على رغم أنّ الشمس تقع على مسافة 150 مليون كم من الأرض، فإنّ نشاطها المتصل يؤثر في كوكبنا إلى ما هو أبعد مِن الضوء المنظور والحرارة، ويمتدّ إلى التدفُق الثابت والمستمر من الجُسيمات على هيئةِ رياح شمسيّة، وأيضًا القذف غير المُتوقَع من التوهُجات الشمسية والكتل الإكليلية، فالأرض دائمًا في مَرمى الهدف من قرينها النجميّ باستمرار.
تُعتبر البقع الشمسية أقلّ ملاحظةَ خلال سطح الشمس، رغم أنّ لها علاقة بالتفاعلات العنيفة.
كل ما سبق ذكره من الرياح الشمسية والبقع الشمسية والكتل الإكليلية هي العناصر الأساسية التي تُمثّل مُناخ الفضاء الخاص بالمجموعةِ الشمسيّة.
أولًّا: البقع الشمسية:-
عند دراسةِ سطح الشمس يتضح لنا وجود مناطق صغيرة وداكنة، وهذه المناطق تختلف في عددها وأماكن وجودها، وهي البقع الشمسية.
تميل البقع الشمسية إلى أنْ تكون موجودة في مجموعات أعلى وأسفل خط استواء الشمس، وتُسبب هذه البقع تداخُل السطح البلازمي للشمس مع مجالها المغناطيسي.
والبُقع الشمسيّة مناطق منخفضة الحرارة- مقارنةً بحرارةِ الشمس- تحتبس تحتها بعضًا من الطاقة العالية.
ويأتى السؤال هنا «كيف تكوّنت البقع الشمسية؟ ».
المواد عند خط استواء الشمس تنتقل بسرعة أكبر من تلك الموجودة عند أقطابها، مما يؤدي الى حدوث انحراف لخطوط المجال المغناطيسي، وعندما يكون المجال المغناطيسي قويًّا مُلتويًا يُكوّن دوّامات من التيارات المتدفقة تخلق نطاقات من المغناطيسية.
معظم النطاق المغناطيسي يكون داخل الشمس، ولكن جزء منه ينكسر خلال المنطقة المرئية حيث تظهر على هيئة اثنتين من البُقع الشمسيّة، وتُعتبَرُ البقعتين أقطاب متعاكسة- أو كما نقول( قطب شمالي وقطب جنوبي)- والخط الواصل بينهما -أو النطاق – يُعتبَرالمغناطيس.
عند درجة حرارة 3.800 كيلفن (6,380 فهرنهايت أو 3,527 سيليزي ) تكون درجة حرارة البقع الشمسية تقريبًا 2.000 كيلفن ( 3,140 F أو1,727 C )، أقلّ من باقي سطح الشمس. ولكن لا تجعل الأرقام تخدعك، فلو أنّك قارنت بين بقعة شمسٍ منفردة وضوء القمر أثناء الليل ستكون البقعة أّشد إضاءةً من القمر مكتمل عشرة أضعاف.
وبالمثل تُعتبَر البقعة الشمسية صغيرة إذا ما قورنت بقُطر الشمس الذي يبلُغ حوالي 865,000 ميل ( 1.392 مليون كيلومتر )، ولأنّ البقع الشمسية تغطي أقل من 4% من الجزء المرئي من الشمس حيث تتراوح ما بين 1.500 ميل إلى 30.000 ميل ( 2,500- 50,000 Km).
وبالنسبة لحجم البقع الشمسية فإنّها تبلُغ عرض كوكب نبتون- وهو أصغر الكواكب الغازية-، وبالنسبة للفترة الزمنية التي تعيشها البقع الشمسية في أيّ مكانٍ على الشمس فإنّها تكون بضعة أيامِ أو أسابيع، حيثُ أنّها غير ثابتة إلى حدٍّ بعيد.
ولا تظهر البقع الشمسية في أماكن عشوائية، حيثُ أنّها تتركّز في منطقة خطوط العرض الوسطى على جانبيّ خط الاستواء، وتبدأ البقع الشمسية بالظهور ما بين 25 إلى 30 درجة شمالًا من مركز الشمس، وبتنامي الدورة الشمسية تظهر بقع شمسية جديدة قريبة من خط الاستواء، وتظهر آخِر البقع الشمسية عند خط عرض ما بين 5 إلى 10 درجات، والبقع الشمسية لا تظهر عند خطوط عرض أكبر من 70 درجة.
حسب ما تذكرهُ ناسا فإنّ الشمس تستغرق 11 عامًا تقريبًا لعمل دورة شمسية كاملة- أو ما يُعرف بدورةِ البقع الشمسية-، وتُعرف الدورة بزيادةِ عدد البقع الشمسيّة ثم تناقصها، حيث تصل لنهاية الدورة عندما تظهر بقع شمسية جديدة قريبًا من خط الاستواء، وعندها تبدأ دورة جديدة حيث تقوم الدورة الجديدة بتكوين بقع شمسية عند خطوط العرض الأعلى.
تداخُل الدورات: ويحدث ذلك نتيجة أنّ بقعًا شمسية من الدورة السابقة تظلّ في تطور حتى بعد ظهور البقع الشمسية للدورة الجديدة. لذلك العلماء الذين يقومون بدراسة الشمس يواجهون صعوبة في تحديد بداية ونهاية كل دورة شمسية.
«الدورة 24- وهي دورة منذ أحد عشر عامًا، وبدأتْ في يناير عام 2008 ، وبلغت ذروتها في عام 2013 – هي الأضعف نشاطًا في المئةِ عام الماضية» حسب ما ذكرتهُ وكالة ناسا في أوائل عام 2015 ، ورغم مستوى النشاط المنخفض إلا أنّ واحدة من أكبر البقع الشمسية على الإطلاق تم رؤيتها في نوفمبر من عام 2014 ، حيثُ حجمها- تقريبًا- يوازي حجم كوكب المشتري.
يقيس العلماء نشاط الشمس بعدد البقع الشمسية التي تظهر عليها، فمنذ اختراع التلسكوب كان عدد البقع الشمسية بالنسبة لهم ثابتًا نسبيًا. في عام 1849 بدأ الفلكيون في المرصد السويسري يلاحظون ويحصون عدد البقع الشمسية بصورة يومية، ويُعتبَر كلًّا من مركز تحليل البيانات الشمسية في بلجيكا والمعهد القومي الأمريكي للمحيطات والغلاف الجوي، المسؤولين عن استكشاف نشاطية البقع الشمسية حاليًا.
ترجمة: محمد عبد العزيز
مراجعة علمية وتصميم: أحمد حنفي
مراجعة لغوية: إسراء حسن
المصادر:
http://sc.egyres.com/wWnnH