لربما سألت نفسك يومًا لماذا السماء زرقاء؟ وهل هي زرقاء حقًا؟ وإن كنت قد سألت نفسك هذا السؤال فأقول لك أن سؤالك في حد ذاته خطأ، فالسماء ليست زرقاء ولكنها تبدو لنا زرقاء، فلو وقفت على القمر مثلًا فستراها سوداء سواء كان الوقت ليلاً أو نهارًا، ولذا سنعيد صياغة سؤالك ونسأل أنفسنا، لماذا تبدو السماء زرقاء؟
ودعني أولًا أطرح عليك سؤالًا، لماذا لا نرى السماء زرقاء إلا نهاراً بينما نراها ليلاً سوداء؟ ما الفرق بين الليل والنهار لتبدو السماء مختلفة في الحالتين؟
لعلك أجبت على السؤال بديهيًا إن الاختلاف الوحيد بين الحالتين هو وجود الشمس من عدمه، وفي موضوعنا هذا سأبين لك ما تفعله الشمس لكي تبدو السماء زرقاء نهارًا وسوداء ليلًا.
يطلق علماء الفيزياء على ضوء الشمس الضوء الأبيض، والضوء الأبيض يتكون من عدة أضواء وهذه الأضواء بألوان طيف الشمس، فالضوء الأبيض يتكون من مزيج من الضوء الأحمر والضوء البرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي، وعندما يمر الضوء الأبيض خلال منشور من الزجاج فإنه يتفكك إلى هذه الأضواء كلًا على حدة.
وكموجات المحيط فإن الضوء ينتقل عبر الفراغ على شكل موجات -كما يتضح من الصورة أدناه- وتسمى المسافة بين كل موجتين بالطول الموجي ويختلف الطول الموجي لكل ضوء من الأضواء المذكورة عن الأطوال الموجية للأضواء الأخرى ويمكننا اعتبار أن الطول الموجي لكل ضوء بمثابة بصمة الإصبع فهي تختلف من إنسان لآخر، وكذلك يختلف الطول الموجي من لون لآخر.
وعندما ينتقل الضوء عبر وسط غير الفراغ فإنه لابد أن يحدث أمر من ثلاث لا رابع لهم:
– أن يعكس الوسط الضوء (reflect it) كما يحدث في المرآة أو سائل الفضة أو الزئبق.
– أن يمر الضوء عبر الوسط ولكن في اتجاه مائل (bend it) كما يحدث مع الزجاج أو الماء.
– أن يمر الضوء عبر الوسط ولكن مع حدوث تشتييت للضوء (scatter it) كما يحدث مع جزيئات الغاز، ولكن لكل غاز ما يتناسب مع طول موجي محدد من الضوء فالغاز لا يؤثر على جميع الأضواء التي يتكون منها الضوء الأبيض ولكنه يؤثر على ما يتناسب معه من الأضواء.
عندما ينتقل ضوء الشمس عبر الفضاء الخارجي فإنه ينتقل عبر الفراغ (لا يوجد جزيئات غاز تقريبًا) ولذا يظل ضوء الشمس بلونه الأبيض، أما عندما يصل إلى الغلاف الجوي للأرض فيصطدم بالغلاف الجوي للأرض ويتكون غلافها الجوي من مجموعة من الغازات ولكن يمثل غازي الأكسجين والنيتروجين النسبة الأكبر من هذه الغازات.
عندما يمر الضوء الأبيض عبر جزيئات الغلاف الجوي فإن الضوء ذو الطول الموجي الكبير كالضوء الأحمر والبرتقالي يمر بسلام دون أن يتأثر بالغلاف الجوي، أما الأضواء ذات الطول الموجي القصير كالأزرق والبنفسجي فتمتصها جزيئات الغاز (لأن الطول الموجي لهذين اللونين يساوي تقريباً قطر دائرة الأكسجين) ثم عمل تشتييت لهذا الضوء مما يجعل الغلاف الجوي يتلون بهذين اللونين ذوي الطول الموجي القصير.
أما السبب في أننا نرى السماء زرقاء وليست بنفسجية هو أن العين البشرية حساسة للضوء الأزرق أكثر من حساسيتها للضوء البنفسجي.
عند الغروب أو الشروق نرى الشماء في بعض الأحيان حمراء والسبب في ذلك أن الضوء الأزرق بعدما يأتي إلينا من الغلاف الجوي يقطع مسافة كبيرة حتى يصل إلينا فيتأثر بالعوامل الجوية ويعاد تشتييت الضوء وتؤثر فيه جزيئات الغاز والأتربة الموجودة في الجو كما يتأثر لون الضوء أيضًا بجزيئات الملح العالقة في الجو فوق المحيطات فتبدو السماء أكثر حمرة.
اعداد: Osama Sayed Helal
تصميم: Wael Yassir
المراجع: Ahmed Hasanin
- http://goo.gl/yRkya9
- http://goo.gl/i5ahm5
#الباحثون_المصريون
