هل أسماك القرش قاتلة أم مجرد خيال صنعته هوليوود

Zitronenhai-1156
||||

عندما يُذكر اسم سمكة القرش، يُفرز تلقائيًّا عند بعضنا هرمون الأدرينالين، ويتبادر إلى أذهاننا مشهدٌ من مشاهد هوليوود عن أسماك القرش وهي تلتهم بفكيها فريستها من البشر، ولكني مضطرٌ آسفًا أن أمحو كل هذه الخرافات عن أذهان الجميع وأُعطي أسماكَ القرشِ حقَّها، فهي كجميع المخلوقات، تتواجد للحفاظ على التوازن البيئي، ولها ما لها، وعليها ما عليها، وفي هذه المقالة سوف أعرض بالتفصيل جميع الحقائق عن هذا الكائن الذي يعتبره بعضٌ كائنًا شرسًا وقاتلًا، ويعتبره القليل كائنًا ككل الكائنات، يجب التعامل معه كما هو، فبحسب موقع أولكاشن (Owlcation.com)، وهو موقعٌ ذو قيمةٍ علمية، ذُكِرَ في مقالةٍ للكاتب روبرت تيلور (Rupert Taylor) قائلًا:

«يجب تغيير هذه الصورة النمطية عن أسماك القرش. فهي لا تشكل تهديدًا كبيرًا لحياة الإنسان بالقدر الذي تُصوَّر به في كثيرٍ من الأحيان. في الواقع، الخطر هو العكس. البشر يدمرون كائنًا يُنظِّم الحياة في المحيطات ولا يُشكِّل ذلك الخطر الكبير».

نعم، فهذه هي الحقيقة، أسماك القرش لا تسبب خطرًا على الإنسان بالقدر الذي صُوِّرَت به في أفلام هوليود، بل هو كائنٌ يحفظ التوازن البيئي في المحيطات والبحار، ويشكل متعةً كبيرة لبعضٍ، ومن النادر أن تهاجم سمكةُ قرشٍ إنسانًا إلَّا في بعض الظروف الاستثنائية التي سنتعرف إليها أيضًا لاحقًا.
لكن، دعنا نبدأ بنبذةٍ عن هذا الكائن وبعض الحقائق عنه لنتعرف إليه عن كثب، ثم نعرض بعض الحقائق عن أسماك القرش وتاريخ مهاجماتها الإنسان، ونختتم ببعض النصائح التي يجب على الجميع توخي الحذر منها لتكون بأمانٍ مع هذة المخلوقات، وأيضًا كيف تستمتع بها. [1]

مقدمة عن سمكة القرش

في البداية، أحب أن أعرفكم إلى سمكة القرش عن قرب، فقد تم التعرف حتى الآن حسب آخر الإحصائات من موقع ناشونال جيوجرافيك (National geographic) إلى حوالي 375 نوعٍ من أسماك القرش، ولكن فقط 12 نوعًا منهم يُصنفون كنوعٍ خطيرٍ وشرس، وفقط 3 أنواع منهم هي المسؤولة عن هجمات الإنسان، وهم القرش الأبيض الكبير (The great white shark) واسمه العلمي (Carcharodon carcharias)، والقرش الثور (Bull Shark) واسمه العلمي (Carcharhinus leucas)، وأخيرًا قرش النمر (Tiger shark)، واسمه العلمي (Galeocerdo cuvier).

القرش الأبيض الكبير (The great white shark)
القرش الثور (Bull Shark)
قرش النمر (Tiger shark)

