محاكاة في ناسا تقترح أنَّ الثقوب السوداء ربما تكون معامل مثالية لإعداد المادة المظلمة

محاكاة-في-ناسا-تقترح-أنَّ-الثقوب-السوداء-ربما-تكون-معامل-مثالية-لإعداد-المادة-المظلمة

مُحاكاة حاسوبية جديدة تابعة لناسا تشير إلى أنَّ جسيمات المادة المظلمة تتصادم مع بعضها تحت تأثير الجاذبية الشديدة للثقوب السوداء (Black holes)، والتي ينتج عنها أشعة جاما القوية والملحوظة.(1)

رَصدْ هذا الإشعاع سوف يمُد الفلكيين بأداة جديدة لفهم كلًا من الثقوب السوداء وطبيعة المادة المظلمة، التي تعتبر مادة غير مرئية تُشكِل معظم المادة الموجودة في الكون، والتي لا تنعكس،لا تُمتَص، ولا تُشع ضوء.

يقول قالجيرمي شسنتمان (Jeremy Schnittman):«بينما نحن لا نزال لا نعرف ماهية المادة المظلمة بعد، فنحن نعرف أنَّها تتفاعل مع باقي الكون من خلال الجاذبية، والذي يعني أنَّها تتراكم حول الثقوب السوداء الضخمة». شسنتمان هو فيزيائي فلكي بمعمل جودراد للطيران الفضائي بناسا، وقد اضاف أيضًا: «الثقب الأسود لا يقوم بشكل تلقائي فقط بتكثيف جسيمات المادة المظلمة، قوة جاذبيتها تصخم الطاقة وعدد تصادمات التي قد تؤدي إلى إنتاج أشعة جاما»

في دراسة تم نشرها في مجلة الفيزياء الفلكية في 23 يونيو، شنتمان يصف نتائج المحاكاة الحاسوبية التي طورها لتتتبع المدارات الخاصة بمئات الملايين من جسيمات المادة المظلمة، وكذلك أشعة جاما الناتجة عن التصادم، بجوار ثقب أسود، وجد أنَّ بعض أشعة جاما تهرب بطاقات تتخطى الحدود النظرية المعتبرة.

في المحاكاة، المادة المظلمة تأخذ هيئة الجسيمات الكبيرة ضعيفة التفاعل أو ما يُدعى ب «ويمبسWIMPS-» (2)  الذي يُعد المرشح الرئيسي لماهية المادة المظلمة. في هذا النموذج، ويمبس التي تصطدم ببعضها البعض لتتلاشى و تتحول إلى أشعة جاما، أكثر صور الضوء احتواءًا للطاقة؛ لكن هذه التصادمات غاية في النُدرة في الظروف العادية.

على مدار السنوات السابقة، اعتقد العلماء النظريون أنَّ الثقوب السوداء هي مكثفات للمادة المظلمة؛ حيث من الممكن إرغام الويمبس لتتصادم مع بعضها بطريقة تزيد كلًا من معدل وطاقة التصادمات. المفهوم مختلف عن «عملية بنروزPenrose process-»(3) التي تمَّ التعرف عليها لأول مرة في 1969م بواسطة فلكي بريطاني (سير روجر بنروز-Sir Roger Penrose) كتقنية لاستخلاص الطاقة من ثقب أسود دوار؛ كلما زادت سرعة دورانه، كلما اكتسب طاقة وضع أكبر.في هذه العملية، كل الأحداث تحدث خارج أفق حدث الثقب الأسود، الحد الذي لا يستطيع شيء بعده الهرب، في منطقة مسطحة تدعى «الإيرجوسفيرErgosphere-» (4) خلال هذه المنطقة الثقب الأسود يسحب الزمكان معه وكل شيء يكون مُرغم على الحركة في نفس الاتجاه بسرعة تقارب سرعة الضوء. هذا يخلق معمل طبيعي أكثر حدة (كفاءة) من أي معمل على الأرض.

كلما دار الثقب الأسود بسرعة أكبر كلما زاد الإيجوسفير الخاص به، والذي يسمح بتصادمات ذات طاقة عالية أبعد من«أفق الحدث-Event Horizon» (5)؛ هذا يزيد من احتماليةأنَّ أشعة جاما الناتجة سوف تهرب من الثقب الأسود.

قال شنتمان:«العمل السابق حدد أنَّ أقصى ناتج من الطاقة من تصادم مختلف عن عملية بنروز سوف يكون أكبر بحوالي 30% من القيم المبدأية». بالإضافة إلى كمية محدودة من أشعة جاما مرتفعة الطاقة تمكنَّت من الهرب من الإيرجوسفير، هذه النتائج تشير بدليل واضح أنَّ عملية بنروز من الصعب للغاية رؤيتها من ثقب أسود هائل. لكن دراسات أوليَّة تضمنت افتراضات مبسطة حول الأماكن أعلى التصادمات طاقة. المضي قدمًا في هذا العمل الأولي كان يُعنى بتطوير نموذج حاسوبي أكثر كمالًا، الذي يتتبع عدد كبير من الجسيمات بينما يتجمعون بالقرب من ثقب أسود دوارويتفاعلوا فيما بينهم.

نموذج شنتمان الحاسوبي يقوم بتتبع أماكن وخصائص مئات الملايين من الجسيمات الموزعة عشوائيًا بينما يتصادمون و يُفنون بعضهم البعض بالقرب من ثقب أسود. النموذج الجديد كشف عن عملية تقوم بإنتاج أشعة جاما بطاقات أعلى، بالإضافة إلى احتمالية أفضل في الرصد والهروب­­­­­ مما تم التفكير فيما من قبل. قام شنتمان مسبقًا بالتعرف على مسارات غير معروفة حيث تنتج التصادمات أشعة جاما بطاقة عظمى أكبر 14 مرة من الجسيمات الأصلية. باستخدام نتائج هذه الحسابات، شنتمان ابتكر محاكاة صورية لأشعة جاما المتوهجة كما تُرى من مراقب على بعد ينظر على امتداد خط استواء ثقب أسود. الضوء الأعلى طاقة يظهر من منتصف منطقة هلالية الشكل على جانب الثقب الأسود المواجه لنا. هذه هي المنطقة حيث تكون لأشعة جاما أكبر فرصة للخروج من الإيرجوسفير، ويمكن رصدها بالتيلسكوب.

البحث بداية لرحلة يأمل شنتمان أن تصل إلى القمة برصد لاجدال فيه لفناء إشارة من المادة المظلمة حول ثقب أسود غاية في الضخامة.

يقول شنتمان:«المحاكاة تخبرنا أنَّ هناك إشارة فلكية مثيرة للاهتمام لدينا القدرة على رصدها ليس في المستقبل البعيد، بتحسين التيلسكوبات التي ترصد اشعة جاما، الخطوة القادمة هي ابتكار خطة عمل حيث يمكن استخدام أشعة جاما المرصودة حاليًا، وفي المستقبل لتوليف كلًا من فيزياء الجسيمات ونموذجنا حول الثقوب السوداء».

 

مصطلحات استُخدِمت في المقال:

 

  • ثقب أسود: هو حيز في الفضاء حيث تكون قوة الجاذبية مهولة جدًا لدرجة الضوء لا يستطيع الخروج منه، الجاذبية تكون مهولة لأنَّ المادة محصورة في حيز صغير جدًا، الثقوب السوداء تنشأ عند انتهاء حياة النجوم.
  • WIMPS: weekly interacting massive particles
  • عملية بنروز: هي عملية صيغت بواسطة (روجر روبنز-Roger Robbins)حيث يمكن استخلاص الطاقة من ثقب أسود دوار، عملية الاستخلاص ممكنة بسبب لأنَّ طاقة دوران الثقب الأسود تحدث في منطقة أفق الحدث وليس الإيرجوسفير.
  • الإيرجوسفير: هي منطقة تقع خارج الثقب الأسود، سُميت بهذا الاسم لأنَّه من الممكن نظريًا أن يتم استخلاص كلًا من الطاقة والكتلة من الثقب الأسود في هذه المنطقة.
  • أفق الحدث: هو حيز في الزمكان حيث لا يمكن للأحداث أن تؤثر في مشاهدات المراقب؛ بمعنى آخر هي نقطة اللاعودة حيث تكون قوة الشد (الجذب) كبيرة للغاية لدرجة أنَّها لا يمكن الإفلات منه.

 

 

 

ترجمة: Ahmed Mokhtar

مراجعة لُغَويَّة وتصميم:Omnea Abd El-Aleem

المصدر: http://goo.gl/CnAAO1

 

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي