هل لاحتشاء عضلة القلب علاج سوى زرع قلب؟!
يُعتبر مرض «احتشاء عضلة القلب-myocardial infarction» من الأمراض الخطيرة التي تسبب الوفاة يوميًا. وهذا المرض يعني موت خلايا القلب لعدم وصول الدم إلى هذه الخلايا لمدة طويلة عن طريق الشريان التاجي؛ عندما تموت هذه الخلايا تأتي خلايا الالتهاب (Inflammation) للتخلص من هذه الخلايا الميتة، ولكن خلايا القلب غير متجددة وأي نقص فيها يؤثر على تكامل القلب، فتقوم الخلايا الليفية بتعويض الناقص وتكوين أنسجة ليفية.
من المثير للدهشة أنَّ هناك خلايا جذعية قلبية، ومع ذلك لا تعوض النقص في خلايا القلب؛ وذلك بسبب البيئة العدوانية التي أصبح عليها القلب؛ فقر الدم الموضعي لخلايا القلب، والأنسجة الليفية والالتهابات، فعندما تصل الخلايا الجذعية إلى هذه المنطقة تموت، ولكي نتخيل أكثر نشبه خلايا القلب بالنبات؛ فالنبات بحاجة إلى تربة خصبة ومياه وشمس، عند انقطاع الماء عنه هل سيعيش النبات أو تنمو البذور عند غرسها في التربة؟ أو عند تجريف التربة وجعلها بور هل سينمو النبات والبذور؟ بالطبع لا وهذا شبيه لما يحدث مع خلايا القلب، فالأنسجة الليفية مثل الأرض البور وانقطاع الماء مثل فقر الدم الموضعي.
ليس لاحتشاء عضلة القلب علاج سوى زرع قلب، ولكن عملية الزرع هذه معقدة جدًا، غير أنَّها تتطلب قلب من شخص حديث الوفاة وتوافق أنسجة المتبرع بأنسجة المستقبل وتثبيط الجهاز المناعي للمستقبل، ولكن هذا التثبيط يعرض المريض إلى إصابته بأي مرض وبأي عدوى، حتى لو كانت ضعيفة جدًا ممكن تؤدي إلى الوفاة، غير أنَّ من المحتمل أن يلفظ الجسم القلب المزروع.
* هناك محاولات عديدة لعلاج احتشاء عضلة القلب بالخلايا الجذعية بأنواعها المختلفة ولكن للأسف هناك ما معوقات تمنع تطبيقها في هذا المجال. سنستعرض هذه الأنواع ومعوقاتها في الفقرات التالية:
1) الخلايا الجذعية الجنينية (embryonic stem cells):
تعتبر الخلايا الجذعية الجنينية الخلايا الجذعية المثالية، حيث تحتوي على كل مميزات الخلايا الجذعية، وقدرتها على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا، ولكن هناك ما يعوق تطبيقها؛ واحدة من هذه المعوقات هو الحاجز الأخلاقي، حيث هناك قضايا أخلاقية حول استعمال الخلايا الجنينية في العلاج وآخر هو تحول هذه الخلايا إلى خلايا سرطانية؛ بدلًا عن قدرتها على علاج المرض تسبب الإصابة بالسرطان!
2) الخلايا الجذعية الوسطية (mesenchymal stem cells):
توجد هذه الخلايا في أنسجة الجسم المختلفة، ولها القدرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا، ولكن هذه الميزة انقلبت إلى عيب، حيث أنَّها من الممكن أن تتحول إلى خلايا أخرى داخل القلب مثل خلايا العظم وخلايا المفصل، غير أنَّها تثير الجهاز المناعي، ومن ثمَّ من الممكن أن يلفظها الجسم.
3) الخلايا الجذعية البطانية (endothelial stem cells):
هذه الخلايا قادرة على التمايز إلى أوعية دموية فقط، وليس خلايا عضلة القلب، ولكن علاج احتشاء عضلة القلب يتطلب إلى خلايا عضلية قلبية وخلايا بطانية.
4) الخلايا الجذعية العضلية الهيكلية (myoskeletal stem cells):
تعتبر هذه الخلايا من ضمن أوائل الخلايا الجذعية التي استخدمت في علاج احتشاء عضلة القلب، ولكن هذه الخلايا عندما تحولت لخلايا قلب لم تنقبض بتناغم مع خلايا القلب الأخرى، وبذلك فشلت في علاج هذا المرض.
5) الخلايا الجذعية المحفزة (induced pluripotent stem cells):
هذه الخلايا عبارة عن خلايا جسدية بالغة؛ على سبيل المثال خلايا من الجلد وتم برمجتها لتكون خلايا جذعية لها القدرة على التمايز إلى أنواع خلايا أخرى.
6) الخلايا الجذعية القلبية (cardiac stem cells):
اكتشف العلماء أنَّ قلب حيوان سمندل الماء والسمك المخطط له القدرة على تجديد نفسه وتعويض التالف منه، ومن المثير للذكر أنَّه توجد خلايا جذعية قلبية في مجموعات صغيرة في قلب الإنسان، ولكن مع ذلك لا تعوض موت خلايا القلب وعلاج هذا الاحتشاء، وذلك بسبب ما تقدَّم ذكره وهو أنَّ هناك بيئة عدوانية تمنع من نمو وتمايز هذه الخلايا الجذعية فتموت، والبيئة العدوانية تتمثل في التليف والالتهابات وفقر الدم الموضعي.
بعد استعراض أنواع الخلايا الجذعية التي تمَّ ذكرها تبقى أسئلة كثيرة ومنها ما هو أفضل نوع من هذه الخلايا للعلاج؟ كيف نتغلب على ما يعوق تطبيق العلاج بالخلايا الجذعية على الأقل في هذا المرض؟ هل هناك أنواع من الخلايا الجذعية القلبية؟ هل من الممكن اكتشاف أنواع أخرى من الخلايا الجذعية من الممكن معالجة هذا المرض؟ وغيرها من الأسئلة التي لا يمكن أن نجيب عليها بدون بحث علمي مكثَّف، وفهم دقيق لآليات تفاعل الخلايا الجذعية مع الجسم ومع البيئة المحيطة، واختراع أجهزة دقيقة تساعدنا على ذلك.
إعداد: تغريد طارق
مراجعة: إسلام سامي
مراجعة لغوية: أمنية أحمد عبد العليم
تحرير: ندى المليجي
المصدر:Segers, V. F., & Lee, R. T. (2008). Stem-cell therapy for cardiac disease. Nature, 451(7181), 937-942.