ثانيًا، حسب موقع ناشونال جيوجرافيك إليك أكبر سمكة تم اكتشافها حتى الآن، وهي من ضمن أسماك القرش، وتُسمَّى قرش الحوت (whale sharks) واسمها العلمي (Rhincodon typus)، دعونا نتعرف إليها أكثر.
هي أكبر الأسماك على الإطلاق، يبلغ طولها 40 قدمًا، وحجمها 18 x 32.8 قدم، تزن حوالي 20.3 طن، يبلغ متوسط عمرها حوالي 70 سنة، وتصنف كآكلات لحوم تتغذى عادةً على العوالق البحرية كالبلانكتون (plankton)، وأيضًا على أيِّ أسماكٍ صغيرة تصادف وجودها أمامها، وهذا من حسن حظنا أنها لا تتغذى على الإنسان. تُفضِّل عادةً العيش في المياة الدافئة (warm water). تتميز بطريقة أكل تُسمَّى التصفية (filter feeding)، وهي أن تقوم بتفتيت فريستها ثم تصفِّي كل شيء عن طريق آلية تسمى الترشيح عبر التدفق (cross-flow filtration). أما بالنسبة إلى الشكل الظاهري، فهي من أجمل الكائنات التي تحب أن تنظر إليها، فهي تتميز بوجود عينين صغيرتين على جانبي الجبهة العريضة، وخمسة أزواج من الخياشيم الكبيرة المخططة بشكلٍ عرضي يضفي لها جمالًا، و أيضًا لديها ما يصل إلى 350 صفٍّ من الأسنان، مسطحة الرأس، وجسمها مخططٌ ببقعٍ بيضاء شاحبة تعطيها شكلًا مُميَّزًا على لون سطح جلدها الرمادي، وأخيرًا لديها زوج من الزعانف الصدرية والظهرية، وهي من الأسماك البطيئة لأنها لا تستخدم كامل جسمها في السباحة. بالرغم من كون حجمها كبيرة ومخيفة لبعضٍ، إلا أنها من النوع الأليف، وتسمح للأشخاص بالركوب فوقها. ولكن الشيء الذي يدعو إلى الأسف أنها مُدْرَجةٌ تحت قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، كونها تتعرض للاصطياد من قِبَلِ بعضٍ في دولٍ في آسيا مثل الفلبين. [3]

قرش الحوت (whale sharks)

حقائق بيولوجية عن سمكة القرش

وبعد فاصلٍ مع أكبر سمكة، نعود إلى الحقائق عن أسماك القرش عمومًا، وإليك عزيزي القارئ بعض الحقائق البيلوجية عن سمكة القرش، وأهمها أنها لا تفضل الإنسان عمومًا كوجبة غذائية لها، وإذا صادفت سمكة قرش في المياه، فإن أغلبها يفضل الابتعاد عنك.
أسماك القرش من ذوات الدم البارد وتأكل القليل، أي ما يصل إلى 2 % فقط من حجم جسمها، ويجب أن تسبح أسماك القرش باستمرار لتنفس الأكسجين عبر خياشيمها عن طريق المياه، ولا تنام أبدًا، ولكن توازن دائمًا بين النشاط والراحة. جسم سمكة القرش لا يتكون من العظام بل من الغضاريف وهذا يساعدها على الطفو في المياه دائمًا.

حقائق تاريخية وإحصائية لأسماك القرش

بعد التعرف إلى سمكة القرش عن قرب بالتفصيل، أعتقد أنك تدرك الآن ولو بشكلٍ بسيط أنها كجميع الكائنات، لها ما يميزها، وليست بالشكل المخيف الذي يتواجد في مخيلة بعضٍ. ولكي يتحقق أكثر وأثبت لك أنها كذلك، إليك بعض الحقائق التاريخية والإحصائية عن سمكة القرش، فسمكة القرش هي من بين أكثر الكائنات القديمة في الأرض. السجل الأحفوري لأسلاف أسماك القرش الحديثة يعود إلى 400,000,000 سنه مضت. وقد تغيرت أنواع سمك القرش قليلًا نسبيًّا خلال تلك الفترة الزمنية، وتُسمَّى أحيانًا الحفريات الحية.

والآن مع تحليلٍ إحصائيٍّ لسجل هجمات القرش، فكما ذكر موقع متحف جامعة فلوريدا الأمريكية (floridamuseum.ufl.edu) وهو واحدٌ من أشهر المواقع المهتمه بالإحصاء والتأريخ، بالأخص في أسماك القرش، فقد عُرِضَ في الملخص السنوي لهجمات القرش على مدار التاريخ حتى وقتنا الحاضر هذه الحقائق وإليك أهمها: [4]

