هل تساءلت يومًا كيف تقوم المغسلة بتنظيف ملابسك؟ وهل السر يكمن في نوع المغسلة أم في نوع المنظفات المستخدمة؟
إليك كل ما تريد معرفته عن هذا الموضوع، وبما أن الحاضر لم يكن ليتشكل لولا وجود الماضي؛ هيا بنا نتعرف على تاريخ المنظفات…
ما هو تاريخ المنظفات؟
يعود تاريخ إنتاج واستخدام المنظفات إلى تاريخ حضارات من أعظم حضارات العالم، حيث عرف القدماء المصريون والبابليون الوصفة المستخدمة لإنتاج المنظفات بينما تحكي لنا الحضارة الرومانية القديمة تاريخ نسب اسم الصابون – Soap إليها..
حسب الأسطورة الرومانية، عندما كانت تسقط الأمطار على منحدرات جبل سابو – وهي منطقة أسطورية تم فيها التضحية بالحيوانات – كان المطر يغسل الدهون المتراكمة على أجسام الحيوانات المضحى بها ويمررها إلى نهر التيبر مع الرماد القلوي المتناثر من الحرائق التي كانوا يشعلوها لتقديم القرابين. وحينها اكتشفت الخادمات العاملات في تنظيف هذه الأماكن أن المزيج ساعد في تنظيف ملابسهن أيضًا!
وبذلك، ظلت الدهون الحيوانية والرماد أساس صنع الصابون لآلاف السنين… ومن هنا سُمي الصابون Soap تيمنًا بنهر سابو الروماني.
تم إنتاج المنظفات الحديثة في عام 1916 عندما تم إنتاج أول مادة قادرة على تقليل التوترات السطحية للماء (surfactant) في ألمانيا من قطران الفحم وذلك كان حلًا بديلًا لأزمة نقص الدهون الحيوانية خلال الحرب العالمية الأولى. تم إضافة مواد كيميائية مساعدة لهذه العملية والتي تحسن من قدرة التنظيف للمواد الخافضة للتوتر السطحي. حيث أنها تقوم بالإمساك بأيونات الكالسيوم والماغنيسيوم من الماء العسر (الماء الذي يحتوي على نسبة أملاح عالية)، وبالتالي الحفاظ على كفاءة التنظيف وتحسينها.
تضمنت الاختراعات اللاحقة استخدام الإنزيمات الضوئية – التي ترتبط بالأقمشة. أما المنظفات المتوفرة الآن، فهي تحتوي على ستة إنزيمات، كل منها ذو وظيفة معينة وهدف محدد.
بجانب استخدام الصابون أو المنظفات كمطهر، يذكر الطبيب اليوناني جالين – Galen أنه تم استخدام الصابون كدواء وكوسيلة لتطهير الجسم أيضًا. وكما عرف العرب ببراعتهم في الكثير من المجالات خاصة الطب والكيمياء، ترجع كتابات وجدت من القرن الثامن الميلادي إلى «جابر بن حيان» الذي يعرف بأبو الكيمياء إلى استخدام الصابون كمنظف ومطهر أيضًا.
كيف تقوم المنظفات بإزالة الأوساخ والبقع من الملابس وغيرها؟
يتكون المنظف أو الصابون من جزئين، جزء كاره للماء (Hydrophobic) وهو يتمثل في سلسلة طويلة من الهيدروكربونات مثل الأحماض الدهنية (Fatty acids)، وجزء محب للماء (Hydrophilic) وهو يتكون من أيون معين مثل الصوديوم في هذه المجموعة COONa− هذا التركيب يسمح بخفض التوتر السطحي للماء (Surface tension) فيساعد على توغل المنظف داخل نسيج الملابس وتنظيفها.
إذا حاولنا تشبيه عمل المنظف بفريقين، فريق محب للماء وفريق كاره للماء، يحاول الفريق الكاره للماء الابتعاد عنها بقدر الإمكان، فيسرع إلى الالتصاق بطبقة الأوساخ على الملابس ويكون رابطة قوية معها، خاصة لو كانت هذه الأوساخ تتكون من مادة عضوية. ثم يأتي الفريق المحب للماء مسرعًا ليرتبط مع الماء برابطة قوية أيضًا! فتكون طبقة الأوساخ محاطة من الخارج بالفريق المحب للماء الذي يسحبها مبتعدة عن نسيج الملابس تاركة إياها نظيفة.
وللإجابة عن السؤال السابق: ما الذي يقوم بتنظيف الملابس؟ المغسلة أم المنظفات؟
تلعب المنظفات دور البطولة في عملية التنظيف، ويساعدها 3 عوامل:
1- قوة الاحتكاك والحركة الدورية التي تقوم بها المغسلة (أو احتكاك الأيدي بالقماش في الغسيل اليدوي)
2- درجة حرارة الماء المستخدمة في عملية التنظيف، فهي تسهل عملية إزالة الأوساخ.
3- إضافة الأكسجين إلى تركيبة المنظف، تعمل على سهولة تكسير الأوساخ.
هناك 4 أنواع للمنظفات:
1- المنظفات الأنيونية (Anionic detergents)
من أنواعها الصابون، وهي أنواع المنظفات التي تطلق أيونات سالبة في ماء التنظيف.
2- المنظفات الكاتيونية (Cationic detergents)
وهي أنواع المنظفات التي تطلق أيونات موجبة في ماء التنظيف.
3- منظفات متعادلة (Nonionic detergents)
وهي المنظفات التي تطلق جسيمات متعادلة في ماء التنظيف.
4- منظفات حسب الوسط (Ampholytic)
وهي المنظفات التي تتعامل مع الوسط كما هو، إذا كان موجبًا أو سالبًا (حامضًا أو قاعديًا) وذلك حسب درجة تركيز الهيدروجين pH في ماء التنظيف.
ما هي خطوات عمل المنظفات؟
عندما تبدأ بوضع المنظف على الملابس ثم تضبط وقت المغسلة على مدة محددة، تبدأ التفاعلات الكيميائية والفيزيائية بالحدوث! حتى تنتج النتيجة المرادة وهي ملابس نظيفة ذات رائحة منعشة، وماء التنظيف المتبقي يحمل كل الأوساخ المتراكمة. فتكون الخطوات كالتالي:
1- يحدث البلل للملابس بالماء، ثم تبدأ المنظفات بخفض التوتر السطحي للماء حتى تقوم بتحضير نسيج القماش للاختراق بواسطة المنظفات لتقوم بعملها.
2- امتصاص طبقة المنظف على الطبقة المراد إزالتها من الملابس، ثم تكوين رابطة أيونية معها وذلك في حالة نوع المنظف الأيوني (ionic surface-active agents)
3- انتزاع طبقة الأوساخ من الملابس وانطلاقها إلى ماء التنظيف وذلك بمساعدة القوة الحركية التي تقوم بها المغسلة أو بحركة واحتكاك اليدين مع القماش.
4- منع طبقة الأوساخ من التراكم مرة أخرى على الملابس، وذلك عن طريق المنظف الذي يجعلها تتراكم على بعضها في شكل تجمعات معلقة في ماء التنظيف عن طريق بعض الإضافات الصناعية التي توجد في تركيب المنظف.
والآن، بعد أن تعرفت على كيفية عمل المنظفات، يمكنك أن تفهم ترجمة بعض الرسائل الإعلانية التي تراها يوميًا عن إضافة الأكسجين إلى المنظف، وأن ذلك يرفع من كفاءة التنظيف، وعن الأشكال المرئية التي تعرضها الشركات في إعلاناتها، التي تصور الأوساخ وكأنها تنتزع من مكانها بواسطة المسحوق المعلن عنه.
انتظرونا في مقال جديد، يكشف أسرار جديدة.
إعداد: شيماء عفيفي
مراجعة علمية: ولاء شعبان
تدقيق لغوي: أميرة إسماعيل
المصادر: