إذا كنت تقرأ عن مصطلح (المكثف الكهربي) لأول مرة، فأنا أؤكد لك أنك رأيت هذا المكون الكهربي في لعبتك التي كسرتها وأنت طفل صغير أو في جهاز كهربي أو إلكتروني ما تالف – نحن نتعامل مع هذا العنصر الكهربي كثيرا وأكثر مما نتخيل.
مجددا لا بأس إن كنت رأيت (مكثفًا) من قبل ولم تعرف ما هو، فنحن الآن على وشك التعرف على صديقنا الذي يرافقنا في معظم أجهزتنا الكهربية التي نستخدمها بشكل يومي.
المكثف الكهربي:
المكثف كما يتضح من اسمه باللغة العربية أو بالإنجليزية capacitor هو أداة تعمل على تكثيف أو تجميع شيء ما، هذا الشيء لا يعني لنا في الكهرباء أكثر من الشحنات الموجبة والسالبة.
إذن المكثف هو هذه الأداة التي تجمع الشحنات الكهربية، أو بمعنى آخر هو جهاز لتخزين الطاقة الكهربية المتواجدة في دائرة على هيئة شحنات موجبة وأخرى سالبة، ويمكن تشبيهه ببطارية صغيرة غير أنه يخزن الطاقة في صورة كهربية، ويطلقها في أجزاء من الثانية، بخلاف البطارية التي تخزن الطاقة الكهربية في صورة كيميائية، وتطلقها في ساعات وأسابيع وقد تمتد لسنوات.
ما هو تكوين المكثف الكهربي؟
يتكون المكثف في أبسط صوره من لوحين معدنيين موصلين للكهرباء يفصل بينهما مادة رقيقة عازلة.
المادة العازلة من الممكن أن تكون مصنوعة من الورق أو الزجاج أو السيراميك أو البلاستيك أو أي شيء يحول دون تمرير التيار بين الللوحين.
أما اللوحين المعدنيين فهما عبارة عن مادة موصلة كالألومنيوم أو الفضة أو غيرهما. هذان اللوحان يكونان مرتبطين بباقي الدائرة عن طريق الأطراف والأسلاك.
عن طريق التحكم في المسافة بين اللوحين وعن طريق مساحة كلا اللوحين وكذلك عن طريق نوع مادة العازل تتحدد كثافة المكثف، والتي تقاس بوحدة تسمى الفاراد ويمكن حسابها بواسطة المعادلة التالية:
حيث εr هي السماحية الكهربية للمادة العازلة، و A هي مساحة المقطع المشتركة بين المادتين الموصلتين، و d هي المسافة بينهما.
ونلاحظ أن الفاراد الواحد هو رقم ضخم جدًا، فمعظم المكثفات التي تستخدم عمليًا تكون بقيم في حدود الميكروفاراد μF أي إنها واحد على مليون من الفاراد، أو بالنانوفاراد أو بالبيكوفاراد وهي قيم أصغر بآلاف المرات وملايين المرات من الميكروفاراد السابق على الترتيب.
والفاراد مصطلح مشتق من اسم العالم الإنجليزي مايكل فاراداي (1791–1867).
كيف يعمل المكثف الكهربي؟
عندما يتم تسليط مصدر للتيار الثابت على طرفي المكثف، فإن الشحنات الكهربية المتمثلة في الإلكترونات تمر بسرعة لتخترق المكثف، ولكنها تتعثر وتتوقف بسبب وجود عائق في طريقها وهو المادة العازلة، فتبدأ في التراكم في الجهة المقابلة للطرف السالب للمصدر ثم يقل عددها في الطرف الآخر، ليتحول بذلك أحد اللوحين إلى الشحنة السالبة والآخر يصبح موجبًا.
هذه الشحنات المتراكمة تكون مجالا كهربيا بين اللوحين يؤدي إلى تكون فرق جهد، وهنا يتحول المكثف إلى شيء أشبه بالبطارية.
تستمر عملية تدفق الشحنات بين طرفي المكثف حتى يمتليء أو بمعنى آخر حتى يصل للحد الأقصى من الشحنات التي يمكنه تخزينها والتي أسميناها من قبل (كثافة المكثف المقاسة بالفاراد)، وهنا يصبح المكثف مشحونا بالطاقة.
المكثف المشحون يمكنه الاحتفاظ بطاقته لأن الشحنات الموجبة والسلبة على طرفيه تجذب بعضها البعض فتستقر في مكانها مشدودتين إلى بعضهما، ولكن بمجرد أن تجد الشحنات مسارًا في الدائرة الكهربية فإنها على الفور تتسرب تدريجيًا من حول الألواح ويفقد المكثف شحنته.
هذه العملية السحرية يمكن تشبيهها بصعود السلم إلى مكان مرتفع، فعندما يصعد شخص إلى مكان مرتفع فإن قوى الجاذبية الأرضية تقاومه بشدة وتسحبه للأسفل ولكنه يبذل شغلا للتغلب عليها، هذا الشغل لا يذهب هباءً بل يختزنه جسم الشخص في صورة طاقة وضع سيكتشفها إذا أطلق العنان لجسمه المشحون لتلبية طلب الجاذبية في استعادته لأسفل – سيسقط فورا إلى أسفل حينما تنزلق قدمه فوق درجة السلم.
في حالة المكثف فإن شغلا يُبذل للحفاظ على الشحنات متجاذبة بين طرفي المكثف، وعندما تحين الفرصة للإفلات فإن الشحنات لا تتمهل وتنزلق بسرعة إلى الأسلاك إلى باقي الدائرة..
أنواع المكثف الكهربي
من الممكن تصنيف المكثفات حسب المادة العازلة السمتخدمة في صناعته كما سبق وأن تعرفنا عليها، ومن الممكن تصنيفها من حيث شكلها الهندسي، فهناك المكونة من ألواح متوازية وهناك الكروية وهكذا، ومن الممكن تصنيفها من حيث قدراتها واستخداماتها.
تطبيقات تستخدم المكثف الكهربي
لا تخلُ دائرة كهربية أو إلكترونية تقريبا من وجود مكثف بها، في الواقع المكثفات هي من العناصر الأساسية في الدوائر الكهربية.
يمكن اختصار دور المكثف في أكثر الدوائر شيوعا في كونه المكون الخاص بمعالجة التيار، فهو يعمل كمرشح أو فلتر للتيار في الدوائر الإلكترونية الصغيرة حيث يمرر ترددات معينة ويتخلص من أخرى عن طريق حسابات وأوضاع خاصة، ويعمل أيضا كمنعم للموجات في دوائر أخرى حيث يتخلص من التعرجات والتشوهات الناتجة من مصادر الطاقة، وهناك المزيد والمزيد من الاستخدمات التي سنتناول بعضها بالتفصيل في مقالات قادمة.
إعداد: إسلام درويش
مراجعة: إسلام سامي
المصادر:
http://sc.egyres.com/wLmqD
http://sc.egyres.com/L2IAg
http://sc.egyres.com/e9UkM