  • سُجلت هجمات القرش في 2017 بنحو 155 حالة فقط على مستوى العالم منهم 88 هجوم غير مبرر (Unprovoked attacks)، وهو هجوم لا دخل للإنسان فيه نتيجةَ طبيعة بعض أنواع أسماك القرش، وحوالي 30 حالة هجوم مبرر (provoked attack) وهو هجومٌ ناتجٌ من محاولة استفزاز الإنسان لأسماك القرش نتيجة الصيد أو محاولة إطعامهم، و18 حالة مهاجمة للسفن نتيجة رمي النفايات واستفزاز الأسماك.
  • للولايات المتحدة النصيب الأكبر من هذه الهجمات نتيجة وجود بعض أنواع أسماك القرش في ولاية فلوريدا، ولكن بدون وجود حالات مميتة. وبالنسبة للشرق الأوسط، فمصر لديها فقط حالة هجوم واحدة وأيضًا غير مميتة. ومع ذكر مصر، فسوف أعرض بعض المميزات التي تمتاز بها مصر من ناحية أسماك القرش، فمصر لديها البحر الأحمر، ويوجد به حوالي 30 نوعًا ولكنها جميعًا مسالمة وغير شرسة على الإطلاق، ويأتي السياح إليها كل عام لمشاهدة هذه الأنواع بأشكالها المختلفة، على سبيل المثال القرش النمر (Tiger Shark)، وقرش الفهد، والقرش ذو الزعانف القصيرة، والقرش ذو الرأس البيضاء (white tip sharks)، وقرش الحوت المميز (Whale shark) الذي يسمى في مصر باسم (القرش بهلول)، وقرش المطرقة (hammerhead sharks).
  • رياضة التزحلق على المياه (Surfing/board-sports) هي من تنال الجزء الأكبر أثاء الهجوم بنسبة 59 %، يليها الغوص والسباحة.
  • في الولايات المتحدة وعلى مدار 10 سنوات ماضية، حدثت هجمات مميتة راح ضحيتها حوالي 40 شخصًا ومعظمهم هجوم مبرر من قبل الإنسان.
  • انخفاض كبير في معدلات الهجمات والوفيات مقارنة بالعقود الماضية، وذلك بسبب سلامة الشواطئ ووعي الناس بأهمية أسماك القرش في حياتنا وأيضًا مستوى الرعاية الطبية المقدمة إذا حدث هجوم.

ومن ذلك نستنتج أن هجمات القرش لم تكن بالشيء المخيف الذي تُصدِّره لنا أفلام هوليود، بل من خلال هذه الإحصائيات البسيطة ومعدلات الوفيات المنخفضة جدًّا مقارنةً بهجمات الكلاب المميتة على سبيل المثال في العشر عقود الماضية، فهناك 364 حالة مميتة مقارنةً ب11 حالة مميتة فقط من القرش، فإن فرصتك للموت عن طريق أسماك القرش في رحلة بحرية أبعد ما يكون. [5]

وأخيرًا هذه النصائح لكي تتجنب هجوم أسماك القرش وتستمتع بها قدر المستطاع

  • حاول أن تكون ضمن مجموعة، فأسماك القرش لا تهاجم الشخص خلال مجموعة ولكن فرصتة وهو منفرد أكبر.
  • لا تتجول بعيدًا عن الشاطئ فهذا يعزل الشخص تمامًا ويجعله عرضة للهجوم ويقلل فرصته في طلب المساعدة.
  • تجنب الغوص أثناء الظلام أو وقت الشفق، فهذا الوقت يكون نشاط القرش ملحوظ.
  • قدرة سمك القرش على الشم حادة، لذلك تجنب الغوص معها إذا كنت تنزف أثر جرح أو أثناء الحيض.
  • تجنب بشكل عام الغوص بألوان زاهية او ارتداء أي شيء كالمجورات لامعة لأن هذا يثير القرش.
  • إذا حدث وتعرضت لهجوم من قبل أسماك القرش، لا تهلع وقم بردِّ فعلٍ سريع عن طريق ضرب القرش على فمه، وهذا يقلل من حدة الهجمة مؤقتًا حتى الهروب إلى الشاطئ. [6]

المصادر:
المصدر الأول 
المصدر الثاني 
المصدر الثالث
المصدر الرابع
المصدر الخامس 
المصدر السادس

 

إعداد: أحمد الدالي
تدقيق: محمد سيّد الجوهري

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي