من خلال التجارب على خلايا سرطان الثدي في البشر والفئران، يقول العلماء في (جامعة جونز هوبكنز The Johns Hopkins University) :«توضح التجارب الجديدة كيفية نشاط الخلايا الجذعية السرطانية فى حالة نقص الأكسجين» .
انتشار مثل هذا النوع من الأورام، والتى تميل إلى مقاومة العلاج الكيماوي، تكون عائِقًا كبيرًا أمام نجاح العلاج.
يقول الباحِثون «التجارب الجديدة، التى تُشير إلى نمو كل من الخلايا الجذعية السرطانية فى الأجنة والثدي في حالة نقص الأكسجين خلال سلسلة من الأحداث البيو كيميائية، يمكن أن تُوفِر طريقاً جديدًا للعلاج.»
«لا تزال هناك العديد من الأسئلة متروكة بلا إجابة لكننا الآن نعرف أن البيئات الفقيرة بالأكسجين، مثل تلك التي غالبا ما توجد في سرطان الثدي عند البشر، تعتبر بمثابة حضانات لولادة الخلايا الجذعية السرطانية. وهذا يُعطينا أفكار لا بأس بها للأدوية المُحتملة التى تُقلِل من خطر السرطان على الإنسان.» كما يقول (جريج سيمينزا- (Gregg Semenza الحاصل على شهادة الدكتوراه في الطب، و(جيم مايكل ارمسترونغ- C. Michael Armstrong) أستاذ الطب وعضو في مركز (جونز هوبكنز كيميل للسرطان-Johns Hopkins Kimmel Cancer Center).
وقد نُشر ملخص لتلك النتائج على الإنترنت في 21 مارس من خلال أنشطة الأكاديمية الوطنية للعلوم.
بعدما أدرك (سيمينزا-Semenza) والعلماء تأثير نقص الأكسجين على نمو الخلايا الجذعية السرطانية وجدوا أنه في حالة الأورام المُتقدمة كان هُناك تناقُض حيث قال: «في حالة الأورام المتقدمة والعنيفة تكون الخلايا السرطانية مُتعطشة للأكسجين ونقصه يؤدى إلى موتها؛ فالمرضى الذين يعانون من هذه الأورام بشكل عام تظهر لديهم أسوأ نتائج في هذه الظروف. كما تخبرنا النتائج الجديدة أن ظروف الأكسجين المنخفضة تُشجع فعلاً بعض الخلايا الجذعية السرطانية على التكاثر من خلال نفس الآلية المستخدمة بواسطة الخلايا الجذعية الجنينية.»
جميع الخلايا الجذعية خلايا غير ناضجة معروفة بقدرتها على التكاثر إلى أجل غير مُسمى، وتؤدي إلى نشأة خلايا جديدة ناضجة في أنواع معينة من الخلايا التي تعيش في أنسجة الجسم أثناء التطور الجنيني. كما أنها تعمل على تجديد الأنسجة فى جميع خلايا الكائن الحي. لكن الخلايا الجذعية الموجودة في الأورام تستخدم هذه السمات نفسها، كحيلة للمحافظة على الخلايا السرطانية وتعزيز بقاءها.
وأضاف (سمينزا-Semenza)، الذي يُدير أيضًا برنامج بحوث بيولوجيا الأوعية الدموية في معهد هندسة الخلايا، «العلاج الكيميائي ربما يقتل أكثر من 99 في المئة من الخلايا السرطانية في الورم لكنه يفشل في قتل عدد قليل من الخلايا الجذعية السرطانية والتي تكون المسؤولة عن الانتكاسة لاحقًا ونمو الأورام الخبيثة الثانوية. ولكن مازال البحث مُستمرًا لإيجاد نقطة ضعف تلك الخلايا، وإن استطعنا الحصول على الخلايا الجذعية السرطانية والتخلى عن صفة الخلية الجذعية كخلية متجددة، فسوف تَفقِد الخلايا قدرتها على الحفاظ على الخلايا السرطانية وتجديدها.»
تأكيداً للبحث الذي عرضه (سيمينزا-Semenza)، معرفة أن الهواء الذي نتنفسه هو 21% من الأكسجين، ومستويات الأكسجين في المتوسط حوالي 9% في الأنسجة الصحية في ثدي الإنسان، ولكن 1.4% فقط في أورام الثدي.
وأظهرت الدراسات الحديثة أن نقص الأكسجين يُزيد مستويات عائلة من البروتينات المعروفة باسم Hypoxia-Inducible Factors) HIFs)، أو عوامل مُحرضة لنقص الأكسجين، والتي تُنشط مئات من الجينات بما فيهم واحدة تسمى NANOG الذي يحث الخلايا لتصبح خلايا جذعية.
وأوضحت دراسات الخلايا الجذعية الجنينية أن مستويات البروتين NANOG يمكن تخفيضها من خلال عملية كيميائية تعرف باسم Methylation، التي تشمل إضافة علامة كيميائية (مجموعة الميثيل) على البروتين المرسال protein’s messenger RNA (mRNA.
يقول (سمينزا-Semenza) أن إضافة مجموعة ميثيل (methylation) على البروتين(mRNA) يؤدي إلى تدمير NANOG بحيث لا يتم تصنيع أي بروتين، والذي يجعل الخلايا الجذعية الجنينية تفقد خاصية وجود الخلايا الجذعية (كخلايا متجددة) وتحولها لأنواع مُختلفة من الخلايا.
لمعرفة ما إذا كان تجديد الخلايا الجذعية السرطانية يشمل سلسلة من الأحداث تُشبه تلك التي تستخدمها الخلايا الجذعية الجنينية، وما إذا كانت تلك العملية تتأثر بمستوى الأكسجين في الخلايا، ركز (سيمينزا- (Semenza و(تشوان تشاو تشانغ- (Chuanzhao Zhang دراستهما على إثنين من الخلايا السرطانية في ثدي الإنسان والتي استجابت إلى انخفاض معدل الأكسجين عن طريق زيادة بروتين ALKBH5، والذي أدى إلى إزالة مجموعة ميثيل من بروتين mRNA.
يُصنف سرطان الثدي وعلاجه على أساس وجود أو غياب ثلاثة مستقبلات هرمون تَظهر فى الأغشية الخارجية للخلايا. واحدة من الخلايا في الإنسان التى تم الدراسة عليها أظهرت مستقبلات لهرموني الإستروجين والبروجسترون وأخرى لم تُظهر شيئاً عُرِفت بالسلبية الثلاثية، والتي تعنى أن الأنواع الثلاثة الأكثر شيوعًا من المستقبلات المعروف أنها تؤدي إلى ظهور سرطان الثدي وهي مستقبلات هرمون الاستروجين والبروجسترون، وHER2 / NEU gene- ليست موجودة في الورم.
الآن لنتجه إلى NANOG، وجد العلماء أن نقص مُعدل الأكسجين يعمل على زيادة مُعدل NANOG’s mRNA عن طريق نشاط بروتينات hypoxia-inducible factors) HIFs) والتي تُؤدى إلى نشاط الجين الخاص ب ALKBH5، والذي بدوره يؤدي إلى تقليل إضافة مجموعة الميثيل على البروتين (Methylation) والدمار اللاحق ل NANOG’s mRNA.
عندما تُمنع الخلايا من تصنيع ALKBH5، يؤدي ذلك إلى انخفاض مستويات NANOG وأيضًا عدد الخلايا الجذعية السرطانية. وعندما تلاعب العلماء بجينات الخلايا لزيادة مستوى ALKBH5 بدون تعرض تلك الخلايا لنقص الأكسجين، وجدوا أيضًا انخفاض عملية إضافة مجموعة الميثيل وزيادة عدد الخلايا الجذعية السرطانية.
وأخيرًا، وذلك باستخدام الفئران الحية، حقن العلماء 1,000 سرطان ثدي ثلاثي السلبية في منطقة الدهون الثديية، حيث تتكون الصِيغ المكونة لسرطان الثدي. دون أي تعديل تنشئ الخلايا أورام في كل الفئران السبعة التي تم حقنها بتلك الخلايا، ولكن عند غياب ALKBH5 في الخلايا فلاحظوا تكون أورام فقط في 43% من الفئران أي بنسبة (6 من أصل (14.
يقول (سيمينزا- Semenza): «هذا يؤكد لنا أن ALKBH5 يساعد على الحفاظ على الخلايا الجذعية السرطانية وقدرتها على تكوين الأورام.»
كما يؤكد أن فريقه سيستمر في دراساته على الفئران لإيجاد العلاقة أيضًا بين نِمو الأورام الخبيثة -وتعنى انتشار السرطان من الورم الأصلي- ومُعدل نقص الأكسجين وALKBH5 NANOG، وأيضًا البروتينات وmRNAs التي لها علاقة بنمو الأورام الخبيثة، ولماذا يختلف مُعدل زيادة ALKBH5 في الخلايا السرطانية التي تم اختبارها من واحدة لأخرى كاستجابة لانخفاض مُعدل الأكسجين.
ترجمة: نسمه جبريل
مراجعة: Mohammed Ashraf
تصميم: Wael Yassir
#الباحثون_المصريون
المصدر: https://goo.gl/2VQkik