متى يبدأ الأطفال في تكوين ذكريات طويلة المدى؟

متى_يبدأ_الأطفال_في_تكوين_ذكريات_طويلة_المدى؟

متى يبدأ اللأطفال في تكوين ذاكرة دائمة؟

تجاوب على هذا السؤال ديما أمسو (Dima Amso)، أستاذ مشارك بقسم العلوم الإدراكية واللغوية والنفسية بجامعة براون (Brown University):

تشمل السنوات الأولى من الأبوة العديد من الذكريات البديعة، ابتسامة رضيعك الخالية من الأسنان، زحفه ومشيه من بعدها، وكذلك عندما يلفظ كلمته المفهومة الأولى. إلَّا أنَّه في إحدى المرات، شاركتني أم مخاوفها فيما قد يحدث إذا توفيت فجأةً أثناء حياة طفلها، ما سيحرمه من تذكرها هي والاعوام التي قضاها معها. قد يكون أكثرنا لا يستطيع أن يتذكر الكثير، أوربما لا يتذكر أي شيء، عن طفولاتنا، ولكن عند أي سن يبدأ الأطفال بتكوين ذكريات طويلة المدى؟

قبل الجواب على ذلك السؤال، لابد من شرح أنواع الذاكرة. أثناء كتابتي لتلك المقالة، فأنا أستخدم الذاكرة الإجرائية، وهي شكل من أشكال الذاكرة التي تسجل فقط عملية الكتابة باستخدام أصابعي. على النقيض من ذلك، تمثل الذاكرات التعريفية نوعين من عمليات الاستدعاء طويلة المدى للذكريات الدلالية والعرضية. الذاكرة الدلالية تسمح لنا بتذكر حقائق عامة، على سبيل المثال، أنَّ ألفرد هيتشكوك (Alfred Hitchcock) قد أخرج فيلم (Vertigo)؛ أمَّا الذاكرة العرضية فتشمل قدرتنا على استدعاء الخبرات الشخصية أو الحقائق، مثلًا أنَّ (Vertigo) هو فيلمي المفضل. تُعد الذاكرة العرضية هي الأكثر صلة بفهم ذكريات طفولتنا.

لتكوين ذاكرة عرضية، فذلك يتطلب حبك تفاصيل مختلفة عن حدثٍ معين مثلًا متى وأين قد حدث، وكيف كان شعورك حينها ومن كان هناك، والقدرة على استدعاء تلك التفاصيل لاحقًا. تلك العملية تتضمن الفص الصدغي الإنسي (Medial temporal lobes)، وبشكل خاص قرن آمون (Hippocampus)، وأجزاء من القشرة الجدارية والفص الجبهي (Parietal and prefrontal cortices)، وجميعها ذات دور هام في إعادة استرجاع الذكريات. تبين الدراسات التصويرية عادةً أنَّ نفس المناطق التي تُشَفِّر حدثًا ما على سبيل المثال القشرة البصرية بالنسبة للخبرات البصرية الواضحة، تنشط حين نستدعي تلك الذكرى، ما يسمح بنوع من «السفر العقلي عبر الزمن»، أو إعادة تشغيل للحدث.

تشير بعض الدلائل إلى امتلاك الأطفال الصغار لذكريات عرضية أثناء كونهم رضعًا، إلَّا أنَّ تلك الذكريات تزول فيما بعد. فتستطيع طفلة الستة أعوام تذكر أحداثًا من قبل عيد ميلادها الأول، إلَّا أنَّ تلك الذكريات تُنسى تمامًا بحلول مرحلة المراهقة. بعبارة أخرى، يبدو أنَّ الأطفال الصغار يستطيعون تشكيل شبه ذكريات طويلة المدى، إلَّا أنَّ تلك الذكريات تُمحى من بعد عمر معين أو مرحلة معينة في نمو المخ. أمَّا الذكريات التي تُشكل لاحقًا في مرحلة الطفولة وما بعدها أدعى لأن تستقر، نظرًا لأنَّ المخ الصغير، خاصةً جزء قرن آمون والمنطقة الجبهية الجدارية (Frontoparietal region) من المخ، يمران بتطورات هامة تحسن من قدراتنا على حبك وتخزين واستدعاء الأحداث.

يظل هناك خبر سار للأهالي القلقين من عدم تذكر أطفالهم لسنوات عمرهم الأولى. وهو أنَّ الذاكرة تشكل بدورها وحدة هامة من الخبرة، وأنَّ كل خبرة تساهم في تشكيل المخ بطريقة ذات معنى. فلذلك فبعض الذكريات قد تُنسى، ولكن نظرًا لأنَّ تلك الذكريات أجزاء لا تتجزأ من نسيج هوياتنا، فهي لا تندثر أبدًا.

 

ترجمة وتصميم: هشام كامل

مراجعة لغوية: أمنية أحمد عبد العليم

تحرير: Hasnaa El-debawy

المصدر:

http://sc.egyres.com/GHslH

 

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي