة عن تعزيز عملية الترجمة تكون بالمرونة الكافية التي تمكّن المترجمين من تطوير استراتيجيات للتعامل مع كافة أنماط الحديث.

وسواءً كان النشاط الذي تقوم به عملًا مهنيًا أم هواية ترفيهية، قد يشغلك ويثير اهتمامك إلى أي مدى يمكن لتلك الأنشطة التفاعل مع عقلك والتأثُّر به والتأثير فيه. وسواءً كانت الموسيقى أم الترجمة، فهم مجرد أمثلة ضمن العديد من الأنشطة التي تُشكّلها وتتشكّل بها تلافيف مخّك البشري القابع في سكون داخل رأسك الصغير.. والذي على صغر حجمه نسبيًا قد يدهشك تمامًا ما يجوب داخل هذا السكون من خبايا أعقد وأعمق كثيرًا مما تبدو.

 

المصادر:

  1. Vanderbilt Division of Communications. “Musicians Use Both Sides of Their Brains More Frequently than Average People.” Vanderbilt University, Vanderbilt University, 2 Oct. 1970, news.vanderbilt.edu/2008/10/02/musicians-use-both-sides-of-their-brains-more-frequently-than-average-people-65577/.https://bit.ly/3gkKyL5
  2. https://bbc.in/3c690Nj
  3. Hervais-Adelman, Alexis Georges, et al. “Executive Control of Language in the Bilingual Brain: Integrating the Evidence from Neuroimaging to Neuropsychology.” Frontiers in Psychology, vol. 2, 2011, doi:10.3389/fpsyg.2011.00234.
  4. Hervais-Adelman, Alexis, et al. “FMRI of Simultaneous Interpretation Reveals the Neural Basis of Extreme Language Control.” Cerebral Cortex, vol. 25, no. 12, 2014, pp. 4727–4739., doi:10.1093/cercor/bhu158.
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي